أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 257

جلسة 21 من يناير سنة 1976

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمود عباس العمراوي وعضوية السادة المستشارين: مصطفى كمال سليم، مصطفى الفقي، محمد البنداري العشري، أحمد سيف الدين سابق.

(60)
الطعن رقم 110 لسنة 40 القضائية

(1) بيع. بطلان. نظام عام.
تصرف المشتري في العقارات المبيعة له من الدولة قبل أداء الثمن كاملاً وملحقاته. باطل بطلاناً مطلقاً 100 لسنة 1964.
(2) حكم. "التناقض في الحكم". "ما لا يعد كذلك". دعوى. "دعوى صحة التعاقد". عقد. بطلان. "بطلان التصرفات".
القضاء بصحة ونفاذ عقد البيع في شق منه وإبطاله فيما زاد عن ذلك. عدم التدليل على أن الشق الباطل لا ينفصل عن جملة التعاقد. النعي على الحكم بالتناقض. لا أساس له.
1 - النص في المادة 60 من القانون 100 لسنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها على أنه "لا يجوز لمن تؤل إليه ملكية عقار من العقارات التي تسري عليها أحكام هذا القانون أن يتصرف فيه كله أو بعضه إلا بعد أداء ثمنه كاملاً وملحقاته..... وكل تصرف يترتب عليه مخالفة حكم الفقرة السابقة يقع باطلاً ولا يجوز شهره" والنص في الفقرة الثانية من المادة 47 على أنه ومع مراعاة ما تقضي به المادة 970 من القانون المدني يقع باطلاً كل تصرف أو تقرير لحق عيني أو تأجير يتم بالمخالفة لأحكام هذا القانون ولا يجوز شهره ويجوز لكل ذي شأن طلب الحكم بهذا البطلان وعلى المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها يدل على أن الشارع رتب جزاء البطلان المطلق للتصرف الذي يتم بالمخالفة لأحكامه وتقضي به المحكمة من تلقاء نفسها، وإذ قضى الحكم ببطلان عقود البيع الأربعة الصادرة للطاعنين من آخرين كانوا قد اشتروا من مصلحة الأملاك ولم يسددوا كامل الثمن فإنه لا يكون قد خالف القانون، ولا يغير من ذلك التزام المطعون ضدهم بسداد باقي الثمن لمصلحة الأملاك قبل تصرف المشترين فيها للطاعنين وتصرف هؤلاء للمطعون ضدهم طالما لم يحصل هذا السداد بما يترتب عليه بطلان التصرف.
2 - لا تناقض في قضاء الحكم بصحة ونفاذ العقد عن - جزء من الأطيان المبيعة - وإبطاله فيما زاد عن ذلك عملاً بالمادة 143 من القانون المدني ومقتضاها أنه إذا كان العقد في شق منه باطلاً فهذا الشق وحده هو الذي يبطل إلا إذا تبين أن العقد ما كان ليتم بغير الشق الذي وقع باطلاً وهو ما لم يقم الدليل عليه باعتباره لا ينفصل عن جملة التعاقد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم الثلاثة الأول رفعوا الدعوى رقم 176 لسنة 1966 مدني كلي دمياط طالبين الحكم بصحة عقد البيع الصادر لهم من الطاعنين عن أربعة عشر فداناً مبينة بصحيفة الدعوى مقابل ثمن قدره 3800 ج دفعوا منه 1500 ج عند التعاقد وتعهدوا بسداد 800 ج عند التسليم في 15/ 4/ 1966 وحرروا سندين كل منهما بمبلغ 500 ج والتزموا بدفع الباقي وقدره 500 جنيه لمصلحة الأملاك الأميرية سداداً لباقي ثمن الأراضي المبيعة وبالجلسة قرروا أنه تبين لهم أن ما يملكه الطاعنان عشرة أفدنة فقط وأن الأربعة الأفدنة الأخرى مملوكة للغير وعدلوا طلباتهم إلى طلب الحكم بصحة البيع عن عشرة أفدنة شائعة 14 س، 2 ط، 28 ف، مقابل ما يخصها من الثمن ومقداره 2714.300 ج تسدد منه مبلغ 1500 ج بموجب العقد ومبلغ 636.500 ج لمصلحة الأملاك والباقي ومقداره 577.800 ج أودع خزانة المحكمة بعد عرضه على الطاعنين ورفضهما قبوله. وأدخلوا مصلحة الأملاك خصماً في الدعوى دفع الطاعنان بعدم قبول الدعوى لعدم سداد كامل الثمن المقدر للصفقة كلها لأنه لا تجوز تجزئتها. ورفعا الدعوى رقم 91 سنة 1967 مدني كلي دمياط بطلب فسخ عقد البيع استناداً إلى أن المطعون ضدهم لم ينفذوا التزامهم بسداد مبلغ 800 ج المستحق في 15/ 4/ 1966 وسداد مبلغ الألف جنيه الذي تحرر به سندين استحقاقي 1/ 10/ 1966 و10/ 2/ 1967 وقررا أنهما يملكان التصرف في الأطيان المبيعة لأنهما يملكان 10 أفدنة بالشراء من مصلحة الأملاك ويملكان الأربعة الأفدنة المكملة للصفقة بالشراء من آخرين ضمن 14 س، 2 ط، 18 ف اشتروها بدورهم من مصلحة الأملاك وأضافا أنه لما قعد المطعون عليهم عن سداد مصلحة الأملاك قاما بسداد مبلغ منه. قررت المحكمة ضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد وقدمت مصلحة الأملاك مذكرة طلبت فيها رفض دعوى صحة عقد البيع لأنه لم يثبت توافر الشروط المنصوص عليها في المادة 25 من القانون رقم 100 لسنة 1964 في المشترين - المطعون ضدهم - مما يجعل التصرف باطلاً، وبتاريخ 21/ 3/ 1968 حكمت المحكمة أولاً بصحة عقد البيع الصادر للطاعنين من مصلحة الأملاك ببيع 10 أفدنة - وثانياً: بصحة عقد البيع الصادر من الطاعنين للمطعون ضدهم ببيع عشرة أفدنة شائعة في 28 فداناً مقابل ثمن قدره 2714.300 ج والتسليم - ثالثاً: برفض دعوى الفسخ. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 102 سنة 1 ق (مأمورية دمياط) بمحكمة استئناف المنصورة وأثناء نظره أقام المطعون ضدهم استئنافاً فرعياً طلبوا فيه تعديل الحكم بجعل العشرة الأفدنة المحكوم بصحة بيعها مفرزة ومحددة بالحدود الواردة بعقد مصلحة الأملاك. وبتاريخ 9/ 12/ 1969 حكمت المحكمة أولاً: بتأييد الحكم المستأنف بالنسبة لرفضه دعوى الفسخ. ثانياً: بتعديل الحكم بصحة عقد البيع بجعل العشرة الأفدنة مفرزة محدودة بالحدود المبينة بعقد مصلحة الأملاك. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض على المحكمة في غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول من سببي الطعن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله من أربعة أوجه حاصل أولهما أن الحكم المطعون فيه قضى للمطعون ضدهم بصحة عقد البيع عن عشرة أفدنة فقط مع أنهم باعوهم 14 فداناً شائعاً في 14 س و2 ط و28 ف آلت لهما عشرة أفدنة بالشراء من مصلحة الأملاك والباقي بالشراء بأربعة عقود آخرين اشتروها من مصلحة الأملاك استناداً لبطلان هذه العقود الأربعة لمخالفة النص المانع من التصرف لعدم الوفاء لمصلحة الأملاك بكامل الثمن وفقاً للمادة 60 من القانون رقم 100 لسنة 1964 على الرغم من أن مصلحة الأملاك لم تتمسك بذلك فضلاً عن أن الحكم لم يستظهر ما إذا كان هذا القانون يسري على هذه الأطيان