أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 4 - صـ 635

جلسة 12 من مارس سنة 1953
(97)
القضية رقم 251 سنة 20 قضائية

برياسة حضرة الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة وبحضور حضرات الأساتذة سليمان ثابت ومحمد نجيب أحمد وعبد العزيز سليمان ومحمد زكي شرف المستشارين.
( أ ) إعلان. نقض. إعلان تقرير الطعن إلى خصم بوفاته. هذا الخصم في خصوصية الدعوى ليس محكوماً له. إعلان ورثته جملة دون ذكر صفاتهم وأسمائهم وعدم إعلانهم بعد ذلك لأشخاصهم. الإعلان غير صحيح. فوات ميعاد الطعن. عدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة لهؤلاء الورثة. المادتان 383 و431 مرافعات.
(ب) إعلان. نقض. إعلان تقرير الطعن إلى خصم في مواجهة النيابة مباشرة. عدم توجيه الإعلان إليه في محله الذي عينه العمدة في محضر الإعلان السابق. بطلان الإعلان.
(ج) دعوى استحقاق أصلية. إعلان. نقض. طعن. إعلان تقرير الطعن وقع باطلاً بالنسبة لبعض المطعون عليهم. الحكم المطعون فيه صادر في دعوى استحقاق أصلية - عدم بطلان الطعن بالنسبة لمن صح إعلانه. اختلاف دعوى الاستحقاق الأصلية عن الدعوى الفرعية في هذا الخصوص.
(د) دعوى استحقاق. نزع ملكية. حكم. تسبيبه. قضاؤه بتثبيت ملكية واضع اليد للأطيان التي يضع اليد عليها دون تقديم سند قانوني للملكية. تأسيس قضائه على أن عبء إثبات ملكية مدين نازع الملكية يقع على عاتق الدائن متى كان رافع الاستحقاق يضع اليد على الأعيان وكان الدائن نازع الملكية يستند إلى حق اختصاص لا إلى رهن تأميني أخذاً بما استقر عليه قضاء المحاكم المختلطة وعلى أن الدائن لم يقدم دليلاً على ملكية مدينه. النعي على الحكم بالقصور. في غير محله.
(هـ) قوة الأمر المقضي. حكم نهائي في مواجهة الخلف الخاص. لا حجية له قبل مانح الحق إذا كان لم يختصم في الدعوى.
1 - لما كان الثابت من إعلان تقرير الطعن إلى المطعون عليها الثالثة أنه قد أجيب بوفاتها ولم يثبت إعلان من عدا المطعون عليه الأول من ورثتها في خلال الخمسة عشر يوماً التالية لتقرير الطعن وفقاً للمادة 431 مرافعات، وكان لا يغني عن ذلك إعلان ورثتها جملة دون ذكر أسمائهم وصفاتهم في آخر موطن لمورثتهم تطبيقاً للمادة 383 مرافعات ذلك أن هذه المادة إنما أجازت لخصم المحكوم له، في حالة وفاة الأخير أثناء ميعاد الطعن في الحكم، أن يعلن الطعن إلى ورثته جملة دون ذكر أسمائهم وصفاتهم في آخر موطن كان لمورثهم ولم تكن المطعون عليها الثالثة في خصوصية الدعوى محكوماً لها حتى يصبح إعلان ورثتها جملة، كما أن المادة 383 مرافعات أوجبت بعد إتمام الإعلان على الوجه المتقدم إعادة إعلان جميع الورثة بأسمائهم وصفاتهم لأشخاصهم أو في موطن كل منهم وهو ما لم يحصل في الدعوى، وكان يجب على الطاعن أن يراقب ما يطرأ على خصومه من وفاة أو تغيير في الصفة قبل اختصامهم وإعلانهم بالطعن ليعلن من يصح اختصامه قانوناً بصفته التي يجب أن يتصف بها فإن وجد أن خصمه قد توفى كان عليه إعلان ورثته بتقرير الطعن في الميعاد المقرر في القانون - لما كان ذلك يكون إعلان تقرير الطعن لمن عدا المطعون عليه الأول من ورثة المطعون عليها الثالثة غير صحيح وبالتالي يكون الطعن بالنسبة إليهم غير مقبول شكلاً عملاً بالمادة 431 مرافعات.
2 - متى كان الطاعن قد أعلن المطعون عليها الثانية بتقرير الطعن في النيابة مباشرة دون توجيه الإعلان إليها في موطنها الأصلي الذي أرشد عنه العمدة بمحضر الإعلان السابق، فإن هذا الإعلان يكون قد وقع باطلاً.
