أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 4 - صـ 500

جلسة 19 من فبراير سنة 1953
(73)
القضية رقم 257 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة وبحضور حضرات الأساتذة عبد العزيز محمد وكيل المحكمة ومصطفى فاضل وأحمد العروسي ومحمود عياد المستشارين.
( أ ) وضع يد. إثبات. جواز إثبات واقعة وضع اليد بكافة الطرق. حكم. تسبيبه. إقامة قضائه في واقعة وضع اليد على ما استخلصه من أوراق عرفية وأقوال وردت في شكوى إدارية. لا خطأ.
(ب) إثبات. شهادة. تقدير أقوال الشهود. مسألة موضوعية.
ما استخلصته محكمة ثاني درجة من أقوال الشهود يغاير ما استخلصته منها محكمة أول درجة. لا يعيب الحكم.
1 - لما كان وضع اليد واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات. وكان القانون لا يشترط مصدراً معيناً يستقي منه القاضي الدليل فإنه لا حرج على المحكمة إذ هي أقامت قضاءها في هذا الخصوص على ما استخلصته من أوراق أو مستندات تمليك أو حتى من أقوال وردت في شكوى إدارية.
2 - تقدير شهادة الشهود الذين سمعوا أمام المحكمة مسألة موضوعية لا يصح الجدل فيها أمام محكمة النقض متى كان استخلاص المحكمة سائغاً ولا يعيب الحكم أن تكون محكمة ثاني درجة قد استخلصت من أقوال الشهود استخلاصاً مغايراً لما استخلصته منها محكمة الدرجة الأولى.


الوقائع

في يوم 3 من أغسطس سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكم محكمة قنا الابتدائية الصادر بهيئة استئنافية بتاريخ 5 من يوليو سنة 1950 في القضية رقم 185 سنة 1949 س - وذلك بتقرير طلب فيه الطاعنون الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً بتأييد الحكم الابتدائي واحتياطياً بإحالة الدعوى على دائرة أخرى للفصل فيها مجدداً مع إلزام المطعون عليه بالمصروفات وأتعاب المحاماة.
وفي 8 من أغسطس سنة 1950 أعلن المطعون عليه بتقرير الطعن - وفي 20 منه أودع الطاعنون أصل ورقة إعلان المطعون عليه بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتهم، ولم يقدم المطعون عليه دفاعاً.
وفي 8 من يوليو سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين بالمصروفات.
وبجلسة 5 من فبراير سنة 1953 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محامي الطاعنين والنيابة العامة على ما جاء بمذكرتيهما. والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير حضرة المستشار المقرر ومرافعة المحامي عن الطاعنين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن الوقائع تتحصل في أن المطعون عليه رفع الدعوى أمام محكمة الأقصر الجزئية طالباً منع تعرض الطاعنين وآخرين في فدان بين حدوده في العريضة وإعادة وضع يده عليه واستند في ذلك إلى أنه وضع اليد على الفدان المذكور من وقت شرائه له بمقتضى عقد بيع مؤرخ في 12 من أغسطس سنة 1943 صادر من محمود غالب ومن جمال الدين أحمد سليم مؤيد بإقرار صادر من علي عبد الله عمر السليمي والد مورث الطاعنين وأن وضع يده استمر من تاريخ الشراء حتى أكتوبر سنة 1947 إذ تعرض له المتعرضون فقدم الشكوى رقم 4462 سنة 1947 إداري الأقصر التي انتهت بالاتفاق على تسليم العين المتنازع عليها إلى يونس نوبي جاد الله حتى يفصل في النزاع - وقد أنكر الطاعنون على المطعون عليه دعواه وادعوا أنهم وضعوا اليد على الفدان لأنهم تلقوه بطريق الميراث عن بغدادي علي عبد الله المتوفى في سنة 1944 فقضت محكمة أول درجة بإحالة الدعوى على التحقيق ليثبت المطعون عليه وضع يده على العين وضع يد مستوفياً الشروط القانونية، وبعد سماع شهود الطرفين قضت برفض الدعوى استناداً إلى أسباب تتحصل في أنه ثبت من التحقيق أن الطاعنين هم الذين كانوا يضعون اليد وأنه لا عبرة بالمستندات التي اعتمد عليها المطعون عليه إذ "فضلاًًً عن أنها عرفية فإن الطاعنين لم يعترفا بصحتها بل أظهروا الاستعداد للطعن فيها بالتزوير وهي خارجة عن موضوع الدعوى التي ينحصر البحث فيها على وضع اليد فقط" استأنف المطعون عليه الحكم أمام محكمة قنا الابتدائية التي قضت في 22 مايو سنة 1950 بإلغائه ومنع تعرض الطاعنين وإعادة وضع يد المطعون عليه على الفدان مع إلزام الطاعنين بالمصروفات. فطعن الطاعنون في الحكم بالنقض.
وحيث إن الطعن يقوم على ثلاثة أسباب يتحصل السبب الأول منها في أن الحكم المطعون فيه إذ حصل من أقوال الشهود الذين سمعوا أمام محكمة أول درجة أن المطعون عليه هو واضع اليد على الفدان قد استند إلى ما ليس له أصل في الأوراق إذ يبين من مراجعة أقوال الشهود عكس ذلك وهو ما حصله بحق حكم محكمة أول درجة الذي انتهى بعد استعراض أقوال الشهود إلى أن البينة مع الطاعنين في أن الفدان في وضع يدهم ولذلك قضي برفض دعوى المطعون عليه. ويتحصل السبب الثاني في أن الحكم إذ اعتمد في قضائه لمصلحة المطعون عليه في دعوى وضع يد على أوراق عرفية لم يعترف بها الطاعنون يكون قد اعتمد على دليل خاطئ لم يكن محل بحث. ويتحصل السبب الأخير في أن الحكم المطعون فيه إذ استند إلى أقوال من سمعوا في الشكوى الإدارية في القضاء لمصلحة المطعون عليه يكون قد استند إلى دليل خاطئ لإثبات وضع اليد.
وحيث إن هذه الأسباب جميعاً مردودة - أولاً - بأنه لما كان وضع اليد واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات، وكان القانون لا يشترط مصدراً معيناً يستقي منه القاضي الدليل كان لا حرج على المحكمة إذ هي أقامت قضاءها على ما استخلصته في هذا الخصوص من أوراق أو مستندات تمليك أو حتى من أقوال وردت في شكوى إدارية، ومردودة ثانية بأن تقدير شهادة الشهود الذين سمعوا أمام المحكمة هي مسألة موضوعية لا يصح الجدل فيها أمام محكمة النقض متى كان استخلاص المحكمة سائغاً كما هو الشأن في الدعوى ولا يعيب الحكم أن تكون محكمة أول درجة قد استخلصت من أقوال الشهود استخلاصاً مغايراً لما استخلصته منها محكمة الدرجة الثانية.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ومن ثم يتعين رفضه.