أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 317

جلسة 28 من يناير سنة 1976

برئاسة السيد المستشار: محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد المهدي، حسن مهران حسن، عبد الرحمن عياد، محمد الباجوري.

(70)
الطعن رقم 40 لسنة 41 القضائية

إيجار "إيجار الأماكن" وقف.
إجارة الوقف. تنازل المستأجر عن الإيجار أو تأجيره العين من الباطن. لناظر الوقف طلب إخلائه من العين ولو كان مأذوناً له في ذلك. ق 121 لسنة 1947 معدل بالقانون 657 لسنة 1953. استعمال هذه الرخصة. قاصر على الوقف الخيري دون الوقف الأهلي الذي زالت عنه صفة الوقف.
مؤدى نص الفقرة الثانية من البند (ب) من المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 121 لسنة 1947 بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقات بين المؤجرين والمستأجرين المضافة بالمرسوم بقانون رقم 657 لسنة 1953 أنه إذا أجر المستأجر الأصلي العين الموقوفة من الباطن كلها أو بعضها أو تنازل عن الإيجار كان لناظر الوقف الحق في طلب الإخلاء دون اعتداد بسبق الإذن بالتأجير من الباطن الصادر من ناظر الوقف نفسه أو من ناظر سابق، وإذ صدر المرسوم بقانون رقم 657 لسنة 1953 المعمول به اعتباراً من 26/ 12/ 1953 في تاريخ لاحق لصدور قانون إلغاء الوقف على غير الخيرات رقم 180 لسنة 1952، وحدد مجال إعماله في إجازة الوقف، وقصر مكنة الخيار على ناظر الوقف، فإن هذين الوصفين لا يصدقان وبوجه خاص إلا على إجارة أعيان الأوقاف الخيرية دون الأوقاف الأهلية، بعد أن زالت عن الوقف الأهلي صفته كوقف واعتبر منتهياً عملاً بالمادة الثانية من القانون آنف الذكر وبعد أن أصبح للناظر عليه صفة الحارس وفق المادة الخامسة منه المضافة بالقانون رقم 342 لسنة 1952، يؤيد ذلك ما أوردته المذكرة الإيضاحية للمرسوم بقانون رقم 657 لسنة 1953 من أن الأسباب التي دعت إلى سن هذا التشريع هي أن "بعض القائمين على أمر الأوقاف في وزارة الأوقاف وفي غيرها من الجهات التي خضعت لنظرها كانوا يتخذون من الأوقاف وعلى حسابها مسائل دعاية للنفس أو مجاملة للصداقة أو إرضاء للحزبية فلم يكونوا ينظرون إلى الأعيان الموقوفة التي هي أمانة في أيديهم نظرتهم إلى ممتلكاتهم الخاصة، وهو أمر نشأ عنه هبوط القيم الإيجارية مع وجود الوسطاء الذين كانوا يستأجرون هذه الأعيان ثم يستغلونها استغلالاً فاحشاً في بعض الأحيان ولهذا كان لا بد من العمل على تدارك هذه الأخطار بإصدار تشريع يجيز فسخ عقود الإيجار الصادرة من الأوقاف والتي وقع فيها تنازل أو إيجار من الباطن منعاً لاستغلال المواطنين من الوسطاء"، لما كان ذلك، وكان غير سائغ بهذه المثابة ما ذهب إليه الحكم من أن الحماية التي أسبغها النص المشار إليه قصد بها حماية المستحقين، لأنه إنما استهدف حماية الوقف في حد ذاته بعد أن أصبح مقصوراً على الوقف الخيري لأن العناية بشئونه لم تكن لتبلغ مدى عناية الأفراد بأموالهم الخاصة، لا يغير من ذلك سريان أحكام هذه الفقرة على كافة العقود القائمة لأنها إنما تنصرف إلى عقود الإيجار الخاصة بالوقف الخيري، لما كان ما تقدم، وكان الثابت أن المستحقين قد أقاموا الدعوى الراهنة استناداً إلى مكنة الإخلاء المقررة بالقانون رقم 657 لسنة 1953 سالف الذكر رغم أن صفة الوقف كانت قد زالت عن عين النزاع وأصبحت ملكاً حراً نفاذاً للمرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإنهاء الوقف على غير الخيرات، فإن الدعوى تكون ولا سند لها من القانون. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليهم الثلاثة الأول أقاموا الدعوة رقم 1153 سنة 1968 مدني بعريضة معلنة للطاعنين والمطعون عليهما الرابعة والخامس في 27/ 4/ 1968 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية طالبين الحكم في مواجهة الباقين بإخلاء الطاعن الثاني من الشقة الموضحة بالصحيفة وتسليمها له خالية مما يشغلها، وقالوا بياناً لها أنه بموجب عقد مؤرخ 23/ 12/ 1950 أجر الناظر على وقف إبراهيم الناضوري الأهلي العقار رقم 36 شارع بور سعيد بالشاطبي بالإسكندرية لقاء أجرة شهرية قدرها 8 جنيهات و500 مليماً للطاعن الثاني وصرح فيه للمستأجر بتأجير الشقة من باطنه مفروشة، وبصدور قانون إلغاء الوقف على غير الخيرات آلت ملكية العقار للمستحقين وأصبح النظار حراساً قانونين عليه، وبعد القسمة وقع العقار المؤجر في نصيب المطعون عليهما الأولى والثانية وثالث توفى وانحصر إرثه الشرعي في المطعون عليهم، وإذ غادر الطاعن الثاني مصر بتاريخ 23/ 11/ 67 بعد أن أجر الشقة من باطنه للطاعن الأول بموجب عقد مؤرخ 2/ 11/ 1967 وثابت التاريخ، وكان من حقهم طلب الإخلاء رغم التصريح بالتأجير من الباطن عملاً بالفقرة الثانية للبند (ب) من المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 121 لسنة 1947 المضافة بالمرسوم بقانون رقم 657 لسنة 1953، بالإضافة إلى التأخير في سداد الأجرة، فقد أقاموا دعواهم، دفع الطاعن الأول بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي كامل صفة، وبتاريخ 4/ 3/ 1970 حكمت المحكمة أولاً: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وثانياً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة لطلب الإخلاء المبني على التأخير في سداد الأجرة وثالثاً: بإلزام الطاعن الثاني بإخلاء العين موضوع النزاع وتسليمها خالية مما يشغلها. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 569 س 26 ق مدني الإسكندرية طالبين إلغاءه ورفض الدعوى، وبتاريخ 20/ 12/ 1970 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم أسس قضاءه بالإخلاء على أن الفقرة (ب) من المادة الثانية من قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 المضافة بالمرسوم بقانون رقم 657 لسنة 1953 قصد بها حماية مستحقي الوقف من تصرفات النظار المتعاقدين، وهي لا تنتفي بإنهاء الوقف وصيرورته ملكاً، ولهؤلاء الإفادة من حكمها بعد تملكهم الأعيان الموقوفة، إذ أن المادة لا تفرق بين الوقف الأهلي والوقف الخيري، ورتب على ذلك أن التصريح للمستأجر بتأجير العين من باطنه لا يعتد به لأن نفاذه مرهون بموافقة النظار، في حين أن عين النزاع خرجت من مجال إعمال المرسوم بقانون رقم 657 لسنة 1953 سالف الإشارة، إذ وقع التأجير من الباطن في تاريخ لاحق للعمل به، وبعد أن زالت عنها صفة الوقف بإلغاء الوقف الأهلي، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه لما كان النص في الفقرة الثانية من البند (ب) من المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 