أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 4 - صـ 1051

جلسة 21 من مايو سنة 1953
(165)
القضية رقم 344 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة الأستاذ عبد العزيز محمد وكيل المحكمة وحضور حضرات الأساتذة محمد نجيب أحمد ومصطفى فاضل وأحمد العروسي ومحمود عياد المستشارين.
( أ ) حجوز إدارية. اختصاص. أوامر إدارية. هذه الحجوز ليست من قبيل الأوامر الإدارية. اختصاص المحاكم بنظر دعاوى بطلان إجراءاتها أو إلغائها أو وقف إجراءات البيع.
(ب) لوائح. أوامر إدارية. اختصاص. رسوم بلدية. للمحاكم سلطة البحث في مشروعية اللائحة والامتناع عن تطبيقها إذا كانت مخالفة للقانون. المادة 18 من قانون نظام القضاء المقابلة للمادة 15 من لائحة ترتيب المحاكم.
(ج) رسوم بلدية. حق المجالس البلدية في فرض رسوم على المحال الصناعية والتجارية التي تباشر نشاطها في دائرة اختصاص هذه المجالس. المادة 23 من القانون رقم 145 لسنة 1944.
فرض المجلس البلدي الطاعن رسوماً على الشركة المطعون عليها باعتبارها تقوم بعملية النقل بالسيارات في دائرة اختصاصه ونبه عليها بوجوب دفع هذه الرسوم ولما لم تدفع أوقع حجزاً إدارياً على سيارتين مملوكتين لها وحدد يوماً لبيعهما فأقامت الشركة الدعوى وطلبت الحكم. أولاً - بصفة مستعجلة بإيقاف البيع حتى يفصل في النزاع الموضوعي الخاص باستحقاق الرسوم. وثانياً - بصفة عادية إلغاء الحجز واعتباره كأن لم يكن. وثالثاً - بإلزام الحاجز بأن يدفع لها مبلغاً معيناً على سبيل التعويض، وقد دفع الطاعن الدعوى بعدم اختصاص المحاكم المدنية بنظرها تأسيسياً على أن قرار المجلس البلدي بفرض الرسوم هو من قبيل الأوامر الإدارية التي لا يجوز المساس بها فقضت المحكمة برفض هذا الدفع وبصفة مستعجلة بإيقاف البيع وإلغاء الحجز واعتباره كأن لم يكن ومحكمة الاستئناف قضت بتأييد هذا الحكم ولما عرض النزاع على محكمة النقض قررت المبادئ الآتية:
1 - جرى قضاء محكمة النقض بأن الحجوز الإدارية وإجراءاتها لا تعد من قبيل الأوامر الإدارية التي لا يجوز للمحاكم إلغاؤها أو تأويلها أو وقف تنفيذها ومن ثم تختص المحاكم بنظر الدعاوى الخاصة ببطلان إجراءات هذه الحجوز أو إلغائها أو وقف إجراءات البيع.
2 - إن المادة 18 من قانون نظام القضاء والتي كانت تقابل المادة 15 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية التي تخرج من ولاية المحاكم وقف الأمر الإداري أو تأويله إنما تشير إلى الأمر الإداري الفردي دون الأمر الإداري العام أي اللوائح - كقرار المجلس البلدي بفرض رسم - إذ لا شبهة في أن للمحاكم بل عليها قبل أن تطبق لائحة من اللوائح أن تستوثق من مشروعيتها ومطابقتها للقانون، فإن بدا لها ما يعيبها في هذا الخصوص كان عليها أن تمتنع عن تطبيقها.
3 - لما كانت المادة 23 من القانون رقم 145 لسنة 1944 بنظام المجالس البلدية والقروية تنص على أن للمجالس أن تفرض في دائرة اختصاصها رسوماً على المحال الصناعية والتجارية، وعلى أنه يعين بمرسوم القواعد الخاصة بتحديد أساس هذه الرسوم وطريقة التظلم منها وكيفية تحصيلها وأحوال الإعفاء منها، وبناء على هذا النص صدر مرسوم 30 من أكتوبر سنة 1945 المعدل بالمرسوم الصادر في 20 سبتمبر سنة 1948 بتحديد أساس الرسوم البلدية وطريقة التظلم منها، ولما كان المجلس البلدي "الطاعن" بناء على ذلك قد فرض رسوماً على إدارة سيارات نقل الركاب بالمدينة وعلى محلاتها ثم أوقع حجزاً إدارياً على أموالها وكانت هذه الشركات تقوم بعملية النقل بالسيارات وهو عمل تجاري بطبيعته، وكانت مكاتب الشركات ومحلاتها وچراچاتها هي المحلات التي تباشر فيها نشاطها في دائرة اختصاص المجلس الطاعن وأنها بهذه الصفة تدخل في عداد المحلات التجارية فيجوز للمجلس فرض الرسوم عليها بهذا الاعتبار وفقاً لنص المادة 23 من القانون رقم 145 لسنة 1944، وكان لا يغير من هذا النظر أن تكون الشركة المطعون عليها ملزمة بدفع رسوم أخرى عن مركزها الرئيسي متى كان الرسم الذي يتقاضاه المجلس هو عن نشاط الشركة في دائرة المدينة وليس عن نشاطها بوصفها مرخصاً لها أو متمتعة بامتياز لمرفق النقل، لما كان ذلك يكون القرار الصادر من المجلس البلدي بفرض الرسم المشار إليه قد صدر موافقاً لنصوص القانون رقم 145 لسنة 1944.


المحكمة

من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعة الدعوى - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه، وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 275 سنة 1949 بندر دمنهور على الطاعن وقالت في صحيفتها إن الطاعن أنذرها في 7 من فبراير سنة 1949 بأن تدفع إليه مبلغ 550 جنيه وهو الرسم المستحق عليها في المدة من مايو سنة 1947 لغاية فبراير سنة 1949 ولما كان الشركة فرعاً من شركة سكك حديد الدلتا التي تقوم بدفع الرسوم والضرائب للحكومة وللمجالس البلدية والمحلية عن كافة منشآتها المختلفة، الأمر الذي لا يجوز معه اقتضاء ضريبتين عن شركة واحدة لجهة واحدة في مدة واحدة. وفي 8/ 2/ 1949 أرسلت الشركة تظلماً من هذا الإنذار إلى الطاعن طلبت فيه رفع هذه الضريبة وإلغاء هذا التنبيه واعتباره كأن لم يكن، إلا أن الطاعن أوقع في 17/ 2/ 1949 حجزاً إدارياً على السيارتين رقمي 80 و97 البحيرة وحدد لبيعهما 3/ 3/ 1949. ولهذا فإن المطعون عليها استشكلت في تنفيذ هذا الحجز وطلبت إيقاف بيع السيارتين المحجوز عليهما، ثم عدلت طلباتها إلى - أولاً - الحكم بصفة مستعجلة بإيقاف بيع السيارتين حتى يفصل في النزاع الموضوعي الخاص باستحقاق الرسوم المحجوز على السيارتين من أجلها - وثانياً - بصفة عادية إلغاء الحجز واعتباره كأن لم يكن - ثالثاً - إلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليها مبلغ 150 جنيه تعويضاً مؤقتاً عن توقيع هذا الحجز - دفع الطاعن الدعوى - أولاً بعدم قبولها لرفعها من غير ذي صفة - وثانياً - بعدم اختصاص المحاكم بنظرها لأن المرسوم الصادر في 30/ 10/ 1945 حدّد الطريق الواجب اتباعه في التظلم من هذه الرسوم - وثالثاً - بعدم اختصاص المحكمة الجزئية بنظر الدعوى لأن الطلب الأصلي يتناول الرسوم المفروضة ومقدارها 550 جنيه وهذا المبلغ يجاوز اختصاص قاضي المواد الجزئية. وفي 4 يونيه سنة 1949 قضت المحكمة برفض الدفوع المقدمة من الطاعن - وثانياً - بصفة مستعجلة بإيقاف بيع السيارتين المحجوز عليهما وإلغاء الحجز الموقع عليهما في 17/ 2/ 1949 واعتباره كأن لم يكن. وقد ردت على الدفع الأول بأن المطعون عليه قدم محضر الشركة المحرر