أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 4 - صـ 880

جلسة 16 من إبريل سنة 1953
(129)
القضية رقم 234 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة وحضور الأساتذة عبد العزيز محمد وكيل المحكمة ومصطفى فاضل وأحمد العروسي ومحمود عياد المستشارين.
( أ ) حكم. تسبيبه. تمسك الطاعن بأن الاتفاق الذي تم بينه وبين المطعون عليه الثاني لا يمكن وصفه قانوناً بأنه عقد بيع وتمسكه أيضاً بأن هذا الاتفاق معلق على شرط واقف لم يتحقق. رد الحكم على الشطر الأول. من الدفاع واعتباره الاتفاق عقد بيع. عدم رده على الشرط الثاني من الدفاع مع أنه جوهري. قصور.
(ب) بيع. دائن. حكم. تسبيبه. للمشتري استعمالاً لحق مدينه أن يطلب من البائع للبائع له أن يوقع على عقد بيع صالح للتسجيل لمن اشترى منه. ليس للمشتري أن يطلب من البائع لبائعه أن يوقع له هو على عقد صالح للتسجيل. تقرير الحكم أن البائع الأصلي مسئول لعدم استجابته لإنذار المشتري من المشتري منه بأن يوقع له مباشرة على عقد بيع صالح للتسجيل. مخالفة للقانون وقصور.
1 - متى كان يبين من الأوراق أن الطاعن تمسك بأن الاتفاق الذي تم بينه وبين المطعون عليه الثاني لا يمكن أن يوصف قانوناً بأنه عقد بيع كما تمسك بأن نفاذ هذا الاتفاق قصد أن يكون معلقاً على شرط واقف هو قيام المطعون عليه الثاني في يوم معين بالوفاء بالالتزامات التي رتبها حكم رسو المزاد على الطاعن وأن عدم تحقق هذا الشرط الواقف يترتب عليه عدم قيام التزام الطاعن أصلاً، وكان الحكم المطعون فيه قد اكتفى بالرد على الشطر الأول من دفاع الطاعن مقرراً أن الاتفاق المشار إليه هو بيع صحيح ولكنه أغفل الرد على الشطر الآخر من الدفاع وهو دفاع جوهري لا يغني التقرير بأن الاتفاق يتضمن عقد بيع عن التعرض له والبت فيه، فإنه يكون قد عار الحكم قصور مبطل له في هذا الخصوص.
2 - إنه وإن كان المطعون عليه الأول عند رفع الدعوى لم يرفعها استعمالاً لحق مباشر له قبل الطاعن بل رفعها بوصفه دائناً يستعمل حق مدينه إذ هو بطلبه الأول وهو الحكم في مواجهة المطعون عليه الثاني بصحة ونفاذ العقد الصادر من الطاعن للمطعون عليه الثاني إنما يطلب الحكم لمصلحة مدينه، إلا أنه في إنذاره الذي أعلن به الطاعن لم يطلب منه التوقيع على عقد بيع صالح للتسجيل صادر منه للمطعون عليه الثاني بل طلب
منه التوقيع على عقد بيع صالح للتسجيل صادر منه له هو مباشرة، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أخذ على الطاعن أنه لم يستجب لهذا الإنذار وبني على ذلك أن الطاعن هو المتخلف عن القيام بالتزاماته مع أن المشتري من مشتر لم يسجل عقده لا يستطيع أن يكلف البائع الأصلي بالتوقيع له هو على عقد بيع صالح للتسجيل إذ هو لم يتعاقد معه بل كل ما له - حتى لو قيل بوجود حق مباشر له قبله - هو أن يطلب منه التوقيع على عقد بيع صالح للتسجيل لمن اشترى منه، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون فضلاً عن قصوره قد أخطأ في تطبيق القانون مما يستوجب نقضه.


المحكمة

من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع الدعوى تتحصل في أن الطاعن رسا عليه مزاد عقارات أمام محكمة مصر المختلطة بثمن مقداره 786 جنيهاً و705 مليماً بما في ذلك المصروفات. وفي 31 من ديسمبر سنة 1946 حرر اتفاق بين الطاعن والمطعون عليه الثاني. صافي إسماعيل أحمد - ورد به أن الطاعن يقر باستلامه من المطعون عليه الثاني مبلغ سبعين جنيهاً وذلك من ضمن "ثمن الأعيان التي رسا مزادها على الطاعن والتي يبلغ ثمنها الأساسي والمصاريف مبلغ 786 جنيهاً و705 مليماً. وأن مبلغ الـ 70 جنيهاً المدفوعة كمثل عربون يخصم من الثمن المذكور وتعهد صوفي إسماعيل بأنه تعهد بالقيام بسداد باقي الثمن والمصاريف وقدره 716 جنيهاً و705 مليماً في يوم 20 يناير سنة 1947 بحيث إذا لم يقم بدفع المبلغ الباقي في الميعاد بدون تنبيه أو إنذار رسمي يصبح المبلغ المدفوع وهو 70 جنيهاً من حق سيداروس توماسوس بدون الرجوع عليه بأي شيء مطلقاً والثمن والمصاريف من ضمنها الأمانة الخاصة (بالأعيان المبيعة) التي ستأخذها المحكمة لتسجيل حكم مرسى المزاد وتصفية الدوسيه مع الفوائد التي تستجد وتصفيها المحكمة من يوم حكم مرسى المزاد إلى يوم الدفع يكون ملزماً بها صوفي إسماعيل... بعد ذلك باع المطعون عليه الثاني الأعيان محل الاتفاق السالف الذكر للمطعون عليه الأول في 3 من يناير سنة 1947 - وفي 20 يناير سنة 1947 أنذر المطعون عليه الأول (المشتري الجديد) الطاعن بإنذار ذكر فيه أن المطعون عليه الثاني تنازل له عن الصفقة وأنهما حضرا له سوياً في 20 يناير سنة 1947 (أي في نفس اليوم الذي أعلن فيه الإنذار) لدفع باقي الثمن وتحرير عقد البيع النهائي ولكن - الطاعن تهرب من المقابلة "بغية تفويت الميعاد المحدد وضياع حقوق المشتري وأنه لذلك يكلفه بالحضور في غضون سبعة أيام من تاريخ إنذاره للتوقيع على العقد النهائي ببيع العقارات المذكورة للطالب (المطعون عليه الأول) واستلام الباقي من الثمن... إلخ" ولما لم يستجب الطاعن لما جاء بهذا الإنذار رفع المطعون عليه الأول في 11 و17 مايو سنة 1947 الدعوى أمام محكمة الفيوم الابتدائية طالباً الحكم أولاً - بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر من الطاعن للمطعون عليه الثاني المؤرخ في 31 ديسمبر سنة 1946 وثانياً - بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر من المطعون عليه الثاني له في 3 يناير سنة 1947 وعند نظر الدعوى حضر المطعون عليه الأول وأودع خزانة المحكمة باقي الثمن ومقداره 716 جنيهاً و705 مليماً على ذمة الطاعن على شرط ألا يصرف له إلا بعد صيرورة الحكم نهائياً وتسجيله، ولم يحضر الطاعن فحكم غيابياً بالنسبة له بطلبات المدعي فعارض وبنى معارضته على أن العقد المبرم بينه وبين المطعون عليه الثاني إنما هو وعد بالبيع لم يستوف أركان عقد البيع وأن باقي الثمن لم يدفع إليه في الميعاد كما لم تدفع فوائده - فقضت المحكمة في - 9 يونيه سنة 1948 برفض المعارضة وتأييد الحكم المعارض فيه فاستأنف الطاعن. وفي 25 إبريل سنة 1950 قضت محكمة استئناف القاهرة برفض الاستئناف وتأييد الحكم وذلك للأسباب التي فصلتها وللأسباب التي بني عليها الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بالنقض.
وحيث إن السبب الأول من أسباب الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تكييف الاتفاق الذي تم في 31 من ديسمبر سنة 1946 بين الطاعن والمطعون عليه الثاني وجاء قاصراً في هذا الخصوص، فقد تمسك الطاعن في مذكرته بأن ظروف الدعوى تتلخص في أن الطاعن بعد أن رسا عليه مزاد ما بيع جبراً على أخي المطعون عليه الثاني بتاريخ 28 من ديسمبر سنة 1946 حضر إليه المطعون عليه الثاني راجياً أن يتنازل له عما آل إليه بالمزاد الذي أجرته محكمة مصر المختلطة فرحمة من الطاعن بعائلة المدين المنزوعة ملكيته قبل ذلك بشرط أن ترتفع أولاً عن عاتقه المسئوليات والالتزامات التي ترتبت عليه بحكم رسو المزاد واتفق مع المطعون عليه الثاني على أنه إذا دفع باقي الثمن وقدره - 786 جنيهاً و705 مليماً والمصاريف والفوائد حسب تصفية الدوسيه وذلك في 20 يناير سنة 1947 فإنه يتنازل له عن الصفقة وإذا تأخر عن القيام بهذا في الميعاد المحدد سقط حقه في الالتزام وضاع عليه العربون بغير حاجة إلى تنبيه - وواضح من هذا الدفاع أن الطاعن تمسك بأن التزامه بالبيع لا يمكن أن ينشأ وفقاً للاتفاق إلا بعد وفاء المطعون عليه الثاني بما التزم ولكن الحكم المطعون فيه انتهى إلى القول بأن اتفاق 31 ديسمبر سنة 1946 تضمن بيعاً صحيحاً مستوفياً لجميع الأركان، وهو قول تنقضه عبارات المحرر والصحيح أن المطعون عليه الثاني قد التزم بالقيام أولاً بوفاء كل ما هو مطلوب من الطاعن للمحكمة المختلطة حتى تبرأ ذمته من كافة الالتزامات وذلك لغاية 20 يناير سنة 1947 فإذا أقام بهذا تنازل له عن الصفقة أما إن لم يفعل فإنه يصبح لا حق له في مطالبة الطاعن بشيء ويضيع عليه مبلغ الـ 70 جنيهاً الذي دفعه "مثل عربون" وهذا بغير حاجة إلى تنبيه أو إنذار.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن أيضاً على الحكم في السبب الثاني من أسباب الطعن أنه أقام قضاءه على أن المشتري من مشتري عقار لم يسجل عقده له الحق المباشر قبل البائع وأن تأسيساً على هذا ما كان للطاعن أن ينكل عن الاستجابة للإنذار الذي وجهه إليه المطعون عليه الأول وأخطره فيه بحلوله محل المطعون عليه الثاني والذي طالبه فيه بتنفيذ اتفاقه وهذا النظر مخالف للقانون لأن عقد البيع غير المسجل ولا يرتب قبل البائع إلا التزامات شخصية فليس للمشتري من المشتري حق مباشر قبل البائع.
