أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 4 - صـ 439

جلسة 5 من فبراير سنة 1953
(63)
القضية رقم 153 سنة 20 قضائية

برياسة حضرة الأستاذ أحمد حلمي، وكيل المحكمة وبحضور حضرات الأساتذة عبد العزيز محمد وكيل المحكمة ومصطفى فاضل وأحمد العروسي ومحمود عياد المستشارين.
( أ ) أوراق تجارية. سندات إذنية. حكم. تسبيبه. تقريره أن السندات الإذنية موضوع النزاع هي أوراق تجارية وأن تظهيرها عمل تجاري. استناده في ذلك إلى أنها كانت عن أعمال تجارية وأن المدينين فيها تجار. لا خطأ.
(ب) أوراق تجارية. سند إذني تجاري. تظهيره. ضمان المحيل قبول السند ودفع قيمته ما لم يوجد اتفاق خاص بين الطرفين على خلاف ذلك. المادة 137 من قانون التجارة.
(ج) أوراق تجارية. سندات إذنية تجارية. حكم. تسبيبه. قضاؤه ببراءة ذمة المظهر إليه من مبلغ معين وبصحة العرض الحاصل منه عن هذه السندات. استناد الحكم في ذلك إلى قواعد التظهير التي تقضي بضمان المظهر وفاء قيمة السندات الإذنية المحولة إلى المظهر إليه وإلى أن هذا الأخير عجز عن تحصيل قيمتها بعد استيفاء الإجراءات القانونية. إجراؤه المقاصة بين هذه السندات وبين سند يقل عن قيمتها كان المظهر إليه مديناً به للمظهر. لا مخالفة في ذلك للقانون.
1 - متى كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه إذ قرر أن السندات الإذنية موضوع النزاع تجارية وأن تظهيرها عمل تجاري قد استند إلى أنها كانت عن أعمال تجارية؛ وأن المدينين فيها تجار كما يبين من إعلان البروتستات؛ فإن هذا التقرير في الحكم لا خطأ فيه وكاف لحمله متى كان الطاعن لم يقدم ما يثبت به عدم صحة ما استند إليه الحكم في هذا الخصوص.
2 - الأصل هو أن المظهر وفقاً للمادة 137 تجاري يضمن لمن ظهر إليه دفع قيمة السند المظهر كما يضمن قبوله ولا تخلي مسئوليته من هذا الضمان إلا إذا كان متفقاً بين الطرفين على استبعاده. وإذن فمتى كانت المحكمة إذ أعملت القواعد الخاصة بأحكام التظهير في قانون التجارة قد استندت في هذا الخصوص إلى أن السندات الإذنية موضوع النزاع كانت عن ديون تجارية وأن تظهيرها كان عملاً تجارياً، لأن المظهر (الطاعن) والمدينين فيها تجار، وقد ظهرت إلى المطعون عليه عن الديون التجارية الواردة فيها، فأصبح من المتعين إعمال حكم قانون التجارة على هذه السندات الإذنية التجارية، وكان الاتفاق الحاصل بين الطاعن والمطعون عليه والمشار إليه في الحكم لا يتضمن صراحة أو ضمناً إعفاء الطاعن من الضمان الذي توجبه قواعد التظهير وليس في أوراق الطعن ما يفيد وجود ورقة ضد بالمعنى الذي ذهب إليه الطاعن، فإنه يكون مسئولاً بقيمة السندات الإذنية المظهرة إلى المطعون عليه متى كان المدينون بمقتضاها قد رفضوا دفع قيمتها كما يكون تمسك الطاعن بتطبيق المادتين 351 و352 من القانون المدني القديم في غير محله.
