أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 428

جلسة 11 من فبراير سنة 1976

برئاسة السيد المستشار: محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد المهدي وسعد الشاذلي وحسن مهران حسن ومحمد الباجوري.

(88)
الطعن رقم 19 لسنة 42 القضائية

دعوى "دعوى منع التعرض". وضع يد. حيازة.
دعوى منع التعرض. عدم جواز رفعها بقصد تنفيذ عقد بين الطرفين. وجوب الاستناد إلى دعوى العقد لا دعوى منع التعرض متى ثبت وجود العقد.
لئن كان من المقرر أنه لا يجوز رفع دعوى منع التعرض بغرض تنفيذ عقد يربط بين الطرفين، ويجب الاستناد إلى دعوى العقد لا دعوى منع التعرض، إلا أن مناط ذلك أن يثبت وجود العقد الذي يحكم العلاقة بينهما، وإذ دلل الحكم على أن عقد البدل لا صلة له بالأرض موضوع دعوى منع التعرض، فإنه لا محل للتذرع به للقول بعدم قبول الدعوى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن مورث المطعون عليهم الأول والثاني والثالثة ومورث المطعون عليه الثاني بصفته والمطعون عليهم الأول والثاني والرابعة أقاموا الدعوى رقم 360 لسنة 1960 مدني أمام محكمة بندر دمنهور الجزئية ضد الطاعنين بصفتهما وزير ومندوب الإصلاح الزراعي بطلب الحكم بمنع تعرضهما لهم في حيازة ستة عشر قيراطاً الموضحة بصحيفة الدعوى ورد حيازتها لهم، وقالوا شرحاً لها أنهم يمتلكون أطياناً زراعية مساحتها 17 ف و15 ط و7 س بناحية الغابة مركز أبو حمص بمقتضى عقد البيع المؤرخ 30/ 9/ 1954 والمشهرة في 17/ 10/ 1954 برقم 4258 يضعون اليد عليها وضع يد هادئاً استمر حتى شهر مارس 1960 حين اغتصب رجال الإصلاح الزراعي مساحة 16 قيراطاً منها دون وجه حق وإذ أمرت النيابة العامة بتسليم القدر موضوع النزاع إلى جهة الإصلاح الزراعي فقد أقاموا الدعوى بطلباتهم سالفة البيان، وفي 1/ 4/ 1961 حكمت المحكمة بندب خبير لبيان وضع اليد ومظاهرة وبعد أن قدم الخبير تقريره دفع الطاعنان بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وبعدم قبولها، وبتاريخ 20/ 10/ 1962 حكمت المحكمة (أولاً) برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي (ثانياً) برفض الدعوى بعدم قبول الدعوى (ثالثاً) بمنع تعرض الطاعنين للمطعون عليهم في الأرض محل النزاع وإعادة وضع يدهم. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 28 سنة 26 ق إسكندرية طالبين رفض الدعوى، وبتاريخ 28/ 11/ 1971 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبب، وقالا في بيان ذلك أنهما تمسكا أمام محكمة الموضوع بحصول بدل بين الإصلاح الزراعي وبين المطعون عليهم اختص بمقتضاه الإصلاح بقطعة الأرض محل النزاع مقابل قطعة أرض أخرى سلمها لهم بدلاً عنها وقدما المستندات الدالة على ذلك إلا أن الحكم المطعون فيه ساير الحكم الابتدائي في إطراح هذا الدفاع على سند من القول بأن البدل كان عن أرض أخرى دون أن يبين الدلائل التي أدت إلى عدم انطباق المستندات على أرض النزاع وانطباقها على أرض أخرى، وكان يتعين ندب خبير لتحقيق دفاع الطاعنين باعتبارها مسألة فنية يلجأ فيها للمتخصصين من أهل الخبرة وقد ترتب على هذا الخطأ من الحكم أن انتهى إلى قبول دعوى الحيازة رغم ارتباط المطعون عليهم والطاعنين بمقتضى عقد البدل سالف الإشارة وكان انتزاع الحيازة يدخل في نطاق تطبيقه مما يجعلها غير مقبولة، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه بعد أن أثبت اطلاعه على عقد البيع المقدم من المطعون عليهم والمسجل بتاريخ 27/ 10/ 1954 برقم 4258 على مساحة 17 ف و15 ط و7 س أورد قوله إن مكتب الخبراء قام بمباشرة المأمورية وقدم تقريره المؤرخ 10/ 12/ 1961 والذي انتهى فيه إلى