أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 4 - صـ 837

جلسة 2 من إبريل سنة 1953
(119)
القضية رقم 343 سنة 21 قضائية

برياسة حضرة الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة وحضور حضرات الأساتذة عبد العزيز محمد وكيل المحكمة ومصطفى فاضل وأحمد العروسي ومحمود عياد المستشارين.
ضرائب. تركة. رسم الأيلولة على التركات. الأساس الذي يبنى عليه تحصيل رسم الأيلولة على تركة أجنبي له مال مستثمر في مصر. المادة 2 من القانون رقم 142 لسنة 1944.
نص القانون رقم 142 لسنة 1944 في الفقرة الثالثة من المادة الثانية على أن رسم الأيلولة على التركات يسري على الأموال المنقولة الموجودة في مصر والمخلفة عن مورث أجنبي له محل توطن شرعي في مصر أو له عمل أو مال يستثمر في المملكة المصرية. ومفاد ذلك أن هذا الرسم لا يفرض إلا في الأحوال التي وردت في المادة المذكورة على سبيل الحصر، ومنها أن يكون للأجنبي مال مستثمر في مصر، فإذا كان له مال منقول غير مستثمر فيها فإنه لا يخضع لرسم الأيلولة على التركات بالغة ما بلغت قيمته ولما كانت العلة في اقتضاء الرسم في هذه الحالة هي أن يكون المال مستثمراً في مصر، وكان المعلول يدور مع علته وجوداً أو عدماً، فإن رسم الأيلولة في هذه الحالة إنما يتحدد بمقدار المال المستثمر في مصر ولا يتعداه إلى الأموال المنقولة الأخرى التي لا تستثمر فيها إذ ليس من المستساغ القول بأنه لمجرد وجود مال منقول لأجنبي مستثمر في مصر مهما قلت قيمته يفرض رسم الأيلولة على جميع أمواله المنقولة الأخرى الموجودة في مصر والتي لا تكون مستثمرة فيها ويؤكد هذا النظر ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون السالف الذكر من أنه "إذا لم يكن للأجنبي المتوفى محل توطن شرعي في مصر فإن تركته تكون مع ذلك خاضعة لرسم الأيلولة إذا كان له مال يستثمر في مصر وبقدر هذا المال". وإذن فمتى كان الحكم إذ قضى بأن المبالغ المودعة ببنك باركليز والمخلفة عن مورثة المطعون عليهما لا تخضع لرسم الأيلولة على التركات أسس قضاءه في هذا الخصوص على أنه لا خلاف بين الطاعنة والمطعون عليهما في أن المبالغ المودعة في البنك المذكور لا تستثمر في ذاتها، وعلى أنه يشترط لإخضاع الأموال المنقولة الموجودة في مصر والمخلفة عن مورث أجنبي لهذا الرسم أن تكون مستثمرة في مصر، فإن هذا الذي قرره الحكم لا خطأ فيه.


