أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 4 - صـ 476

جلسة 12 من فبراير سنة 1953
(69)
القضية رقم 350 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة وبحضور حضرات الأساتذة سليمان ثابت ومحمد نجيب أحمد وعبد العزيز سليمان ومحمد زكي شرف المستشارين.
( أ ) امتياز. بيع. حق امتياز مقدم الثمن للمشتري. شرط الاحتجاج به قبل من ترتب له حق عيني على العقار. أن يكون قد تم شهره وفقاً للقانون قبل ترتب هذا الحق. مثال المادة 601 من القانون المدني القديم.
(ب) فضالة. تقادم. بدء سريان المدة المسقطة لحق الفضولي في المطالبة بالمصروفات التي صرفها هو من وقت قيامه بالفعل الذي ترتب عليه منفعة رب العمل. المادة 144 مدني قديم.
1 - متى كان يبين من الحكم أنه قد رسا مزاد حصة في عقار على البائعة للمطعون عليها الأولى ولما لم تدفع الثمن حددت جلسة لإعادة البيع على ذمتها وفي تلك الجلسة تقدم الطاعن ودفع الثمن من ماله الخاص، ثم باعت الراسي عليها المزاد هذه الحصة للمطعون عليها الأولى، وكان الحكم إذ نفى وجود حق امتياز للطاعن على الحصة المذكورة بالثمن الذي دفعه أقام قضاءه على أن الطاعن لم يشهر حق امتيازه بالقيد وفقاً لنص المادة 601 من القانون المدني (القديم) اكتفاء بتسجيل حكم مرسى المزاد مع أن تسجيل هذا الحكم سابق على دفعه النقود فهو بذلك لا يفيده شيئاً ذلك أن تسجيل البيع لا يحفظ حق الامتياز إلا إذا ذكر فيه مقدار الباقي من الثمن وما دام الحال لم يكن كذلك بالنسبة للطاعن ولم يقم هو بقيد حقه الثابت في محضر جلسة إعادة البيع فلا يكون له حق امتياز يصح الاحتجاج به قبل المطعون عليها الأولى. فإن هذا الذي قرره الحكم لا مخالفة فيه للقانون.
2 - متى توافرت شروط الفضالة المنصوص عليها في المادة 144 من القانون المدني (القديم) كان للفضولي بحكم القانون أن يطالب رب العمل بالمصاريف التي صرفها والخسارات التي خسرها، والتزام رب العمل في هذه الحالة مصدره قاعدة عدم جواز الإثراء على حساب الغير إذ هو قد أفاد من عمل الفضولي ولا يتوقف الالتزام على إرادة رب العمل، ومن ثم يبدأ ميعاد سقوط حق الفضولي في استرداد المصروفات التي صرفها من وقت قيامه قصداً بالفعل الذي ترتب عليه منفعة رب العمل.


