أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 4 - صـ 770

جلسة 26 من مارس سنة 1953
(114)
القضية رقم 423 سنة 21 قضائية

برياسة حضرة الأستاذ أحمد حلمي، وكيل المحكمة وبحضور حضرات الأساتذة سليمان ثابت ومحمد نجيب أحمد وعبد العزيز سليمان ومحمد زكي شرف المستشارين.
( أ ) نقض. طعن. ميعاد الطعن. حكم صادر في دعوى رفعت بوصفها دعوى مدنية. فصل المحكمة في مسألة أولية متعلقة بالأحوال الشخصية للأجانب وتأسيس قضائها في الدعوى المدنية على نتيجة الفصل فيها. ميعاد الطعن في الحكم هو الميعاد المنصوص عليه في المادة 428 مرافعات لا الميعاد الذي حددته المادة 881 من القانون رقم 126 لسنة 1951.
(ب) أحوال. شخصية. نيابة عامة. نزاع على النظام المالي بين زوجين من الأجانب. وجوب تكييف هذا النزاع وفقاً لأحكام القانون المصري. وجوب اعتبار النظام المالي من مسائل الأحوال الشخصية. عدم تدخل النيابة العامة في هذا النزاع يجعل الحكم باطلاً. لا يغير من هذا النظر كون الدعوى رفعت أصلاً بوصفها دعوى مدنية متى كانت قد أثيرت فيها مسألة أولية متعلقة بالأحوال الشخصية تقتضي تدخل النيابة العامة. المادتان 10 و13 من القانون المدني والمادة 13 من القانون رقم 147 لسنة 1947 والمادة 99 مرافعات.
(ج) استئناف. حكم. إبطال الحكم الابتدائي لعيب في الشكل. يجب على محكمة الاستئناف الفصل في موضوع النزاع. اقتصارها على تقرير البطلان دون الفصل في الموضوع. خطأ في القانون.
1 - متى كانت الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه هي دعوى رفعت بوصفها دعوى مدنية طلبت فيها المطعون عليها تثبيت ملكيتها لأعيان بينتها كما طلبت قسمة هذه الأعيان وصدر الحكم فيها على هذا الوصف وكانت قد أثيرت أثناء نظرها مسألة أولية متعلقة بالأحوال الشخصية للأجانب مما تختص بنظره المحكمة المدنية عملاً بالفقرة الثانية من المادة 864 من القانون رقم 126 لسنة 1951 ففصلت فيها وبنت على نتيجة هذا الفصل قضاءها في الدعوى المدنية فإن الحكم الصادر فيها يكون خاضعاً من حيث إجراءات الطعن لما تخضع له الأحكام المدنية من نصوص مبينة في الباب الثاني عشر من الكتاب الأول من القانون رقم 77 لسنة 1949 بإصدار قانون المرافعات المدنية والتجارية إذ الفرع يتبع الأصل وتبعاً يسري على الطعن بالنقض في الحكم الصادر فيها الميعاد المنصوص عليه في المادة 428 مرافعات لا الميعاد الذي حددته المادة 881 من القانون رقم 126 لسنة 1951 الخاص بالطعن بطريق النقض في مسائل الأحوال الشخصية للأجانب.
2 - لما كان المرجع في تكييف ما إذا كانت المسألة المعروضة على المحكمة هي من مسائل الأحوال الشخصية أم هي ليست كذلك هو القانون المصري وفقاً للمادة 10 من القانون المدني، وكان يبين من المادة 13 من القانون المدني والمادة 13 من القانون رقم 147 لسنة 1947 بإصدار قانون نظام القضاء أن المنازعات المتعلقة بالنظام المالي بين الزوجين هي من مسائل الأحوال الشخصية، وكانت المادة 99 من قانون المرافعات إذ أوجبت على النيابة العامة أن تتدخل في كل قضية تتعلق بالأحوال الشخصية وإلا كان الحكم باطلاً لم تفرق بين حالة وأخرى بل أطلقت النص، ومن ثم لا تكون المحكمة إذ قضت من تلقاء نفسها ببطلان الحكم الابتدائي لعدم تدخل النيابة العامة في هذه المسألة استناداً إلى المادة 99 مرافعات قد أخطأت في تطبيق القانون، كما يكون في غير محله استناد الطاعنين إلى القانون السويسري في تكييف النظام المالي بين الزوجين تكييفاً يخرج مسألته عن متناول نص المادة 99 المشار إليها. ولا يغير من هذا النظر أن تكون الدعوى رفعت أصلاًً بوصفها دعوى مدنية بطلب ملكية حصة معينة وطلب قسمتها متى كانت قد أثيرت فيها مسألة أولية من مسائل الأحوال الشخصية تقتضي تدخل النيابة في الدعوى. أما القول بأن المسألة تركزت في عيوب الرضا الخاصة بالاتفاق على النظام المالي بين الزوجين من حيث وجود الرضا أو انعدامه ومن حيث تقادم دعوى الإبطال في هذا الخصوص أو عدم تقادمها وبأن الحكم شابه قصور إذ أغفل الواقعة الجوهرية التي أثارها الطاعنون وهي أن نظام اتحاد الأموال قد استبدل به غيره بمقتضى الاتفاق المشار إليه، كل هذه الاعتراضات لا تخرج المسألة المتنازع عليها من حيزها القانوني الصحيح وهو أن النظام المالي الذي يخضع له الزوجان هو مسألة أولية متعلقة بصميم الأحوال الشخصية.