3 - إذا كان إعلان تقرير الطعن قد وقع باطلاً بالنسبة لمن عدا المطعون عليه الأول وكانت الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه هي دعوى استحقاق أصلية فإنه لا ينبني على هذا البطلان بطلان الطعن جملة ذلك أن القانون لم يوجب في دعوى الاستحقاق الأصلية ما أوجبه في دعوى الاستحقاق الفرعية من اختصام أشخاص معينين بحيث يترتب على بطلان الطعن بالنسبة لأحدهم بطلانه بالنسبة للجميع.
4 - متى كان الحكم المطعون فيه إذ قضى بتثبيت ملكية المطعون عليه الأول للأطيان التي يضع اليد عليها دون أن يقدم سنداً قانونياً يثبت له ملكيته أقام قضاءه على أن عبء إثبات ملكية مدين الطاعن للأطيان المنزوعة ملكيتها يقع على عاتق الدائن نازع الملكية إذا كان رافع دعوى الاستحقاق هو الواضع اليد عليها وكان الدائن نازع الملكية يستند إلى حق اختصاص لا إلى رهن تأميني على الأعيان التي ينزع ملكيتها وذلك جرياً على ما استقر عليه قضاء المحاكم المختلطة في هذا الصدد وعلى أن الطاعن لم يقم الدليل الذي تطمئن إليه المحكمة لإثبات ملكية مدينه الذي نزع ملكيته، وكان هذا الذي أقيم عليه الحكم من تحميل الطاعن عبء إثبات ملكية مدينه للأطيان التي نزعت ملكيتها لم يكن محل طعن من الطاعن، فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
5 - لا حجية للأحكام النهائية التي تصدر في مواجهة الخلف الخاص قبل مانح الحق متى كان هذا الأخير لم يختصم في الدعوى.


الوقائع

في يوم 27 من يوليه سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر في 24 من إبريل سنة 1950 في الاستئناف رقم 428 سنة 5 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليه الأول بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي 31 من يوليه سنة 1950 و10 و12 من أغسطس سنة 1950 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن عدا المطعون عليها الثانية فإنها لم تعلن.
وفي 16 من أغسطس سنة 1950 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. ولم يقدم المطعون عليه دفاعاً.
وفي 6 من أكتوبر سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً بالنسبة للمطعون عليه الأول وعدم قبوله شكلاً بالنسبة لباقي المطعون عليهم. وفي الموضوع برفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وفي 26 من فبراير سنة 1953 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محامي الطاعن والنيابة العامة على ما جاء بمذكرتيهما. والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير حضرة المستشار المقرر ومرافعة المحامي عن الطاعن والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن النيابة العامة أبدت رأيها بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة إلى من عدا المطعون عليه الأول من الخصوم لعدم إعلانهم بتقرير الطعن إعلاناً صحيحاً في الخمسة عشر يوماً التالية لتقرير الطعن وفقاً للمادة 431 من قانون المرافعات.
وحيث إن الثابت من أوراق الطعن أن الطاعن قرر الطعن بالنقض في يوم 27 من يوليه سنة 1950 وأعلن تقرير الطعن للمطعون عليه الأول عن نفسه وبصفته أحد ورثة والده محمد محمد إسماعيل خليفه في 31 من يوليه سنة 1950 - أما بالنسبة لباقي الورثة فإن المحضر حينما توجه لإعلانهم بناحية الصالحية مركز فاقوس في يوم 31 يوليه سنة 1950 أجيب من العمدة بأن كريمة المتوفى آمنه محمد محمد إسماعيل ليس لها سكن بالصالحية وأنها تقيم بناحية المناجاة الكبرى مركز الحسينية - وأن أرملته السيدة فاطمة عابيد وصية توفيت وأرملته الأخرى الست فهيمه أحمد علي عن نفسها وبصفتها وصية على قصر المتوفى تقيم بناحية كفر علام مركز دكرنس - فلما أراد الطاعن إعادة إعلان هؤلاء الورثة طلب إعلان الست فهيمه أحمد علي عن نفسها وبصفتها بناحية المناجاة الكبرى مركز الحسينية على خلاف ما جاء بالإجابة السابقة من أنها تقيم بناحية كفر علام مركز دكرنس فأجيب المحضر بتاريخ 9 من أغسطس سنة 1950 بأنها غير معروفة في هذه الناحية ولا يعرف لها محل إقامة أو سكن شرعي فطلب الطاعن إعلانها للنيابة فأعلنت في مواجهتها في 12 من أغسطس سنة 1950 - أما باقي المطعون عليهم فإنه لم يثبت من الأوراق إعلان الست آمنة محمد محمد إسماعيل، وقد أعلن ورثة الست فاطمة عابيد جملة ودون ذكر أسمائهم وصفاتهم في آخر موطن لها بناحية الصالحية في 10 من أغسطس سنة 1950 وكذلك أعلن المطعون عليه بصفته وارثاً لها في ذلك التاريخ.