121 لسنة 1947 بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقات بين المؤجرين والمستأجرين المضافة بالمرسوم بقانون رقم 657 لسنة 1953 على أنه وفى إجازة الوقف إذا تنازل المستأجر عن الإيجار أو أجر المكان كله أو بعضه من الباطن ولو كان مأذوناً له في ذلك كان لناظر الوقف أن يطلب الإخلاء أو أن يتمسك بالعقد الجديد، فإذا اختار التمسك به قامت العلاقة مباشرة بينه وبين المتنازل إليه أمر المستأجر من الباطن من تاريخ نشوء هذا العقد وتسري أحكام هذه الفقرة على كافة العقود القائمة، يدل على أنه إذا أجر المستأجر الأصلي العين الموقوفة من الباطن كلها أو بعضها أو تنازل عن الإيجار، كان لناظر الوقف الحق في طلب الإخلاء دون اعتداد بسبق الإذن بالتأجير من الباطن الصادر من ناظر الوقف نفسه أو من ناظر سابق، وإذ صدر المرسوم بقانون رقم 657 لسنة 1953 المعمول به اعتباراً من 26/ 12/ 1953 في تاريخ لاحق لصدور قانون إلغاء الوقف على غير الخيرات رقم 180 لسنة 1952 وحدد مجال إعماله في إجازة الوقف وقصر مكنة الخيار على ناظر الوقف، فإن هذين الوصفين لا يصدقان وبوجه خاص إلا على إجارة أعيان الأوقاف الخيرية دون الأوقاف الأهلية، بعد أن زالت عن الوقف الأهلي صفته كوقف واعتبر منتهياً عملاً بالمادة الثانية من القانون آنف الذكر وبعد أن أصبح للناظر عليه صفة الحارس وفق المادة الخامسة منه المضافة بالقانون رقم 342 لسنة 1952 يؤيد ذلك ما أوردته المذكرة الإيضاحية للمرسوم بقانون رقم 657 لسنة 1953 من أن الأسباب التي دعت إلى سن هذا التشريع هي أن بعض القائمين على أمر الأوقاف في وزارة الأوقاف وفي غيرها من الجهات التي خصصت لنظرها كانوا يتخذون من الأوقاف وعلى حسابها مسائل دعامة للنفس أو مجاملة للصداقة أو إرضاء للحزبية، فلم يكونوا ينظرون إلى الأعيان الموقوفة التي هي أمانة في أيديهم نظرتهم إلى ممتلكاتهم الخاصة وهو أمر ينشأ عنه هبوط القيم الإيجارية مع وجود الوسطاء الذين كانوا يستأجرون هذه الأعيان ثم يستغلونها استغلالاً فاحشاً في بعض الأحيان... ولهذا كان لا بد من العمل على تدارك هذه الأخطار بإصدار تشريع يجيز فسخ عقود الإيجار الصادرة بالأوقاف والتي وقع تنازل أو إيجار من الباطن منعاً لاستغلال المواطنين من الوسطاء... لما كان ذلك وكان غير سائغ بهذه المثابة ما ذهب إليه الحكم من الحماية التي أسبقها النص المشار إليه قصد بها حماية المستحقين، لأنه إنما استهدف حماية الوقف في حد ذاته بعد أن أصبح مقصوراً على الوقف الخيري لأن العناية بشئونه لم تكن لتبلغ مدى عناية الأفراد بأموالهم. الخاصة، ولا يغير عن ذلك سريان أحكام هذه الفقرة على كافة العقود القائمة لأنها إنما تنصرف إلى عقود الإيجار الخاصة بالوقف الخيري لما كان ما تقدم، وكان الثابت أن المستحقين - المطعون عليهم قد أقاموا الدعوى الراهنة استناداً إلى مكنة الإخلاء المقررة بالقانون رقم 657 لسنة 1953 سالف الذكر رغم أن صفة الوقف كانت قد زالت عن عين النزاع وأصبحت ملكاً حراً نفاذاً للمرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإنهاء الوقف على غير الخيرات، فإن الدعوى تكون ولا سند لها من القانون، وإذ خالف يوجب نقضه الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى.