أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 4 - صـ 422

جلسة 29 من يناير سنة 1953
(60)
القضية رقم 339 سنة 22 القضائية

برياسة حضرة الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة وبحضور حضرات الأساتذة سليمان ثابت ومحمد نجيب أحمد وعبد العزيز سليمان ومحمد زكي شرف المستشارين.
( أ ) دفاع. إجراءات تقاضي. حكم. تسبيبه. ثبوت أن إجراءات الخصومة كانت حضورية في حق طرفيها وأن الطاعن استكمل دفاعه قبل حجز القضية للحكم. إعادة القضية إلى المرافعة لنفس الجلسة لتعذر المداولة بسبب مرض أحد أعضائها. تصميم محامي الطاعن في هذه الجلسة على طلباته وعدم طلبه التأجيل لأي سبب كان. عدم تقديم الطاعن ما يدل على أن المحامي الذي حضر عنه بالجلسة الأخيرة لم يكن ذا صفة في تمثيله. نعي الطاعن على الحكم بالإخلال بحقه في الدفاع وبطلان الإجراءات. في غير محله.
(ب) تزوير. قضاء المحكمة برد وبطلان ورقة مطعون فيها بالتزوير. استخلاصها من الوقائع المعروضة عليها وحالة الورقة المطعون فيها الوسيلة التي لجأ إليها مرتكب التزوير في ارتكابه. ثبوت أن هذه الوسيلة لم تكن من بين الأدلة التي بنى عليها مدعي التزوير دعواه. لا تثريب على المحكمة.
1 - متى كان يبين من الحكم أن إجراءات الخصومة كانت حضورية في حق طرفيها وأن الطاعن استكمل فيها دفاعه قبل حجز القضية للحكم، وفي الجلسة الأخيرة التي أعيدت فيها القضية للمرافعة لتعذر المداولة بسبب مرض أحد أعضاء الهيئة صمم الحاضر عنه على طلباته، ولم يطلب أحد إلى المحكمة التأجيل لأي سبب كان ولم يقدم الطاعن إلى هذه المحكمة ما يثبت أن المحامي الذي حضر عنه بجلسة المرافعة الأخيرة لم يكن ذا صفة في تمثيله، فإنه لا يكون هناك مبرر لما ينعاه الطاعن على المحكمة من إخلال بحقه في الدفاع أو بطلان في الإجراءات.
2 - يجوز للمحكمة - وفقاً للمادة 292 من قانون المرافعات القديم الواجبة التطبيق على واقعة الدعوى - سواء ادعى أمامها بالتزوير أم لم يدع به أن تحكم برد وبطلان أية ورقة يتحقق لها أنها مزورة من غير استناد إلى أدلة التزوير التي يبني عليها مدعي التزوير دعواه متى كانت قد استخلصت من حالة السند المطعون فيه ومن الوقائع المطروحة أمامها الوسيلة التي لجأ إليها مرتكب التزوير ولو كانت غير ما قال عنها مدعي التزوير في أدلته.


الوقائع

في يوم 9 من أغسطس سنة 1951 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف المنصورة الصادر في 21 من مارس سنة 1951 في الاستئناف رقم 85 سنة 1 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه واحتياطياً بإحالة الدعوى على دائرة أخرى للفصل فيها مجدداً مع إلزام المطعون عليه بالمصروفات وأتعاب المحاماة.
وفي 11 من أغسطس سنة 1951 أعلن المطعون عليه بتقرير الطعن. وفي 26 منه أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليه بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. وفي 17 من سبتمبر سنة 1951 أودع المطعون عليه مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات وأتعاب المحاماة. وفي 3 من أكتوبر سنة 1951 أودع الطاعن مذكرة بالرد مشفوعة بمستنداته. وفي 17 منه أودع المطعون عليه مذكرة بملاحظاته على الرد مشفوعة بمستنداته.