3 - لما كان الحكم إذ قضى ببراءة ذمة المطعون عليه من مبلغ معين وبصحة عرض السندات المحولة إليه من الطاعن لم يبن قضاءه على أساس فسخ الاتفاق الذي تم بين الطرفين، وإنما أقامه على أساس إعمال قواعد التظهير في قانون التجارة التي تقضي بضمان المظهر وفاء قيمة السندات الإذنية المحولة إلى المظهر إليه وعلى أن هذا الأخير قد استوفى الإجراءات القانونية بالنسبة لهذه السندات التي أعلن عنها بروتستو عدم الدفع للمدينين وللمحيل فصار له حق الرجوع عليه بقيمتها ولما كان مديناً للطاعن بسند إذني تقل قيمته عن قيمتها فقد قضي ببراءة ذمته من الدين الثابت في هذا السند، وكان لم يقض للمطعون عليه بشيء لم يطلبه، ذلك بأن المطعون عليه شفع طلب براءة ذمته بعرض السندات المحولة إليه عرضاً حقيقياً على الطاعن بعد أن عجز عن تحصيل قيمتها وطلب الحكم بصحة هذا العرض وكان ما ذكرته المحكمة عن الفرق بين قيمة السندات المحولة إلى المطعون عليه وقيمة السند الإذني المشار إليه إنما هو بصدد الاستدلال على حصول المقاصة بين أقل المبلغين قيمة لتقرير براءة ذمة المطعون عليه، ولم يكن ذلك منها قضاء بالفرق بينهما للمطعون عليه أو تقريراً لحقه فيه. لما كان ذلك فإن النعي عليها بمخالفة القانون يكون على غير أساس.


الوقائع

في يوم 23 من مايو سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 12 من يناير سنة 1950 في الاستئناف رقم 86 سنة 66 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإلغاء حكم محكمة أول درجة وإلزام المطعون عليه بأن يدفع إلى الطاعن ألفي جنيه ورفض دعواه الخاصة ببراءة ذمته وصحة عرضه للسندات المحولة إليه مع إلزامه بكافة مصروفات التقاضي عن جميع درجاته وأتعاب المحاماة عنها في الدعويين أي المقامة ضده أو منه وذلك لأي سبب من الأسباب الأربعة الأولى ثانياً نقض الحكم وإعادة القضية إلى المحكمة الاستئنافية للفصل فيها بمعرفة دائرة أخرى وذلك للسبب الخامس مع إلزام المطعون عليه بمصروفات النقض وأتعاب المحاماة عنه.
وفي 27 من مايو سنة 1950 أعلن المطعون عليه بتقرير الطعن - وفي 10 من يونيه سنة 1950 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليه بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته - وفي أول يوليه سنة 1950 أودع المطعون عليه مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها رفض الطعن وإلزام رافعه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وفي 13 منه أودع الطاعن مذكرة بالرد - وفي 30 منه أودع المطعون عليه مذكرة بملاحظاته على الرد.
وفي 17 من إبريل سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وبجلسة 22 من يناير سنة 1953 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محاميا الطرفين والنيابة العامة على ما جاء بمذكراتهم - والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير حضرة المستشار المقرر ومرافعة المحامين عن الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعة الدعوى - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه رغب في تجارة الخضر والفاكهة وتحقيقاً لهذه الرغبة تقابل في القاهرة مع الطاعن وأحمد سباق وكانا شريكين في هذه التجارة، وفي 24 من مايو سنة 1946 اتفق مع الطاعن على أن يقرضه 2000 جنيه لم تدفع له نقداً وإنما ظهر له بها سندات إذنية تحت الطلب محررة لأمر الطاعن من عملائه بالوجه القبلي، وفي مقابل ذلك حرر المطعون عليه ورقة تتضمن قبوله رهن 17 سهم و5 قراريط و11 فدان إلى الطاعن نظير مبلغ 2000 جنيه ونص فيها على أنه قد حرر في نفس التاريخ سند إذني بمبلغ الدين، كما حرر كشف موقع عليه من المطعون عليه وأحمد سباق ببيان السندات المحولة إلى المطعون عليه والباقي من قيمتها في ذمة المدينين ومقداره 2848 جنيهاً و190 مليماً - وفي 25 من مايو سنة 1946 حرر عقد شركة بين المطعون عليه وأحمد سباق برأس مال مقداره 