أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 4 - صـ 429

جلسة 29 من يناير سنة 1953
(61)
القضية رقم 20 سنة 21 القضائية

برياسة حضرة الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة وبحضور حضرات الأساتذة عبد العزيز محمد وكيل المحكمة ومصطفى فاضل وأحمد العروسي ومحمود عياد المستشارين.
( أ ) قضاء مستعجل. إشكال في التنفيذ. البحث في كون الحكم المستشكل فيه بني على مستندات ليست خاصة بموضوع التقاضي. خروجه عن ولاية القضاء المستعجل لمساسه بأصل الحق.
(ب) قضاء مستعجل. إشكال في التنفيذ. حكم. تسبيبه. عدم قضائه بسقوط الحكم الغيابي وقصره البحث على مجرد استعراض أقوال الطرفين وظاهر مستندات الدعوى ليستخلص منها مظاهر الجد في النزاع وما إذا كان في أسباب منازعة المستشكل ما يبرر وقف التنفيذ. النعي عليه بالخطأ في القانون والتناقض. على غير أساس.
1 - البحث في كون الحكم المستشكل فيه قد بني على مستندات ليست خاصة بموضوع التقاضي يخرج عن نطاق القضاء المستعجل لمساسه بأصل الحق.
2 - إذا كان يبين من الحكم أن محكمة الأمور المستعجلة لم تقض بعدم سقوط الحكم الغيابي وإنما استعرضت أقوال الطرفين وبحثت مستندات الدعوى وهي بسبيل الفصل في الإشكال المقدم إليها لتقضي بوقف التنفيذ أو بالاستمرار فيه بناء على ما يوحيه إليها ظاهر تلك المستندات وما تستخلصه منها من مظاهر الجد في النزاع وما إذا كان في أسباب منازعة الطاعن ما يبرر وقف التنفيذ، فإنها إذ سارت على هذا النهج لم تخطئ في تطبيق القانون ولا يشوب حكمها تناقض.


الوقائع

في يوم 22 من يناير سنة 1951 طعن بطريق النقض في حكم محكمة القاهرة الابتدائية بهيئة استئنافية في 27 من ديسمبر سنة 1950 في القضية رقم 1294 سنة 1950 وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والحكم بقبول الإشكال شكلاً وفي الموضوع بوقف تنفيذ الحكم رقم 450 سنة 71 ق الصادر من محكمة مصر المختلطة حتى يفصل نهائياً في الدعوى المرفوعة بطلب بطلان الحكم وهي الدعوى رقم 1741 سنة 50 تجاري كلي مصر واحتياطياً بإحالة الدعوى على دائرة أخرى للفصل فيها من جديد مع إلزام المطعون عليها في جميع الأحوال بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي نفس اليوم أعلنت المطعون عليها بتقرير الطعن - وفي 31 من يناير سنة 1951 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليها بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته - وفي 25 من فبراير سنة 1951 أودعت المطعون عليها مذكرة بدفاعها مشفوعة بمستنداتها طلبت فيها رفض الطعن وإلزام رافعه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وفي 17 مارس سنة 1951 أودع الطاعن مذكرة بالرد - وفي أول إبريل سنة 1951 أودعت المطعون عليها مذكرة بملاحظاتها على الرد.