في 11/ 6/ 1947 والذي عين فيه مديراً عاماً لها، فله بهذه الصفة أن يمثلها عند التقاضي، وعلى الدفع الثاني بأن للمحاكم أن تقضي بالتعويض لكل من لحقه ضرر من أمر إداري صدر من جهة غير مختصة إذا كان الأمر معيباً من حيث الشكل أو كان مخالفاً للقانون. وردت على الدفع الثالث بأن المطعون عليها ضمنت دعواها طلباً أصلياً وهو الحكم بصفة مستعجلة بإيقاف البيع ثم طلبين آخرين وهما إلغاء الحجز الموقع على السيارتين والتعويض المطالب به، وأنه متى كان قاضي الأمور المستعجلة مختص بجميع إشكالات التنفيذ، وكان الطلب الثاني من طلبات الشركة المطعون عليها متفرعاً عن الطلب الأول، فإنه يكون مختصاً بالفصل فيه مهما كان المبلغ المحجوز عليها من أجله، واستند الحكم في قضائه في موضوع الدعوى إلى أن الأمر الإداري الصادر بفرض الرسوم على المطعون عليها قد صدر استناداً إلى القانون رقم 145 لسنة 1944 في حين أن المفهوم من نص المادة 23 من هذا القانون أن أنواع الرسوم الواردة به قد ذكرت على سبيل الحصر، ولم يشر إلى السيارات أو محطات الأتوبيس، وأما القول بسقوط حق الشركة لعدم تظلمها أمام اللجنة المبينة بالمرسوم الصادر في 28/ 10/ 1945 فمحله أن يكون فرض هذه الرسوم صحيحاً في أساسه ومطابقاً للقانون، وإلى أن الحجز وقع بناء على أمر إداري خاطئ بفرض رسوم ليس للطاعن حق في فرضها، ولذلك يكون قد وقع بغير سند أصلاً. وأما عن التعويض فإن المطعون عليها لم تقدم ما يدل على ما لحقها من ضرر مادي من توقيع الحجز. فاستأنف الطاعن هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 291 سنة 1949 وذكر في صحيفة استئنافه أن الحكم الابتدائي إذ قضى بصفة مستعجلة بإلغاء الحجز، فإنه يكون قد قضى بما لم يطلبه الخصوم إذ أن المطعون عليها طلبت الحكم في هذا الخصوص بصفة عادية، كما أن قضاءه خاطئ لأنه فصل في أصل الحق المتنازع عليه، وأن الطاعن تمسك أمام محكمة أول درجة بالدفع بعدم اختصاص المحاكم المصرية بنظر الدعوى، وأن المحكمة أغفلت الرد على ذلك وجاءت بأسباب تتناقض مع النتيجة التي وصلت إليها إذ أنها تحدثت عن الاختصاص بنظر الدعوى ثم انتهت إلى اختصاصها بالنظر في الأمر الإداري وهو خارج عن اختصاصها وفقاً للمادة 15 من لائحة ترتيب المحاكم، وأنه تمسك أيضاً بالدفع بعدم اختصاص المحاكم الجزئية بنظر الدعوى لأن المبلغ المحجوز من أجله هو 550 جنيه وهو يزيد عن نصاب المواد الجزئية وأن إدارة النقل بالسيارات تعتبر محلاً تجارياً خاضعاً للرسوم البلدية طبقاً للمادة 23 من القانون رقم 145 لسنة 1944 وطلب الحكم بعدم اختصاص المحاكم بنظر الدعوى واحتياطياً الحكم بعدم اختصاص قاضي المواد الجزئية بنظر طلب إلغاء الحجز ومن باب الاحتياط الكلي برفض الدعوى. وفي 30 من نوفمبر سنة 1949 رفعت المطعون عليها استئنافاً مقابلاً بالنسبة لما قضي به في دعوى التعويض، وطلبت قبوله، وفي الموضوع بإلغائه والحكم بإلزام الطاعن بأن يدفع لها تعويضاً قدره 150 جنيه وفي 14 من أغسطس سنة 1950 قضت المحكمة بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف. فقرر الطاعن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أربعة أسباب يتحصل السبب الأول في أن الحكم المطعون فيه إذ قضى باختصاص المحاكم المدنية بنظر الدعوى قد خالف القانون، لأن طلب الحكم بإلغاء الحجز الإداري أو وقف تنفيذه هو طلب بإلغاء القرار الإداري أو وقف تنفيذه، وهو خارج عن ولاية المحاكم كنص المادة 15 من لائحة ترتيب المحاكم المعدلة بالمرسوم بقانون رقم 90 لسنة 1937 التي تقضي بأن ليس للمحاكم سلطة تأويل العمل الإداري أو إيقاف تنفيذه، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بهذا الدفع وقضي برفضه.