3 - إذا استنفدت محكمة أول درجة ولايتها بالحكم في موضوع الدعوى، ورأت محكمة الاستئناف أن الحكم المستأنف باطل لعيب في الإجراءات، فإنه يتعين عليها أن لا تقف عند حد تقرير هذا البطلان بل يجب أن تمضي في الفصل في موضوع الدعوى بحكم جديد تراعي فيه الإجراء الصحيح الواجب اتباعه. وإذن فمتى كان الحكم الصادر من محكمة أول درجة - إذ فصل في موضوع الدعوى - قد شابه البطلان لعدم تدخل النيابة العمومية في مسألة أولية متعلقة بالأحوال الشخصية للأجانب، وكانت محكمة الاستئناف قد أنهت الخصومة كلها بحكمها المطعون فيه وذلك بتقريرها بطلان الحكم الابتدائي متخلية عن الفصل في موضوع الدعوى فإنها تكون قد خالفت القانون.


الوقائع

في يوم 26 من نوفمبر سنة 1951 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 8 من أكتوبر سنة 1951 في الاستئناف رقم 427 سنة 67 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعنون الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي 27 من نوفمبر سنة 1951 أعلنت المطعون عليها بتقرير الطعن.
وفي 15 من ديسمبر سنة 1951 أودع الطاعنون أصل ورقة إعلان المطعون عليها بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتهم. ولم تقدم المطعون عليها دفاعاً.
وفي 30 من يونيه سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بعدم قبول الطعن شكلاً للتقرير به بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة 881 من قانون المرافعات وإلزام الطاعنين بالمصروفات.
وفي 3 من يوليه سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرة تكميلية قالت فيها إنها تصمم على ما جاء في المذكرة الأولى ومن باب الاحتياط ترى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع قبول الشق الثاني من السبب الأول من أسباب الطعن المؤسس على مخالفة حكم المادة 99 مرافعات ونقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليها بالمصروفات.
وفي 12 من مارس سنة 1953 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محامي الطاعنين والنيابة العامة على ما جاء بمذكرتيهما. والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير حضرة المستشار المقرر ومرافعة المحامي عن الطاعنين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن واقعة الدعوى حسبما يستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليها وهي يونانية الجنسية تزوجت بمورث الطاعنين - أشيل جروبي - السويسري الجنسية في 19 من يوليو سنة 1920 وعقد الزواج في بلدة دڤيو من أعمال سويسرا وفقاً لنظام اتحاد الأموال. إذ لم يحرر بينهما عقد ينظم العلاقات المالية بينهما "المادة 178 من القانون المدني السويسري" وفي 12 من أكتوبر سنة 1926 حرر بين الزوجين عقد بتغيير النظام المالي لهما من نظام اتحاد الأموال إلى نظام انفصال الأموال. وقررت الزوجة في هذا العقد أنها لم تأت بشيء عند الزواج بحيث يكون كل المال للزوج وحده دون أن يكون لها الادعاء بحق ما بسبب الزوجية. وفي 18 من أكتوبر سنة 1926 صدق مجلس الوصاية السويسري على عقد التغيير وفقاً للمادة 