وفي 11 من يوليه سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وبجلسة 15 من يناير سنة 1953 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محامي المطعون عليه والنيابة العامة على ما جاء بمذكرتيهما. والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير حضرة المستشار المقرر ومرافعة المحامي عن المطعون عليه والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى المدنية رقم 508 لسنة 1943 محكمة الزقازيق الابتدائية على المطعون عليه يطالبه فيها بمبلغ 5 جنيه من أصل مطلوبه من سند محرر في 8/ 10/ 1938 بمبلغ 6720 جنيهاً وتثبيت الحجز التحفظي الموقع منه تحت يده وفاء للمبلغ المطالب به استنزالاً من دينه للمطعون عليه بمقابل أتعاب المحاماة في القضية رقم 2203 لسنة 1940 مدني بلبيس. فطعن المطعون عليه في السند الآنف ذكره بالتزوير وأعلن أدلته. وفي 7 من يناير سنة 1946 قبلت المحكمة الدليل الأول منها ويتضمن أن بصمة الختم الموقع بها على السند المطعون فيه منقولة من بصمة ختم صحيح للمطعون عليه بواسطة المداد الذي تنتقل به بصمات الأختام بإحدى وسائل التزوير كالبيضة أو البالوظه أو اليد وندبت المحكمة قسم أبحاث التزييف بمكتب الطب الشرعي لتحقيق هذا الدليل ومضاهاة بصمة الختم الموقع بها على بصمات الأختام الموقعة على أوراق المضاهاة وقدم الخبير المنتدب تقرير انتهي فيه إلى أن بصمة الختم الموقع بها على السند المطعون فيه مأخوذة من نفس قالب الختم الموقع به على أوراق المضاهاة. وفي 3 من مارس سنة 1947 أعادت المحكمة المأمورية لمكتب الطب الشرعي لبيان ما إذا كانت البصمة التي على السند المطعون فيه قد وقع بها بالختم الصحيح أو أنها نقلت عن بصمة أخرى منه، وقدم الخبير المنتدب ملحقاً لتقريره ذهب فيه إلى أن بصمة الختم المطعون فيه ليست منقولة بأي من طرق النقل. وقدم المطعون عليه تقرير خبير استشاري ذكر فيه أن السند موضوع الدعوى قد زور بوضع بصمة ختم المطعون فيه على بياض أولاً ثم ملئ فراغه بمحتويات صلب السند، وفي 29/ 3/ 1948 حكمت المحكمة تمهيدياً بندب خبير آخر من غير خبراء مكتب الطب الشرعي لمضاهاة البصمة المطعون فيها على بصمات أوراق المضاهاة وبيان ما إذا كانت مطابقة لها أو منقولة بأي من وسائر التزوير وفي حالة ما إذا كان التطابق موجوداً فعلى الخبير المنتدب أن يتحقق مما إذا كانت بصمة الختم قد وضعت على بياض ملئ فراغه. واستأنف الطاعن الحكم التمهيدي استناداً إلى أنه قضى بتحقيق دليل جديد غير ما تضمنه دليل التزوير الذي قبلته المحكمة. وفي يوم 27/ 4/ 1949 قضت محكمة استئناف مصر بتأييد الحكم التمهيدي المستأنف. وقدم الخبير الثاني تقريراً أثبت فيه أن بصمة الختم المطعون فيها مطابقة لبصمات أختام أوراق المضاهاة وأنها ليست منقولة بأية وسيلة من وسائل التزوير إلا أنه رأى بعد بحثه أنه كان تحت يد للطاعن ورقة مسطرة بأسطر أفقية مكتوب عليها نص معاملة صحيحة أو صيغة ما ووقع المطعون عليه على هذه الورقة بختمه الصحيح بتوقيع منحرف إلى اليمن وكان تحت موضع البصمة فراغ رأى الطاعن أن يستفيد منه ففصل ذيل الورقة التي بها هذا الفراغ من أعلى