ومن حيث إن هذا السبب مردود، ذلك بأن المطعون عليها أقامت الدعوى على الطاعن وطلبت فيها أولاً بصفة مستعجلة وقف بيع السيارتين حتى يفصل في النزاع الموضوعي الخاص باستحقاق الرسوم المحجوز على السيارتين من أجلها وثانياً بصفة عادية إلغاء الحجز واعتباره كأن لم يكن - ثالثاً - بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليها تعويضاً مقداره 150 جنيه وهي طلبات الفصل فيها يدخل في ولاية المحاكم المدنية وفقاً لعموم نص المادة 12 من القانون رقم 47 لسنة 1949 الخاص بنظام القضاء. ولا يجوز التحدي بالمادة 18 من القانون المشار إليه للقول بعدم اختصاص القضاء المدني، ذلك لأن الحجز الإداري والإجراءات الخاصة بتوقيعه لا تعد كما جرى قضاء هذه المحكمة من قبيل الأوامر الإدارية التي لا يجوز للمحاكم إلغاؤها أو تأويلها أو وقف تنفيذها، بل تختص المحاكم بنظر الدعاوى الخاصة ببطلان إجراءات الحجز الإداري أو إلغائه أو وقف إجراءات البيع. كما أنه لا يحول دون اختصاص المحاكم المدنية أن يكون أساس الدعوى أن الحجز الإداري المطلوب وقف إجراءاته أو إلغاؤه قد توقع بغير سند، لأنه توقع بناء على قرار صدر من المجلس البلدي بفرض رسم يزعم المدعي أن المجلس لا يملك فرضه، وأنه لذلك يجب عدم الاعتداد بهذا القرار لعدم مشروعيته. لا يحول تأسيس الدعوى على هذا الدفاع دون اختصاص المحاكم بنظرها، ذلك لأن المادة 18 من قانون نظام القضاء، والتي كانت تقابل المادة 15 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية التي تخرج من ولاية المحاكم وقف الأمر الإداري أو تأويله إنما تشير إلى الأمر الإداري الفردي دون الأمر الإداري العام أي اللوائح كقرار المجلس البلدي بفرض رسم - إذ لا شبهة في أن للمحاكم بل عليها قبل أن تطبق لائحة من اللوائح أن تستوثق من مشروعيتها ومطابقتها للقانون، فإن بدا لها ما يعيبها في هذا الخصوص كان عليها أن تمتنع عن تطبيقها. يؤيد هذا أن عبارة الأمر الإداري التي وردت في المادة 15 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية والتي نقل حكمها إلى المادة 18 من قانون نظام القضاء إنما تعني "الإجراء الإداري" كما يستفاد ذلك من الأصل الفرنسي واللائحة ليست إجراء وأن المادة 28 من لائحة ترتيب المحاكم كانت تنص على أن على المحاكم أن تقضي بمقتضى اللوائح "متى كانت أحكامها غير مخالفة لنص القوانين" وأن المادة 37 من دستور سنة 1923 كانت تنص على أن الملك يضع اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها، وأن المادة 395 من قانون العقوبات تنص على أن من خالف أحكام اللوائح العمومية أو المحلية الصادرة من جهات الإدارة العمومية أو البلدية يجازى بالعقوبات المقررة في تلك اللوائح بشرط ألا تزيد على العقوبات المقررة للمخالفات، فإن كانت العقوبة المقررة في اللوائح زائدة عن هذه الحدود وجب حتماً إنزالها إليها. ولا محل للاعتراض على هذا الفهم الواضح بأن تصدي المحاكم لبحث مشروعية اللوائح وجواز امتناعها عن تطبيقها يعتبر إلغاء للائحة وهو ما خص به المشرع القضاء الإداري، ذلك لأن الامتناع عن تطبيق اللائحة يختلف اختلافاً جوهرياً عن إلغائها فحق المحاكم في الرقابة على مشروعية اللوائح الذي كان مقرراً في مصر قبل إنشاء القضاء الإداري، والذي هو مقرر في فرنسا مع قيام هذا القضاء لا يؤدي في حالة الامتناع عن التطبيق إلى إلغاء اللائحة التي تظل رغم ذلك قائمة بعكس الحكم بإلغائها الذي هو من اختصاص القضاء الإداري كما أن طلب الإلغاء محدد بميعاد الستين يوماً أما الدفع بعدم مشروعية اللائحة فلا يحده ميعاد. لما كان ذلك يكون الحكم إذ قضى باختصاص المحاكم بالنظر في مشروعية اللائحة الصادرة من المجلس البلدي بفرض رسوم على محلات وشركات نقل الركاب بالسيارات لم يخالف القانون.