181 من القانون المدني السويسري وفي 12 من إبريل سنة 1927 اشترى جروبي من والده جاك جروبي جميع مؤسسة جروبي ودفع الثمن بطريق المقاصة بين المتأخرات التي كانت له في ذمة أبيه من قيمة حصته في ربح المؤسسة من سنة 1920 إلى أول يوليو سنة 1926 وبين الثمن المتفق عليه ومقداره 34020 جنيه و761 مليم وفي 6 من أكتوبر سنة 1939 استصدر الزوج - اشيل جروبي حكماً من محكمة مقاطعة لوجانوا بسويسرا بتطليقه من زوجته المطعون عليها فلجأت الأخيرة إلى القضاء المختلط تطلب الحكم لها بإلزام زوجها بأن يدفع إليها نفقة زوجية مقدارها خمسون جنيهاً في الشهر ابتداء من 22 من يوليو سنة 1938. وفي 19 من مارس سنة 1942 قضت محكمة الاستئناف - المختلطة بالإسكندرية برفض الدعوى تأسيساً على أن الحكم الصادر بالطلاق من مقاطعة لوجانو صدر من محكمة مختصة وقد حاز قوة الأمر المقضي بالنسبة للطلاق فلا معقب عليه. وفي 9 و10 من مارس سنة 1948 رفعت المطعون عليها الدعوى رقم 1351 سنة 73 قضائية لدى محكمة مصر المختلطة والتي أحيلت بعد ذلك إلى محكمة مصر الكلية وقيدت بجدولها برقم 4339 سنة 1944 كلي مصر - تطلب فيها الحكم - أولاً - بتثبيت ملكيتها بصفتها مالكة وشريكة لحصة مقدارها الثلث في مؤسسة جروبي الكائنة بمدينة القاهرة وفيما يتبعها من ممتلكات - ثانياً - الحكم بقسمة جميع هذه الأموال المملوكة على الشيوع بينها وبين المرحوم اشيل جروبي وبالتالي الحكم بتصفيتها وكذا تصفية الأموال المقيدة باسم اشيل جروبي شخصياً.... باعتبار الثلث للطالبة والثلثين لأشيل جربي - ثالثاً - بتعيين خبير أو ثلاثة خبراء من الجدول بصفة مصفين تكون مهمتهم تقويم وتوزيع وتسليم جميع الأموال الني يمكن توزيعها بحسب النسب المبينة بعاليه وبيع ما لا يمكن قسمته وأخيراً الحكم على اشيل جروبي بالمصاريف والأتعاب. وفي مذكرة قدمت بجلسة 4 من إبريل سنة 1950 طلبت المطعون عليها - إلى أن ينتهي الخبراء من مأموريتهم - الحكم لها بنفقة مقدارها 300 جنيه شهرياً فدفع الطاعنون الدعوى بسقوط حق المطعون عليها في رفعها لمضي مدة التقادم المنصوص عليها في المادة 31 من قانون الالتزامات السويسري دون رفعها استناداً إلى أن المطعون عليها وقد أقامت دعواها على أساس أن نظام انفصال الأموال المبرم عقده في 12 من أكتوبر سنة 1926 باطل لعيوب جوهرية شابت رضاها به فهي إذن لا تملك التحدي بهذا البطلان لمضي سنة على العلم بأسبابه دون أن ترفع الدعوى وقد ردت المطعون عليها على الدفع بأن لا وجه لتطبيق المادة 31 المشار إليها لأنها وردت في باب الالتزامات والمادة المراد تطبيقها عليها خاصة بنظام مالي بين زوجين هو من مسائل الأحوال الشخصية التي لا يحكمها إلا النصوص الخاصة بها وأنه حتى بفرض جواز تطبيق المادة المذكورة فإن المطعون عليها لم تكشف الغش والتدليس في ذلك الإقرار إلا أخيراً وقبل مضي سنة من كشفها أقامت دعواها. وفي 29 من مايو سنة 1950 قضت محكمة أول درجة حضورياً برفض دعوى المطعون عليها تأسيساً على أن حقها في الطعن على عقد 12 من أكتوبر سنة 1926 لعيب ما من عيوب الرضا قد سقط بالتقادم لمضي سنة بعد تاريخ هذا العقد وقبل رفع الدعوى.
