أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 4 - صـ 865

جلسة 9 من إبريل سنة 1953
(124)
القضية رقم 372 سنة 21 القضائية

برياسة حضرة الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة، وحضور حضرات الأساتذة سليمان ثابت ومحمد نجيب أحمد وعبد العزيز سليمان وأحمد العروسي المستشارين.
حق الحبس. التخلي الاختياري عن الحيازة المسقط لحق الحبس. هو واقعة مادية. للمحكمة استخلاصها من ظروف الدعوى وملابساتها. مثال.
التخلي عن الحيازة المسقط لحق الحبس واقعة مادية لمحكمة الموضوع أن تستخلصها من ظروف الدعوى وملابساتها ومن المستندات المقدمة فيها. وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه قد استخلص تخلي الطاعن باختياره عن حيازة العين التي يطلب تمكينه من وضع يده عليها من توقفه عن أعمال البناء قبل رفع المطعون عليها دعوى إثبات حالة البناء وإصراره على عدم إتمام البناء مما اضطر المطعون عليها إلى الاتفاق مع مقاول آخر لإتمام ما لم يقم الطاعن بتنفيذه، ومن أن مذكرة الطاعن بقسم البوليس لم تتضمن ما يدل على صحة دعواه من أنه طرد من البناء في تاريخ تحريرها أو أن تابعاً للمطعون عليها قد اعترف بأنها أمرته بمنع الطاعن من دخول العقار، وخلصت المحكمة من استعراض هذه الوقائع ومن مراجعة الخطابات والإنذارات المتبادلة بين الطرفين إلى أن تخلي الطاعن عن حيازته كان بمحض اختياره، وكانت هذه القرائن التي استند إليها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.


المحكمة

من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعة الدعوى - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 213 سنة 1950 الجمرك على المطعون عليها، وطلب فيها الحكم بتمكينه من إعادة وضع يده على العقار المبين بصحيفتها، وقال شرحاً لدعواه إن المطعون عليها قد عهدت إليه بإقامة عمارة لها بالإسكندرية بمقتضى عقد مقاولة محرر في 10 من فبراير سنة 1949 والتزمت فيه بأن ترهن الأرض والعمارة ضماناً لمبلغ 12800 جنيه فلما امتنعت عن إجراء الرهن رفع عليها دعوى بإثبات التعاقد فأقامت المطعون عليها دعوى مستعجلة بإثبات حالة البناء وفي صباح يوم 27 من يناير سنة 1951 حضر زوج المطعون عليها مع عدد كبير من العمال واقتحموا المبنى موضوع التعاقد وأخرجوه منه عنوة، فحرر مذكرة - رقم 21 أحوال قسم الجمرك وقد أقر فيها أحد تابعي المطعون عليها بأنها أمرته بالتعدي بالقوة وانتزاع المبنى منه، وأنه يؤسس دعواه على أن حق حبس العين المذكورة مقرر له بالقانون وبالعقد المحرر بينه وبين المطعون عليها ضماناً لحقوقه الناشئة من البناء الذي قام به، وأنه من حقه طلب استرداد حيازته. فردت المطعون عليها بأن الطاعن هو الذي توقف عن إتمام البناء من تلقاء نفسه بسبب الخلاف الذي قام بينهما على شروط عقد الرهن. إذ الطاعن وضع شروطاً لا تتفق مع شروط عقد المقاولة، وأنكرت عليه ادعاءه بأنها طردته من المبنى وقالت إنه هو الذي تخلى بمحض اختياره عن حيازته وامتنع عن إتمام البناء التي التزم به في عقد المقاولة وفي 28 من إبريل سنة 1951 قضت المحكمة للطاعن بطلباته فاستأنفت المطعون عليها وقيد استئنافها برقم 282 سنة 1951 الإسكندرية الابتدائية، وفي 14 من يونيه سنة 1951 قضت المحكمة في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الطاعن فقرر الطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على سببين يتحصل السبب الأول منهما في أن الحكم المطعون فيه خالف القانون إذ لم يفرق بين توقف الطاعن عن أعمال البناء بسبب عدم توقيع المطعون عليها على عقد الرهن التأميني وبين تخليه عن حيازة العقار فاعتبر مجرد التوقف عن العمل تخلياً عن الحيازة ومسقطاً لحقه في استردادها، في حين أن العمل أمر مستقل بذاته ولا يستتبع حتماً التخلي عن الحيازة.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأنه لما كان التخلي عن الحيازة واقعة مادية لمحكمة الموضوع أن تستخلصها من ظروف الدعوى وملابساتها ومن المستندات المقدمة فيها، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص تخلي الطاعن باختياره عن حيازة العين التي يطلب تمكينه من وضع يده عليها من توقفه عن أعمال البناء من قبل رفع المطعون عليها دعوى إثبات حالة البناء وإصراره على عدم إتمام البناء مما اضطر المطعون عليها إلى الاتفاق مع مقاول آخر لإتمام ما لم يقم الطاعن بتنفيذه، ومن أن مذكرة الطاعن رقم 121 أحوال قسم بوليس الجمرك لم تتضمن ما يدل على صحة دعواه من أنه طرد من البناء في تاريخ تحريرها أو أن تابعاً للمطعون عليها قد اعترف بأنها أمرته بمنع الطاعن من دخول العقار وخلصت المحكمة من استعراض هذه الوقائع ومن مراجعة الخطابات والإنذارات المتبادلة بين طرفي الخصوم إلى أن تخلي الطاعن عن حيازته كان بمحض اختياره ولما كانت هذه القرائن التي استند إليها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم أخطأ في فهم الواقع في الدعوى، لأنه ثابت من أوراقها أن المطعون عليها اعترفت في مرافعتها أمام قاضي الأمور المستعجلة بأنها قد أحضرت خفيراً لتحول دون تعرض الطاعن للقائمين بإتمام أعمال البناء، وهذا إقرار صريح بسلب الحيازة بالقوة وأنه ثابت أيضاً أن أدوات الطاعن قد ظلت بالعين محل النزاع ولم يتمكن من استلامها إلا في 11 من إبريل سنة 1950 بمقتضى محضر تسليم حرر بين الطرفين وثابت كذلك من الأوراق أن دعوى استرداد الحيازة رفعت بعد ثلاثة أيام من تحرير المذكرة رقم 21 أحوال قسم بوليس الجمرك في 27 من يناير سنة 1950، ومن هذا يكون ما استخلصته المحكمة من أن الطاعن قد تخلى باختياره عن حيازته قد جاء مناقضاً لما هو ثابت بالأوراق.
ومن حيث إن هذا السبب غير مقبول ذلك لأن الطاعن لم يقدم ما يدل على أنه تمسك بهذا الدفاع لدى محكمة الموضوع فلا تجوز له إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة.
ومن حيث إنه لذلك يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.