أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 4 - صـ 1002

جلسة 14 من مايو سنة 1953
(154)
القضية رقم 353 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة، وحضور حضرات الأساتذة عبد العزيز محمد وكيل المحكمة ومصطفى فاضل وأحمد العروسي ومحمود عياد المستشارين.
ضرائب. رسوم. رسوم بلدية. عدم جواز فرضها بأثر رجعي. مخالفة المجلس البلدي لهذا المبدأ. عدم جواز الاعتداد بما قرره من أثر رجعي. المواد 21 و23 و24 من القانون رقم 145 لسنة 1944.
القانون رقم 145 سنة 1944 وإن رخص للمجالس البلدية في المواد 21 و23 و24 في أن تقرر أو تفرض رسوماً في الأحوال المبينة في هذه المواد إلا أن المجلس البلدي لا يستطيع أن يرتب للرسم الذي يفرضه أثراً رجعياً ذلك لأن القانون لم يخوله هذا الحق فإن خالف المجلس ذلك عدّ هذا تجاوزاً صريحاً لولايته ووجب عدم الاعتداد بما قرره من أثر رجعي - وليس من شأن تصديق وزير الصحة على قرار المجلس ما يصحح هذه المخالفة كما أن أحكام المرسوم الصادر في 30 من أكتوبر سنة 1945 تنفيذاً لما جاء في المادة 23 من القانون رقم 145 سنة 1944 لا يمكن أن تخول للمجلس البلدي من الحقوق غير ما خوله إياها القانون المشار إليه وعلى هدي هذا يجب أن تفهم المادة العاشرة من المرسوم الني تقضى بتشكيل لجنة في كل مجلس من بين ما اختصت به تحديد تاريخ استحقاق الرسم الذي يفرضه المجلس ولا يصح القول بأن قرار المجلس البلدي في 23 سبتمبر سنة 1946 بوجوب تحصيل الرسم الذي فرضه ابتداء من أول مايو سنة 1946 لا يعتبر ترتيباً لأثر رجعي وإنما هو إعمال لمبدأ سنوية الميزانية وسنوية الضريبة، ذلك لأن كون الميزانية تعد لمدة سنة لا يستتبع حتماً أداء كل ضريبة أو رسم يقرر في غضون السنة محسوباً من بداية السنة المالية، أما كون الرسم قد فرض عن سنة فإن هذا ليس من شأنه أن يحول دون أن يقتضى ممن وجب عليه بالقدر الذي يلزمه ابتداء من وقت سريانه.


المحكمة

من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تتحصل في أن مجلس بلدي شبين القناطر بمقتضى الحق المخول له بالقانون رقم 145 سنة 1944 قرر في 23/ 9/ 1946 فرض رسم مقداره 25 مليماً في السنة على كل متر مربع في شئون القطن والحبوب والبذور، وذلك اعتباراً من أول مايو سنة 1946، وقد صدق وزير الصحة على هذا القرار في 14/ 11/ 1946 ونشر بالجريدة الرسمية في 9/ 12/ 1946 وتنفيذاً له أنذر المجلس البلدي الشركة المطعون عليها بدفع مبلغ 377 ج و500 م قيمة الرسوم المستحقة على شون الأقطان التابعة لها عن المدة من أول مايو سنة 1946 حتى 30 إبريل سنة 1947 ولكن الشركة نازعت في أن للمجلس أن يتقاضى رسماً عن المدة السابقة على نشر القرار في الجريدة الرسمية بعد تصديق وزير الصحة أي عن المدة من أول مايو سنة 1946 حتى 9 ديسمبر سنة 146 وقدر ذلك 229 ج و603 م كما نازعت في استحقاق مبلغ 58 ج و624 م قيمة الرسوم الخاصة بالمدة من أول فبراير سنة 1947 حتى 30 إبريل سنة 1947 وهي المدة التي ادعت الشركة أنها لم تستعمل فيها الشونة لإيداع الأقطان ولكن الشركة اضطرت كما ذكرت تحت تأثير التهديد بقطع التيار الكهربائي إلى دفع المبلغ كما حدده المجلس البلدي مع الاحتفاظ بحقها ثم رفعت الدعوى أمام محكمة مصر الابتدائية المختلطة بطلب رد المبلغين. وفي 24 فبراير سنة 1949 حكمت المحكمة بإلزام الطاعنين بأن يدفعا إلى المطعون عليها مبلغ 229 ج و603 م وذلك قيمة ما يقابل المدة السابقة على نشر القرار في الجريدة الرسمية، لأن هذا القرار لا يمكن أن يكون له أثر رجعي ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. فاستأنف الطاعنان هذا الحكم. وفي 24 من أكتوبر سنة 1950 حكمت محكمة استئناف القاهرة برفض الاستئناف وتأييد الحكم. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض.
من حيث إن أسباب الطعن تتحصل في أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بأن تحصيل الرسم عن المدة التي تبدأ من أول مايو سنة 1946 يعتبر إعمالاً في الماضي للقرار الذي فرض الرسم وهو غير جائز قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه ولو أن القرار صدر في 23/ 9/ 1946 وصدق عليه وزير الصحة في 14/ 11/ 1946 ونشر في 9/ 12/ 1946 إلا أنه كان من المتعين تحصيل الرسم عن سنة 1946 - سنة 1947 المالية بتمامها أي عن المدة من أول مايو سنة 1946 حتى 30 إبريل سنة 1947 ذلك لأن الرسم أو الضريبة لا تفرض باليوم أو بالشهر بل تفرض عن سنة كاملة إعمالاً لمبدأ سنوية الميزانية وسنوية الضريبة فطالما أن السنة المالية التي صدر فيها القرار بفرض الضريبة لم تنته فالضريبة واجب أداؤها عن السنة بتمامها ولا يعتبر هذا سحباً لأثر القرار على الماضي وأنه على فرض التسليم جدلاً بأن قرار المجلس البلدي بتقريره استحقاق الرسم ابتداء من أول مايو سنة 1946 قد رتب أثر رجعياً فهذا الإسناد لا يخالف القانون ذلك لأن هذا القرار إنما صدر من المجلس البلدي بتفويض من المشرع في المادتين 21 و23 من القانون رقم 145 سنة 1944، وهذا التفويض يخول ترتيب أثر رجعي بغير حاجة لنص خاص، لأن هذا التفويض التشريعي هو تفويض مطلق والمطلق يبقى على إطلاقه ما لم يخصص، يؤكد هذا أن المادة العاشرة من المرسوم الصادر في 30 أكتوبر سنة 1945 تنفيذاً لما جاء في المادة 23 من القانون رقم 145 سنة 1944 نصت على تأليف لجنة في كل مجلس للقيام بعملية تقدير الرسوم وتحديد تاريخ استحقاقها ومن هذا يتضح أن تحديد استحقاق الرسم قد أجازه المشرع صراحة بهذا التفويض التشريعي.
ومن حيث إن هذه الأسباب جميعاً مردودة بأن القانون رقم 145 سنة 1944 وإن رخص للمجلس البلدية في المواد 21 و23 و24 في أن تقرر أو تفرض رسوماً في الأحوال المبينة في هذه المواد إلا أن المجلس البلدي لا يستطيع أن يرتب للرسم الذي يفرضه أثراً رجعياً ذلك لأن القانون لم يخوله هذا الحق، فإن خالف المجلس ذلك عدّ هذا تجاوزاً صريحاً لولايته ووجب عدم الاعتداد بما قرره من أثر رجعي، وليس من شأن تصديق وزير الصحة على قرر المجلس ما يصحح هذه المخالفة كما أن أحكام المرسوم الصادر في 30 من أكتوبر سنة 1945 تنفيذاً لما جاء في المادة 23 من القانون رقم 145 سنة 1944 لا يمكن أن تخول للمجلس البلدي من الحقوق غير ما خوله إياها القانون المشار إليه وعلى هدي هذا يجب أن تفهم المادة العاشرة من المرسوم التي تقضي بتشكيل لجنة في كل مجلس من بين ما اختصت به تحديد تاريخ استحقاق الرسم الذي يفرضه المجلس، ولا يصح القول بأن قرار المجلس البلدي في 23 سبتمبر سنة 1946 بوجوب تحصيل الرسم الذي فرضه ابتداء من أول مايو سنة 1946 لا يعتبر ترتيباً لأثر رجعي للرسم بل هو إعمال لمبدأ سنوية الميزانية وسنوية الضريبة ذلك لأن كون الميزانية تعد لمدة سنة لا يستتبع حتماً أداء كل ضريبة أو رسم يقرر في غضون السنة محسوباً من بداية السنة المالية - أما كون الرسم قد فرض عن سنة، فإن هذا ليس من شأنه أن يحول دون أن يقتضى ممن وجب عليه بالقدر الذي يلزمه ابتداء من وقت سريانه.
ومن حيث إنه لذلك يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.