فاستأنفت المطعون عليها هذا الحكم لدى محكمة استئناف مصر وقيد بجدولها برقم 427 سنة 617 قضائية. وطلبت لما جاء بصحيفة استئنافها من أسباب الحكم بقبوله شكلاً - وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف بكامل أجزائه والحكم لها بطلباتها السابق إبدائها أمام محكمة أول درجة. وقد أخطرت النيابة بالاستئناف وقدمت مذكرة تقرر فيها أنها لا ترى وجهاً للتدخل وإبداء الرأي في موضوع الدعوى لخروجه عن نطاق الأحوال الشخصية. وفي 8 أكتوبر سنة 1951 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وبإلغاء الحكم المستأنف لبطلانه وبإلزام المستأنفة بالمصروفات عن الدرجتين، وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة تأسيساً على أن النظام المالي للزواج معدود من صميم الأحوال الشخصية عملاً بالمادة 13 من قانون نظام القضاء والنيابة ملزمة بالتدخل في الدعاوى الخاصة بالأحوال الشخصية وإلا كان الحكم باطلاً وفقاً للمادة 99 من قانون المرافعات وأنه لما كانت النيابة لم تتدخل في الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولى فإن الحكم المستأنف يكون باطلاً دون حاجة إلى دفع بهذا المعنى من أحد الخصوم لأن تدخل النيابة في صورة هذه الدعوى واجب يقتضيه النظام العام - وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها - فقرر الطاعنون بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن النيابة العامة دفعت بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة 881 من القانون رقم 126 لسنة 1951 والمعمول - به ابتداء من 15 من سبتمبر سنة 1951 تأسيساً على أن الحكم وقد صدر في 8 من أكتوبر سنة 1951 في مسألة من مسائل الأحوال الشخصية للأجانب فإن ميعاد الطعن بالنقض فيه هو ثمانية عشر يوماً من تاريخ النطق به، وإنه لما كان الطاعنون لم يقرروا بالطعن إلا في 26 نوفمبر سنة 1951 فإن طعنهم والحالة هذه يكون غير مقبول شكلاً، ولا يغير من هذا النظر كون الدعوى رفعت أمام المحكمتين الابتدائية والاستئنافية وفقاً للإجراءات الواجب اتباعها في الدعاوى المدنية إذ المعول عليه هو تطبيق القانون على وجهه الصحيح على إجراءات الطعن لا مسايرة الأخصام في خطأ وقعوا فيه متناسين أن الحكم المطعون فيه صادر في مسألة من مسائل الأحوال الشخصية مما يتعين معه إعمال المادة 881 من القانون السالف الإشارة إليه لأنه هو القانون الذي كان قائماً وقت صدور الحكم ولأن حق الطاعنين في الطعن إنما يتولد لهم من وقت صدوره.
ومن حيث إن هذا الدفع مردود بأن الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه هي دعوى رفعت بوصفها دعوى مدنية طلبت فيها المطعون عليها - على ما سبق ذكره في الوقائع تثبيت ملكيتها لأعيان بينتها كما طلبت قسمة هذه الأموال وصدر الحكم فيها على هذا الوصف وقد أثيرت أثناء نظرها مسألة أولية متعلقة بالأحوال الشخصية للأجانب مما تختص بنظره المحكمة المدنية عملاً بالفقرة الثانية من المادة 864 من القانون رقم 126 لسنة 1951 ففصلت فيها وبنت على نتيجة هذا الفصل - قضاءها في الدعوى المدنية ومن ثم يكون الحكم الصادر فيها خاضعاً من حيث إجراءات الطعن لما تخضع له الأحكام المدنية من نصوص مبينة في الباب الثاني عشر من الكتاب الأول من القانون رقم 77 لسنة 1949 بإصدار قانون المرافعات المدنية والتجارية إذ الفرع يتبع الأصل وتبعاً يسري على الطعن بالنقض في الحكم الصادر فيها الميعاد المنصوص عليه في المادة 428 مرافعات.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الطعن مقام على ثلاثة أسباب. ينعى الطاعنون على الحكم في السبب الأول منها خطأه في تطبيق القانون من وجهين. يتحصل الأول منهما في أن المحكمة أخطأت في تطبيق المادة 409 من قانون المرافعات المدنية والتجارية ذلك أنه وفقاً لنصها ينقل الاستئناف الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فإذا رأت محكمة الاستئناف أن الحكم المستأنف باطل من حيث الشكل لأي سبب من الأسباب كان من واجبها إذا ما قضت ببطلانه أن تمضي في نظر الموضوع وتقول كلمتها فيه، وهي إذ لم تفعل وقضت بإلغاء الحكم المستأنف لبطلانه مع إلزام المستأنفة بالمصروفات عن الدرجتين دون أن تفصل في موضوع الدعوى بحجة أن النيابة لم تتدخل حيث كان يجب تدخلها أمام محكمة أول درجة - تكون قد خالفت القانون. ويتحصل الوجه الثاني من هذا السبب في أن المحكمة أخطأت إذ قضت من تلقاء نفسها ببطلان الحكم الابتدائي استناداً إلى المادة 99 من قانون المرافعات لعدم تدخل النيابة في الخصومة مع تعلقها بالأحوال الشخصية مع أن البطلان المنصوص عليه في هذه المادة ليس متعلقاً بالنظام العام في جميع الأحوال بل هناك من الأحوال ما يعتبر فيه البطلان نسبياً ومنها نظام الأموال بين الزوجين وفقاً للمادتين 178 و179 من القانون المدني السويسري الذي يحكم موضوع النزاع في هذا الخصوص.
