أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 4 - صـ 575

جلسة 5 من مارس سنة 1953
(88)
القضية رقم 260 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة وبحضور حضرات الأساتذة سليمان ثابت ومحمد نجيب أحمد ومحمد زكي شرف ومحمود عياد المستشارين.
( أ ) إجراءات تقاضي. دفاع. حجز القضية للحكم مع الإذن بتقديم مذكرات تكميلية. تقديم المستأنف عليه مذكرته مشتملة على استئناف فرعي. عدم قبول المحكمة لهذا الاستئناف الفرعي. لا خطأ.
(ب) إثبات. تحقيق. محكمة الموضوع. رفضها طلب الإحالة على التحقيق اعتماداً على أن الأوراق التي قدمت بالدعوى والقرائن التي استنبطتها منها تغني عن التحقيق. لا مخالفة في ذلك للقانون.
1 - إنه وإن كان ترخيص المحكمة للخصوم في تقديم مذكرات تكميلية في الأجل الذي حجزت فيه القضية للحكم من شأنه أن يخول كلا الطرفين استيفاء دفاعه في مذكرة تكميلية إلا أن هذه الرخصة لا يصح أن تجاوز الحد الذي رسمته المحكمة لها فلا يجوز إذا لأي من الخصمين أن يستغل هذه الرخصة ليفاجئ خصمه بطلبات جديدة بعد أن قطعت القضية جميع مراحل التحضير وتهيأت للحكم فيها، ومن ثم لا تكون المحكمة قد أخطأت إذ قالت إنها لم تقصد بالإذن في تقديم مذكرات تكميلية لاستيفاء بعض نقط المرافعة الشفوية أن يكون للمستأنف عليه رفع استئناف فرعي في مذكرته الختامية.
2 - متى كانت المحكمة إذ رفضت طلب الإحالة على التحقيق قد وجدت فيما قدم بالدعوى من أوراق وقرائن استنبطتها منها ما يغني عن هذا التحقيق فإنها لا تكون قد خالفت القانون.


