أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 323

جلسة 28 من يناير سنة 1976

برئاسة السيد المستشار: محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد المهدي، وسعد أحمد الشاذلي، وحسن مهران حسن؛ ومحمد الباجوري.

(71)
الطعن رقم 530 لسنة 42 القضائية

(1) إيجار "إيجار الأراضي الزراعية". إصلاح زراعي.
امتداد إيجار الأراضي الزراعية طبقاً لأحكام قانون الإصلاح الزراعي. شرطه. إعداد الأرض المؤجرة لاستغلالها زراعياً. تأجير الأراضي الزراعية لاستخراج أتربة منها لصناعة الطوب. خضوعه في خصوص الامتداد للقواعد العامة.
(2) اختصاص "اختصاص ولائي". إيجار. إصلاح زراعي.
اختصاص لجنة الفصل في المنازعات الزراعية بطلب فسخ عقد الإيجار. مناطه؛ النزاع حول امتداد عقد إيجار أرض لاستخراج أتربة منها لصناعة الطوب. عدم اختصاص هذه اللجنة بالفصل فيه.
(3) إيجار "إصلاح زراعي. حكم" ما لا يعد قصوراً.
استبعاد الحكم تطبيق قانون الإصلاح الزراعي على الدعوى بطلب فسخ عقد الإيجار. النعي عليه بالقصور لعدم تحققه من إيداع صورة من العقد بالجمعية التعاونية الزراعية المختصة. لا أساس له.
(4) نقض "السبب الجديد. "إيجار الأماكن".
عدم تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بأن العين المؤجرة تخضع لأحكام قانون إيجار الأماكن دون أحكام القانون المدني. دفاع قانوني يخالطه واقع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
1 - مؤدى نص المادتين 32 و35 من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي المعدل بالقانون رقم 52 لسنة 1966 أن المشرع إذ قرر امتداد إيجار الأراضي امتداداً قانونياً بعد انتهاء المدة المتفق عليها فيه، إنما قصد عقود إيجار الأراضي التي تستغل استغلالاً زراعياً، ومما يؤيد قصد المشرع السالف بيانه ما أوردته المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 52 لسنة 1966 تعليقاً على المادة 35 من أنه ".... كان العمل قد جرى منذ العمل بقانون الإصلاح الزراعي على صدور قوانين متتالية بامتداد عقود إيجار الأراضي الزراعية وذلك باعتبار أن مساحة الأراضي الزراعية المؤجرة تبلغ نحو ثلاثة ملايين فدان تقريباً أي حوالي نصف الرقعة المنزرعة في البلاد، وكثير من صغار الزراع يعتمدون بصفة رئيسية في معاشهم على ما تدره تلك الأطيان المؤجرة إليهم من ريع ولا شك أنه لولا تدخل المشرع بالنص على امتداد عقود الإيجار لحرمت الكثرة الغالبة من صغار الزراع الذين يستأجرون تلك المساحات الكبيرة من الأراضي الزراعية من مصدر رزقهم الوحيد وما يترتب على ذلك من نقص مستوى معيشتهم وانتشار البطالة بينهم في الوقت الذي تسعى فيه الدولة إلى توفير دخل معقول لكل مواطن.....". وإذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنين استأجرا الأرض موضوع النزاع لاستخراج أتربة منها لصناعة الطوب لقاء أجرة سنوية قدرها... جنيهاً للفدان الواحد، فإن الغرض الذي أعدت له العين المؤجرة لا يعد من قبيل الاستغلال الزراعي حتى ولو كانت العين تعد في الأصل من الأراضي الزراعية، ويخرج بالتالي عقد الإيجار الماثل من نطاق قانون الإصلاح الزراعي وأحكامه الخاصة بالامتداد، وتكون أحكام القانون المدني هي الواجبة التطبيق باعتبارها القواعد العامة.