الوقائع

في يوم 24 من ديسمبر سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر بتاريخ 29 من أكتوبر سنة 1950 في الاستئناف رقم 1182 سنة 64 ق - وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على دائرة أخرى للفصل فيها مجدداً مع إلزام المطعون عليها الأولى بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجات التقاضي الثلاث. وفي 27 و28 من يناير أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهما بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته - وفي 25 منه أودعت المطعون عليها الأولى مذكرة بدفاعها مشفوعة بمستنداتها طلبت فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات وأتعاب المحاماة - ولم يقدم المطعون عليه الثاني دفاعاً. وفي 14 من يوليه سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات وبجلسة 29 من يناير سنة 1953 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محاميا الطاعن والمطعون عليها الأولى والنيابة العامة على ما جاء بمذكراتهم والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير حضرة المستشار المقرر ومرافعة المحامين عن الطاعن والمطعون عليها الأولى والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعة الدعوى - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1731 كلي سنة 1946 على المطعون عليها وكاتب أول محكمة الأزبكية طلب فيها الحكم بإلزام المطعون عليها الأولى بأن تدفع إليه مبلغ 224 جنيهاً و580 مليم والمصاريف مع تثبيت الحجز الموقع تحت يد المطعون عليه الثاني تأسيساً على أنه شريكاً للمطعون عليها الأولى في المنزل رقم 47 بشارع الفجالة ولعدم إمكان قسمته بيع بالمزاد العلني ورسا عليه مزاده في القضية رقم 4349 مدني الأزبكية بحكم صدر في 28 من أكتوبر سنة 1945 ثم أودع الباقي من ثمنه في 17 من يناير سنة 1946 بخزانة محكمة الأزبكية الجزئية وأنه لما كان هذا المنزل سبق أن رفعت دعوى قسمة بشأنه أمام المحكمة المختلطة وتخلفن الراسي عليهن المزاد وهن والدته وخالاته - عن إيداع الثمن، حددت جلسة 10 من يوليو سنة 1930 لإعادة البيع على ذمتهن فتقدم وكيل الطاعن في تلك الجلسة ودفع المبلغ من مال الطاعن. وأثبت في المحضر المذكور ما يأتي: "وتدخل الأستاذ شملا المحامي عن علي حسين البارودي وأودع خزينة هذه المحكمة من مال هذا الأخير مبلغ 592 جنيه و356 مليماً عبارة عن باقي الثمن والفوائد ومبلغ 16 جنيهاً و830 مليماً للمصاريف وأنه لما كانت جملة ذلك مبلغ 608 جنيهاً، وكانت المطعون عليها الأولى قد اشترت من والدتها وهي خالته حصتها وقدرها الربع في هذا المنزل، وكانت تلك الحصة مثقلة بحق امتياز وفاء لما دفعه وهو امتياز يتبع العقار في يد كل من تنتقل إليه ملكيته، فهو يطلب الحكم له بما وفاه عن خالته وقدره 152 جنيهاً مع فوائد من تاريخ الوفاء في 10 من يوليو سنة 1930 - وقد دفعت المطعون عليها الأولى الدعوى بسقوط حق الطاعن في المطالبة بمضي أكثر من خمسة عشر عاماً بفرض وجود حق له قبل السيدة نجية البائعة إليها - فرد الطاعن على هذا الدفع بأنه كان فيما قام بدفعه عن السيدة نجية فضولياً، ولا يسقط حقه بالتقادم إلا من تاريخ إقرار السيدة نجية لعمله وهي لم تقره إلا بتصرفها في هذه الحصة سنة 1941 ومن ثم لا تبدأ مدة السقوط إلا من تاريخ البيع إلى المطعون عليها الأولى، وأن المطعون عليها الأولى أقرت بهذا الدين في مذكرتها المقدمة في قضية أخرى بجلسة 10 من مايو