النتائج الآتية (اشترى المدعون - المطعون عليهم - قطعة أرض بعقد مسجل في 1954 وقاموا بغرس أشجار جوافة على حدها الشرقي (2) في 4/ 4/ 1960 طردهم الإصلاح الزراعي من مساحة 13 ط وهي أرض النزاع بحجة وجود عقد بدل بينه وبين المدعين ولم يقدم هذا العقد للخبير (3) مدة وضع يد المدعين الهادئ على أرض النزاع بدأت من 5/ 10/ 1953 وهو تاريخ العقد الابتدائي واستمرت حتى 4/ 4/ 1960 حيث قام الإصلاح الزراعي بالاستيلاء عليها أما مظهر وضع يدهم فهو الزراعة وغرس أشجار جوافة يناسب عمرها تاريخ عقد مشتراهم الذي بدأ منه وضع يدهم وهو ست سنوات)، وبعد ورود التقرير من مكتب الخبراء قرر الحاضر عن الحكومة أن ثمة بدل تم بين المدعين والحكومة وأنها أعطتهم مقابل أرضهم أرضاً مساوية لها في المساحة وقدم تأييداً لما ذهب إليه إقراراً غير مؤرخ جاء به على لسان المدعي الأول أنه يقرر بالإحالة عن نفسه وبالنيابة عن أولاده وزوجته بقبول تجنب المساحة المباعة إليهم ومقدارها 2.00 ف تقريباً المرموز لها بحرف f على أرض الخريطة إلى أرض الاستيلاء المرموز لها بحرف f بحري ستييته ونظيره وعبد الحافظ محمد عبده والمحددة من الغرب بترعة البوص ومن الشرق بطريق عمومي ومن بحري بأرض الإصلاح وقد رد على ذلك الحاضرين المدعين بمرافعته الشفوية بجلسة 31/ 3/ 1962 ومذكرته المقدمة لجلسة 12/ 5/ 1962 قائلاً أن البدل القول به لا علاقة له بالجزء المغتصب موضوع النزاع الحالي، إذ أن هذا البدل تم عن قطعة أخرى اشتراها المدعون من نفس البائع بموجب عقد آخر تسجل برقم 4260 بتاريخ 17/ 10/ 1954 حيث تبادل المدعون عن القدر الوارد ومقداره 1 ف و12 ط و16 س وأخذوا بدلاً منها أرضاً أخرى حسبما جاء بإقرار التجنيب المقدم من المدعى عليهما والذي نص به على أن المساحة المتبادل عليها تبلغ حوالي فدانين وهي تساوي القدر موضوع عقد البيع المذكور على وجه التقريب ثم أورد الحكم "أن الثابت من تقرير الخبير أن العقد محل النزاع يدخل ضمن المساحة التي اشتراها المدعون في 1954 بعقد بيع رسمي مسجل لم تطعن عليه الحكومة بأي مطعن...... وآية ذلك ما ذهب إليه الحاضر عن الحكومة في إحدى الجلسات وأمام الخبير من حصول بدل بين الطرفين..... هذا رغم ما ثبت من المستندات المقدمة من أن البدل المقول به كان محله أرضاً أخرى اشتراها المدعون من نفس البائع ومساحتها حوالي فدانين بموجب عقد آخر تسجل برقم 4260 وأن القدر محل التداعي لا علاقة له بعقد البدل..." ولما كان يبين من هذه الأسباب أنه ثبت لمحكمة الموضوع استخلاصاً من عقدي البيع المشهرين رقمي 4258، 4260 ومن إقرار التجنيب المقدم من الطاعنين أن الأرض محل النزاع لا علاقة لها بالبدل الذي جرى بين الإصلاح الزراعي والمطعون عليهم وأن هذا البدل وقع على أرض أخرى، وفي ذلك ما يفيد أن محكمة الموضوع قد وجدت في أوراق الدعوى وعناصرها ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها بأسباب مقبولة دون حاجة إلى ندب خبير، لما كان ذلك وكان مفاد المادة 135 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 أن تعيين الخبير في الدعوى من الرخص المخولة لقاضي الموضوع فله وحده تقدير لزوم هذا الإجراء ولا معقب عليه في ذلك. لما كان ما تقدم ولئن كان من المقرر أنه لا يجوز رفع دعوى منع التعرض بغرض تنفيذ عقد يربط بين الطرفين ويجب الاستناد إلى دعوى العقد لا دعوى منع التعرض، إلا أن مناط ذلك أن يثبت وجود العقد الذي يحكم العلاقة بينهما، وإذ دلل الحكم بأسباب سائغة على أن عقد البدل لا صلة له بالأرض موضوع دعوى منع التعرض، فإنه لا محل للتذرع به للقول بعدم قبول الدعوى ويكون النعي عليه بمخالفة القانون والقصور في التسبيب على غير أساس.