أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 297

جلسة الاثنين 26 من يناير سنة 1976

برئاسة السيد المستشار/ أحمد فتحي مرسي وعضوية السادة المستشارين: محمد صالح أبو راس وحافظ رفقي، عبد اللطيف المراغي، جميل الزيني.

(67)
الطعن رقم 56 سنة 40 القضائية

(1 و2) قانون "سريانه من حيث الزمان". مسئولية. نقل جوي. معاهدات. إثبات. تعويض.
(1) مسئولية الناقل الجوي غير المحدودة عن حادث الطيران متى كان قد وقع قبل 1/ 8/ 1963. خضوعها للمادة 25 من اتفاقية فارسوفيا قبل تعديلها ببروتوكول لاهاي.
(2) مسئولية الناقل الجوي عن التعويض كاملاً وغير محدد. اتفاقية فارسوفيا قبل تعديلها ببروتوكول لاهاي، شرطه. ثبوت أن الضرر نشأ عن غش الناقل أو خطأ منه يراه قانون المحكمة معادلاً للغش. الخطأ المعادل للغش. هو الخطأ الجسيم. عبء. إثبات هذا الخطأ على عاتق مدعيه.
1 - متى كان الثابت أن حادث الطيران موضوع دعوى المسئولية قد وقع في 29/ 9/ 1960 فإنه يكون خاضعاً فيما يتصل بالمسئولية غير المحدودة للناقل للمادة 25 من اتفاقية فارسوفيا للطيران قبل تعديلها ببروتوكول لاهاي الذي لم يوضع موضع التنفيذ إلا في أول أغسطس سنة 1963 [(1)].
2 - إذا كانت المادة 25 من اتفاقية فارسوفيا للطيران - قبل تعديلها ببروتوكول لاهاي - تستوجب للقضاء بالتعويض كاملاً وغير محدد أن يثبت أن الضرر المطالب بتعويضه قد نشأ عن غش الناقل أو عن خطأ منه يراه قانون المحكمة المعروض عليها النزاع معادلاً الغش، وكان الخطأ المعادل للغش وفقاً للتشريع المصري - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة [(1)] هو الخطأ الجسيم المنصوص عليه في المادة 217 من القانون المدني، فإنه يشترط للحكم على شركة الطيران الناقلة بالتعويض كاملاً وقوع خطأ جسيم من جانبها، ويقع عبء إثبات هذا الخطأ على عاتق مدعيه، كما أن لمحكمة الموضوع تقدير مدى توافر الأدلة على ثبوته.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 396 سنة 1961 تجاري كلي القاهرة طلبوا فيها إلزام المطعون ضدها بأن تؤدي لهم مبلغ 50.000 جنيه وأسسوا دعواهم على أن مورثهم الأستاذ... استقل في يوم 29/ 9/ 1960 إحدى طائرات الشركة المطعون ضدها لتنقله من جنيف إلى القاهرة، وبعد أن غادرت الطائرة مطار جنيف قابلتها عاصفة هوجاء فهوت إلى البحر وغرق جميع ركابها وقد وقع الحادث نتيجة خطأ قائد الطائرة الذي قرر أن يقوم بالرحلة رغم تحذيره من سلطات مطار جنيف بسوء الأحوال الجوية، مما يوجب مسئولية الشركة المطعون ضدها عن تعويضهم بسبب وفاة مورثهم وفقاً للمادة 25 من اتفاقية فارسوفيا للطيران الدولية. وقد سلمت الشركة المطعون ضدها بمسئوليتها عن التعويض محدداً بمبلغ 3000 جنيه وفقاً للمادة 22 من هذه الاتفاقية وبتاريخ 26/ 1/ 1966 قضت محكمة أول درجة بإلزام الشركة المطعون ضدها أن تدفع للطاعنين مبلغ 3000 جنيه، وندبت - قبل الفصل في موضوع باقي طلباتهم - خبيراً ليبين سبب سقوط الطائرة على وجه التحديد، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة في 29/ 5/ 1968 برفض الدعوى. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 509 سنة 85 ق. ومحكمة استئناف القاهرة قضت في 25/ 11/ 1969 برفضه وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