طبقاً للمادة الأولى منه وحاصل الوجه الثاني أن عدم سداد باقي الثمن لمصلحة الأملاك يرجع لتقصير المطعون ضدهم الذين التزموا بسداده في العقد فلا يصح أن يضار الطاعنان بما يترتب على ذلك من إبطال العقود الأربعة الصادرة لهما وحاصل الوجه الثالث أن القدر المبيع للمطعون ضدهم هو 14 فداناً تدخل في حدود النصاب الجائز للطاعنين تملكه وفق القانون رقم 100 لسنة 1964 وهو عشرون فداناً لكليهما وإذ قضى الحكم بالبطلان فيما زاد على عشرة أفدنة يكون قد خالف القانون وحاصل الوجه الرابع تناقض الحكم المطعون فيه إذ قضى ببطلان عقد البيع الصادر للمطعون ضدهم عن أربعة أفدنة تأسيساً على بطلان العقود الأربعة الصادرة للطاعنين وفي ذات الوقت قضى بصحة العقود بالنسبة للعشرة الأفدنة مع أن سبب البطلان قائم بالنسبة لبيع هذه العشرة الأفدنة كما هو قائم بالنسبة للعقود الأربعة فيما لو أخذ بوجهة نظر الحكم.
وحيث إن هذا النعي مردود في الأوجه الثلاثة الأولى بأن النص في المادة 60 من القانون 100 لسنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة ملكية خاصة والتصرف فيها على أنه "لا يجوز لمن تؤول ملكية عقار من العقارات التي تسري عليها أحكام هذا القانون أن يتصرف فيه كله أو بعضه إلا بعد أداء ثمنه كاملاً وملحقاته..... وكل تصرف يترتب عليه مخالفة حكم الفقرة السابقة يقع باطلاً ولا يجوز شهره" والنص في الفقرة الثانية من المادة 47 على أنه "ومع مراعاة ما تقضي به المادة 970 من القانون المدني يقع باطلاً كل تصرف أو تقرير لحق عيني أو تأجير يتم بالمخالفة لأحكام هذا القانون ولا يجوز شهره ويجوز لكل ذي شأن طلب الحكم بهذا البطلان وعلى المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها" يدل على أن الشارع رتب جزاء البطلان المطلق للتصرف الذي يتم بالمخالفة لأحكامه وتقضي به المحكمة من تلقاء نفسها وإذ قضى الحكم ببطلان عقود البيع الأربعة الصادرة للطاعنين من آخرين كانوا قد اشتروا من مصلحة الأملاك ولم يسددوا كامل الثمن فإنه لا يكون قد خالف القانون ولا يغير من ذلك التزام المطعون ضدهم بسداد باقي الثمن لمصلحة الأملاك قبل تصرف المشترين منها للطاعنين وتصرف هؤلاء للمطعون ضدهم طالما لم يحصل هذا السداد بما يترتب عليه بطلان التصرف ولا محل للنعي على الحكم بالوجه الثالث إغفاله بحث نصاب الملكية لأن قضاءه بالبطلان استند لسبب آخر يكفي لحمله هو عدم الوفاء بكامل الثمن دون حاجة لأي أساس آخر مما يجعل هذا النعي غير منتج. أما عن النعي على الحكم المطعون فيه بالوجه الرابع فمردود بأنه أقام قضاءه على أنه لم يبق للطاعنين بعد إبطال العقود الأربعة سوى العشرة الأفدنة وقد أقرا بدخولها في عقد البيع الصادر منهما للمطعون ضدهم الثلاثة الأول ومن ثم فلا تناقض في قضاء الحكم بصحة ونفاذ العقد عن العشرة الأفدنة وإبطاله فيما زاد عن ذلك عملاً بالمادة 143 من القانون المدني ومقتضاها أنه إذا كان العقد في شق منه باطلاً فهذا الشق وحده هو الذي يبطل إلا إذا تبين أن العقد ما كان ليتم بغير الشق الذي وقع باطلاً وهو ما لم يقم الدليل عليه باعتباره لا ينفصل عن جملة التعاقد.
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني من أسباب الطعن أنه لم يرد على دفاعهما بمذكرتها المقدمة لجلسة 9/ 12/ 1969 من أن المطعون ضدهم ادعوا سداد 626 جنيه و500 مليم لمصلحة الأملاك خصماً من الثمن حالة أنهما سددا المستحق عليهما جميعه وقدره مائتا جنيه بموجب ثلاثة إيصالات قدماها في تاريخ يسبق السداد المدعى به من المطعون ضدهم فيكون المطعون ضدهم قد سددوا ما ليس مستحقاً عليها وهم وشأنهم مع مصلحة الأملاك وهذا يجعل العرض والإيداع الحاصل منهم بأقل مما هو مستحق عليهم بمقدار ما دفعوه لمصلحة الأملاك فضلاً عن ثمن الأربعة الأفدنة أما عن طلبهم باستئنافهم الفرعي جعل البيع مفرزاً فيخالف ما نص عليه بعقد البيع من أن البيع شائع في 28 فدان و2 قيراط و14 سهماً بما يبطل الحكم للقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك بأن الحكم المطعون فيه قد رد على ما آثاره الطاعنان من أنهما سددا دين مصلحة الأملاك بالإيصالات المقدمة منهما بقوله "إنه بالرجوع إلى هذه الإيصالات يتبين أن الدافع في هذه الإيصالات للمبالغ الواردة بها هو من يدعى..... وأن أولهما بمبلغ 46.137 ج ثمن الأطيان والفوائد الإضافية لغاية سنة 1966.... جريدة رقم 57 والثاني بمبلغ 86.446 ج ثمن أطيان وفوائد لغاية سنة 1966 نبيهه بدر عامر جريدة رقم 58 والثالث بمبلغ 72.387 ج ثمن الأطيان والفوائد لغاية سنة 1966..... جريدة رقم 60 ومن ثم فالإيصال الثاني الوارد باسم.... لا علاقة له بثمن العشرة الأفدنة المبيعة من مصلحة الأملاك للمستأنفين وإنما هو خاص بالبيعة الخاصة..... التي تصرفت بالبيع للمستأنفين بالعقد الرابع السالف الإشارة إليه وأن مجموع الإيصالين الآخرين 118.524 ج وإذ كان المستأنفان لم يقدما ما يفيد الثمن الذي اشترى به كل منهما الخمسة الأفدنة من مصلحة الأملاك ومقدار ما سدداه من هذا الثمن حتى يمكن تبين أن ما سدده المستأنف عليهم الثلاثة الأول من ثمن هذه الصفقة لمصلحة الأملاك كان عن طريق الخطأ خصوصاً وقد التزم هؤلاء في عقد البيع بتسديد مبلغ 500 ج من الثمن المتعاقد عليه إلى مصلحة الأملاك بل اكتفى المستأنفان بالإيصالات سالفة البيان مدخلين فيها ما سددته..... عن صفقة أخرى ولما كان الإيصالان الصادران لاسمهما لا يدلان على أن قيمتها هي كل الثمن الباقي وملحقاته عن صفقة العشرة الأفدنة فإنهما بذلك لم يثبتا أن المستأنف عليهم الثلاثة قد دفعوا خطأ إلى مصلحة الأملاك مبلغ 636.500 ج الباقي من ثمن الصفقة والتي لم تجادل المصلحة في سداده" وهذا الذي أورده الحكم يعتبر رداً سائغاً على دفاع الطاعنين يدخل في سلطة محكمة الموضوع. أما عن قضاء المحكمة بصحة ونفاذ عقد البيع عن عشرة أفدنة محددة فقد بررته في حدود سلطتها الموضوعية تبريراً سائغاً بأن الطاعنين لا يملكان التصرف إلا في العشرة الأفدنة المبيعة لهما من مصلحة الأملاك وهي مفرزة وليست شائعة بما يعتبر رداً كافياً على ما آثاره الطاعنان من أن البيع على الشيوع.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن بسببيه متعين الرفض.