بصمة الختم وبذلك حصل على ورقة بيضاء عليها بصمة الختم المطعون فيه فحول القسم المفصول إلى اتجاه رأسي وكتب بالفراغ نص السند المطعون فيه وقد بدأ الكاتب للسند بكتابة الأسطر الثلاثة الأولى بانضمام وتضييق في الأسطر والكلمات ثم أخذ يتدرج في إبعاد الأسطر التالية وامتداد كلماتها وتوسعة حروفها حتى يصل ربط آخر السند بموضع البصمة وفي 15 من نوفمبر سنة 1948 قضت المحكمة برد وبطلان السند المطعون فيه للأسباب التي أوردها الخبير الثاني في تقريره ولأنه اتضح وجود آثار قطع ظاهر للعين المجردة بالجانب الأيسر من السند ولأن بصمة الختم موضوعة في آخر السند عند نهايته من الجهة اليسري ومائلة ميلاً ظاهراً ولأن صيغة السند حررت على خلاف المعتاد على ورقة صغيرة أسطرها رأسية وليست أفقية مما يقطع في أن السند مزور وأنه لو كان صحيحاً لبادر الطاعن إلى رفع الدعوى بقيمته ولكنه آثر السكوت إلى أن نفذ المطعون عليه بحكم مقابل أتعاب المحاماة في الدعوى رقم 2203 لسنة 1940 مدني بلبيس ثم رفع الدعوى بمبلغ خمسة جنيهات فقط. استأنف الطاعن هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 85 لسنة 1 ق محكمة استأنف المنصورة التي قضت في 21 من مارس سنة 1951 بتأييد الحكم المستأنف لما ورد بأسبابه ولأسباب أخرى أضافتها - فقرر الطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب يتحصل أولها في أن الحكم المطعون فيه شابه بطلان في الإجراءات لإخلاله بحق الطاعن في الدفاع ذلك بأن محكمة الاستئناف قررت فتح باب المرافعة في الدعوى واعتبرت النطق بهذا إعلاناً لطرفي الخصومة وأثبتت أن وكيليهما اكتفيا بما قدم من مذكرات ودون من مرافعات ثم أصدرت حكمها في نهاية الجلسة التي فتح فيها باب المرافعات مع أن الطاعن لم يحضر تلك الجلسة ولم يوكل أحداً من المحامين للحضور عنه وإنما كان يحضر معه أحدهم دون توكيل ومن ثم تكون الإجراءات التي أجرتها المحكمة بغير علم الطاعن هي إجراءات ترتب عليها حرمانه من إبداء دفاعه في الجلسة الأخيرة.
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن طرفي الخصومة قد حضرا وأبديا دفاعاهما وتبادلا مذكراتهما بعد أن ترافعا بما هو مدون بمحضر الجلسة وحجزت القضية للحكم لجلسة 21/ 3/ 1951، ثم فتح باب المرافعة لنفس الجلسة لتعذر المداولة بسبب مرض أحد أعضاء الهيئة، وصمم وكيلا طرفي الخصومة على طلباتهما ومذكراتهما السابق تقديمهما وحجزت المحكمة الدعوى للحكم آخر الجلسة وبعد المداولة أصدرت حكمها - ويبين من ذلك أن إجراءات الخصومة كانت حضورية في حق طرفيها وأن الطاعن استكمل فيها دفاعه قبل حجز القضية للحكم وصمم الحاضر عنه في الجلسة الأخيرة على طلباته ولم يطلب أحد إلى المحكمة التأجيل لأي سبب كان ولم يقدم الطاعن إلى هذه المحكمة ما يثبت أن المحامي الذي حضر عنه بجلسة المرافعة الأخيرة لم يكن ذا صفة في تمثيله ومن ثم لا يكون هناك مبرر لما ينعاه الطاعن على المحكمة من إخلال بحقه في الدفاع أو بطلان في الإجراءات.