2 - إذ كان المشرع قد ربط التخصيص في الغرض المعدة له العين المؤجرة وبين تخويل المؤجر عرض الخلاف بينه وبين المستأجر على لجان الفصل في المنازعات الزراعية وكان الواضح من سياق المادة 35 من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي المعدل بالقانون رقم 52 لسنة 1966 أن لجوء المؤجر إلى لجنة الفصل في المنازعات الزراعية لفسخ العقد لا يكون إلا إذا أخل المستأجر بالتزام جوهري ناشئ عن التعاقد على إيجار أرض معدة لاستغلالها زراعياً، وكان يظاهر ذلك ما تقضي به الفقرة الثانية ( أ ) من المادة الثالثة من القانون رقم 54 لسنة 1966 بشأن لجان الفصل في المنازعات الزراعية قبل إلغائه بالقانون رقم 67 لسنة 1975 - التي ناطت بهذه اللجان وحدها وبوجه خاص الفصل في المنازعات الناشئة من تطبيق بعض مواد قانون الإصلاح الزراعي من بينها المادة 35، فإن اللجنة لا تختص دون غيرها إلا في نطاق الغرض الزراعي الذي تكون الأرض المؤجرة قد أعدت له. لا يغير من ذلك ما أوردته الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القانون 54 لسنة 1966 من اختصاص اللجان بنظر المنازعات الناشئة عن العلاقة الإيجارية في الأراضي الزراعية وما في حكمها من الأراضي البور والصحراوية والقابلة للزراعة لأن هذه الفقرة لا تشير إلى اختصاص تنفرد به اللجان، إنما تفيد أن هناك منازعات تشترك في الاختصاص بنظرها المحاكم العادية ولجان الفصل وللأطراف الخيار في اللجوء إلى أيهما وإذ انتهى الحكم إلى هذه النتيجة وقرر أنه لا اختصاص للجان الفصل في النزاع المعروض - حول امتداد عقد إيجار أرض لاستخراج أتربة منها لصناعة الطوب - فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
3 - متى كان الحكم قد أصاب في استبعاد تطبيق قانون الإصلاح الزراعي على واقعة الدعوى بطلب فسخ الإيجارة فإنه ما كان له أن يعرض لبحث ما إذا كان عقد الإيجار قد أودعت صورة منه بالجمعية التعاونية الزراعية المختصة إعمالاً لحكم المادة 36 مكرراً (ب) من قانون الإصلاح الزراعي معدلة بالقانون رقم 52 لسنة 1966، ويكون النعي عليه بالقصور على غير أساس.
4 - إذ كان الطاعنان لم يثيرا في دفاعهما أمام محكمة الموضوع أن العين المؤجرة تخضع لأحكام التشريعات الاستثنائية بإيجار الأماكن، ومهما تعلق هذا الدفاع بسبب قانوني إلا أن تحقيقه يقوم على اعتبارات يختلط فيها الواقع بالقانون، ومن ثم لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن مورث المطعون عليهم أقام الدعوى رقم 16 لسنة 1971 مدني أمام محكمة أسيوط الابتدائية ضد الطاعنين بطلب فسخ الاتفاق المؤرخ 20/ 6/ 1967 وطردهما من الأطيان الموضحة بصحيفة الدعوى وإزالة ما عليها من منشآت وتسليمها له صالحة للزراعة، وقال شرحاً لها أنه بمقتضى عقد مؤرخ 20/ 6/ 1967 استأجر منه الطاعنان قطعة أرض فضاء بقصد استخراج أتربة منها لصناعة الطوب، وإذ انتهت المدة المحددة للعقد في 20/ 12/ 1968 ووجه إلى الطاعنين إنذاراً في 6/ 9/ 1970 بالإخلاء ولم يمتثلا فقد أقام الدعوى، وبتاريخ 25/ 12/ 1971 حكمت المحكمة بالطلبات. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 17 سنة 47 ق أسيوط طالبين إلغاءه والحكم أصلياً بعدم اختصاص القضاء العادي واحتياطياً برفض الدعوى وبتاريخ 13/ 5/ 1972 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى الطاعنان بالوجهين الأول والثاني منه على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، في بيان ذلك يقولان أنهما تمسكا أمام محكمة الاستئناف بعدم اختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى، على سند من أن العين المؤجرة أرض زراعية وأن الفصل في طلب فسخ عقد إيجارها ينعقد للجان الفصل في المنازعات الزراعية غير أن الحكم ذهب إلى أنه طالما أن الغرض من التأجير ليس الزراعة فإنه يمتنع تطبيق أحكام قانون الإصلاح الزراعي وتعين إعمال القواعد العامة في القانون المدني حتى ولو نصبت الإجارة على أرض زراعية ورتب بالتالي ألا محل لعرض الخلاف على لجان الفصل في المنازعات الزراعية في حين أن مفاد المادة الثالثة من القانون رقم 54 لسنة 1966 أن العبرة في اختصاص هذه اللجان هي بطبيعة العين المؤجرة وليس بالغرض من استئجارها، ويكون الحكم قد خلط بين الاختصاص القضائي والاختصاص التشريعي مع أنه لا تلازم بينهما إذ انتفاء تطبيق قانون الإصلاح الزراعي لا يستنبع حتماً عدم اختصاص اللجان التي تملك تطبيق القانون المدني على الأنزعة المعروضة عليها، وهو ما يشوب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون، وقد نتج عن ذلك الخطأ أن أغفل الحكم المادة 36 مكرراً ب من قانون الإصلاح الزراعي فلم يتحقق من أن عقد الإيجار مودع بالجمعية التعاونية الزراعية المختصة حتى يصح قبول المنازعة أمامه مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 32 من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي المعدل بالقانون رقم 52 لسنة 1966 على أن "يكون تأجير الأراضي الزراعية لمن يتولى زراعتها بنفسه" وفي المادة 35 منه على أنه "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء الأطيان المؤجرة ولو عند انتهاء المدة المتفق عليها في العقد إلا إذا أخل المستأجر بأي التزام جوهري يقضي به القانون أو العقد، وفي هذه الحالة يجوز للمؤجر أن يطلب إلى لجنة الفصل في المنازعات الزراعية بعد إنذار المستأجر بفسخ عقد الإيجار وإخلاء المستأجر من الأرض المؤجرة..." يدل على أن المشرع إذ قرر امتداد إيجار الأراضي الزراعية امتداداً قانونياً بعد انتهاء المدة المتفق عليها فيه، إنما قصد عقود إيجار الأراضي التي تستغل فعلاً استغلالاً زراعياً، ومما يؤيد قصد المشرع السالف بيانه ما أوردته المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 52 لسنة 1966 تعليقاً على المادة 35 من أنه "... كان العمل قد جرى منذ العمل بقانون الإصلاح الزراعي على صدور قوانين متتالية بامتداد عقود إيجار الأراضي الزراعية وذلك باعتبار أن مساحة الأراضي الزراعية المؤجرة تبلغ نحو ثلاثة ملايين فدان تقريباً أي حوالي نصف الرقعة المنزرعة في البلاد، وكثير من صغار الزراع يعتمدون بصفة رئيسية في معاشهم على ما تدره تلك الأطيان المؤجرة إليهم من ريع، ولا شك أنه لولا تدخل المشرع بالنص على امتداد عقود الإيجار لحرمت الكثرة الغالبة من صغار الزراع الذين يستأجرون تلك المساحات الكبيرة من الأراضي الزراعية من مصدر رزقهم الوحيد وما يترتب على ذلك من خفض مستوى معيشتهم وانتشار البطالة بينهم في الوقت الذي تسعى فيه الدولة إلى توفير دخل معقول لكل مواطن..." وإذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنين استأجرا الأرض موضوع النزاع لاستخراج أتربة منها لصناعة الطوب لقاء أجرة سنوية قدرها مائتان وأربعون جنيهاً للفدان الواحد، فإن الغرض الذي أعدت له العين المؤجرة