وحيث إنه عن المطعون عليه الأول فقد تمت إجراءات الطعن بالنسبة إليه مستوفية شكلها القانوني سواء بصفته الشخصية أم بصفته وارثاً لوالده محمد محمد إسماعيل أو والدته فاطمة عابيد.
وحيث إنه بالنسبة لباقي المطعون عليهم فإنه لم يثبت من الأوراق إعلان المطعون عليها الثانية آمنة محمد محمد إسماعيل بتقرير الطعن - أما المطعون عليها الثالثة فاطمة عابيد فإنها وقد أجيب بوفاتها في إعلان 31 من يوليه سنة 1950 لم يثبت إعلان من عدا المطعون عليه الأول من ورثتها في الخمسة عشر يوماً التالية لتقرير الطعن وفقاً للمادة 431 مرافعات ولا يغني عن ذلك إعلان ورثتها جملة دون ذكر أسمائهم وصفاتهم في يوم 10 من أغسطس سنة 1950 في آخر موطن لمورثتهم تطبيقاً للمادة 383 مرافعات ذلك أن هذه المادة إنما أجازت لخصم المحكوم له - وفي حالة وفاة هذا الأخير أثناء ميعاد الطعن في الحكم - أن يعلن الطعن إلى ورثته جملة دون ذكر أسمائهم وصفاتهم في آخر موطن كان لمورثهم وفي خصوصية هذه الدعاوى لم تكن المطعون عليها الثالثة محكوماً لها حتى يصح إعلان ورثتها جملة، كما أن المادة 383 أوجبت بعدم إتمام الإعلان على الوجه المتقدم إعادة إعلان جميع الورثة بأسمائهم وصفاتهم لأشخاصهم أو في موطن كل منهم وهو ما لم يحصل في الدعوى وكان يجب على الطاعن أن يراقب ما يطرأ على خصومه من وفاة أو تغيير في الصفة قبل اختصامهم وإعلانهم بالطعن ليعلن من يصح اختصامه قانوناً بصفته التي يجب أن يتصف بها فإن وجد أن خصمه قد توفى كان عليه إعلان ورثته بتقرير الطعن في الموعد المقرر في القانون، وأما بالنسبة إلى المطعون عليها الأخيرة فإنها وإن أعلنت للنيابة في يوم السبت 12 من أغسطس سنة 1950 إلا أن هذا الإعلان قد وقع باطلاً إذ لم يسبقه توجيه الإعلان إليها في موطنها الأصلي الذي أرشد عنه العمدة بمحضر إعلان 31 يوليه سنة 1950.
وحيث إنه وقد ثبت عدم قيام الطاعن بإعلان تقرير الطعن إعلاناً صحيحاً لمن عدا المطعون عليه الأول فإنه يترتب على ذلك بطلان الطعن بالنسبة لمن عداه وبالتالي عدم قبوله شكلاً عملاً بالمادة 431 مرافعات. ولا ينبني على هذا البطلان بطلان الطعن جملة لأن الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه وهي دعوى استحقاق أصلية لم يوجب القانون فيها ما أوجبه في دعوى الاستحقاق الفرعية من اختصام أشخاص معينين بحيث يترتب على بطلان الطعن بالنسبة لأحدهم بطلانه بالنسبة للجميع.