وفي 21 من مايو سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وبجلسة 15 من يناير سنة 1953 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محاميا الطاعن والمطعون عليها والنيابة العامة على ما جاء بمذكراتهم. والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير حضرة المستشار المقرر ومرافعة المحامين عن الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن تتحصل في أنه صدر للمطعون عليها حكم غيابي في 27 من ديسمبر سنة 1945 على الطاعن بالتضامن مع آخر اسمه محمد جمال الدين سليم بمبلغ 1907 جنيه في القضية 450 سنة 71 ق مصر المختلطة ونفذته ضد الطاعن بتوقيع حجز تنفيذي على ما له تحت يد شركة مصر للنقل والمقاولات في 24 من يوليه سنة 1950 فأقام الطاعن الإشكال 2580 سنة 1950 مستعجل مصر على المطعون عليها طالباً وقف تنفيذ الحكم حتى يفصل في الدعوى رقم 1741 سنة 1950 تجاري مصر التي أقامها بطلب بطلان الحكم وسقوطه وبنى إشكاله على أوجه منها أن المستندات التي بني عليها الحكم ليست خاصة بموضوع التقاضي وأن الحكم لم يعلن إليه إعلاناً قانونياً وأنه لم يعلن بالحجز تحت يد الشركة في خلال الأيام الثمانية التالية لتوقيعه وأن الحكم لم ينفذ إلا بعد انقضاء ستة أشهر على النطق به رغم أنه غيابي - وفي 30 من أكتوبر سنة 1950 حكمت محكمة الدرجة الأولى بصفة مستعجلة بقبول الإشكال شكلاً وفي الموضوع بوقف تنفيذ الحكم المستشكل فيه حتى يتم الفصل في الدعوى 1741 سنة 1950. فاستأنفت المطعون عليها وقيد استئنافها برقم 1294 سنة 1950 استئناف القاهرة. وفي 27 من ديسمبر سنة 1950 حكمت محكمة القاهرة الابتدائية بهيئة استئنافية بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من قبول الإشكال وبإلغائه فيما عدا ذلك وبرفض الإشكال والاستمرار في تنفيذ الحكم رقم 450 سنة 71 ق. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على أربعة أسباب يتحصل أولها في أن الحكم شابه القصور وأخطأ في تطبيق القانون إذ كان ضمن ما تمسك به الطاعن أن الحكم المستشكل فيه بني على مستندات ليست خاصة بموضوع التقاضي فكان رد الحكم أن هذا القول لو صح ليس من شأنه أن يبطل الحكم المستشكل فيه. مع أن واجب محكمة الإشكال هو تحقيق هذا الدفاع لتتبين وجه الصحة فيه وما إذا كان الحكم بني على أساس سليم.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن البحث فيه خارج عن نطاق القضاء المستعجل لمساسه بأصل الحق.
ومن حيث إن الأسباب الثلاثة الباقية تتحصل في أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور والتناقض إذ لم يأخذ بدفاع الطاعن بسقوط الحكم الغيابي لمضي ستة أشهر على صدوره دون تنفيذه بمقولة إن محضر إيقاف التنفيذ المحرر في 19 من يونيه سنة 1946 يعتبر محضر عدم وجود وهو من أعمال التنفيذ التي تحول دون سقوط الحكم الغيابي. مع أن هذا المحضر عمل بجهة البياضية وهي ليست محل إقامة المحكوم عليهما ومع أنه لكي يكون محضر عدم الوجود مانعاً من سقوط الحكم الغيابي يجب أن يحصل التنفيذ في محل المدين الحقيقي أو القانوني وأن لا يكون لدى المدين المطلوب الحجز التنفيذي على منقولاته أشياء يمكن الحجز عليها أصلاً وأن يعلن المدين المحجوز عليه بصفة قانونية بصورة من محضر عدم الوجود بتطبيق هذه القواعد على محضر 19 من يونيه سنة 1946 يتبين أنها لم تتوافر فيه. وقد أعلن للمحكوم عليهما في 27 من يونيه سنة 1949 أي بعد مضي ستة شهور من تاريخ صدور الحكم - وإذ قرر أن التنفيذ على أحد المحكوم عليهما بالتضامن يمنع من سقوط الحكم بالنسبة للآخر وهو الطاعن وفقاً للمادة 110 من القانون المدني القديم مع أن ذلك موضع خلاف بين الشراح والمحاكم إذ يرى بعض الشراح أن المادة 110 وتتعلق بإجراءات التقاضي لا بالإجراءات الخاصة بسقوط الأحكام الغيابية. وقد نسخ القانون المدني الجديد حكم المادة 110 واستبدل بها المادتين 293 و296 وإذ فصلت المحكمة في أمر لم يطلب منها الفصل فيها بتقريرها أن الحكم الغيابي لم يسقط لحصول البدء في تنفيذه قبل انقضاء ستة شهور على صدوره مع أنها ذكرت في حكمها أنها وهي بسبيل معرفة ما إذا كان الحكم الغيابي قد ظل بغير تنفيذ أم تنفذ في خلال الستة أشهر التالية لصدوره إنما تستعمل حقها لا لتقضي بالسقوط أو البطلان إنما لتستظهر سبب وقف التنفيذ أو المضي فيه.