لا يعد من قبيل الاستغلال الزراعي حتى ولو كانت العين تعد في الأصل من الأراضي الزراعية، ويخرج بالتالي عقد التأجير الماثل من نطاق قانون الإصلاح الزراعي وأحكامه الخاصة بالامتداد وتكون أحكام القانون المدني هي الواجبة التطبيق باعتبارها القواعد العامة، لما كان ذلك وكان المشرع قد ربط بين التخصيص في الغرض المعدة له العين المؤجرة وبين تخويل المؤجر عرض الخلاف بينه وبين المستأجر على لجان الفصل في المنازعات الزراعية وكان الواضح من سياق المادة 35 سالفة الذكر أن لجوء المؤجر إلى لجنة الفصل في المنازعات الزراعية لفسخ العقد لا يكون إلا إذا أخل المستأجر بالتزام جوهري ناشئ عن التعاقد على إيجار أرض معدة لاستغلالها زراعياً على ما سبق تفصيله، وكان يظاهر ذلك ما تقضي به الفقرة الثانية ( أ ) من المادة الثالثة من القانون رقم 54 لسنة 1966 بشأن لجان الفصل في المنازعات الزراعية قبل إلغائه بالقانون رقم 67 لسنة 1975 التي ناطت بهذه اللجان وحدها وبوجه خاص الفصل في المنازعات الناشئة عن تطبيق بعض مواد قانون الإصلاح الزراعي من بينها المادة 35، فإن اللجنة لا تختص دون غيرها إلا في نطاق الغرض الزراعي الذي تكون الأرض المؤجرة قد أعدت له. لا يغير من ذلك ما أوردته الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القانون رقم 54 لسنة 1966 من اختصاص اللجان بنظر المنازعات الناشئة عن العلاقة الإيجارية في الأراضي الزراعية وما في حكمها من الأراضي البور والصحراوية والقابلة للزراعة لأن هذه الفقرة لا تشير إلى اختصاص تنفرد به اللجان، وإنما تفيد أن هناك منازعات تشترك في الاختصاص بنظرها المحاكم العادية ولجان الفصل وللأطراف الخيار في اللجوء إلى أيهما، وإذ انتهى الحكم إلى هذه النتيجة وقرر أنه لا اختصاص للجان الفصل بالنزاع المعروض فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، لما كان ما تقدم وكان الحكم قد أصاب في استبعاده تطبيق قانون الإصلاح الزراعي على واقعة الدعوى، فإنه ما كان له أن يعرض لبحث ما إذا كان عقد الإيجار قد أودعت صورة منه بالجمعية التعاونية الزراعية المختصة إعمالاً لحكم المادة 36 مكرراً (ب) من قانون الإصلاح الزراعي معدلة بالقانون رقم 52 لسنة 1966، ويكون النعي عليه بالقصور على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثالث مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعنان أنه إذا جاز استبعاد الحكم لقانون الإصلاح الزراعي، فإنه كان يتعين تطبيق قانون إيجار الأماكن رقم 52 لسنة 1969 طالما أنه كان مصرحاً للطاعنين في عقد الإيجار بإقامة أفران لحرق الطوب وقد تجدد العقد بعد انتهاء مدته الأصلية شاملاً المباني التي أقامها الطاعنان فيسري على العقد أحكام التشريع الخاص.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن الطاعنان لم يثيرا في دفاعهما أمام محكمة الموضوع أن العين المؤجرة تخضع لأحكام التشريعات الاستثنائية بإيجار الأماكن، ولئن تعلق هذا الدفاع بسبب قانوني إلا أن تحقيقه يقوم على اعتبارات يختلط فيها الواقع بالقانون، إذ يستلزم تحقيق ما إذا كان عقد الإيجار تجدد شاملاً المباني، وما إذا كانت العين المؤجرة داخلة ضمن الجهات التي تسري عليها التشريعات الاستثنائية وهو ما لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض ويكون هذا الوجه غير مقبول.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس.