أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 4 - صـ 738

جلسة 26 من مارس سنة 1953
(110)
القضية رقم 258 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة، وبحضور حضرات الأساتذة عبد العزيز محمد وكيل المحكمة ومصطفى فاضل وأحمد العروسي ومحمود عياد المستشارين.
( أ ) قوة قاهرة. تعهدات. إجارة. حكم. تسبيبه. استظهاره شروط اعتبار الحادث قوة قاهرة. اعتباره استيلاء السلطات العسكرية على الشركة المستأجرة وجميع أدواتها ومعداتها من قبيل القوة القاهرة التي جعلت وفاءها بالتزاماتها مستحيلاً. لا مخالفة للقانون ولا قصور.
(ب) قوة قاهرة. تعهدات. إجارة. حكم. تسبيبه. تقريره أن القوة القاهرة لم تحل دون تنفيذ عقد الإيجار وأن تنفيذ هذا العقد كان مفروضاً بحكم قرار وزير التموين والأمر العسكري بالاستيلاء على الشركة المستأجرة ومعداتها وأن السلطات العسكرية حلت محلها رغم إرادتها في تنفيذ العقد. تقريره أن التنفيذ كان موقوفاً بالنسبة للشركة المستأجرة حتى زالت القوة القاهرة. طلب المؤجر
اعتبار عقد الإيجار مفسوخاً بسبب القوة القاهرة والتحدي بالمواد 119، 177، 178؛ 179 من القانون المدني القديم. في غير محله.
(ج) فسخ. شرط. إجارة. النص في عقد الإيجار على اعتبار العقد مفسوخاً بحكم القانون عند التأخر في دفع الأجرة. هذا لا يمنع المستأجر من المنازعة في تحقق الشرط كما لا يمنع المحكمة من تمحيص دفاعه لتتحقق من وقوع المخالفة الموجبة للفسخ من عدمه.
1 - إذا كان الحكم بعد أن استظهر الشروط الواجب توافرها لاعتبار الحادث قوة قاهرة قرر أن صدور الأمر الإداري الواجب التنفيذ وهو القرار الوزاري رقم 10 الصادر في 8 من يناير سنة 1941 بالاستيلاء على الشركة المطعون عليها وجميع موجوداتها وأموالها هو الذي حال دون وفائها بالأجرة المستحقة عليها في المدة التي استولت فيها السلطة العسكرية البريطانية على جميع مصانعها وأموالها بمقتضى الأمر العسكري رقم 159 الصادر في 15 من يوليو سنة 1941، واعتبر هذا الحادث عملاً من أعمال السلطان التي لها حكم القوة القاهرة، وأنه كان من شأن هذا الأمر جعل وفاء الشركة بالتزاماتها مستحيلاً وليس مرهقاً أو عسيراً فحسب للاعتبارات المسوغة التي ساقها، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو شابه القصور.
2 - لما كان الحكم إذ قرر أن القوة القاهرة لم تحل دون تنفيذ عقد الإيجار بل أن تنفيذ هذا العقد كان مفروضاً بحكم قرار وزير التموين الصادر في 8 من يناير سنة 1941 بالاستيلاء على الشركة المستأجرة وجميع موجوداتها، وإنما حالت هذه القوة القاهرة دون قيام الشركة بدفع الأجرة في المواعيد المحددة للوفاء بها، وأن مكتب البلاد المحتلة قد حل محل المستأجرة فيما كان لها من حقوق وفيما كان عليها من التزامات، وذلك بمقتضى الأمر العسكري رقم 159 لسنة 1941، إذ قرر الحكم ذلك فإنه قد أفاد أن عقد الإيجار ظل بحكم الأمر العسكري المشار إليه وبحكم قرار الاستيلاء مستمراً ونافذاً بحلول السلطات العسكرية محل المستأجرة رغم إرادتها، وأنه لم يكن من أثر القوة القاهرة فسخ العقد، وإنما كان من شأنه وقف تنفيذه مؤقتاً بالنسبة إلى الشركة المطعون عليها حتى زالت تلك القوة التي كانت تعوق تنفيذه، وسلمت السلطة العسكرية مصانع الشركة وأموالها إليها، ومن ثم يكون في غير محله القول بأن عقد الإيجار قد انفسخ لاستحالة تنفيذه والتحدي بنصوص المواد 119، 177، 178، 179 من القانون المدني القديم.
