أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 343

جلسة 29 من يناير سنة 1976

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة الدكتور حافظ هريدي وعضوية السادة المستشارين: عز الدين الحسيني؛ عبد العال السيد؛ عثمان الزيني؛ محمدي الخولي.

(74)
الطعن رقم 423 لسنة 41 القضائية

(1) استيلاء. تعويض. ملكية. التزام. "انقضاء الالتزام". قوة قاهرة.
الاستيلاء على المنقولات أو المواد الغذائية وفقاً للقانون 45 لسنة 1945. أثره. انتقال ملكية المال من الأفراد جبراً عنهم إلى جهة الإدارة مقابل تعويض عادل. عدم اعتباره مصادرة أو قوة قاهرة بالمعنى الوارد في المادة 165 مدني.
(2) التزام "انقضاء الالتزام". قوة قاهرة. مسئولية.
القوة القاهرة. ماهيتها. أثرها. انقضاء التزام المدين في المسئولية العقدية، وانتفاء علاقة السببية بين الخطأ والضرر في المسئولية التقصيرية.
1 - تنص المادة 805 من القانون المدني على أنه لا يجوز أن يحرم أحد من ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون وبالطريقة التي رسمها، ويكون ذلك في مقابل تعويض عادل. وإذ كانت المادة الأولى من القانون رقم 45 لسنة 1945 تنص على أنه "يجوز لوزير التموين لضمان تموين البلاد بالمواد الغذائية وغيرها... الاستيلاء على أي منقول وأي شيء من المواد الغذائية"، كما تنص المادة 44 من القانون على أنه "لمن وقع عليهم طلب الأداء جبر الحق في تعويض أو جزاء على الوجه المبين بها"، وكان وزير التموين قد أصدر القرار رقم 60 لسنة 1962 المعدل للقرار رقم 6 لسنة 1962 بالاستيلاء على جميع كميات اللب التي كانت موجودة عند صدوره في جمرك الشلال أو المخازن التابعة له، وكذلك على الكميات التي ترد مستقبلاً إلى الجمرك المذكور، فإن هذا الاستيلاء تنتقل به ملكية المال من الأفراد جبراً عنهم إلى جهة الإدارة - مقابل تعويض عادل، ولا يعتبر مصادرة أو قوة قاهرة بالمعنى الوارد في المادة 165 من القانون المدني.
2 - القوة القاهرة بالمعنى الوارد في المادة 165 من القانون المدني تكون حرباً أو زلزالاً أو حريقاً، كما قد تكون أمر إدارياً واجب التنفيذ، بشرط أن يتوافر فيها استحالة التوقع واستحالة الدفع، وينقضي بها التزام المدين من المسئولية العقدية، وتنتفي بها علاقة السببية بين الخطأ والضرر في المسئولية التقصيرية، فلا يكون هناك محل للتعويض في الحالتين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام ضد المطعون عليهما بصفتيهما الدعوى رقم 202 سنة 1967 مدني كلي القاهرة للحكم بإلزامها بتسليم كمية اللب المضبوط على ذمة القضية رقم 5381 سنة 1961 جنح إسنا - عيناً - وفي حالة عدم إمكان تسليمها عيناً الحكم عليهما متضامنين بأن يدفعا له ثمنها وقدره 957 ج وقال بياناً للدعوى أنه اشترى كمية اللب المشار إليها وقام رجال الشرطة في 24/ 4/ 1960 بتفتيش مخزنه وعثروا عليها وقامت إدارة الجمارك بنقلها إلى مخازنها على أنها مهربة من الرسوم الجمركية وتحرر المحضر سالف الذكر، وقضت محكمة الجنح في 4/ 2/ 1963 ببراءته وأصبح الحكم نهائياً، وأنذر إدارة الجمارك بوجوب تسليمه اللب وإلا كانت مسئولة عن جميع التعويضات المترتبة على ذلك - وهي ثمن البضاعة حسب السعر في السوق الحاضر بواقع 220 ج الطعن، ولكنها لم تحرك ساكناً مما دعاه لرفع الدعوى للحكم بطلباته، طلب المدعى عليهما (المطعون عليهما) الحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة واحتياطياً رفضها مؤسسين ذلك على أنه بعد الحكم ببراءة المدعي (الطاعن) صدر قرار وزير التموين رقم 60 لسنة 1963 بالاستيلاء على اللب وتسليمه إلى المؤسسة المصرية التعاونية الاستهلاكية لتوزيعه بمعرفتها، وكذلك أصدر مدير أمن أسوان