أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 163

جلسة 10 من يناير سنة 1976

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد صادق الرشيدي وعضوية السادة المستشارين: أديب قصبجي؛ محمد فاضل المرجوشي؛ شرف الدين خيري، محمد عبد العظيم عيد.

(42)
الطعن رقم 19 لسنة 40 القضائية

(1) تأميم شركات "شركات القطاع العام" مؤسسات عامة. عمل.
احتفاظ الشركة المؤممة بشخصيتها الاعتبارية المستقلة عن شخصية الدولة. بقاؤها من أشخاص القانون الخاص. علاقة العاملين بها. تعاقدية. صدور توصيات من رئيس الوزراء ووزير الاقتصاد بإلحاق الطاعن بخدمة تلك الشركة. عدم صلاحيتها كأداة للتعيين.
(2) عمل "عقد العمل".
اعتبار عقد العمل المحدد المدة مجدداً لمدة غير محددة. شرطه. استمرار الطرفين في تنفيذ بعد انقضاء مدته أو اتفاقهما على تجديده ولو بشروط جديدة.
(3) عمل "انتهاء عقد العمل". تأمينات اجتماعية.
حق المؤمن عليه في الاستمرار في العمل بعد سن الستين لاستكمال المدد الموجبة لاستحقاق المعاش. م 6 ق 63 لسنة 1964. قاصر على العامل بعقد غير محدد المدة. العقد المحدد المدة. انتهاؤه في أجل معين لا يرتبط بسن التقاعد.
1 - تأميم الشركة وجعلها تابعة لمؤسسة عامة لا ينفي عنها شخصيتها الاعتبارية وكيانها المستقل عن شخصية الدولة والمؤسسة العامة ولا يمس شكلها القانوني الذي كان لها قبل التأميم كما أن تبعية الشركة للمؤسسة العامة تقتصر على مجرد الإشراف عليها ورقابتها، وإذ كان مؤدى ذلك أن الشركة لا تدار عن طريق الدولة أو المؤسسة العامة وإنما تدار عن طريق مجلس إدارتها ومن ثم فهي لا تمثل جهازاً إدارياً ولا تعتبر من أشخاص القانون العام بل تظل رغم ملكية الدولة لها شخصاً من أشخاص القانون الخاص وتبقى علاقتها بالعاملين بها علاقة عقدية، وهو ما اتجه إليه الشارع عند وضعه نظم العاملين بالشركات والقطاع العام الصادرة بالقرارات الجمهورية 1598 لسنة 1961 و3546 لسنة 1962 و3309 لسنة 1966، فإن ما صدر عن وزير الاقتصاد ورئيس الوزراء من توجيهات بشأن إلحاق الطاعن بخدمة الشركة المطعون ضدها لا تعدو أن تكون مجرد توصيات غير ملزمة للشركة ولا تصلح كأداة لتعيينه فيها ولا أثر لها على عقدي العمل المبرمين بينها وبين الطاعن واللذين يحكمان وحدهما علاقته بها.
2 - متى كانت علاقة الطاعن بالشركة المطعون ضدها إنما تستند إلى عقدي العمل المبرمين بينهما، وكانت المادة 71/ 1 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 بعد تعديلها بالقانون رقم 94 لسنة 1962 تستلزم لاعتبار العقد المحدد المدة مجدداً لمدة غير محددة أن يستمر الطرفان في تنفيذ هذا العقد بعد انقضاء مدته أو أن يتفق الطرفان على تجديده ولو بشروط جديدة، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص في نطاق سلطته الموضوعية أن العقد الثاني مقطوع الصلة بالعقد الأول ولا يعتبر تجديداً أو استمراراً له ودلل على ذلك بأسباب سائغة، فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله.