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون ذلك بأن المحكمة حققت بناء على طلب مدعي التزوير دليلاً جديداً لم يكن من بين أدلة التزوير وهو أن السند مزور بتوقيع بصمة ختم المطعون عليه على بياض ملئ فراغه بمحتويات السند ثم أخذت بهذا الدليل بعد تحقيقه وهو غير ما قبلته في الدليل الأول من أدلة التزوير الذي يتضمن أن بصمة وختم المطعون عليه قد نقلت من ختم له صحيح وإن كان يجوز للمحكمة عملاً بالمادة 290 مرافعات "جديد" أن تحكم برد وبطلان أي ورقة بناء على ما يظهر لها من حالتها أو من ظروف الدعوى إلا أنه ما كان يجوز لها أن تحكم بناء على دليل آخر يظهر أثناء سير الدعوى بدون مراعاة الإجراءات والمواعيد الواجب اتباعها في دعوى التزوير.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأنه وفقاً للمادة 292 من قانون المرافعات القديم الواجب تطبيقه في الدعوى يجوز للمحكمة سواء ادعى أمامها بالتزوير أم لم يدع به أن تحكم برد وبطلان أية ورقة يتحقق لها أنها مزورة في غير استناد إلى أدلة التزوير التي يبني عليها مدعي التزوير دعواه متى كانت قد استخلصت من حالة السند المطعون فيه ومن الوقائع المطروحة أمامها الوسيلة التي لجأ إليها مرتكب التزوير ولو كانت غير ما قال عنها مدعي التزوير في أدلته.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم المطعون فيه مشوب بالقصور ومخالفة الثابت بالأوراق إذ لم ترد المحكمة على دفاع الطاعن بأن محكمة أول درجة قضت ببطلان السند استناداً إلى أن بصمة ختم المطعون عليه قد وقع بها على ورقة بها بياض ملئ فراغه وكانت قد نزعت من ورقة بها معاملة صحيحة بين الطرفين مع أن الطاعن أنكر في الشكوى رقم 2041 لسنة 1949 إداري بلبيس وجود أية معاملة سابقة بينه وبين المطعون عليه وإذ أغفلت المحكمة الرد على ما قاله الطاعن من أن محكمة أول درجة قالت إن الدعوى الموضوعية كانت مرفوعة صلا أ أصلاً بمبلغ 5 جنيه فقط مع أن الثابت أن الدعوى رفعت بمبلغ الدين وتثبيت الحجز التحفظي وإذ لم تلق المحكمة بالاً إلى ما قرره الطاعن من أن لديه مستندات تثبت ملاءته وقت تحرير السند المطعون فيه ولا إلى ما قرره من أن الخبير لم يقطع بتزوير السند.
ومن حيث إن هذا السبب مردود أولاً بما قرره الحكم المطعون فيه من أنه لا صحة لما يزعمه الطاعن من عدم وجود علاقة بينه وبين المطعون عليه وذلك لما ثبت من القضية رقم 1414 لسنة 1943 جنح بلبيس التي قرر فيها المطعون عليه أن الطاعن كان متزوجاً أخته واعتاد أن يعطيه ختمه لاستعماله في قضاء مصالحه ومردود ثانياً بما قرره الحكم من أن الدعوى رفعت بمبلغ خمسة جنيهات وتثبيت الحجز التحفظي في حين السند المطعون فيه كانت قيمته 672 قرشاً وأن مسلك الطاعن بمطالبته بتثبيت الحجز التحفظي بما لا يزيد على خمسة جنيهات يدل على أنه كان حذراً من مسلكه وما قد يجره إليه من نتائج فضلاً على أنه لم يستطع أن يذكر من أين تيسر له المبلغ الذي دفعه للمطعون عليه مما يدل على أن السند المطعون فيه لا شك في تزويره وفي هذا الذي قرره الحكم الرد على الدفاع السالف الذكر ولم يقدم الطاعن ما يدل على أن ما استخلصته المحكمة يخالف الثابت بالأوراق أما ما يدعيه من ملاءته فهو جدل موضوعي لا تجوز إثارته لدى هذه المحكمة.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.