سنة 1943. وفي 9 من إبريل سنة 1947 قضت المحكمة برفض دعوى الطاعن تأسيساً على أن الدين وقد ترتب للطاعن في ذمة السيدة نجية البائعة إلى المطعون عليها في 10 من يوليو سنة 1930 وأنه لا يوجد ثمة إقرار منها به قاطع للتقادم - فإنه يكون قد سقط بمضي المدة وفقاً للمواد 204 و205 و208 من القانون المدني (القديم). فاستأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف مصر وقيد استئنافه برقم 1182 سنة 64 قضائية - وفي 29 من أكتوبر سنة 1950 أيدته لأسبابه ولما أضافته من أسباب. فقرر الطاعن الطعن فيه بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على سببين يتحصل الأول منهما في خطأ الحكم في تطبيق القانون إذ اعتبر أن ما تم في جلسة إعادة البيع لتخلف الراسي عليهن المزاد في دفع الثمن وقيام الطاعن بدفعه من ماله الخاص لا يخوله حق امتياز مقدم النقود وهو الامتياز المنصوص عليه في الفقرة السابعة من المادة 601 من القانون المدني (القديم) تأسيساً على أن الطاعن لم يقيد هذا الامتياز مستقلاً عن تسجيل حكم رسو المزاد في حين أن هذا الحكم قد اشتمل على كل ما تم في جلستي رسو المزاد وإعادة البيع على ذمة المشتريات المتخلفات كما تضمن واقعة قيام الطاعن بدفع الثمن من ماله الخاص بحيث أصبح الحكم كلاً لا يتجزأ وقد سجل متضمناً البيع والدفع معاً الأمر الذي ما كان يصح معه القول بوجوب قيد هذا الامتياز استقلالاً. ويتحصل السبب الثاني في أن الحكم أخطأ إذ قرر أن مبدأ سقوط الحق في المطالبة بالدين هو من التاريخ الذي دفع فيه المبلغ بجلسة 10 من يوليو سنة 1930 وهي التي كانت محددة لإعادة البيع على ذمة المشتريات المتخلفات في حين أن الصحيح في القانون هو أن مدة السقوط في العقود التي تصدر في بدايتها من طرف واحد كعقود الفضالة والوكالة إنما يكون من تاريخ تصديق صاحب الشأن على عمل الفضولي. ولما كانت مورثة المطعون عليها لم تقر عمل الطاعن إلا في تصرفها إلى المطعون عليها في الحصة التي رسا عليها مزادها في سنة 1941، فكان يتعين احتساب مبدأ السقوط من تاريخ هذا التصرف لا من تاريخ وفاء الثمن بجلسة إعادة البيع - كما شاب الحكم القصور إذ أهدر اعتراف البائعة في عقد البيع الصادر منها إلى المطعون عليها بمصدر ملكيتها للقدر المبيع، واعترافها أيضاً بالدين في المذكرة المقدمة من وكيلها في إحدى قضايا النزاع - وهي اعترافات قاطعة للتقادم الساري لمصلحة المطعون عليها.
وحيث إن الحكم قال في خصوص السبب الأول "وحيث إنه لا نزاع في أن من الديون الممتازة وفقاً لنص الفقرة السابعة من المادة 601 من القانون المدني (القديم) ثمن المبيع المستحق للبائع أو المبلغ المدفوع من غير المشتري بعقد ذي تاريخ ثابت بوجه رسمي المخصص لأداء الثمن المذكور تخصيصاً صريحاً ويكون امتيازه هذا على الشيء المبيع ما دام في ملك المشترى إذا كان منقولاً مع عدم الإخلال بالأصول المتعلقة بالمواد التجارية فإذا كان المبيع عقاراً كان ثمنه ممتازاً إذا كان تسجيل البيع حصل على الوجه الصحيح - ولا يجري مقتضى هذا الامتياز إلا على حسب الدرجة التي تترتب له بناء على تاريخ التسجيل وحيث إنه يستفاد صراحة من هذا النص أنه لكي يثبت حق الامتياز لمثل المستأنف (الطاعن) من مقدمي النقود أو مقرضيها لمشتري العقار (Bailleur de fonds) فإنه يشترط أولاً أن يكون دفع النقود للمشتري بعقد ذي تاريخ ثابت بوجه رسمي (ثانياً) تخصيص المبلغ المدفوع لأداء الثمن تخصيصاً صريحاً (ثالثاً) أن يحصل شهر ذلك لأنه يترتب عليه نقل