3 - إذا كان الثابت أن علاقة الطاعن بالشركة المطعون ضدها هي علاقة عمل محددة المدة وكان الشارع إذ نص في المادة 6/ 1 من القانون رقم 63 لسنة 1964 بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية على أن يكون للمؤمن عليه الحق في الاستمرار في العمل بعد سن الستين متى كان قادراً على أدائه إذا كان من شأن ذلك استكمال مدد الاشتراك الموجبة للاستحقاق في المعاش، قد دل بذلك على أن مجال تطبيق هذه المادة مقصوراً على العامل بعقد غير محدد المدة ولا يتعداه إلى العامل بعقد محدد المدة لأن هذا العقد ينتهي في أجل معين ولا يرتبط بسن التقاعد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر...... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 765 سنة 1967 كلي دمنهور على الشركة المطعون ضدها وطلب الحكم أصلياً بإلغاء قرار الشركة بإنهاء عقد عمله وببقاء هذا العقد قائماً حتى نهاية ديسمبر سنة 1967 مع ما يترتب على ذلك من آثار، واحتياطياً بإلزام الشركة بأن تدفع له مبلغ 10.000 جنيه تعويضاً عن فصله بغير مبرر، وقال بياناً لها أنه كان يعمل سمساراً ببورصة العقود بالإسكندرية إلى أن أغلقت في 21 يونيه سنة 1961، وإذ رأت الدولة تعيين سماسرة هذه البورصة في المؤسسات والشركات فقد عين مع آخرين في الشركة المطعون ضدها بمقتضى كتاب وجهه إليها وزير الاقتصاد خلا من تحديد أية مدة لخدمتهم مراعاة لظروفهم إلا أن الشركة ألحقته بخدمتها بعقد مدته ثلاث سنوات تبدأ من 5 أغسطس سنة 1961 وتنتهي في 4 أغسطس سنة 1964 ثم أنهت خدمته وحده في هذا التاريخ، ولما عرض الأمر على رئيس الوزراء أمر بكتابه المؤرخ 10 يناير سنة 1965 بإعادته إلى عمله فأبرمت معه الشركة عقد عمل جديد لمدة سنتين تبدأ من 13 فبراير سنة 1965 وتنتهي في 12 فبراير سنة 1967 ثم أنهت خدمته اعتباراً من 13 فبراير سنة 1967. وإذ كان هذا الإنهاء مخالفاً للقانون ولم تستجب الشركة لتظلمه منه فقد انتهى إلى طلب الحكم له بطلباته، وبتاريخ 31 ديسمبر سنة 1968 قضت المحكمة الابتدائية برفض الدعوى فاستأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية وقيد استئنافه برقم 79 سنة 25 ق، وفي 12 نوفمبر سنة 1969 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق - النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن، وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت لنظره جلسة وفيها التزمت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن يقوم على ستة أسباب حاصل السببين الأول والرابع منها أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بتكييفه العلاقة بين الطاعن والشركة المطعون ضدها بأنها علاقة عمل يحكمها عقد العمل المبرم بينهما، هذا في حين أن تعيين الطاعن في الشركة لم يكن وليد إرادتها بل كان تنفيذاً لقرار صادر من وزير الاقتصاد بناء على قواعد وضعها مجلس الوزراء تقضي بإلحاق السماسرة بعد إغلاق بورصة العقود بأعمال مناسبة في المؤسسات والشركات، وقد رتب له هذا القرار وهو قرار إداري مركزاً قانونياً ذاتياً كشف عنه وأكده قرار رئيس الوزراء بإعادته إلى عمله بعد أن أنهت الشركة خدمته بانقضاء مدة العقد الأول مما يجعل علاقته بالشركة علاقة تنظيمية لا علاقة عقدية وما كان يجوز للشركة تبعاً لذلك أن تضع شروطاً للعمل لم يتضمنها ذلك القرار وتتعارض معه، كما أخطأ الحكم فيما قرره من أن مخالفة الأوامر والتوجيهات الصادرة من الوزير أو رئيس الوزراء للشركات المؤممة يقتصر أثره على علاقة الشركات بالجهات الإدارية ولا يمتد إلى عقود العمل التي تبرمها ذلك أن هذه الشركات قد آلت ملكيتها إلى الدولة والمؤسسات العامة فأصبحت هذه المؤسسات هي المهيمنة على كافة شئون وتصرفات الشركات التابعة لها باعتبارها إحدى وحدات الجهاز الإداري وعليها بالتالي أن تلتزم بتلك الأوامر والتوجيهات بوصف أنها قرارات إدارية تحدث مراكز قانونية معينة ومن ثم يجوز للغير الذي يفيد من هذه القرارات أن يتمسك بها في مواجهة الشركة ولا يعتبر طرفاً خارجاً عنها.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان تأميم الشركة وجعلها تابعة لمؤسسة عامة لا ينفي عنها شخصيتها الاعتبارية وكيانها المستقل عن شخصية الدولة والمؤسسة العامة ولا يمس شكلها القانوني الذي كان لها قبل التأميم، كما أن تبعية الشركة للمؤسسة العامة تقتصر على مجرد الإشراف عليها ورقابتها، وكان مؤدى ذلك أن الشركة لا تدار عن طريق الدولة أو المؤسسة العامة وإنما تدار عن طريق مجلس إدارتها ومن ثم فهي لا تمثل جهازاً إدارياً ولا تعتبر من أشخاص القانون العام بل تظل رغم ملكية الدولة لها شخصياً من أشخاص القانون الخاص وتبقى علاقاتها بالعاملين بها علاقة عقدية وهو ما اتجه إليه الشارع عند وضعه نظم العاملين بالشركات والقطاع العام الصادرة بالقرارات الجمهورية 1598 لسنة 1961، 3546 لسنة 1962، 3309 لسنة 1966، فإن ما صدر عن وزير الاقتصاد ورئيس الوزراء من توجيهات بشأن إلحاق الطاعن بخدمة الشركة المطعون ضدها لا تعدو أن تكون مجرد توصيات غير ملزمة للشركة ولا تصلح كأداة لتعيينه فيها ولا أثر لها على عقدي العمل المبرمين بينها وبين الطاعن واللذين يحكمان وحدهما علاقته بها. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر ورتب عليه قضاءه فإن النعي عليه بهذين السببين يكون على غير أساس.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم استبعد إعمال حكم المادة 71/ 1 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 - استناداً إلى أن عقد العمل الثاني لا يعتبر تجديداً أو استمراراً للعقد الأول في حين أنه وبفرض أن علاقته بالشركة بدأت محددة المدة بمقتضى هذا العقد الأخيرة فإن قرار رئيس الوزراء بإعادته إلى عمله يتأدى منه أن إرادة الجهة الإدارية قد انصرفت إلى استمرار علاقته بالشركة كما كانت دون اعتداد بالمدة التي عينها ذلك العقد وليس إلى إنشاء علاقة جديدة وإذا لجأت الشركة إلى إبرام عقد جديد معه محدد المدة فإن تصرفها هذا يكون قد داخله احتيال على القانون مما تتوافر معه الحكمة التي من أجلها وضع الشارع نص تلك المادة.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كانت علاقة الطاعن بالشركة المطعون ضدها إنما تستند وكما سبق بيانه في الرد على السببين السابقين - إلى عقدي العمل المبرمين بينهما وكانت المادة 71/ 1 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 بعد تعديلها بالقانون رقم 94 لسنة 1962 تستلزم لاعتبار العقد المحدد المدة مجدداً لمدة غير محددة أن يستمر الطرفان في تنفيذ هذا العقد بعد انقضاء مدته أو أن يتفق الطرفان على تجديده ولو بشروط جديدة، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص في نطاق سلطته الموضوعية أن العقد الثاني مقطوع الصلة بالعقد الأول ولا يعتبر تجديداً أو استمراراً له ودلل على ذلك بأسباب سائغة فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه أخطأ في القانون وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ويقول الطاعن في بيان ذلك أن الحكم لم يفطن إلى أن مسلك الشركة حياله يفيد أنها لم تقصد أن تكون علاقته بها محددة المدة ورغم النص في العقد الأول على أنها موقوتة بثلاث سنوات إذ الثابت أن الشركة فرضت هذا الشرط في عقود زملائه مع ذلك استمرت علاقتهم بها بعد انقضاء تلك المدة، هذا فضلاً عن أن الشركة لم تستند في إنهاء خدمته إلى انتهاء مدة هذا العقد بل أنهتها لتجاوز سن التقاعد ثم أمر رئيس الوزراء بإعادته إلى عمله استثناءاً من هذه القاعدة وهو ما يكشف عن أن نية الطرفين قد اتجهت إلى إنشاء علاقة دائمة لا ينفها كون ذلك العقد محدد المدة.
وحيث إن هذا النعي لا يخرج عن كونه مجادلة فيما حصله الحكم المطعون فيه بأسباب سائغة عن نصوص ذلك العقد وملابساته من أن إرادة الطرفين قد انصرفت عند التعاقد إلى جعل مدته موقوتة بثلاث سنوات وهو ما لا يقبل أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل السبب الخامس أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم استبعد تطبيق المادة 6 من القانون رقم 63 لسنة 1964 على حالته مستنداً في ذلك إلى أن عمله موقوت بانتهاء مدة العقد وأنه لا يفيد من حكم هذه المادة سوى العامل الدائم دون المؤقت مع أنه كان يشغل وظيفة دائمة فلا يعتبر عاملاً مؤقتاً لأن العبرة في التمييز بين العامل المؤقت والعامل الدائم هو بنوع العمل المسند إليه فضلاً عن أن علاقته بالشركة بدأت غير محددة المدة أو أصبحت كذلك بعد صدور قرار رئيس الوزراء بإعادته إلى عمله.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان الثابت أن علاقة الطاعن بالشركة المطعون ضدها وعلى ما سبق بيانه في الرد على الأسباب السابقة - هي علاقة عمل محددة المدة، وكان الشارع إذ نص في المادة 6/ 1 من القانون رقم 63 لسنة 1964 بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية على أن يكون للمؤمن عليه الحق في الاستمرار في العمل بعد سن الستين متى كان قادراً على أدائه إذا كان من شأن ذلك استكمال مدد الاشتراك الموجبة للاستحقاق في المعاش قد دل بذلك على أن مجال تطبيق هذه المادة مقصوراً على العامل بعقد غير محدد المدة ولا يتعداه إلى العامل بعقد محدد المدة لأن هذا العقد ينتهي في أجل معين ولا يرتبط بسن التقاعد، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض إعمال حكم تلك المادة على حالة الطاعن يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الأخير أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه رفض طلب الطاعن الاحتياطي بالتعويض مع أن الشركة قد تعسفت في فصله إذ أنها لم تعرض أي مبرر مقبول يرتب إنهاء خدمته كما أنه لا يجوز لها الاستناد في ذلك إلى أن عقد عمله محدد المدة لأنه وقع على هذا العقد نتيجة إكراه واقع عليه هو حاجته إلى مرتبه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه قد نفى لأسباب سائغة في حدود سلطته التقديرية وقوع إكراه مؤثر على إرادة الطاعن عند التقاعد وانتهى صحيحاً إلى أن الشركة المطعون ضدها لم تفصله بل أنهت عقده لحلول أجله ومن ثم يكون هذا النعي بدوره على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.