الوقائع

في يوم 7 من أغسطس سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 13 من إبريل سنة 1950 في الاستئنافين رقمي 37 سنة 66 ق و57 سنة 67 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي 8 من أغسطس سنة 1950 أعلن المطعون عليه بتقرير الطعن، وفي 9 منه أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليه بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة مستنداته. ولم يقدم المطعون عليه دفاعاً.
وفي 5 من يوليه سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وفي 19 من فبراير سنة 1953 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محامي الطاعن والنيابة العامة على ما جاء بمذكرتيهما. والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير حضرة المستشار المقرر ومرافعة المحامي عن الطاعن والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن مجمل الوقائع أن الطاعن أقام الدعوى على المطعون عليه وقال في صحيفتها إنه تعاقد مع المدعى عليه على أن يشتري منه الأخير 250 سهماً من أسهم شركة الأوبرج بسعرها الأصلي وقدره 4 جنيهات للسهم إلا أنه قد مضت مدة طويلة دون أن يدفع المدعى عليه الثمن لذلك رأى المدعي أن يعرض عليه الأسهم عرضاً حقيقياً على أن يدفع المدعى عليه عند تسلمها مبلغ 1000 جنيه. وفي 30 من ديسمبر سنة 1948 قضت المحكمة بحكم تمهيدي بإحالة الدعوى على التحقيق لإثبات ونفي أن التعاقد تم فعلاً على بيع هذه الأسهم بسعرها الأصلي وذلك بطريق الإثبات كافة بما فيها البينة. وفي 31/ 1/ 1949 رفع المطعون عليه استئنافاً عن هذا الحكم وقيد الاستئناف برقم 37/ 66 أمام محكمة استئناف مصر الدائرة التجارية الأولى طالباً إلغاء الحكم المستأنف وإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للحكم فيها على هذا الأساس واحتياطياً الحكم بإلغاء حكم محكمة أول درجة ورفض دعوى المستأنف عليه - الطاعن - وبعد أن تم تحضير القضية أحيلت إلى المرافعة، وفي الجلسة الأخيرة طلب المستأنف عليه حجز القضية للحكم مع التصريح بتقديم مذكرات، وقد قررت المحكمة التأجيل للحكم لجلسة 13/ 4/ 1950 مع تبادل المذكرات، وفي أثناء حجز القضية للحكم قدم المستأنف عليه مذكرته وفيها رفع استئنافاً فرعياً قيد برقم 57 لسنة 66 قضائية وطلب الحكم بقبول هذا الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والحكم بصحة العرض ونفاذ البيع وفي جلسة 30/ 4/ 1950 قضت المحكمة بقبول الاستئناف الأصلي شكلاً وعدم قبول الاستئناف الفرعي شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المستأنف عليه. فقرر بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم مخالفة القانون إذ أسس قضاءه بعدم قبول الاستئناف الفرعي المرفوع من الطاعن شكلاً على أنه قدم بعد إقفال باب المرافعة في الدعوى وحجزها للحكم مع أن التقرير بحجز الدعوى للحكم مع التصريح بتقديم مذكرات هو استمرار للمرافعة فيها حتى ينتهي الأجل المضروب لتقديم المذكرات من الطرفين في الخصومة وهذا ما تشير إليه عبارة المادة 14من لائحة الإجراءات الداخلية للمحاكم وعندئذ يصح القول بأن باب المرافعة أقفل وما دام الأجل المحدد لتقديم المذكرات وهي مرافعة مكتوبة لم ينقض كان لذي الشأن في الخصومة أن يستعمل جميع الرخص المقررة له قانوناً ومنها الحق في رفع استئناف فرعي ومن ثم كان تطبيق الحكم للمادة 357 مرافعات قديم خطأ يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم استند في قضائه بعدم قبول الاستئناف الفرعي شكلاً إلى أنه ليس في التصريح بتقديم مذكرات بعد إقفال باب المرافعة الشفوية ما يبيح لأي الخصمين رفع استئناف فرعي لأن المحكمة لم تأذن في تقديم هذه المذكرات إلا لاستكمال أوجه الدفاع التي لم يبدها الطرفان المتساجلان في جلسة المرافعة كما أن في تقديم المستأنف عليه - الطاعن - هذا الاستئناف في ختام مذكرته بعد أن حجزت القضية للحكم ما يفوت على خصمه الرد على هذا الطلب الجديد. وهذا الذي قرره الحكم صحيح في القانون ذلك بأنه وإن كان ترخيص المحكمة للخصوم في تقديم مذكرات تكميلية في الأجل الذي حجزت فيه القضية للحكم من شأنه أن يخول كلا الطرفين استيفاء دفاعه في مذكرة تكميلية إلا أن هذه الرخصة لا يصح أن تجاوز الحد الذي رسمته المحكمة لها فلا يجوز إذا لأي من الخصمين أن يستغل هذه الرخصة ليفاجأ خصمه بطلبات جديدة بعد أن قطعت القضية جميع مراحل التحضير وتهيأت للحكم فيها ومن ثم لا تكون المحكمة قد أخطأت إذ قالت إنها لم تقصد بالإذن في تقديم مذكرات تكميلية لاستيفاء بعض نقط المرافعة الشفوية أن يكون للمستأنف عليه رفع استئناف فرعي في مذكرته الختامية على أنه لم يكن للطاعن مصلحة في رفع استئناف فرعي ذلك أن استئناف المطعون عليه وقد طلب فيه أن تعمل المحكمة حقها في التصدي بعد إلغاء الحكم التمهيدي كان من شأنه أن يخول الطاعن إبداء جميع طلباته في الموضوع دون حاجة إلى رفع استئناف فرعي. ومن ثم يتعين رفض هذا السبب.
ومن حيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم الخطأ في القانون ومخالفة الثابت بالأوراق إذ أطلق القانون طرق الإثبات في المواد التجارية ولم يقيدها بقيد وخول لكل من طرفي الخصومة إثبات ما يدعيه بشتى الوسائل المؤدية إليه على عكس ما سار عليه في المواد المدنية وعلى الرغم من أن الحكم يقول إن العملية تجارية فقد جعل قبول الإثبات بالبينة أمراً جوازياً متروكاً تقديره للمحكمة مع أنه حق وجوبي لطالب الإثبات على المحكمة، ثم إن الحكم تحدث عن الخطابات التي قدمها الطاعن على أنها الدليل الوحيد الذي يناقشه في الدعوى مورداً عليه خلاف الحقيقة أن الطاعن لم يختر طريق البينة لإثبات ما يدعيه مع أن الطاعن طلب في مذكرته المقدمة في 13/ 4/ 1950 لدى محكمة الاستئناف إحالة الدعوى على التحقيق ومن ثم يكون الحكم قد خالف القانون كما خالف الثابت بالأوراق.
ومن حيث إنه جاء بالحكم بهذا الخصوص "إنه على فرض التسليم جدلاً بأن العملية تجارية وأنه يجوز إثباتها بالبينة فإن إجابة طلب المستأنف عليه إلى إحالة الدعوى على التحقيق لإثبات واقعة شراء المستأنف هذه المائتين وخمسين سهماً منه بقصد المضاربة والربح هو أمر جوازي متروك تقديره للمحكمة... فهي حرة أن ترفض هذا الطلب إن رأت من ظروف الدعوى ما يغني عن الإثبات بالبينة..." ويبين من هذا الذي جاء بالحكم أن المحكمة لم تغفل طلب الطاعن الإحالة على التحقيق وقد ردت عليه بما لا يخالف القانون إذ وجدت ما يغني عن التحقيق فيما قدم بالدعوى من أوراق وقرائن استنبطتها منها وقد استخلصت منها المحكمة في حدود سلطتها الموضوعية ما ينفي التعاقد المدعى به أما ما استطردت إليه المحكمة من أن الطاعن لم يطلب الإحالة على التحقيق أمام محكمة أول درجة وأنه في مذكرته الختامية لم يرتض الحكم بالإحالة على التحقيق وطلب إلغاءه فهو تزيد لم يكن له تأثير في النتيجة الصحيحة التي انتهى إليها الحكم.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الطعن على غير أساس ومن ثم يتعين رفضه.