وحيث إن واقعة الدعوى - على ما يستفاد من الحكم المطعون فيه وباقي الأوراق المودعة ملف الطعن تتحصل في أن الطاعن كان يداين والد المطعون عليه الأول بضمانة هذا الأخير في مبلغ استصدر الدائن به حكماً على الوالد وحده واستصدر بمقتضاه أمر اختصاص وقع على أطيان المدين ثم سار ضده في إجراءات نزع ملكيته من 4 أفدنة و3 قراريط و7 أسهم كائنة بناحية الصالحية مركز فاقوس من التي وقع عليها الاختصاص حتى رسا المزاد على الطاعن - وقد تخلل هذه الإجراءات دعوى استحقاق فرعية أقيمت من المدعو إبراهيم حسين محمود أمام محكمة المنصورة المختلطة قيدت بجدولها تحت رقم 63 سنة 61 ق أسست على عقد تاريخه 7 من فبراير سنة 1934 ومسجل في 13 من فبراير من نفس السنة صدر إليه من والد المطعون عليه ومن شخص آخر يدعى عبد العال إبراهيم عثمان الذي ذكر في العقد أنه تلقى الملكية من المطعون عليه الأول بعقد عرفي تاريخه 15 فبراير سنة 1923 - وقد قضت المحكمة المختلطة في تلك الدعوى في 13 فبراير سنة 1946 بالرفض تأسيساً على أن ذلك العقد صوري تواطأ رافع الدعوى مع المدين على اصطناعه - ثم أقام المطعون عليه الأول دعوى الاستحقاق الحالية - بصفة أصلية بعد صدور الحكم مرسى المزاد - أمام محكمة المنصورة الابتدائية المختلطة واختصم فيها الطاعن ممثلاً في شخص الحارس العام على أموال الإيطاليين كما اختصم والده المدين وطلب بصحيفتها المعلنة في 14 من يناير سنة 1924 الحكم بأحقيته في ملكية الـ 3 أفدنة و12 قيراط و15 سهم وكذلك المنزلين الموضحة جميعها بصحيفة الدعوى وإلغاء ما اتخذ عليها من إجراءات نزع الملكية وحكم مرسى المزاد المؤرخ في 15 من فبراير سنة 1940 ومحضر التسليم المؤرخ في 27 من مارس سنة 1940 فيما يختص بهذه الأعيان وبدفع ريعها حسب المبين بصحيفة الدعوى مع المصروفات والتسليم - وفي 23 من يونيه سنة 1943 قضت محكمة المنصورة المختلطة تمهيدياً بندب خبير لأداء المأمورية المبينة في أسبابه وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت محكمة أول درجة في 28 يناير سنة 1947 بتثبيت ملكية المطعون عليه الأول إلى 3 أفدنة و11 قيراط و11 سهم من الأعيان المذكورة وإلى المنزلين وإلغاء إجراءات نزع الملكية وحكم مرسى المزاد ومحضر التسليم فيما يختص بها وشطب التأشيرات والتسجيلات التي وقعت لمصلحة الطاعن على تلك الأعيان وحفظت للمطعون عليه الأول الحق في المطالبة بالريع من تاريخ التسليم بدعوى على وحدة. فاستأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية وقيد استئنافه برقم 428 سنة 5 ق طالباً إلغاء الحكم ورفض دعوى المطعون عليه الأول فقضت محكمة الاستئناف في 24 من إبريل سنة 1950 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف مؤسسة قضاءها على أنه مما لا نزاع فيه أم المطعون عليه الأول هو الواضع اليد على الأرض المنزوعة ملكيتها - وأن الطاعن سار في إجراءات نزع الملكية بناء على حق اختصاص وليس بمقتضي رهن تأميني وأنه يجب على نازع الملكية في هذه الحالة وجريا على ما استقر عليه القضاء المختلط أن يقدم الدليل على ملكية مدينه للأرض التي ينزع ملكيتها - وأن الطاعن لم يقدم هذا الدليل بل قدم كشف مكلفة باسم مدينه وأن هذا الكشف في ذاته لا يصلح سنداً للملكية - وأن الاعاء بأن العقود المقدمة من المطعون عليه الأول قد كتبت خطأ باسمه بدلاً من اسم أبيه لم يقم عليه دليل - وأن قصر المطعون عليه الأول وتشابه اسمه مع اسم أبيه لا يؤديان حتماً إلى النتيجة التي يقول بها الطاعن إذ ليس ثمة ما يمنع من شراء أطيان باسم القاصر - وبعد أن استعرضت ما جاء بتقرير الخبير وردته إلى العقود والمستندات المقدمة من المطعون عليه الأول وبعد أن استندت كذلك إلى أسباب حكم محكمة أول درجة انتهت إلى أن المطعون عليه الأول هو المالك للأطيان التي حكم بها.