ومن حيث إن السبب الثاني: يتحصل في أن الحكم أخطأ في تطبيق المادة 10 من القانون المدني ذلك أن المسألة الأولية التي كانت محل النزاع بين طرفي الخصومة كانت تتركز في عيوب الرضاء من حيث الوجود والانعدام ومن حيث تقادم دعوى إبطال التعاقد وهذه المسألة هي التي كيفها الحكم الابتدائي ورأى أنها تتصل بنظام العقود وطبق عليها من ناحية أخرى قانون الأحوال الشخصية للزوج باعتباره القانون الواجب التطبيق ومثل هذا التكييف لم يكن يستتبع تدخل النيابة بصورة أو أخرى لأن عيوب الرضاء وتقادم دعاوى الإبطال الخاصة بها تعرض في العقود الخاصة بالأحوال الشخصية كما تعرض في غيرها من العقود وقد يطبق عليها إما قانون الأحوال الشخصية في الحالة الأولى وإما قانون آخر في الحالة الثانية دون أن تعتبر هي في ذاتها من مسائل الأحوال الشخصية - ولما كانت المطعون عليها وصفت دعواها أمام محكمة أول درجة ولدى محكمة الاستئناف بأنها دعوى ملكية وقسمة دون أن تتمسك بأي ادعاء قبل مورث الطاعنين أو قبل الطاعنين من بعده إلا على أساس الطعن في اتفاق 12 من أكتوبر سنة 1926 قاصرة طعنها على عيوب الرضا مجتمعة - فنفى الطاعنون احتمال وجود هذه العيوب ودفعوا طلب الإبطال استناداً إلى التقادم وفقاً لأحكام القانونين السويسري والمصري - وهذا القانون الأخير هو المرجع في تكييف العلاقات عندما يطلب تحديد نوع هذه العلاقات في قضية تتنازع فيها القوانين لمعرفة القانون الواجب تطبيقه من بينها - وكان الحكم المطعون فيه قد انحرف عن الأحكام المقررة في المادة 10 من القانون المدني في شأن التكييف بإغفاله وصف المسألة الأولية في النزاع على الوجه الصحيح فلم يتبين أنها في ذاتها مجرد ادعاء بتوافر عيب في الرضا ومنازعة في هذا الادعاء ودفع بتقادمه، وهذه أمور كلها لا تعتبر في ذاتها من مسائل الأحوال الشخصية وإن طبق عليها قانون الأحوال الشخصية بحكم اتصال العقد بها - فإنه يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم شابه القصور في التسبيب. ذلك أن المطعون عليها بنت دعواها على الطعن في الاتفاق الذي تم في 12 من أكتوبر سنة 1926 في شأن فصل أموال الزوجين على أساس أنه معيب بعيوب شتى من عيوب الرضاء بمقولة إنه كان نتيجة غش وتدليس وخطأ قانوني وفعلي. وأن القانون الواجب التطبيق على عيوب الرضا والالتزامات التعاقدية هو قانون موطن المتعاقد أو محل التنفيذ وبالتالي يجب تطبيق القانون المصري وإنه لذلك يتعين عدم قبول الدفع بالتقادم لأن القانون المصري لا يعرف سقوط الحق بمضي سنة في مثل حالة الدعوى بل بمضي خمسة عشرة سنة - مما كان يجب معه على المحكمة أن تفصل في الدعوى على هذا الأساس قبل الحوض في نظام اتحاد الأموال في القانون السويسري. لا أن لا تعتد به قولاً منها.
