أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 4 - صـ 973

جلسة 7 من مايو سنة 1953
(147)
القضية رقم 296 سنة 20 قضائية

برياسة حضرة الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة، وحضور حضرات الأساتذة سليمان ثابت ومحمد نجيب أحمد وعبد العزيز سليمان وأحمد العروسي المستشارين.
( أ ) حكم. تسبيبه. دفاع. إقامة الحكم على أوجه الدفاع التي أدلى بها الخصم في الجلسة وإطراح الأوجه التي ذكرها في صحيفة الدعوى. لا إخلال بحق الخصم الآخر في الدفاع ولا قصور.
(ب) حوالة. شرط صحتها في ظل القانون المدني القديم. وجوب رضاء المحال عليه بها كتابة. المادة 349 مدني قديم.
1 - لما كان للخصم أن يدلي بجميع أوجه دفاعه أمام المحكمة سواء في صحيفة دعواه أو في مرافعته الشفوية أو التحريرية، وكان للمحكمة أن تقيم قضاءها على واحد من هذه الأوجه متى كان يكفي لحمل الحكم مطرحة باقي الأوجه، فإنه يكون في غير محله ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من القصور في التسبيب والإخلال بحقه في الدفاع لإقامة قضائه على الدعامة التي ذكرها المطعون عليه في مرافعته بالجلسة دون الدعامة الواردة في صحيفة الدعوى.
2 - جرى قضاء هذه المحكمة بأن المادة 349 من القانون المدني القديم - وهي التي تحكم النزاع تشترط لصحة الحوالة سواء أكان الدين ناشئاً عن سند أو عن حكم رضاء المحال عليه بها كتابة - ولا محل إزاء صراحة النص للاجتهاد في تأويل معناه بحجة تخلف حكمته أو انتفاء علته.