تسعيرة جبرية بتحديد ثمن الطن من اللب بمبلغ 30 ج فيكون ثمن كمية اللب المملوكة للمدعي مبلغ 233 جنيهاً و850 مليماً وكان عليه أن يطالب المؤسسة المصرية التعاونية الاستهلاكية بهذا المبلغ، بتاريخ 16/ 1/ 1969 حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليهما بصفتيهما (المطعون عليهما) متضامنين بأن يسلما للمدعي 4650 كيلو من اللب الموضحة بصحيفة الدعوى - عيناً أو دفع قيمتها وقدره 957 ج - استأنف المطعون عليهما هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبين إلغاءه والحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة واحتياطياً برفضها وقيد الاستئناف برقم 330 سنة 86 ق، وبتاريخ 13/ 3/ 1971 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت رفض الطعن لأنه غير منتج.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قرر بأن الاستيلاء الذي تم على اللب المملوك له عمل من أعمال السلطان الذي يعتبر في حكم القوة القاهرة طبقاً لنص المادة 165 من القانون المدني ويؤدي إلى إعفاء مصلحة الجمارك ووزارة الخزانة من المسئولية، والواقعة محل النزاع لا تدخل ضمن أعمال السيادة وأعمال السلطان لأن المشروع في تعدادها ضرب أمثلة أربعة، الثابت من الأوراق والخطابات التي أرسلت للطاعن أن مصلحة الجمارك باعت اللب للمؤسسة الاستهلاكية في سنة 1963 واستولت على الثمن فلا تكون - هناك قوة قاهرة حالت دون تسليم اللب أو ثمنه للطاعن.
وحيث إن هذا النعي في محله وذلك أنه لما كانت المادة 805 من القانون المدني تنص على أنه لا يجوز أن يحرم أحد من ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون بالطريقة التي رسمها ويكون ذلك في مقابل تعويض عادل وكانت المادة الأولى من القانون رقم 45 لسنة 1945 تنص على أنه "يجوز لوزير التموين لضمان تموين البلاد بالمواد الغذائية وغيرها.. الاستيلاء على أي منقول أو أي شيء من المواد الغذائية"، كما تنص المادة 44 من هذا القانون على أنه "لمن وقع عليهم طلب الأداء جبراً الحق في تعويض أو جزاء على الوجه المبين بها"، وكان وزير التموين قد أصدر القرار رقم 60 لسنة 1962 المعدل للقرار رقم 6 لسنة 1962 - بالاستيلاء على جميع كميات اللب التي كانت موجودة عند صدوره في جمرك الشلال أو المخازن التابعة له وكذلك على الكميات التي ترد مستقبلاً إلى الجمرك المذكور، وهذا الاستيلاء تنقل به ملكية المال من الأفراد جبراً عنهم إلى جهة الإدارة مقابل تعويض عادل، ولا يعتبر مصادرة أو قوة قاهرة بالمعنى الوارد في المادة 165 من القانون المدني تلك التي تكون حرباً أو زلزالاً أو حريقاً، كما قد تكون أمراً إدارياً واجب التنفيذ بشرط أن يتوافر فيها استحالة التوقع واستحالة الدفع وينقض بها التزام المدين من المسئولية العقدية وينتفي بها علاقة السببية بين الخطأ والضرر في المسئولية التقصيرية، فلا يكون هناك محل التعويض في الحالتين - لما كان ذلك وكان التعويض المطالب به هو المستحق طبقاً لأحكام الاستيلاء الذي تم على البضاعة في مواجهة الجمارك دون الطاعن، وكانت الخطابات المؤرخ أولها 31/ 1/ 1967 والصادر من جمرك القاهرة والثاني المؤرخ 9/ 2/ 1967 والصادر من مفتش إنتاج الأقصر والثالث المؤرخ 15/ 11/ 1967 والصادر من تفتيش إنتاج الأقصر والمقدمة من الطاعن بحافظتيه رقمي 8 و10 ملف محكمة أول درجة، وتتضمن استعداد الجمارك لدفع ثمن اللب المملوك له على أساس أنها باعته للمؤسسة الاستهلاكية في سنة 1963، فإن الحكم إذ قضى برفض طلب الطاعن تسليمه اللب أو ثمنه قولاً منه بأن الاستيلاء على اللب هو من أعمال السلطان التي تعتبر في حكم القوة القاهرة، يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.