"إن ما تراه النيابة فيه إنكار للخصومة في صورتها الحقيقة ذلك أن النزاع. في جوهره يقوم على الحقوق التي تدعيها المستأنفة (المطعون عليها) في المنشآت التي آلت لزوجها بمقتضى عقد بيع صادر له من والده وهي حقوق منشأها القانون المدني السويسري الذي يقرر للزوجة في نظام اتحاد الأموال حق الثلث في المغانم التي تحققت أثناء قيام هذا النظام وقد أسست المستأنفة (المطعون عليها) دعواها على الحقوق التي رتبها لها هذا القانون بزعم أن تملك زوجها للمنشآت المذكورة قد تم بحصيلة تلك المغانم" - مع أن هذا الذي قالته فيه إغفال لواقعة جوهرية في الدعوى هي أن نظام اتحاد الأموال قد استبدل به الزوجان غيره بمقتضى اتفاق 12 من أكتوبر سنة 1926 وهو اتفاق رسمي تم التراضي فيه على اختيار نظام فصل الأموال وأقرت الزوجة فيه بانتفاء كل حق لها يستند إلى النظام السابق كما أقرت بأن الأموال جميعها ملك خالص للزوج - وهو أمر يعيب الحكم ويبطله.
ومن حيث إن ما ينعاه الطاعنون على الحكم في الوجه الثاني من السبب الأول وفي السببين الثاني والثالث - مردود بأن المادة 99 من قانون المرافعات إذ أوجبت على النيابة العامة أن تتدخل في كل قضية تتعلق بالأحوال الشخصية وإلا كان الحكم باطلاً، لم تفرق بين حالة وأخرى منها بل أطلقت النص. ولما كان المرجع في تكييف ما إذا كانت المسألة المعروضة على المحكمة هي من مسائل الأحوال الشخصية أم هي ليست كذلك هو القانون المصري وفقاً للمادة 10 من القانون المدني فيكون في غير محله استناد الطاعنين إلى القانون السويسري في تكييف النظام المالي بين الزوجين تكييفاً يخرج مسألته عن متناول نص المادة 99 المشار إليها. ولما كان يبين من المادة 13 من القانون المدني المصري والمادة 13 من القانون رقم 147 لسنة 1947 بإصدار قانون نظام القضاء - أن المنازعات المتعلقة بالنظام المالي بين الزوجين هي من مسائل الأحوال الشخصية، فإن المحكمة إذ قضت من تلقاء نفسها ببطلان الحكم الابتدائي لعدم تدخل النيابة في هذه المسألة استناداً إلى المادة 99 من قانون المرافعات التي أوجبت هذا التدخل في كل قضية تتعلق بالأحوال الشخصية وإلا كان الحكم باطلاً، لا تكون قد أخطأت في تطبيق القانون. ولا يغير من هذا النظر أن الدعوى رفعت أصلاً بوصفها دعوى مدنية بطلب ملكية حصة معينة وطلب قسمتها متى كانت قد أثيرت فيها مسألة أولية من مسائل الأحوال الشخصية تقتضي تدخل النيابة في الدعوى. أما القول بأن المسألة تركزت في عيوب الرضا الخاصة باتفاق 12 من أكتوبر سنة 1926 من حيث وجود الرضا أو انعدامه ومن حيث تقادم دعوى الإبطال في هذا الخصوص أو عدم تقادمها وبأن الحكم شابه القصور إذ أغفل الواقعة الجوهرية التي أثارها الطاعنون وهي أن نظام اتحاد الأموال قد استبدل به غيره بمقتضى الاتفاق المشار إليه، كل هذه الاعتراضات لا تخرج المسألة المتنازع عليها من حيزها القانوني الصحيح وهو أن النظام المالي الذي يخضع له الزوجان هو مسألة أولية متعلقة بصميم الأحوال الشخصية.
ومن حيث إن ما ينعاه الطاعنون على الحكم في الوجه الأول من السبب الأول هو في محله ذلك أنه بعد أن استنفدت محكمة أول درجة ولايتها في الحكم في موضوع الدعوى ورأت محكمة الاستئناف أن الحكم المستأنف باطل لعيب في الإجراءات فإنه كان يتعين عليها أن لا تقف عند حد تقرير هذا البطلان بل كان لزاماً عليها أن تمضي في الفصل في موضوع الدعوى بحكم جديد تراعي فيه الإجراء الصحيح الواجب اتباعه، أما وقد انتهت الخصومة كلها بحكمها المطعون فيه وذلك بتقريرها بطلان الحكم الابتدائي متخلية بذلك عن الفصل في موضوع الدعوى فإنها تكون قد خالفت القانون.
ومن حيث إنه لكل ذلك يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً في خصوص الوجه الأول من السبب الأول وبرفض ما عدا ذلك من أوجه الطعن.