المحكمة

من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليهما كانا مستأجرين من جوده عثمان اللاهوني أطياناً ورفع عليهما الأخير الدعوى رقم 8555 سنة 1931 مدني منوف يطالبهما بمتأخر الأجرة فقضي له بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا إليه مبلغ 251 جنيه 951 مليم قيمة الأجرة المتأخرة لغاية سنة 1932 وما يستجد. وفي 27 من فبراير سنة 1943 حول المحكوم له الحكم إلى الطاعن الذي شرع في تنفيذه بنزع ملكية عقارات للمطعون عليهما اللذين عارضا في التنفيذ استناداً إلى أن الحكم المنفذ بمقتضاه غير قابل للتحويل وقد أوقفت تلك الدعوى باتفاق الطرفين. ثم شرع الطاعن في التنفيذ به مرة أخرى فاستشكل المطعون عليهما فيه تأسيساً على أن الحكم غير قابل للتحويل إلا أن الطاعن تمسك بأن عقد الإيجار المحكوم بقيمته كان قابلاً للتحويل وأنه مودع بالقضية الصادر فيها الحكم فأمرت المحكمة بضمها ثم تبين أن القضية أعدمت. وفي 20 من مايو سنة 1950 قضت المحكمة حضورياً بقبول الإشكال شكلاً وفي الموضوع بوقف تنفيذ الحكم. فاستأنف الطاعن لدى محكمة شبين الكوم الابتدائية بهيئة استئنافية وقيد استئنافه برقم 157 سنة 1950 فأيدته في 2 من يوليه سنة 1950 لأسبابه ولما أضافته من أسباب. فقرر الطاعن الطعن فيه بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على سببين: حاصل أولهما - قصور الحكم في التسبيب والإخلال بحق الطاعن في الدفاع ذلك أن المطعون عليهما أسسا منازعتهما في التنفيذ على دعامتين
(الأولى): - أن الحكم المنفذ به هو من ضمن الأحكام المرفوع بها دعوى نزع ملكية والصادر فيها قرار بالوقف لحين الفصل في النزاع القائم بين الطرفين والمطروح أمره لدى محكمة النقض (والثانية): - أن عقد الإيجار الذي بنى الحكم المطلوب التنفيذ به عليه غير قابل للتحويل وأن التنازل الحاصل من المحكوم له فيه للطاعن غير نافذ في حقهما لعدم موافقتهما عليه كتابة. وقد تمسك الطاعن في خصوص بطلان الدعامة الأولى بأن قضية نزع الملكية أصبحت وكأنها لم تكن عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة الرابعة من القانون رقم 77 لسنة 1949 بإصدار قانون المرافعات المدنية والتجارية وتبعاً لا يجوز للمطعون عليهما تأسيس منازعتهما في التنفيذ على هذه القضية التي زالت من الوجود. ومع كون هذا الدفاع جوهرياً إذ على أساسه قبل المحضر من المطعون عليهما الإشكال ورفع أمره إلى المحكمة فإنها لم تلق إليه بالاً بل اكتفت بفحص السبب الجديد الذي أبداه المطعون عليهما بجلسة المرافعة وبنت عليه حكمها.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأنه لما كان للخصم أن يدلي بجميع أوجه دفاعه أمام المحكمة سواء في صحيفة دعواه أو في مرافعته الشفوية أو التحريرية. وكان للمحكمة أن تقيم قضاءها على واحد من هذه الأوجه متى كان يكفي لحمل الحكم مطرحة باقي الأوجه - كان النعي على الحكم في هذا الخصوص لا أساس له.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في القانون من وجهين: الأول - إذ تمسك الطاعن في دفاعه أن ما يزعمه المطعون عليهما من أن عقد الإيجار غير قابل للتحويل هو ادعاء غير صحيح تنقضه المستندات التي تثبت قبولهما التنازل الحاصل عن الحكم له إن لم يكن قبولاً صريحاً فهو على الأقل قبول ضمني ذلك أنهما أعلنا بالتنازل في 25 من مارس سنة 1943 ولم يعترضا كما أن الطاعن حجز في 9 من نوفمبر سنة 1943 في منزلهما على منقولات وفاء للحكم المتنازل عنه فلم يعترضا بل سخرا زوجة أولهما وولده فأرسل الأخيران خطاباً في 21 من ديسمبر سنة 1943 قبل اليوم المحدد للبيع يخبران فيه الطاعن بأن ما حجز عليه ملك لهما وليس ملك المدين. فكان رد الحكم على هذا الدفاع أن المادة 349 من القانون المدني (القديم) تحتم لصحة الحوالة أن يرضي المدين بها وأن إثبات رضا المحال عليه بها لا يكون إلا بالكتابة وأنه لا يجزي عنها دليل آخر سوى اليمين وأن إعلان التنازل للمطعون عليهما والحجز عليهما وسكوتهما بغير اعتراض كل ذلك لا يعتبر قبولاً للحوالة مع أن هذا الذي قرره الحكم وبنى عليه قضاءه مخالف للقانون ذلك أن المشرع لم يفترض سكوت المدين إذا أعلن بالتنازل عن الحكم الذي استبدل به سبب الدين غير القابل للتحويل أو إذا نفذ عليه المتنازل إليه حتى يقال إن مثل هذا السكوت لا يعتبر قبولاً مما يستفاد منه أن غرض الشارع كان منصباً على التنازل عن سند الدين فقط - على أنه من ناحية أخرى - فإن الحكمة التي رمى الشارع إلى تحقيقها بإيجاب قبول المدين للتحويل لم تكن ضمان السرية وحدها بين الدائن والمدين بل كانت هناك أسباب أخرى أقوى منها زالت بزوال القضاء المختلط حتى أن المشرع في القانون المدني الجديد لم يرد محلاً للإبقاء على هذا القيد واكتفى لنفاذ حوالة الحق قبل المدين بإعلانه بها دون حاجة إلى رضائه بها ومن ثم يكون الحكم إذ لم يعتد بعدم اعتراض المطعون عليهما على التنازل عند إعلانهما به وسكوتهما عن التنفيذ عليهما بالحجز مع أنه بمثابة قبول ضمني على الأقل للحوالة قد خالف القانون - (والثاني) أن الحكم لم يرد على ما تمسك به الطاعن من أن القاعدة المنصوص عليها في المادة 349 مدني (قديم) والتي توجب لصحة الحوالة أن يرضى المدين بها كتابة لا تسري إذا حل حكم بالدين محل السند الأصلي ويكفي في هذه الحالة إعلان المدين المحكوم عليه بالحوالة ذلك أنه بصدور الحكم على المدين تنتفي حكمة إيجاب رضائه بالحوالة - أغفل الحكم الرد على هذا الدفاع بحجة أنه ليس من سلطة محكمة الأمور المستعجلة التغلغل في صميم النزاع مع أن الإشكال موضوعي يجب عند نظره التعرض لأصل النزاع وفحصه من كافة وجوهه الموضوعية والقانونية.
ومن حيث إن هذا السبب بوجهيه مردود أولاً بما قرره الحكم المطعون فيه من أن المادة 349 من القانون المدني القديم تنص على أنه "لا تنتقل ملكية الديون والحقوق المبيعة ولا يعتبر بيعها صحيحاً إلا إذا رضي المدين بذلك بموجب كتابة فإنه لم توجد كتابة مشتملة على رضا المدين بالبيع لا تقبل أوجه ثبوت عليه غير اليمين" ومردود ثانياً بما جرى به قضاء هذه المحكمة من أن المادة 349 المذكورة، - وهي التي تحكم النزاع - تشترط لصحة الحوالة سواء أكان الدين ناشئاً عن سند أو عن حكم رضاء المحال عليه بها كتابة ولا محل إزاء صراحة النص للاجتهاد في تأويل معناه بحجة تخلف حكمته أو انتفاء علته ومردود أخيراً بأن ما أوردته المحكمة في أسباب حكمها في خصوص مدى ولايتها بنظر إشكالات التنفيذ كان تزيداً لا تأثير له في سلامة النتيجة التي انتهت إليها.
ومن حيث إنه لذلك يتعين رفض الطعن.