3 - الشرط الوارد في عقد الإيجار بأن التأخر في الوفاء بالأجرة في موعدها المحدد يؤدي إلى اعتبار العقد مفسوخاً بحكم القانون، هذا الشرط لا يمنع المستأجر من المنازعة في تحققه، ومن حق المحكمة أن تمحص دفاعه لتتحقق مما إذا كانت المخالفة الموجبة للفسخ قد وقعت فتقضي بموجبه أم غير ذلك. وإذن فمتى كانت المحكمة قد قررت أن الفسخ المنصوص في العقد على وقوعه بمجرد حصول مخالفة لشروطه يحتاج إلى حكم يقرر وقوع المخالفة ويثبت مسئولية المتعاقد عنها، وكان تقرير المحكمة في هذا الخصوص مقصوراً على النزاع الخاص بتحقق الشرط الفاسخ فإنها لا تكون في تقريرها المشار إليه قد خالفت القانون.


الوقائع

في يوم 5 من أغسطس سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 23 من مايو سنة 1950 في الاستئناف رقم 880 سنة 66 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعنون الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً بتأييد الحكم المستأنف الصادر من محكمة مصر الابتدائية المختلطة في 24 من يناير سنة 1948 برفض دعوى المطعون عليها برقم 2988 سنة 70 ق واحتياطياً إحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليها في الحالتين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي 6 من أغسطس سنة 1950 أعلنت المطعون عليها بتقرير الطعن، وفي 12 منه أودع الطاعنون أصل ورقة إعلان المطعون عليها بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وفي 10 من سبتمبر سنة 1950 أودعت المطعون عليها مذكرة بدفاعها طلبت فيها أصلياً عدم قبول السبب الثاني واحتياطياً رفضه وبالنسبة إلى السببين الأول والثالث رفضهما وإلزام الطاعنين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 30 منه أودع الطاعنون مذكرة بالرد. وفي 11 من أكتوبر سنة 1950 أودعت المطعون عليها مذكرة بملاحظاتها على الرد وحافظة بمستنداتها.
وفي 3 من أغسطس سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين بالمصروفات.
وفي 12 من مارس سنة 1953 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محاميا الطرفين والنيابة العامة على ما جاء بمذكراتهم. والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير حضرة المستشار المقرر ومرافعة المحامين عن الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعة الدعوى - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه، وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليها استأجرت من مورث الطاعنين (صالح حزين السيد) أرضاً مساحتها 1079 متراً و700 سهماً يقوم على 128 متراً و800 سهماً منها بناء على الأحجار لمدة عشرين سنة تبدأ من أول يوليه سنة 1927 وتنتهي في 30 يونيه سنة 1947، وذلك بمقتضى عقد إيجار رسمي محرر في 16 من يوليه سنة 1927 ومسجل في 26/ 6/ 1929، وقد نص في البند الثامن منه على وعد من المؤجر ببيع الأرض المؤجرة إلى المطعون عليها بثمن مقداره 2000 جنيه إذا رغبت في شرائها في أي وقت خلال مدة العقد، وقد أبدت المطعون عليها رغبتها في شراء قطعة الأرض بالثمن المتفق عليه بخطاب موصى عليه أرسلته إلى المؤجر في 6/ 10/ 1945 وطلبت الحكم بثبوت ملكيتها إلى الأرض المبينة بعقد الإيجار. فدفع المدعى عليه الدعوى بأن عقد الإيجار الذي تضمن الوعد بالبيع قد انقضى لأن الشركة المطعون عليها تأخرت عن الوفاء بالأجرة ابتداء من أول إبريل سنة 1941، وأنه نبه عليها في 31 من إبريل و3 مايو سنة 1941 بالوفاء فلم ترد عليه ولهذا أصبح عقد الإيجار مفسوخاً وفقاً للشرط الوارد بالبند الثالث منه، وأن المؤجر قد اعتبر هذا الفسخ واقعاً بالفعل فتعاقد مع السلطة