المحكمة

من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعة الدعوى - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن مورثة المطعون عليهما - زين أسبانيان الإيرانية الجنسية توفيت في 26 من يونيو سنة 1945 بمدينة لوزان بسويسرا، وأنها كانت قبل ذلك تقيم بمدينة نيس بفرنسا، وقد خلفت في مصر تركة قدرتها لجنة تقدير التركات بمبلغ 50158 جنيهاً و67 مليماً فعارض المطعون عليهما في هذا التقدير وأقاما الدعوى رقم 435 سنة 1948 تجاري القاهرة الابتدائية على الطاعنة وقالا فيها إن اللجنة قدرت قيمة الأرض الزراعية بمبلغ 2539 جنيهاً و223 مليماً في حين أن قيمتها الحقيقية لا تزيد على ربع هذا المبلغ، وإن المورثة لم يكن لها موطن شرعي بمصر. ولم تكن تزاول بها أي عمل، ولهذا لا يخضع لرسم الأيلولة على تركتها إلا الأموال الثابتة والمنقولة المستثمرة في مصر، فلا تخضع النقود المودعة ببنك باركليز والتي لا يعطي عنها البنك فوائد، وكذلك شهادات تحفظات شركة قناة السويس. وطلبا أصلياً تقدير الأرض الزراعية على أساس ما يدفع عنها من الأموال، واعتبار النقود والأوراق الأخرى المودعة ببنك باركليز غير خاضعة لرسم الأيلولة على التركات. واحتياطياً تعيين خبير لتقدير قيمة الأرض وقيمة تحفظات شركة قناة السويس والأسهم والسندات الأخرى على أساس سعرها وقت وفاة المورثة. وفي 5 من مايو سنة 1945 قضت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه باعتبار المبالغ المودعة في بنك باركليز غير خاضعة لرسم الأيلولة على التركات، وبرفض ما عدا ذلك من الطلبات. وقد استند الحكم في قضائه بعدم إخضاع النقود المودعة بالبنك لرسم الأيلولة على التركات إلى أن إخضاع هذه الأموال للضريبة لا يكون إلا بتوافر الشروط الثلاثة المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة الثانية من قانون ضرائب التركات وهذه الشروط الثلاثة وهي إما وجود محل توطن شرعي في مصر للأجنبي المتوفى وإما وجود عمل له في مصر، أو وجود مال يستثمر له في مصر "وهي شروط لا نزاع في أن واحداً منها لا يتحقق بالنسبة إلى مورثة الطاعنين"، وإلى أنه يتعين وفقاً للمادة المشار إليها أن يكون المال في ذاته مستثمراً في مصر، ولا شأن في ذلك للمصدر الذي نتج منه هذا المال ولو كان هذا المصدر هو مال مستثمر في مصر، فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم وقيد استئنافها برقم 41 سنة 67 ق تجاري القاهرة وطلبت فيه إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من اعتبار المبالغ النقدية غير خاضعة لرسم الأيلولة على التركات وبجلسة 7/ 2/ 1951 رفع المطعون عليهما استئنافاً فرعياً قيد برقم 49 سنة 68 ق وطلبا إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من اعتبار تحفظات شركة قناة السويس والأسهم والسندات المودعة في بنك باركليز خاضعة لرسم الأيلولة وفيما قضى به من تقدير قيمة الأرض بمبلغ 2535 جنيهاً و223 مليماً وفي 16 من مايو سنة 1951 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً، وفي موضوعهما برفضهما وتأييد الحكم المستأنف فقررت الطاعنة الطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على سبب واحد يتحصل في أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من اعتبار المبالغ المودعة ببنك باركليز غير خاضعة لرسم الأيلولة على التركات استناداً إلى أن الأموال المنقولة الموجودة في مصر والمخلفة عن مورث أجنبي - لا تخضع لرسم الأيلولة على التركات إلا إذا توافرت الشروط الثلاثة المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة الثانية من القانون رقم 142 لسنة 1944، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، لأن نص المادة المشار إليها صريح في سريان الرسم على كل الأموال المنقولة الموجودة في مصر والتي يتوفى عنها أجنبي إذا توافر شرط واحد من الشروط الثلاثة التي أوردتها، وهي التوطن الشرعي بمصر أو العمل بها أو وجود مال له مستثمر فيها، فإذا كان للمورث الأجنبي مال مستثمر في مصر خضعت جميع أمواله المنقولة الموجودة بمصر لرسم الأيلولة على التركات، ما كان منها مستثمراً أو غير مستثمر، ذلك لأن حق الدولة في فرض الضرائب والرسوم يرجع إلى مبدأين هما التبعية السياسية والتبعية الاقتصادية وقد أخذ المشرع المصري بها في المادة الثانية من القانون رقم 142 لسنة 1944. ولما كان الحكم المطعون فيه قد قرر في أسبابه أن مورثة المطعون عليهما تركت أموالاً مستثمرة في مصر أخضعها فعلاً لرسم الأيلولة، كان لزاماً أن يقضى بإخضاع كافة أموالها المنقولة الموجودة لهذا الرسم.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه إذ قضى بأن المبالغ المودعة ببنك باركليز والمخلفة عن مورثة المطعون عليهما لا تخضع لرسم الأيلولة على التركات، فإنه قد أسس قضاءه في هذا الخصوص على أنه لا خلاف بين الطاعنة وبين المطعون عليهما في أن المبالغ المودعة ببنك باركليز لا تستثمر في ذاتها وعلى أنه يشترط لإخضاع الأموال المنقولة الموجودة في مصر والمخلفة عن مورث أجنبي لهذا لرسم أن تكون مستثمرة في مصر. وهذا الذي قرره لا خطأ فيه ذلك أن القانون رقم 142 لسنة 1944 نص في الفقرة الثالثة من المادة الثانية منه على أن رسم الأيلولة على التركات يسري على الأموال المنقولة الموجودة في مصر والمخلفة عن مورث أجنبي له محل توطن شرعي في مصر أو له عمل أو مال يستثمر في المملكة المصرية ومفاد ذلك أن هذا الرسم لا يفرض إلا في الأحوال التي وردت في المادة المذكورة على سبيل الحصر، ومنها أن يكون للأجنبي مال مستثمر في مصر، فإذا كان له مال منقول غير مستثمر فيها فإنه لا يخضع لرسم الأيلولة على التركات بالغة ما بلغت قيمته، ولما كانت العلة في اقتضاء الرسم في هذه الحالة أن يكون المال مستثمراً في مصر، وكان المعلول يدور مع علته وجوداً أو عدماً، فإن رسم الأيلولة في هذه الحالة إنما يتحدد بمقدار المال المستثمر في مصر ولا يتعداه إلى الأموال المنقولة الأخرى التي لا تستثمر فيها إذ ليس المستساغ القول بأنه لمجرد وجود مال منقول لأجنبي مستثمر في مصر مهما قلت قيمته يفرض رسم الأيلولة على جميع أمواله المنقولة الأخرى الموجودة في مصر والتي لا تكون مستثمرة فيها. ويؤكد هذا النظر ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون السالف الذكر من أنه "إذا لم يكن للأجنبي المتوفى محل توطن شرعي في مصر فإن تركته تكون مع ذلك خاضعة لرسم الأيلولة إذا كان له مال يستثمر في مصر وبقدر هذا المال...".
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.