2900 جنيه عبارة عن سندات إذنية على عملاء بالأقصر وقوص وقنا محولة من الطاعن إلى المطعون عليه ويخص أحمد سباق فيه 700 جنيه والمطعون عليه 2200 جنيه. ولما كان هذا المبلغ يزيد على المبلغ الباقي من السندات الإذنية المحولة إلى المطعون عليه، فإن الطاعن حول له سندين آخرين الباقي من قيمتهما 51 جنيه و810 مليماً وفي هذا التاريخ حرر المطعون عليه على نفسه سنداً إذنياً لأمر الطاعن بمبلغ 200 جنيهاً نص فيه على أن قيمته وصلت نقداً. ثم عاد المطعون عليه إلى بلده قوص ليباشر شئون شركته الجديدة، وسعى في تحصيل المبالغ المحولة إليه إلا أنه عجز عن تحصيل شيء منها، فطلب من شريكه أحمد سباق أن يتسلم بعضاً من السندات لتحصيل قيمتها، وحرر بها كشف في 22/ 6/ 1946. ولكنه أيضاً لم يحصل شيئاً - ولما وجد المطعون عليه أن السندات المحولة إليه لا قيمة لها سعى في استرداد أوراقه والسندين المحررين عليه، إلا أن الطاعن أقام عليه دعوى بطلب صحة توقيعه على ورقة الرهن، ثم أردفها بالدعوى رقم 932 سنة 1946 القاهرة الابتدائية طلب فيها الحكم بمبلغ 200 جنيهاً قيمة السند الإذني المحرر في 25/ 5/ 1946 وفي 6/ 10/ 1946 قضت المحكمة غيابياً بإلزام المطعون عليه بالمبلغ المطالب به، فعارض في هذا الحكم، وفي 8/ 2/ 1947 قضي بالتأييد، فاستأنفه المطعون عليه وقيد استئنافه برقم 214 سنة 64 ق القاهرة، ومن أجل أن يثبت المطعون عليه أن السندات المحولة إليه لا قيمة لها أعلن محوليها ببروتستات عدم الدفع، فأجاب هؤلاء جميعاً بأنها مسددة بمقتضى حساب جار في دفاتر الطاعن، وأنهم صدروا إليه بضائع تغطي قيمتها ما كانوا مدينين به، ثم أعلن المطعون عليه الطاعن بهذه البروتستات وأقام عليه الدعوى رقم 983 سنة 1946 القاهرة الابتدائية وطلب فيها الحكم ببراءة ذمته من مبلغ 2200 جنيهاً التي حرر بها السندان الإذنيان وورقة الرهن، وبصحة العرض الحاصل في 15/ 10/ 1946 والتصريح للطاعن بتسلم السندات المودعة بملف الدعوى. فرفع الطاعن الدعوى رقم 126 سنة 1948 القاهرة الابتدائية على المطعون عليه وطلب فيها الحكم بإلزامه بمبلغ 2000 جنيهاً قيمة السند المحرر في 24/ 5/ 1946 والذي يستحق الوفاء في 30/ 5/ 1947، ثم رفع أحمد سباق الدعوى رقم 843 سنة 1948 القاهرة الابتدائية على الطاعن والمطعون عليه وطلب فيها الحكم بإلزامهما متضامنين بمبلغ 1300 جنيهاً من ذلك 700 جنيهاً ما يخصه في رأس مال الشركة و600 جنيهاً على سبيل التعويض. وفي 20 من مارس سنة 1949 قضت المحكمة أولاً بضم الدعويين 983 سنة 1946 و126 سنة 1946 إلى الدعوى رقم 843 سنة 1948 وثانياً بعدم قبول طلب المطعون عليه براءة ذمته من مبلغ 200 جنيهاً المحرر عنه السند المؤرخ 25/ 5/ 1946، وثالثاً ببراءة ذمة المطعون عليه من مبلغ 2000 جنيهاً المحرر به السند المؤرخ 24/ 5/ 1946، ورابعاً برفض الدعويين رقمي 126 سنة 1948، 843 سنة 1948، وخامساً بصحة العرض الحاصل عن السندات الإذنية والبروتستات المرفقة بحافظة المطعون عليه في الدعويين رقمي 983 سنة 1946 و843 سنة 1948 والتصريح للطاعن ولأحمد سباق بتسلم هذه السندات، فاستأنف الطاعن هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 86 سنة 66 ق القاهرة، فقررت المحكمة ضم هذا الاستئناف إلى الاستئناف رقم 214 سنة 64 ق القاهرة المرفوع من المطعون عليه. وفي 12 من يناير سنة 1950 قضت المحكمة بقبول الاستئنافين شكلاً، وفي الموضوع برفضهما وبتأييد الحكمين المستأنفين. فقرر الطاعن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على خمسة أسباب، يتحصل الوجه الأول من السبب الخامس في أن الحكم المطعون فيه مشوب بالبطلان لأن الطاعن تمسك في صحيفة استئنافه بأنه ليس صحيحاً أن المدينين تجار، بل هم زراع كانوا يبيعون له محاصيلهم، وأن المطعون عليه أضفى عليهم وصف التجار في البروتستات حتى تعتبر المعاملة تجارية إلا أن محكمة ثاني درجة أغفلت الرد على هذا الدفاع الجوهري.
ومن حيث إنه لما كان وجه الرأي في الدعوى يختلف في حالة اعتبار السندات المشار إليها تجارية عنه في حالة اعتبارها مدنية، فإنه يتعين البدء بالرد على هذا الوجه من الطعن.
ومن حيث إن هذا الوجه مردود بأن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه إذ قرر أن السندات الإذنية موضوع النزاع تجارية وأن تظهيرها عمل تجاري، فإنه قد استند إلى أنها كانت عن أعمال تجارية، وأن المدينين فيها تجار كما يبين من إعلان البروتستات، وهذا التقرير في الحكم لا خطأ فيه وكاف لحمله، والطاعن لم يقدم ما يثبت به عدم صحة ما استند إليه الحكم في هذا الخصوص.
ومن حيث إن السببين الأول والثالث يتحصلان في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون من وجهين: الأول إذا قرر أن هناك اتفاقاً بين الطرفين يتضمن أن المطعون عليه حرر على نفسه سند دين بمبلغ 2000 جنيهاً بعقد وصفه بأنه عقد رهن تأميني وبسند قابل للتحويل، وأنه لم يقبض المبلغ نقداً بل حولت إليه به سندات تزيد قيمتها عليه، وأن هذا الاتفاق لا شائبة فيه، إلا أنه رغم ذلك أطرح هذا الاتفاق تغليباً لقواعد القانون التجاري، وهذا ينافي القواعد العامة التي تقضي باحترام ورقه الضد بين طرفيها ما لم يكن هناك طعن خاص بها، وفيما قرره الحكم مخالفة لقاعدتين قانونيتين هما أن الاتفاق الخفي بين الطرفين والمعترف به لا الاتفاق الظاهر هو الذي يحكم علاقتهما، وأنه لا يصح إعطاء جزء من اتفاق حكماً يتنافى مع الاتفاق في مجموعه. والثاني أن الديون التجارية يصح أن تباع كالديون المدنية، وفي هذه الحالة يسري على البيع قواعد الحوالة في القانون المدني - إلا أن الحكم بعد أن فسر الاتفاق الحاصل بين الطرفين بشأن الديون المحولة بأنه بيع لها بالسعر المتفق عليه لا بما جاء بالتظهيرات، أجاز للمطعون عليه حق الرجوع على الطاعن وقرر أنه يداينه في أكثر من 2160 جنيهاً خلاف المبالغ الأخرى التي حرر بسنداتها بروتستات لم تقدم، وقرر أن الطاعن يداين المطعون عليه في مبلغ 2000 جنيهاً وهو الثمن وأسقط هذا المبلغ من المبلغ السابق. ولم يسقط الدين المحول كله، وفي هذا ما يخالف المادة 351 مدني قديم التي تقضي بأن البائع لا يضمن
للمشتري إلا وجود الحق في وقت البيع، وأن ضمانته مقصورة على ثمن البيع والمصاريف، والمادة 352 التي تقضي بأن المحيل لا يضمن يسار المدين في الحال ولا في الاستقبال إلا إذا وجد شرط لكل من الحالتين المذكورتين.
ومن حيث إن النعي على الحكم في هذين السببين مردود بأن المحكمة إذ أعملت القواعد الخاصة بأحكام التظهير في قانون التجارة فإنها قد استندت في هذا الخصوص إلى أن السندات الإذنية موضوع النزاع كانت عن ديون تجارية، وأن تظهيرها كان عملاً تجارياً، لأن المظهر (الطاعن) والمدينين فيها تجار، وقد ظهرت إلى المطعون عليه عن الديون التجارية الواردة فيها، فأصبح من المتعين إعمال حكم قانون التجارة على هذه السندات الإذنية التجارية. وهذا الذي قرره الحكم صحيح في القانون ذلك بأن الأصل هو أن المظهر وفقاً للمادة 137 تجارى يضمن لمن ظهر إليه دفع قيمة السند المظهر كما يضمن قبوله، ولا تخلي مسئوليته من هذا الضمان إلا إذا كان متفقاً بين الطرفين على استبعاده، ولما كان الاتفاق الحاصل بين الطاعن والمطعون عليه في 24 من مايو سنة 1946 والمشار إليه في الحكم لا يتضمن صراحة أو ضمناً إعفاء الطاعن من الضمان الذي توجبه قواعد التظهير وليس في أوراق الطعن ما يفيد وجود ورقة ضد بالمعنى الذي ذهب إليه، فإنه يكون مسئولاً بقيمة السندات الإذنية المظهرة إلى المطعون عليه متى كان المدينون بمقتضاها قد رفضوا دفع قيمتها. ومن ثم يكون تمسك الطاعن بتطبيق المادتين 351، 352 مدني قديم في غير محله.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى ببراءة ذمة المطعون عليه وإعادة السندات المحولة إليه إلى الطاعن، مع أن في ذلك قضاء بفسخ الاتفاق ومع أنه لا يوجد في قواعد قانون التجارة ما يجيز للمظهر إليه أن يعيد السند إلى المظهر بل له حق الرجوع عليه بالمبلغ الوارد بالتظهير. وأن المحكمة التي تبين وجه فسخ هذا الاتفاق. بل ردت على كل الطعون التي وجهت إليه وانتهت إلى تقرير أن عملية التحويل ظاهرها الجد ولا تنطوي على صورية أو إيهام، وأن التحويل له مقابل، هو الثمن المؤجل. ورغم ذلك فإن المحكمة أعادت الحالة إلى ما كانت عليه قبل الاتفاق، دون أن تبين الخسارة التي مني بها المطعون عليه، مع أن هذا الأخير كان همه أن يتخلص من مطالبة الطاعن له بمبلغ 2000 جنيه وأن المحكمة إذا قررت أن المطعون عليه يداين الطاعن في مبلغ 2160 جنيه خلاف المبالغ الأخرى التي حرر بسنداتها بروتستات ولم تقدم، فإنها تكون قد أثبتت له حقاً لم يطلب الحكم به.
ومن حيث إن هذا السبب بجميع وجوهه مردود بأن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة ذمة المطعون عليه من مبلغ 2000 جنيه فإنه لم يبين قضاءه على أساس فسخ الاتفاق الذي تم بين الطرفين وإنما أقامه على أساس إعمال قواعد التظهير في قانون التجارة التي تقضي بضمان المظهر (الطاعن) وفاء قيمة السندات الإذنية المحولة إلى المطعون عليه، وعلى أن هذا الأخير قد استوفى الإجراءات القانونية بالنسبة لهذه السندات التي أعلن عنها بروتستو عدم الدفع للمدنيين فيما وللمحيل (الطاعن) فصار له حق الرجوع عليه بقيمتها. ولما كان مديناً للطاعن بسند إذني تقل قيمته عن قيمتها فقد قضي ببراءة ذمته من قيمته ولم يقض للمطعون عليه بشيء لم يطلبه، ذلك بأن المطعون عليه شفع طلب براءة ذمته بعرض السندات المحولة إليه عرضاً حقيقياً على الطاعن بعد أن عجز عن تحصيل قيمتها، وطلب الحكم ببراءة ذمته من السند الإذني المحرر عليه بمبلغ 2000 جنيه وبصحة هذا العرض. وأما ما ذكرته المحكمة عن الفرق بين قيمة السندات المحولة إلى المطعون عليه وقيمة السند الإذني المشار إليه، فإنما كان بصدد الاستدلال على حصول المقاصة بين أقل المبلغين قيمة لتقرير براءة ذمة المطعون عليه، ولم يكن ذلك منها قضاء بالفرق بينهما للمطعون عليه أو تقريراً لحقه فيه.
ومن حيث إن السبب الرابع يتحصل في أن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن السندات الإذنية موضوع النزاع محررة في سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر وديسمبر سنة 1945، وأنها ظهرت في يومي 24 و25 من مايو سنة 1946 أي بعد مضي ستة شهور لبعضها وقبل ذلك للبعض الآخر، ولم يفرق في الحكم بينها، وإذ أخذ بالرأي القائل بأن التظهير الحاصل بعد ميعاد الاستحقاق لا يجعل التحويل مدنياً فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الحكم لم يفرق بين السندات المذكورة استناداً إلى أنها نتيجة معاملة واحدة، وأغفل الاتفاق المحرر بين الطرفين، وكان يقتضي الأمر أن يعطى لكل سند حكمه، وأن يعطى لهذه التظهيرات أثرها القانوني، وهو أن تداولها بعد تاريخ استحقاقها لا يجعل منها أداة وفاء.
ومن حيث إن النعي على الحكم في هذا السبب غير منتج، ذلك أنه لو صح اعتبار التظهير اللاحق لميعاد الاستحقاق تظهيراً ناقصاً فإن الطاعن لا يستفيد من ذلك لأنه هو الذي ظهر بعض السندات الإذنية بعد تاريخ استحقاقها، فسواء كان هذا التظهير تاماً أو ناقصاً فإنه ليس له أن يتمسك بسقوط حق المطعون عليه في الرجوع عليه بقيمة هذه السند، لأنه هو الذي يكون قد أضاع بعمله - فيما لو اعتبر التظهير ناقصاً - على المظهر الفرصة في المطالبة بقيمتها، وذلك بتحويلها بعد ميعاد الاستحقاق. وهو في هذا السبب لا يعزو للمطعون عليه أي تقصير في المطالبة بالسندات المحولة إليه.
ومن حيث إن الوجه الثاني من السبب الخامس يتحصل في أن محكمة أول درجة أخطأت إذ أضافت اليوم التاسع لميعاد المسافة بطريقة جزافية، ولم تبين سبب اعتبارها المسافة بين محطة مصر وسوق الخضر والمسافة بين الأقصر وبلاد المدنيين تزيد على 40 ك م مع أن قبول الدعوى أو عدم قبولها يتوقف على تحقيق هذه المسألة.
ومن حيث إن النعي على الحكم في هذا الوجه مردود بأن المحكمة إذ أضافت تسعة أيام على الخمسة عشر يوماً التي يجب أن ترفع فيها الدعوى على المحيل كما تقضي بذلك المادة 165 من قانون التجارة، وقررت أن دعوى الرجوع على المحيل قد رفعت في الميعاد القانوني، فإنها قد استندت إلى أن إعلان البروتستات إلى المدينين حصل في 21 و23 و25 و28 من سبتمبر سنة 1946 وأن الدعوى رفعت في 15/ 10/ 1946 ولما كانت المسافة بين سوق الخضر بالقاهرة وبين بلاد مركز الأقصر الذي أعلن فيها المدينون بالبروتستات تزيد على 680 ك م - كما يبين من جدول السكة الحديدية - فإن ميعاد المسافة الذي يتعين إضافته وفقاً لنص المادة "17" من قانون المرافعات "القديم" هو تسعة أيام، من ذلك ثمانية أيام لمسافة 640 ك م ويضاف إلى ذلك يوم آخر نظير باقي المسافة، ولما كان الطاعن لم يقدم ما يثبت به خطأ الحكم في تقدير المسافة بين محل إقامة المدينين في السندات وبين محطة الأقصر، وأنه بإضافة هذه المسافة إلى الأربعين ك م الباقية فإن مجموع المسافتين لا يسمح بإضافة يوم تاسع. لما كان ذلك يكون النعي على الحكم في هذا الوجه مجرداً عن الدليل.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.