امتياز عقاري أي تأمين عيني لا تأمين شخصي وإذا كانت المادة لم تذكر إلا وجوب تسجيل البيع (Transcription) فإن هذا يكون كافياً إذا ذكر الحلول في العقد ولكن إذا حصل أن أخذ المشتري النقود بعد عقد البيع فإنه لا يكون كافياً ويجب قيد الامتياز (Inscription) وتكون درجته في وقت هذا القيد" "وحيث إنه يتضح من الاطلاع على الأوراق والمستندات المقدمة من الطرفين أنه عندما رسا المزاد على السيدة نجية حسن علي الأقعدي وأخواتها السيدات عقيلة وزنوبة وعائشة بجلسة 2 من إبريل سنة 1930 بمحكمة مصر المختلطة بادر قلم كتاب هذه المحكمة بتسجيل حكم مرسى المزاد في نفس يوم صدوره فلما أن تخلفت المشتريات عن دفع الثمن وحدد يوم 10 يوليه سنة 1930 لإعادة البيع على ذمتهن تقدم المستأنف (الطاعن) ودفع المستحق من ثمن القدر الراسي به المزاد عليهن ونص في محضر الجلسة على أنه يدفع من ماله الخاص وقد كان من الجائز أن يؤهله ذلك للاحتفاظ بحق الامتياز المقرر لمقدم النقود في حدود نص الفقرة السابعة من المادة 601 سالفة الذكر والشرح المتقدم لو أنه قام بقيد حق الامتياز ولكنه لم يفعل اكتفاء منه على ما يظهر بتسجيل حكم مرسى المزاد مع أن تسجيل هذا الحكم سابق على دفعه النقود فهو بذلك لا يفيده شيئاً إذ أن تسجيل البيع لا يحفظ حق الامتياز كما تقدم إلا إذا ذكر فيه الحلول صراحة ونص فيه على مقدار الباقي من الثمن وما دام الحال لم يكن كذلك بالنسبة للمستأنف (الطاعن) ولم يقم هو بقيد حقه الثابت في محضر جلسة 10 يوليو سنة 1930 فلا يلومن إلا نفسه ولا يكون له ثمة حق امتياز يصح الاحتجاج به قبل المستأنف عليها الأولى (المطعون عليها الأولى) بحسبانها مشترية من الست نجية التي دفع عنها المستأنف (الطاعن) ثمن القيراط الراسي به المزاد في 2 من إبريل سنة 1930" وهذا الذي قرره الحكم لا مخالفة فيه للقانون - أما ما يزعمه الطاعن من أن حكم مرسى المزاد المسجل قد تناول البيع والدفع الذي حصل في 10 من يوليو سنة 1930 فمردود بما أثبته الحكم من أن حكم رسو المزاد ليس فيه أية إشارة إلى واقعة الدفع التي تمت بعد تسجيله في 2 من إبريل سنة 1930 - ولم يقدم الطاعن ما يدل على أنه قام بما يفرضه عليه القانون من قيد امتيازه كمقدم للنقود في تاريخ لاحق لتسجيل حكم رسو المزاد ومن ثم يكون هذا السبب على غير أساس.
ومن حيث إن السبب الثاني مردود أيضاً بأن الفضالة متى توافرت شروطها المنصوص عليها في المادة 144 من القانون المدني (القديم) كان للفضولي بحكم القانون أن يطالب رب العمل بالمصاريف التي صرفها والخسارات التي خسرها والتزام رب العمل في هذه الحالة مصدره قاعدة عدم جواز الإثراء على حساب الغير إذ هو قد أفاد من عمل الفضولي ولا يتوقف الالتزام على إرادته (أي إرادة رب العمل) ومن ثم يبدأ سقوط حق الفضولي في استرداد المصروفات التي صرفها من وقت قيامه قصداً بالفعل الذي ترتب عليه منفعة رب العمل (المستفيد) وهو في حالة الدعوى 10 من يوليو سنة 1930 تاريخ دفع الطاعن باقي ثمن رسو المزاد عن البائعة للمطعون عليها - أما ما ينعاه الطاعن على الحكم من إهدار إقرار السيدة نجية بهذا الدين في عقد البيع الصادر منها إلى المطعون عليها أو في مذكرتها المشار إليها في سبب النعي فإن الحكم قد نفى حصول هذا الاعتراف ولم يقدم الطاعن دليلاً على أن الحكم خالف في ذلك الثابت بالأوراق، ومن ثم يكون تعيبه في هذا الخصوص عارياً عن الدليل.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الطعن على غير أساس ومن ثم يتعين رفضه.