ومن حيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعنون بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم المطعون فيه أخطأ إذ استبعد وقوع الخطأ الجسيم من جانب المطعون ضدها رغم توافر الأدلة على ثبوته، إذ الثابت من تقرير الخبير أن قائد الطائرة قد أخطأ خطأ جسيماً إذ طار على مسئوليته في جو عاصف رغم تحذير مطار جنيف، كما اقتحم العاصفة الجوية بالطائرة وكان عليه أن يتفاداها ويمر بجوارها. وإذ كان الخطأ الجسيم من جانب الناقل أو أحد تابعيه وفقاً للمادة 25 من اتفاقية فارسوفيا للطيران - سواء قبل أو بعد تعديلها ببروتوكول لاهاي - يستوجب مسئولية الناقل مسئولية غير محدودة فإن الحكم المطعون فيه إذ استبعد أحكام هذه المسئولية يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه متى كان الثابت أن حادث الطيران موضوع دعوى المسئولية قد وقع في 29/ 9/ 1960، فإنه يكون خاضعاً فيما يتصل بالمسئولية غير المحدودة للناقل للمادة 25 من اتفاقية فارسوفيا للطيران قبل تعديلها ببروتوكول لاهاي الذي لم يوضع موضع التنفيذ إلا في أول أغسطس سنة 1963، وإذ كانت المادة السالفة - قبل تعديلها - تستوجب للقضاء بالتعويض كاملاً وغير محدد أن يثبت أن الضرر المطالب بتعويضه قد نشأ عن غش الناقل أو عن خطأ منه يراه قانون المحكمة المعروض عليها النزاع معادلاً للغش وكان الخطأ المعادل للغش وفقاً للتشريع المصري - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - هو الخطأ الجسيم المنصوص عليه في المادة 217 من القانون المدني، فإنه يشترط للحكم على شركة الطيران الناقلة بالتعويض كاملاً وقوع خطأ جسيم من جانبها ويقع عبء إثبات هذا الخطأ على عاتق مدعيه، كما أن لمحكمة الموضوع تقدير مدى توافر الأدلة على ثبوته. ولما كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي الذي أحل إليه في أسبابه، أن الطاعنين لم يقدموا دليلاً على وقوع الخطأ الجسيم من جانب الشركة المطعون ضدها، سوى ما ورد في تقارير الخبراء، والتي رأت محكمة الموضوع - في حدود سلطتها الموضوعية في تقدير الدليل عدم كفايته في إثبات هذا الخطأ - وأن ما ورد في تقرير الخبير... يقوم على مجرد الاستنتاج، والتخمين لسقوط الطائرة في البحر واختفائها وعدم العثور على أي دليل مادي يمكن معه الجزم بسبب سقوطها، وأنه حتى مع افتراض صحة ما جاء في هذا التقرير فإن ما ورد به منسوباً إلى الطيار لا يعدو أن يكون مجرد خطأ عادي، لما كان ذلك، فإن ما ينعاه الطاعنون بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن مطار جنيف سمح للطائرة بالسفر على ارتفاع 21 ألف قدم بدلاً من 19 ألف قدم واستخلص من ذلك أن تصريح المطار للطيار بالسفر يخلي مسئوليته، يكون قد أخطأ في الاستدلال ذلك أن الثابت من تقارير الخبراء أن المطار لا يعطي أي تصريح للطيار بالسفر إنما يضع الحالة أمامه، وأنه رغم أن مطار جنيف حذر الطيار من الحالة الجوية الخطيرة فإنه أقلع بالطائرة مما يشكل خطأ جسيماً من جانبه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه عرض لما أثاره الطاعنون في أسباب الاستئناف من أن تقرير اللجنة المشكلة لتحقيق سبب سقوط الطائرة قد سجل خطأ الطيار في الإقلاع بالطائرة برغم الخريطة التي قدمها له مطار جنيف والتي تبين أنه سيدخل في جو عاصف فذكر أن اللجنة لم تقطع برأي فيما إذا كان الطيار قد أخطأ إذ أقلع بالطائرة مع اطلاعه على النشرة الجوية بمطار جنيف كما لم تقطع بذلك تقارير الخبراء، أما ما أورده الحكم من أن الحالة الجوية قد اقتضت من سلطات مطار جنيف تعديل ارتفاع مسار الطائرة من 19 ألف قدم إلى 21 ألف قدم والتصريح للطائرة بالسفر على هذا الارتفاع، فقد كان في مقام التدليل على أن حركة الطيران لم تنقطع في منطقة الرحلة بسبب سوء الأحوال الجوية، ومن ثم يكون ما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه من الخطأ في الاستدلال على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين القضاء برفض الطعن.


[(1)] راجع نقض 27/ 4/ 1964 مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 896، ص 907.