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه مشوب بالقصور ومخالف للقانون، ذلك لأن الطاعن دفع بعدم اختصاص قاضي المواد الجزئية بالفصل - بصفة عادية - في طلب إلغاء الحجز لأن الرسوم التي وقع الحجز على السيارتين من أجلها تزيد على نصاب القاضي الجزئي المحدد في المادة 26 من قانون المرافعات القديم، إلا أن الحكم الابتدائي قضى برفض هذا الدفع استناداً إلى أن القاضي المستعجل مختص بالفصل في جميع إشكالات التنفيذ، وأن الطلب الثاني من طلبات الشركة متفرع من الطلب الأول وقد تمسك به الطاعن أمام محكمة ثاني درجة إلا أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم المستأنف أغفل الرد على هذا الدفاع.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن المادة 134 من قانون المرافعات القديم التي كانت تحكم النزاع وقت الفصل فيه من محكمة أول درجة كانت تقضي بأن الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولو كان بالنسبة لنوع القضية يجب إبداؤه قبل ما عداه من أوجه الدفع وقبل إبداء أقوال أو طلبات ختامية متعلقة بأصل الدعوى. ولما كان يبين من محضر جلسة 14 من مايو سنة 1949 المقدمة صورته الرسمية أن الحاضر عن الطاعن تكلم أولاً في موضوع الدعوى ثم دفع بعدم اختصاص المحكمة بنظرها، لأن الطلب الأصلي وهو إلغاء الحجز يتضمن طلب الحكم ببراءة ذمة المطعون عليها من الرسوم البلدية ومقدارها 550 جنيهاً وهذا الطلب يتجاوز اختصاص قاضي المواد الجزئية. لما كان ذلك يكون حق الطاعن في التمسك بهذا الدفع قد سقط وفقاً للمادة المشار إليها. ومن ثم يكون تعييب الحكم المطعون فيه لأنه أغفل الفصل في دفع غير مقبول نعياً عديم الجدوى.
ومن حيث إن السبب الرابع يتحصل في أن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه بإلغاء الحجز الإداري الموقع في 17 من فبراير سنة 1949 تأسيساً على أن قرار وزير الصحة بفرض الرسوم على الشركة صدر مخالفاً لنص المادة 23 من القانون رقم 145 لسنة 1944 التي لم تنص على السيارات أو محطات الأتوبيس فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله. ذلك لأن المادة 21 من القانون رقم 145 لسنة 1944 تنص على أن للمجلس أن يقرر رسوماً مقابل استعمال الأملاك العامة التي آلت إليه مباشرة شئونها ونصت المادة 23 من هذا القانون على فرض الرسوم على المحال التجارية والصناعية وإذ كانت الشركة المطعون عليها شركة تجارية تباشر نشاطها التجاري في مدينة دمنهور وتنتفع بمرافق البلدية ونشاطها ولها محطة للسيارات وجراج لإيواء السيارات وتستأجر ثلاثة محلات تستعملها مكاتب لإدارة أعمالها والإشراف على النشاط التجاري للنقل بالسيارات وهذا النشاط يعتبر محلاً تجارياً بالمعنى المقصود في المادة 23 من القانون رقم 145 لسنة 1944. ولا يجوز الخلط بين الرسوم التي تدفعها فروع هذه الشركة وبين الرسوم المفروضة على موطن الشركة الرئيسي.
ومن حيث إن هذا السبب في محله ذلك أن أساس منازعة الشركة المطعون عليها هو أن مطالبة المجلس البلدي (الطاعن) لها بالرسوم التي أوقع الحجز على السيارتين من أجلها لا تستند إلى أساس من القانون لأن إدارة سيارات نقل الركاب بمدينة دمنهور تعتبر جزءاً لا يتجزأ من شركة سكك حديد الدلتا التي تقوم بدفع كافة الرسوم والضرائب سواء للحكومة أو للمجالس البلدية الأمر الذي لا يجوز معه اقتضاء ضريبتين من شركة واحدة، وأن السيارات ومحطات الأتوبيس لا تدخل ضمن المحلات المنصوص عنها في قانون المجالس البلدية.
وحيث إن المادة 23 من القانون رقم 145 لسنة 1944 بنظام المجالس البلدية والقروية تنص على أن للمجالس أن تفرض في دائرة اختصاصاتها رسوماً على المحال الصناعية والتجارية، وعلى أن يعين بمرسوم القواعد الخاصة بتحديد أساس هذه الرسوم وطريقة التظلم منها وكيفية تحصيلها وكذلك أحوال الإعفاء منها. ويجوز أن يتضمن المرسوم النص على قواعد مختلفة لحساب أساس الرسوم وكيفية تحصيلها على أن يترك لكل مجلس الطريقة التي يرى ملاءمتها. وبناء على هذا النص صدر مرسوم في 30 من أكتوبر سنة 1945 المعدل بالمرسوم الصادر في 20 من سبتمبر سنة 1948 بتحديد أساس الرسوم البلدية وطريقة التظلم منها وكيفية تحصيلها وأحوال الإعفاء منها - وبناء على ذلك فرض المجلس البلدي) الطاعن) رسماً على إدارة سيارات نقل الركاب بدمنهور وعلى محلاتها بها وفي 17 من فبراير سنة 1949 أوقع حجزاً إدارياً على سيارتين للشركة المطعون عليها وحدد لبيعهما 3 من مارس سنة 1949 - ولما كانت الشركة المطعون عليها تقوم بعملية النقل بالسيارات وهو عمل تجاري بطبيعته، وكانت مكاتب الشركة ومحلاتها وجراجاتها هي المحلات التي تباشر فيها نشاطها في دائرة اختصاص المجلس الطاعن فهي بهذه الصفة تدخل في عداد المحلات التجارية فيجوز للمجلس فرض الرسوم عليها بهذا الاعتبار وفقاً لنص المادة 23 من القانون رقم 145 لسنة 1944 ولا يغير من هذا النظر أن تكون الشركة المطعون عليها ملزمة بدفع رسوم أخرى عن مركزها الرئيسي، متى كان الرسم الذي يتقاضاه المجلس هو عن نشاط الشركة التجاري في دائرة المدينة وليس عن نشاطها بوصفها مرخصاً لها أو متمتعة بامتياز لمرفق النقل. ولما كان القرار الصادر من المجلس البلدي بفرض الرسم المشار إليه سابقاً قد صدر موافقاً لما تسمح به نصوص القانون رقم 145 لسنة 1944 فهو صحيح لا يشوبه عيب. لما كان ذلك يكون الحكم إذ قضى بصفة مستعجلة بوقف بيع السيارتين وإلغاء الحجز الموقع عليهما قد خالف القانون. ومن ثم يتعين نقض الحكم في هذا الخصوص دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.
ومن حيث إن موضوع الدعوى صالح للحكم فيه وفقاً للمادة 445 من قانون المرافعات.
ومن حيث إنه يتضح مما سبق بيانه أن القرار الصادر من مجلس بلدي دمنهور بفرض الرسم والذي توقع الحجز على السيارتين من أجله صحيح ولا يشوبه عيب، لما كان ذلك يكون الحكم الابتدائي الصادر من محكمة دمنهور إذ قضى بوقف بيع السيارتين وإلغاء الحجز الموقع عليهما على غير أساس. ومن ثم يتعين إلغاؤه والحكم برفض الدعوى في هذا الخصوص.