العسكرية التي شغلت الأرض وظل يقبض الأجرة منها مباشرة حتى رفع الدعوى، وأن المطعون عليها لم تتخذ أي احتياط للمحافظة على تعاقدها مع المؤجر فلا هي دفعت الأجرة إليه ولا هي كلفت السلطة العسكرية بدفعها نيابة عنها أو أجرت الأرض من باطنها إلى السلطة المذكورة لتظل محتفظة بحقها على العين المؤجرة - فردت المطعون عليها على هذا الدفاع بأنها مؤسسة فرنسية مركزها الرئيسي في باريس وأن السلطة العسكرية وقد استولت على الأرض المؤجرة إليها وعلى مصانعها وآلاتها وأدواتها، وقد تولى مكتب البلاد المحتلة إدارة أموالها من يوليه سنة 1941 وبذلك تكون وقد وضعت بقوة قاهرة - في مركز يمتنع عليها فيه أن توفي بالتزاماتها قبل المؤجر، فهي لم تكن مقصرة أو متخلفة عن الوفاء بتعهدها قبل المؤجر. أما تعاقد المؤجر مع السلطات العسكرية فإنه لا يؤثر على عقدها المستمر وفي 24 من فبراير سنة 1948 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى لانقضاء عقد الإيجار ووقوع الفسخ بسبب تأخر الشركة المطعون عليها في الوفاء بالأجر المستحقة عليها في الخمسة عشر يوماً التالية لتاريخ التنبيه عليها بالوفاء، ولم يصدر من الشركة أي عمل إيجابي يدل على احتفاظها بتعاقدها، وإنما تعاقد المالك مع السلطة العسكرية مباشرة باعتباره مؤجراً. فاستأنفت الشركة المطعون عليها هذا الحكم وقيد استئنافها برقم 880 سنة 60 ق القاهرة. وفي 23 من مايو سنة 1950 قضت محكمة الاستئناف بقبوله شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المطعون عليها في ملكية الأرض المبينة بصحيفة الدعوى وبعقد الإيجار المؤرخ في 16 من يوليه سنة 1927. فقرر الطاعنون الطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن مبني على ثلاثة أسباب، يتحصل السبب الأول منها في أن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن قوة قاهرة وهي الاستيلاء على مصانع الشركة ووضعها تحت إشراف مكتب البلاد المحتلة قد حالت دون وفائها بالأجرة المستحقة عليها قد أخطأ في تطبيق القانون كما شابه القصور في التسبيب لأن القوة القاهرة لا تصلح لأن تكون عذراً للملتزم عن التقصير في الوفاء إلا إذا كان من شأنها أن تجعل الوفاء مستحيلاً، ولا يكفي في ذلك أن يصبح الوفاء مرهقاً أو عسيراً، ولأنه لم يكن ثمت ما يمنع الشركة المطعون عليها من دفع الأجرة المستحقة عليها من الأموال التي كانت تحت تصرفها وقت المطالبة بها قبل صدور الأمر العسكري وقبل وضع الشركة تحت إشراف مكتب البلاد المحتلة. على أن خضوع الشركة لإشراف هذا المكتب من يوليه سنة 1941 ليس من شأنه إعفاء الشركة من مسئولية التقصير في الوفاء بالتزاماتها إذ كان من مهمة المكتب النيابة عنها في دفع ما عليها من الديون. وقد جاءت أسباب الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص قاصرة عن بيان ما توافرت به الاستحالة مع كونها ركناً لازماً لانعدام المسئولية بسبب القوة القاهرة ولنفي أسباب التقصير التي يكون للملتزم يد فيها.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن القوة القاهرة هي التي حالت دون استمرار طرفي التعاقد في تنفيذ العقد، فإنه قد استند في ذلك إلى أن المطعون عليها ظلت موفية بالتزاماتها بمقتضى عقد الإيجار حتى يناير سنة 1941 إذ دفعت الأجرة المستحقة عليها عن الثلاثة الأشهر الأولى من تلك السنة، فلما صدر قرار وزير التموين في 8 من يناير سنة 1941 بالاستيلاء على جميع موجوداتها ومنتجاتها وآلاتها وتم هذا الاستيلاء فعلاً بمقتضى محضر محرر في 20 يناير سنة 1941 رفعت يدها تماماً عن مصانعها ثم وضعت كل أموالها وكل ما يتعلق بها تحت إشراف مكتب البلاد المحتلة تنفيذاً