وحيث إنه يبين من مراجعة الحكم المطعون فيه أن الطاعن تمسك بأن الاتفاق الذي تم بينه وبين - المطعون عليه الثاني في 31 من ديسمبر سنة 1946 لا يمكن أن يوصف قانوناً بأنه عقد بيع كما تمسك في مذكرته المقدمة في 26 من مايو سنة 1949 بما ورد في سبب الطعن الأول ومفاده أن نفاذ الاتفاق قصد أن يكون معلقاً على شرط واقف وهو قيام المطعون عليه الثاني في 20 من يناير سنة 1947 بالوفاء بالتزامات التي رتبها حكم رسو المزاد على الطاعن وأن عدم تحقق هذا الشرط الواقف يترتب عليه عدم قيام التزام الطاعن أصلاً ولكن الحكم المطعون فيه اكتفى بالرد على الشطر الأول من دفاع الطاعن مقرراً أن اتفاق 31 ديسمبر سنة 1946 هو عقد بيع صحيح ولكنه أغفل الرد على الشطر الآخر من الدفاع وهو دفاع جوهري لا يغني التقرير بأن الاتفاق يتضمن عقد بيع عن التعرض له والبت فيه وعلى ذلك يكون الحكم المطعون فيه قد عاره في هذا الخصوص قصور مبطل له.
وحيث إنه يبين أيضاً من الوقائع السابق إيرادها أن المطعون عليه الثاني بعد اتفاقه مع الطاعن في 31 ديسمبر سنة 1946 ومع عدم تسجيل هذا الاتفاق باع الأعيان محل الاتفاق للمطعون عليه الأول في 3 من يناير سنة 1947 وفي 20 من يناير سنة 1947 وجه المطعون عليه الأول إلى الطاعن إنذاراً ذكر فيه أن المطعون عليه الثاني تنازل له عن الصفقة وأنه يكلفه بالحضور في غضون سبعة أيام من تاريخ إنذاره للتوقيع على العقد النهائي ببيع العقارات المذكورة له - المطعون عليه الأول - واستلام الباقي من الثمن... فلما لم - يستجب الطاعن لهذا الإنذار رفع المطعون عليه الأول هذه الدعوى طالباً الحكم أولاً - بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر من الطاعن للمطعون عليه الثاني في 31 من ديسمبر سنة 1946 وثانياً - بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر من المطعون عليه الثاني للمطعون عليه الأول في 3 من يناير سنة 1947... ومن هذا يتضح أن المطعون عليه - الأول وإن كان عند رفع الدعوى لم يرفعها استعمالاً لحق مباشر له قبل الطاعن بل رفعها بوصفه دائناً يستعمل حق مدينه إذ هو بطلبه الأول وهو الحكم في مواجهة - المطعون عليه الثاني بصحة ونفاذ العقد الصادر من الطاعن للمطعون عليه الثاني في 31 من ديسمبر سنة 1946 إنما يطلب الحكم لمصلحة مدينه (يراجع الحكم الصادر من هذه المحكمة في 6 من إبريل سنة 1944 طعن رقم 102 سنة 13 ق والحكم الصادر في 20 من إبريل سنة 1944 طعن رقم 88 سنة 13 ق) إلا أنه في إنذاره الذي أعلن به الطاعن في 20 من يناير سنة 1947 لم يطلب منه التوقيع على عقد بيع صالح للتسجيل صادر منه للمطعون عليه الثاني بل طلب منه التوقيع على عقد بيع صالح للتسجيل صادر منه له هو مباشرة وقد أخذ الحكم المطعون فيه على الطاعن أنه لم يستحب لهذا الإنذار وبني على ذلك أن الطاعن هو المتخلف عن القيام بالتزاماته مع أن المشتري من مشتر لم يسجل عقده لا يستطيع أن يكلف البائع الأصلي بالتوقيع له هو على عقد بيع صالح للتسجيل إذ هو لم يتعاقد معه بل كل ما له - حتى لو قيل بوجود حق مباشر له قبله - وهو أن يطلب منه التوقيع على عقد بيع صالح للتسجيل لمن اشترى منه، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه فضلاً عن قصوره قد أخطأ في تطبيق القانون مما يستوجب - نقضه.