ومن حيث إن هذه الأسباب مردودة بما جاء في الحكم المطعون فيه من أن "الحكم (الغيابي) قد صدر في 27 ديسمبر سنة 1945 وأعلن إلى المحكوم ضدهما في 12 من مارس سنة 1946 مع التنبيه عليهما بالوفاء وأخيراً وفي 19 من شهر يونيه سنة 1946 توجه المحضر ومعه نسخة من الحكم (التنفيذية) وإعلانها والتوكيل الصادر إليه من المستأنفة (المطعون عليها) بتوقيع الحجز التنفيذي إلى ناحية البياضيه لإجراء التنفيذ ضد المحكوم عليهما ومن بينهما المستأنف عليه (الطاعن) وكان برفقته شيخا البلد سيد أحمد إبراهيم ورشيدي أحمد يعقوب اللذان أبلغاه أن المطلوب التنفيذ ضدهما لا يقيمان في تلك الناحية وإنما في الأقصر أو المستأنف عليه ليس له بناحية البياضية منقولات ولا زراعات ولا مواشي ولا عقارات أما المحكوم ضده الآخر وهو الضامن المتضامن معه بنص الحكم فقد ذكر الشيخان أنه باع كل ما يملكه فيها من عقارات ورثها عن أبيه ولم يبق له شيء مما ورد في كشوف المساحة من الأطيان المكلفة باسم مورثة المرحوم أحمد بك سليم ولهذا حرر المحضر محضر بإيقاف التنفيذ ثم قصد إلى مدينة الأقصر في يوم 27 من يونيه سنة 1950 حيث أعلن به كلاً من المحكوم ضدهما شخصياً وأن المحكمة ترى مما ورد في كشوف المساحة السبعة عشرة المستخرجة في 20 مايو سنة 1945 أن المرحوم أحمد بك سليم مورث الضامن المتضامن محمد جمال الدين سليم وهو المحكوم ضده مع المستأنف عليه كان يمتلك في زمام ناحية البياضية أرضاً زراعية بلغ مجموعها في تلك الكشوف نيفا وتسعة وعشرين فداناً وقد بدا للمستأنفة بحق أثر استخراج الكشوف أن مدينها محمد جمال الدين لا شك مالك بعض هذه الأطيان بطريق الميراث عن والده فإذا رأت أن تعهد إلى المحضر تنفيذ الحكم بتوقيع الحجز التنفيذي على ما يكون موجوداً من زراعة أو ماشية أو محصولات بناء على ما استقته من الكشوف وقصد المحضر إلى تلك الناحية ففوجئ بعدم وجود شيء من ذلك للمحكوم ضده كانت الورقة التي يحررها لإثبات ما انتهى إليه نشاطه إنما هو محضر عدم وجود أوفى قوته حتى لو أسماها بغير ذلك كما هو الحال في الدعوى الماثلة إذ أطلق على محرره محضر إيقاف ثم قام بإعلانه للمحكوم ضدهما بعد ما أثبت عنهما ما أدلى إليه به شيخا الناحية... وأنه متى تقرر هذا كان ذلك المحضر معتبر من أعمال التنفيذ التي تحول دون سقوط الحكم الغيابي ما دام المحكوم له (الشركة) أرادت التنفيذ فلم تستطعه لعدم وجود مال للمحكوم ضده محمد جمال الدين... وأن التنفيذ على أحد المحكوم عليهما المتضامنين قد بدئ ثم أوقف بمحضر عدم الوجود وقد حال ذلك دون سقوط الحكم الغيابي بالنسبة له فقد امتنع سقوطه بالنسبة للمتضامنين معه وهو المستأنف ضده وذلك تطبيقاً للمادة 110 من القانون المدني القديم... وأن المحكمة وهي بسبيل بحث ما تقدم إنما تستعمل حقها في سبيل الوصول إلى معرفة ما إذا كان الحكم الغيابي قد ظل بغير تنفيذ أم لا لمدة الستة الشهور التالية لصدوره لا لتقضي بالسقوط والبطلان وإنما لتستظهر سبب إيقاف تنفيذه أو المضي فيه أي أنه بسبيل مجرد التعرف على أي الفريقين أولى بالحماية المؤقتة منها في ظل القانون... وأنه على هدي ما تقدم يكون الحكم قد شرع في تنفيذه قبل انقضاء ستة أشهر بحيث امتنع عليه أن يلحقه السقوط وبالتالي يكون طلب الإيقاف غير مؤسس" ومن ذلك يبين أن المحكمة لم تقض بعدم سقوط الحكم الغيابي وإنما استعرضت أقوال الطرفين وبحثت مستندات الدعوى وهي بسبيل الفصل في الإشكال المقدم إليها لتقضي بوقف التنفيذ أو بالاستمرار فيه بناء على ما يوحيه إليها ظاهر تلك المستندات وما تستخلصه منها من مظاهر الجد في النزاع وما إذا كان في أسباب منازعة الطاعن ما يبرر وقف التنفيذ والمحكمة إذ سارت على هذا النهج لم تخطئ في تطبيق القانون وجاء حكمها سليماً من التناقض ولذلك يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.