وحيث إن الطعن بني على سببين: حاصل أولهما قصور الحكم في التسبيب ومخالفته المادة 347 مرافعات ذلك أن الطاعن أبدى في دفاعه أمام محكمة الاستئناف طلباً صريحاً بعدم قبول دعوى المطعون عليه الأول لانعدام مصلحته فيها بعد أن صدر حكم نهائي برفض دعوى الاستحقاق التي كانت مرفوعة من المدعو إبراهيم حسين محمود والتي كان سنده فيها عقد شرائه المحرر في 7 فبراير سنة 1934 والذي جاء فيه أن المدين محمد محمد إسماعيل خليفة كان يملك 2 ف و20 ط و19 س باعها إلى حسين محمد إبراهيم وأن ولده المطعون عليه الأول كان يملك 1 ف و6 ط و12 س باعها إلى عبد العال إبراهيم عثمان وهذا باعها بدوره إلى إبراهيم حسين محمود رافع دعوى الاستحقاق وتجرد بهذا البيع من ملكه. فاكتفى الحكم المطعون فيه في الرد على هذا الدفاع بقوله "وحيث إن القول بأن المستأنف عليه الأول سبق وأن باع 1 ف و6 ط و12 س إلى إبراهيم حسين محمود فهو قول قد أنكره المستأنف عليه المذكور - هذا فضلاً عن أن هذا البيع قد قضى بصوريته في القضية رقم 63 سنة 61 ق ومن ثم فلا محل للتمسك به في الدعوى الحالية بمعرفة المستأنف إلا في القدر الذي يخص مدينه المنزوع ملكيته" - وهذا القول لا يصلح رداً على دفاع الطاعن وكان يجب على محكمة الاستئناف تحقيق ما ورد في العقد المؤرخ في 7 فبراير سنة 1934 خاصاً ببيع المطعون عليه الأول لنصيبه ومقداره 1 ف و6 ط و12 س لأنه دفاع جوهري متصل بصميم النزاع - أما اكتفاؤها بأن تقرر في صدده أن هذا قول أنكره المستأنف عليه (المطعون عليه الأول) فإنه يجعل حكمها قاصراً معيباً - كما أن المحكمة وقد ذكرت أن الطاعن ليس له أن يتمسك إلا بالقدر الذي يخص مدينه المنزوع ملكيته كان ذلك يقتضي أن يستبعد من الـ 3 ف و12 ط و15 س القدر الذي يخص المدين وهو 2 ف و20 ط و19 س.
وحيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم المطعون فيه مؤسس "على أن عبء إثبات ملكية مدين الطاعن للأعيان المنزوعة ملكيتها يقع على عاتق الدائن نازع الملكية متى كان رافع دعوى الاستحقاق هو الواضع اليد عليها وكان الدائن نازع الملكية يستند إلى حق اختصاص لا إلى رهن تأميني على الأعيان التي ينزع ملكيتها وذلك جرياً على ما استقر عليه قضاء المحاكم المختلطة في هذا الصدد. وعلى أن الطاعن لم يقدم الدليل الذي تطمئن إليه المحكمة" - وهذا الذي أقيم عليه الحكم من تحميل الطاعن عبء إثبات ملكية مدينه للأطيان التي نزع ملكيتها لم يكن محل طعن من الطاعن. ولا محل للنعي على الحكم المطعون فيه بأنه صدر على خلاف الحكم الصادر في دعوى الاستحقاق رقم 63 سنة 61 ق المنصورة السابق رفعها من إبراهيم حسين محمود لأن المطعون عليه الأول لم يكن خصماً ولا ممثلاً في تلك الدعوى - ولا يرد على ذلك بأن مركز رافعها لا يعدو مركز الخلف الخاص إلى السلف فإنه حتى بفرض أن المطعون عليه الأول يعتبر سلفاً له فإنه لا حجية للأحكام النهائية التي تصدر في مواجهة الخلف الخاص قبل مانح الحق متى كان هذا الأخير لم يختصم في الدعوى. أما ما ينعاه الطاعن على الحكم من قصور لاكتفائه بإنكار المطعون عليه الأول صدور بيع منه إلى عبد العال إبراهيم عثمان دون تحقيق فمردود بما قرره الحكم من أن المطعون عليه الأول قد أنكر حصول هذا البيع، وما دام لم يثبت أن المطعون عليه الأول كان طرفاً في ذلك العقد المحرر في 7 فبراير سنة 1934 ولم يقدم من الطاعن دليل على عكس ذلك مع وجوب تقديم هذا الدليل منه حتى يتقيد به المطعون عليه الأول فإنه لا على المحكمة إذ هي لم تعتد بحصول البيع من المطعون عليه الأول لأن عبء الإثبات في ذلك إزاء إنكاره واقع على الطاعن وهو لم يقدم هذا الدليل - وأما عبارة الحكم بأنه "لا محل لتمسك المستأنف (الطاعن) بعقد إبراهيم حسين محمود إلا في القدر الذي يخص مدينه المنزوع ملكيته" فإنها لا تؤدي إلى وجوب استنزال هذا القدر من المطالب به في الدعوى لأن هذه العبارة وردت في آخر الحكم محمولة على ما سبقها من أسباب قام الحكم على أساسها وهي تحميل الطاعن عبء إثبات ملكية مدينه وقد عجز عن هذا الإثبات. ومن ثم يكون هذا السبب في غير محله.
