أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 4 - صـ 959

جلسة 30 من إبريل سنة 1953
(145)
القضية رقم 386 سنة 21 القضائية

برياسة حضرة الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة وحضور حضرات الأساتذة سليمان ثابت ومحمد نجيب أحمد وعبد العزيز سليمان ومحمود عياد المستشارين.
دفاع. خبير. طلب مناقشته أو طلب ندب خبير آخر. سلطة المحكمة في ذلك. عدم إجابة هذا الطلب اكتفاء بعناصر الدعوى. لا إخلال بحق الدفاع.
متى كانت المحكمة قد اتخذت إجراءات عديدة لكشف حقيقة العقد المطعون فيه بالتزوير بأن حكمت بإحالة الدعوى على التحقيق وسمعت شهادة الشهود كما أصدرت ثلاثة أحكام بندب خبراء وتجمع لديها إلى تقاريرهم تقرير خبير استشاري آخر ورأت من كل ذلك ما يكفي لاقتناعها بصحة الورقة فلا تثريب عليها إذ هي لم تستجب إلى ما طلبه الطاعن من استحضار الخبراء لمناقشتهم أو تعيين خبراء جدد إذ هذا منها تقدير موضوعي تستقل به.


المحكمة

من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الطاعن أقام الدعوى على مصطفى عطيه عمايم وآخر طالباً الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ في 15 إبريل سنة 1943 فطلبت المطعون عليها قبولها خصماً ثالثاً في الدعوى مستندة إلى عقد بيع منسوب صدوره لها من المرحوم إبراهيم عمايم فقررت المحكمة فبولها ثم قضت برفض دعوى الطاعن الذي استأنف أمام محكمة طنطا وقيد الاستئناف برقم 186 سنة 1945 ثم قرر بالطعن بالتزوير في عقد البيع المنسوب صدوره للمطعون عليها فقضت المحكمة بإحالة الدعوى على التحقيق لإثبات ونفي أن التوقيع المنسوب إلى إبراهيم عمايم مزور وصرحت للمحقق بندب من يرى ندبه من الخبراء فندب القاضي المحقق خبيراً من قسم أبحاث التزييف والتزوير بالطب الشرعي لإجراء عملية المضاهاة وقد قدم تقريره ورجح أن يكون التوقيع صحيحاً ولكنه قرر أنه لا يجزم بذلك نظراً للتنويع المشاهد بين التوقيعين المقدمين للمضاهاة فقدم الطاعن تقريراً استشارياً من الخبير عبد الجواد يس قرر فيه أن التوقيع مزور وإزاء هذا التعارض ندبت المحكمة الخبير نجيب هواويني لإجراء عملية المضاهاة فقدم تقريراً انتهى فيه إلى أن الإمضاء مزورة ولما لم يبين شواهد يستند إليها فيما ارتآه فقد أصدرت المحكمة حكماً آخر بندب رئيس قسم التزوير والتزييف بمصلحة الطب الشرعي شخصياً لإجراء عملية المضاهاة وقد قدم تقريراً ذكر به أنه قام بعملية المضاهاة على العقود المقدمة والمبينة بالتقرير وتعرض للتقرير الاستشاري المقدم من المدعي وذكر أنه خلافاً لما جاء بالتقرير فإن تكوين حروف التوقيع المطعون فيه تناظر المشاهد بتوقيع المضاهاة كما أشار إلى أن تقرير هواويني لم يدعم بالشواهد التي استند إليها ولا بالصور الفوتوغرافية المكبرة وانتهى إلى أن التوقيع المنسوب إلى إبراهيم عمايم هو توقيع صحيح صادر من يد صاحبه وفي 30 مايو سنة 1951 قضت محكمة طنطا برفض الدعوى فقرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على سببين ينعى الطاعن بالأول منهما على الحكم إهدار حقه في الدفاع إذ طلب في مذكرته لمحكمة الموضوع حضور الخبراء خصوصاً الخبير الاستشاري وخبير الطب الشرعي للمناقشة أمام المحكمة في تقريرهما كما طلب من باب الاحتياط الكلي ندب أحد الخبراء الثقاة في الخطوط لفحص العقد وتقديم ما يراه وكان سبب هذا الطلب هو ما ظهر من تخبط خبيري مصلحة الطب الشرعي والتنافر بين تقريرهما وبين تقريري عبد الجواد يس ونجيب هواويني ولكن الحكم المطعون فيه أهدر حق الدفاع ورفض طلبه معللاً ذلك بأن هذين الطلبين قصد بهما الكيد وإطالة أمد النزاع بلا مبرر وأن المحكمة قد استنفذت جميع أوجه الدفاع. وهذا التعليل غامض لم يبين كيف أن الطلب كيدي ولم تبين المحكمة ما جاء بهذه التقارير التي أشارت إليها إشارة عابرة وقد كان تقرير الخبير الاستشاري دقيقاً ولم يناقشه رئيس قسم التزييف. ويبين مما تقدم أن دفاع الطاعن كان قانونياً سداه ولحمته الوصول إلى الحقيقة والمحكمة في رفضها إياه قد أهدرت حقه وهذا مما يستوجب نقض الحكم.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بما اتخذته المحكمة من إجراءات عديدة لكشف حقيقة العقد المطعون فيه بالتزوير فقد حكمت بإحالة الدعوى على التحقيق وسمعت شهادة الشهود كما أصدرت ثلاثة أحكام بندب خبراء وقد تجمع لديها إلى تقاريرهم تقرير خبير استشاري آخر وقد رأت من كل ذلك ما يكفي لاقتناعها بصحة الورقة فلا تثريب عليها إذ هي لم تستجب إلى ما طلبه الطاعن منه استحضار الخبراء لمناقشتهم أو تعيين خبراء جدد إذ هذا منها تقدير موضوعي تستقل به.
ومن حيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق إذ شهد حسن مصطفى عمايم زوج حفيدة المنسوب صدور العقد منه المرحوم إبراهيم عمايم "بأنه لم يعلم ولم يسمع عن العقد" كذلك قرر محمد السباعي شيخ بلد زفتى وحسن محمد باشا دلال المساحة وتأيدت شهادتهم بكشف رسمي مقدم إلى المحكمة وثابت به أن المنزل مكلف باسم عطيه عمايم مورث البائعين وقد أطرح الحكم هذه الشهادات بمقولة أنها تعلقت بوضع اليد ولم تتناول صحة التوقيع في ذاته وهذا مخالف للواقع لأن حسن عمايم وهو قريب الطرفين قرر أن العقد مزور ويؤيد ذلك شهادة الشاهدين الآخرين وبذلك يكون الحكم قد خالف الواقع وأسس على وقائع غير صحيحة مما يترتب عليه بطلانه.
ومن حيث إنه يبين من الصورة الرسمية لمحضر التحقيق المقدمة إلى هذه المحكمة من الطاعن أنه ليس بصحيح أن ما ذهب إليه الحكم في شأن شهادة الشهود مخالف لما شهدوا به إذ لم يشهد أحد منهم على واقعة تزوير العقد ولذلك رأت "المحكمة إطراح أقوال الشهود جانباً لأن أحداً منهم لم يشهد على واقعة تزوير العقد بل اقتصرت شهاداتهم على ما هو متعلق بوضع اليد على المنزل موضوع النزاع ولم تتناول صحة التوقيع في ذاته أو تزويره".
ومن حيث إنه يبين مما سبق أن الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.