للأمر العسكري رقم 159 الصادر في 15 من يوليه سنة 1941، فتكون إرادة السلطان وفعله قد حالا دون استمرار تنفيذ التعاقد، فامتنع على المؤجر أن يترك العين المؤجرة في يد الشركة وامتنع على الشركة أن تدير مصانعها القائمة على الأرض لتوفي بالتزاماتها، وقد وقع فعل القوة القاهرة على موضوع التعاقد نفسه فانتزع الأرض المؤجرة وما عليها من الطرفين وحلت السلطة العسكرية البريطانية محلهما لتتصرف على الوجه الذي تقتضيه ظروفها دون أي ارتباط أو استناد إلى إرادة أو رغبة المتعاقدين، واستمرت تلك السلطة حائزة لما استولت عليه تدير مصانع الشركة المطعون عليها حتى تعاقدت معها في أكتوبر سنة 1944 وقدرت لها التعويض الذي تدفعه إليها في كل سنة وتعهدت بأن تسلمها مصانعها متى انتهت حاجتها إليها، وأخذت على عاتقها أن تدفع أجرة الأرض إلى المؤجر مباشرة. وفي سنة 1945 سلمت الأرض بما عليها إلى الشركة المطعون عليها، وأن عقد الإيجار المحرر في 5 من ديسمبر سنة 1944 بين السلطة العسكرية والمؤجر ليس حجة على الشركة المطعون عليها، ولا يدل على أنها تنازلت عن حق من حقوقها أو أنها تخلت عن إجارة الأرض أو أنها أذنت بكتابته على الصورة التي حرر بها، وكونها قد سمحت للسلطة بأن تدفع الأجرة مباشرة إلى المؤجر فإنه لا يفيد أكثر من مقتضاه وهو أن تتولى السلطة الوفاء عنها بالأجرة المستحقة، وخلصت المحكمة من ذلك إلى أن عقد الإيجار المحرر بين المطعون عليها ومورث الطاعنين في سنة 1927 ظل قائماً ولم تتخل عنه الشركة أو تتنازل عنه، كما أنها لم تقصر في الوفاء بالتزاماتها وإن كانت القوة القاهرة قد أوقفت تنفيذه ردحاً من الزمن. وهذا الذي قرره الحكم صحيح في القانون، ذلك أنه بعد أن استظهر الشروط الواجب توافرها لاعتبار الحادث قوة قاهرة، وقرر أن صدور الأمر الإداري الواجب التنفيذ وهو القرار الوزاري رقم 10 الصادر في 8 من يناير سنة 1941 بالاستيلاء على الشركة المطعون عليها وجميع موجوداتها وأموالها هو الذي حال دون وفائها بالأجرة المستحقة عليها في المدة التي استولت فيها السلطة العسكرية البريطانية على جميع مصانعها وأموالها بمقتضى الأمر العسكري المشار إليه، واعتبر هذا الحادث عملاً من أعمال السلطان التي لها حكم القوة القاهرة، وأنه كان من شأن هذا الأمر جعل وفاء الشركة بالتزاماتها مستحيلاً، وليس مرهقاً أو عسيراً فحسب للاعتبارات المسوغة التي ساقها والسابق بيانها فإنه لا يكون قد خالف القانون أو شابه القصور.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم إذ اعتبر أن اعتذار الملتزم بالقوة القاهرة عن الوفاء بالتزامه يحول دون فسخ العقد في حقه، وإذ بني على ذلك عدم فسخ عقد الإيجار متى كان الملتزم بالأجرة غير قادر على الوفاء بها وغير مسئول عن تأخره في دفعها، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، لأن القوة القاهرة لا تقيل الملتزم المتخلف إلا من التعويض عن الامتناع عن الوفاء أو التأخر فيه وفقاً للمواد 119، 177 - 179 مدني قديم، أما الفسخ فإنه يقع بسبب الامتناع أو التأخر في الوفاء ولو كانا بسبب قوة قاهرة أو لسبب آخر لا شأن للملتزم فيه، بل إن الالتزام ينقضي حتماً إذا أصبح الوفاء غير ممكن، وينقضي بانقضائه جميع الالتزامات المرتبطة به والمقابلة له، ويقع الفسخ في هذه الحالة بقوة القانون.
ومن حيث إن المطعون عليها دفعت بعدم قبول هذا السبب إذ لم يتمسك به الطاعنون أمام محكمة الموضوع فلا تجوز إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة، وأن هذا السبب بفرض قبوله هو في غير محله، لأن الاستحالة في هذه الحالة كان من شأنها وقف تنفيذ العقد مدة الاستيلاء على موجوداتها لا فسخه.
ومن حيث إن الدفع بعدم قبول هذا السبب مردود بأن تمسك الطاعنين به لدى محكمة الموضوع مستفاد من دفاعهم بأن العقد قد انفسخ بسبب تأخر الشركة المطعون عليها في الوفاء بالأجرة في ميعاد استحقاقها، ومن مقتضى هذا الدفاع أن تتناول المحكمة بحث ما إذا كان العقد قد انفسخ رغم قيام القوة القاهرة أو أنه ظل قائماً.
ومن حيث إن هذا السبب وإن كان لا يعتبر جديداً لدخوله في عموم طلبات الطاعنين لدى محكمة الموضوع على ما سبق بيانه إلا أنه مردود بأن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن القوة القاهرة لم تحل دون تنفيذ عقد الإيجار، بل أن تنفيذ هذا العقد كان مفروضاً بحكم قرار الاستيلاء الصادر في 8 من يناير سنة 1941، وإنما حالت هذه القوة دون قيام الشركة المطعون عليها بدفع الأجرة في المواعيد المحددة للوفاء بها، وأن مكتب البلاد المحتلة قد حل محل المستأجرة فيما كان لها من حقوق وفيما كان عليها من التزامات، وذلك بمقتضى الأمر العسكري رقم 159 سنة 1941 إذ قرر الحكم ذلك فإنه قد أفاد أن عقد الإيجار ظل بحكم الأمر المشار إليه وبحكم قرار الاستيلاء مستمراً ونافذاً بحلول السلطات العسكرية محل المستأجرة رغم إرادتها وأنه لم يكن من أثر القوة القاهرة فسخ العقد، وإنما كان من شأنها وقف تنفيذه بالنسبة إلى الشركة المطعون عليها حتى زالت تلك القوة التي كانت تعوق تنفيذه، وسلمت السلطة العسكرية مصانع الشركة وأموالها إليها في سنة 1945. ومتى كان لم يترتب على القوة القاهرة سوى وقف تنفيذ العقد مؤقتاً، فإن التحدي بالمواد المشار إليها يكون على غير أساس.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم إذ قرر أن الفسخ المنصوص في العقد على وقوعه لمجرد حصول المخالفة لشروطه يحتاج إلى حكم يقرر وقوع المخالفة ويثبت مسئولية المتعاقد عنها، ورتب على ذلك رفض دعوى الفسخ لانعدام مسئولية الشركة المطعون عليها عن تأخرها في أداء الأجرة، قد أخطأ في القانون، لأنه ثابت من الحكم أن عقد الإيجار كان منصوصاً فيه على أنه يعتبر مفسوخاً بحكم القانون إذا لم يحصل الوفاء بأي قسط من أقساط الأجرة خلال خمسة عشر يوماً من التنبيه بالدفع، وأن الحكم الابتدائي أثبت أن تخلف الشركة عن الوفاء بالأجرة كان بعد خمسة عشر يوماً من حصول التنبيه عليها ومتى كان متفقاً في العقد على أن مخالفة شروطه تستلزم فسخه بقوة القانون - كما هي صورة الدعوى - فإن الفسخ يقع حتماً ولا يكون للمحكمة أي تقدير في إجابة طلبه.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن الفسخ المنصوص في العقد على وقوعه لمجرد حصوله مخالفة لشروطه يحتاج إلى حكم يقرر وقوع المخالفة ويثبت مسئولية المتعاقد عنها، لم يخالف القانون، ذلك أن الشرط الوارد في العقد بأن التأخر في الوفاء بالأجرة في موعدها المحدد يؤدي إلى اعتبار العقد مفسوخاً بحكم القانون، هذا الشرط لا يمنع الشركة المطعون عليها من المنازعة في تحققه، ومن حق المحكمة أن تمحص دفاع الشركة لتتحقق مما إذا كانت المخالفة الموجبة للفسخ قد وقعت من المطعون عليها فتقضي بموجبه أم غير ذلك. ولما كان تقدير المحكمة في هذا الخصوص مقصوراً على النزاع الخاص بتحقق الشرط الفاسخ فإنها لا تكون في تقديرها المشار إليه قد خالفت القانون.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.