أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 111

جلسة 11 من نوفمبر سنة 1976

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة الدكتور محمد محمد حسنين وعضوية السادة المستشارين: أحمد صفاء الدين، عز الدين الحسيني، عبد العال السيد، محمدي الخولي.

(30)
الطلب رقم 44 لسنة 43 ق "رجال القضاء"

(1) إجراءات الطلب "ميعاد الطعن".
تقديم الطلب في سنة 1973 بإلغاء قرار وزير العدل بقبول استقالة القاضي الصادر في سنة 1969. استناد الطالب إلى قيام المانع القهري هو خشية البطش به، حال بينه وبين تقديم الطلب في الميعاد. عدم قبول الطلب. علة ذلك. صدور الدستور في سنة 1971 الذي وضع الضمانات للحرية الشخصية وتراخى الطلب بعد ذلك حتى سنة 1973.
(2) استقالة. التزام. تعويض.
تقدير الإكراه. م 127 مدني. طلب التعويض استناداً إلى أن استقالة الطالب تمت تحت تأثير إكراه من وزير العدل. ثبوت عدم توافر الإكراه. وجوب رفض الطلب.
1 - إن الدفع بعدم قبول طلب إلغاء القرار الصادر بقبول الاستقالة لعدم تقديمه خلال ثلاثين يوماً من تاريخ علم الطالب اليقيني بالقرار المطعون فيه الصادر في سنة 1969 في محله، ذلك أنه وإن صح قيام المانع القهري لدى الطالب - وهو ما يتمسك به - والذي يتمثل في خشية الاعتقال والبطش به، فإن دستور جمهورية مصر العربية الصادر في سنة 1971 قد نص في المادة 41 منه على أن "الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مضمونة لا تمس" وفي المادة 57 على أن "كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين يعد جريمة" وفي المادة 65 على أن "تخضع الدولة للقانون واستقلال القضاء وحصانته ضمانتان أساسيتان لحماية الحقوق والحرية" ولما كانت هذه الضمانات التي أوردها الدستور قد أكدت في النفوس أن الحرية الشخصية حقيقة وأن سيادة القانون واقع، وإذ كان الدستور قد صدر في 11/ 10/ 1971، ولم يقدم الطلب إلا في 30/ 6/ 1973 فإنه يتعين الحكم بعدم قبول طلب إلغاء القرار المطعون فيه.
2 - متى كان الطالب قد أسس مطالبته بالتعويض على أن استقالته لم تصدر عن إرادة صحيحة وإنما تمت تحت تأثير إكراه من وزير العدل إذ توعده بالاعتقال إن لم يقدم استقالته، ولما كانت المادة 127 من القانون المدني تقضي بأن يراعى في تقدير الإكراه جنس من وقع عليه هذا الإكراه وسنه وحالته الاجتماعية والصحية وكل ظرف آخر يؤثر في جسامة الإكراه، وكان الطالب هو القاضي الذي ولى القضاء بين الناس زمناً طويلاً يفصل فيه بين الحق والباطل، فإن مثله لا تأخذه رهبة من قول يلقى إليه، لما كان ذلك، فإنه يتعين رفض طلب التعويض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه بعريضة مودعة في 30/ 6/ 1973 طلب الأستاذ... الحكم أولاً - ببطلان طلب استقالته المقدم لوزير العدل في 8/ 11/ 1969 ثانياً - بإلزام وزير العدل بصفته بدفع مبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض، وقال بياناً لطلبه أنه بتاريخ 8/ 11/ 1969 استدعاء وزير العدل إلى مكتبه وأدخل في روعه أن قراراً من أعلى سلطة في الدولة صدر باعتقاله وإن هذا القرار سينفذ إذا لم يبادر بتقديم استقالة غير مشروطة من عمله بدعوى أن تقريراً من الرقابة الإدارية دل على أن الدائرة التي كان يرأسها قررت الإفراج عن بعض المتهمين بجلب المخدرات مجاملة لأحد وكلاء النيابة، فطلب من الوزير إجراء التحقيق فيما نسب إليه أو تقديمه للجنة الصلاحية، إلا أنه أصر على موقفه مما اضطر الطالب لتحرير استقالته، وإذ كانت هذه الاستقالة صادرة تحت تأثير الإكراه فقد قدم الطلب للحكم له لطلباته. دفعت الحكومة بعدم قبول طلب إلغاء القرار الصادر بقبول الاستقالة واحتياطياً برفض الطلب بشقيه، وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت الحكم بعدم قبول طلب إلغاء القرار الصادر بقبول الاستقالة وبرفض طلب التعويض.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم قبول طلب إلغاء القرار الصادر بقبول الاستقالة هو عدم تقديمه خلال ثلاثين يوماً من تاريخ علم الطالب اليقيني بالقرار المطعون فيه - والذي تحقق في 25/ 12/ 1969 تاريخ الطلب المقدم منه لصرف معاشه بمناسبة استقالته، ولم يرفع الطلب إلا في 30/ 6/ 1973، وتمسك الطالب بقيام مانع قهري حال بيانه وبين تقديم الطلب في الميعاد هو الظروف التي أحاطت به منذ تقديم استقالته إذ كان يخشى على نفسه من الاعتقال وبطش السلطات به.
وحيث إن هذا الدفع في محله ذلك أنه وإن صح قيام المانع القهري لدى الطالب والذي يتمثل في خشية الاعتقال والبطش به، إلا أنه لما كان دستور جمهورية مصر العربية الصادر في سنة 1971 قد نص في المادة 41 منه على أن "الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس" وفي المادة 57 على أن "كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين يعد جريمة" وفي المادة 65 على أن "تخضع الدولة للقانون واستقلال القضاء وحصانته ضمانتان أساسيتان لحماية الحقوق والحرية" وكانت هذه الضمانات التي أوردها الدستور قد أكدت في النفوس أن الحرية الشخصية حقيقة وأن سيادة القانون واقع، وكان الدستور قد صدر في 11/ 10/ 1971، ولم يقدم الطلب إلا في 20/ 6/ 1963، فإنه يتعين الحكم بعدم قبول طلب إلغاء القرار المطعون فيه.
وحيث إن طلب التعويض قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إنه لما كان الطالب قد أسس مطالبته بالتعويض على أن استقالته لم تصدر عن إرادة صحيحة وإنما تمت تحت تأثير إكراه من وزير العدل إذ توعده بالاعتقال إن لم يقدم استقالته، وكانت المادة 127 من القانون المدني تقضي بأن يراعى في تقدير الإكراه جنس من وقع عليه هذا الإكراه وسنه وحالته الاجتماعية والصحية وكل ظرف آخر يؤثر في جسامة الإكراه، وكان الطالب هو القاضي الذي ولى القضاء بين الناس زمناً طويلاً يفرق فيه بين الحق والباطل فإن مثله لا تأخذه رهبة من قول يلقى إليه، فإنه يتعين رفض طلب التعويض.