وحيث إن حاصل السبب الثاني هو مخالفة الحكم المطعون فيه لأحكام القانون وقصور في التسبيب ذلك أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بأن عقود المطعون عليه الأول غير مسجلة فلا تنتقل بها الملكية وأنه كان قاصراً وقت صدورها أنها صدرت في الواقع لمدينه محمد محمد إسماعيل خليفه فنسبها المطعون عليه الأول لنفسه لما بين اسمه واسم أبيه من تشابه - ولكن المحكمة لم ترد على موضوع عدم التسجيل بكلمة اكتفاء بقولها إن المطعون عليه الأول هو الواضع اليد ولم تذكر شيئاً عن ماهية وضع اليد ولا الدليل الذي استندت إليه في إثباته - وقد خلت أوراق الدعوى من هذا السند مع أن المطعون عليه الأول وقد ادعى هذه الواقعة كان عليه عبء إثباتها كما أن المحكمة لم تعن بتحقيق صحة العقود التي تمسك بها المطعون عليه الأول ولم تبحث فيمن عقدها وهل هي ممهورة بتوقيع المطعون عليه الأول شخصياً وهل كان قاصراً أو بالغاً أم هي بتوقيع والده عن نفسه أو بصفته ولياً على ولده ومع أن كل هذه الأمور جوهرية في الدعوى فإن المحكمة لم تتناولها إلا بعبارات عامة مبهمة تجعل حكمها قاصراً معيباً هذا فضلاً عن أنها أخطرت في الأسس التي استندت إليها فجاء حكمها متناقض الأجزاء إذ بينما يقرر أن المطعون عليه الأول مالك للقطعة التي مساحتها 1 فدان و17 قيراط إذ بالمطعون عليه الأول نفسه يعترف لوالده بملكية 1 فدان و3 قراريط منها ثم يعود فيقرر بالنسبة لباقي المساحات أن المطعون عليه الأول يملكها بشهادة صادرة من رجال الإدارة أو بالظاهر. وهذا وذاك لا يعتبران دليلاً قانونياً على الملكية.
وحيث إن هذا النعي بجميع وجوهه في غير محله ذلك أن الحكم المطعون فيه بني على عدم قيام منازعة بشأن وضع يد المطعون عليه الأول على الأعيان المنزوعة ملكيتها ومن ثم فلا يقبل من الطاعن إثارة منازعة بصدد وضع اليد لأول مرة أمام محكمة النقض - وأن الحكم قد ألقى عبء إثبات ملكية المدين للأعيان المنزوعة ملكيتها على عاتق الطاعن كما سبق البيان ولم ينع الطاعن على الحكم في هذا الخصوص - ولما كان وضع اليد بمنأى عن المجادلة أمام محكمة النقض وقد أثبت الحكم أن الطاعن قد عجز عن تقديم الدليل المقنع على ملكية مدينه للأعيان المنزوعة ملكيتها فإنه لا يقبل منه مطالبة المطعون عليه الأول واضع اليد على هذه الأعيان بتقديم الدليل القانوني على ملكيته - لأن تحقيق ذلك يكون غير منتج ما دام هو لم يقدم دليلاً على ملكية مدينه أو وضع يده على الأعيان المنزوع ملكيتها وقد ألزمه الحكم إقامة هذا الدليل وسجل عليه عجزه عن تقديمه أما ما يجادل فيه الطاعن بعد ذلك فإنه متعلق بمناقشة الدليل وتقديره وهو ما تستقل به محكمة الموضوع - وأما ما أثاره الطاعن بصدد قصر المطعون وتشابه اسمه مع اسم أبيه فإن الحكم قد رد عليه رداً سائغاً.
وحيث إنه بناء على ما تقدم جميعه يكون هذا الطعن في غير محله ويتعين رفضه.