أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 528

جلسة 2 من مارس سنة 1976

برئاسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم السعيد ذكرى وعثمان حسين عبد الله ومحمد صدقي العصار وزكي الصاوي صالح.

(108)
الطعن رقم 732 لسنة 41 القضائية

(1) ري.
تطهير المساقي الخاصة. الأصل فيه أن يكون على عاتق أصحاب الأراضي المنتفعين بها. امتناعهم عن التطهير بعد تكليف مفتش الري لهم بذلك. أثره. وجوب قيام تفتيش الري بأعمال التطهير والرجوع بنفقاته على المنتفعين. ق 68 لسنة 1953.
(2) ري. تعويض. مسئولية. "حكم القصور".
قيام تفتيش الري بأعمال تطهير المسقاة الخاصة. وجوب مراعاته للأصول الفنية في تنفيذ الأعمال. طلب الطاعن تعويضه عن الأضرار التي لحقته نتيجة عدم إتمام التطهير على النحو اللازم إغفال الحكم بحث هذا الدفاع الجوهري قصور.
1 - مفاد نص المادتين 11 و12 من القانون رقم 68 لسنة 1953 في شأن الري والصرف المعدل بالقانون رقم 29 لسنة 1956، أن المشرع جعل مهمة تطهير المساقي الخاصة في الأصل على عاتق أصحاب الأراضي المنتفعين بها، وإذ كان أمر هذه المساقي لا يعني المنتفعين بها فحسب، بل يعني أيضاً المصلحة العامة حماية للثروة الزراعية، فقد نص المشرع على أنه إذا لم يقم أصحاب الأراضي بواجبهم في التطهير فإن لمفتش الري سواء بناء على تقرير الباشمهندس أو شكوى ذي شأن أن يكلفهم بذلك في ميعاد يحدده لهم بحيث إذا امتنعوا تعين على التفتيش أن يقوم بنفسه بهذه الأعمال ويرجع بالنفقات على المنتفعين، وهو ما صرحت به المادة الثانية عشرة بقولها "وإلا قام تفتيش الري بإجراء ذلك".
2 - يتعين على تفتيش الري في حالة قيامه بتطهير المساقي الخاصة أن يراعي الأصول الفنية فيما يقوم به من أعمال، وإذ كان الطاعن قد طالب بالتعويض على الأضرار التي لحقت بأرضه وزراعته نتيجة لما يدعيه من أن تفتيش الري لم يقم بتطهير المسقاة الخاصة التي يروي منها أرضه التطهير اللازم في الوقت المناسب وكان يبين من تقرير الخبير الهندسي المرفق بتقرير الخبير الزراعي أن جهة الري لم تقم بتطهير المسقاة الخاصة التي تروى منها أرض الطاعن كما يجب أن تطهر فنياً وأنها تقاعست في تطهيرها حسب الأورنيك الهندسي المقرر ولما كان يبين الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه برفض الدعوى إلى أن تفتيش الري قام بالتطهير وهو في الأصل غير مكلف به وهو على إطلاقه قول خاطئ يخالف نص المادة الثانية عشرة من قانون الري والصرف، هذا إلى أن الحكم وإن حصل أن التطهير تم في الموعد المناسب إلا أنه أغفل الرد على ما أثاره الطاعن في دفاعه من أن التطهير لم يتم على الوجه اللازم وهو دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور يبطله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 857 سنة 1968 مدني الزقازيق الابتدائية ضد وزير الري بطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 2000 ج على سبيل التعويض، وقال بياناً لدعواه إنه يمتلك عشرين فداناً بزمام الحوامده مركز كفر صقر تروى من خليج سويلم وهو مسقاة خصوصية تأخذ من الترعة المور إليه بجوار ترعة تراند فيلو ويشترك معه في الري منها ملاك آخرون يمتلكون ثمانين فداناً، ونظراً لعدم مقدرة الملاك على تطهير المسقاة لطول مجراها الذي يبلغ نحو ألفي متر ولأنها تخترق أراضي رملية مرتفعة ذات طبيعة صعبة في أعمال التطهير إذ تحتاج إلى تطهير بعمق كبير وبصفة مستمرة فقد تقدم بشكوى إلى تفتيش ري الشرقية في 29/ 12/ 1967 ليقوم بتطهيرها على نفقة المنتفعين بها طبقاً لنص المادة 12 من قانون الري والصرف رقم 68 لسنة 1953 غير أن التفتيش المذكور تباطأ في إجراء هذه العملية ثم أسندها لمقاول تأخر بدوره عن تنفيذها في الميعاد المناسب، مما ترتب عليه أن هلكت الزراعة القائمة في الأطيان نتيجة العطش فضلاً عن بوار جزء آخر من الأرض نتيجة عدم وصول المياه، فأقام الدعوى رقم 201 سنة 1968 مستعجل الزقازيق لإثبات حالة الأطيان المذكورة وتبين من تقرير الخبير المقدم في تلك الدعوى أن بالأطيان مساحة خمسة أفدنة بور وأن زراعة الذرة الموجودة في باقي الأطيان ضعيفة النمو لعدم إمكان وصول المياه إليها ويقدر التعويض عن هذا الضرر بمبلغ 180 ج، وأضاف الطاعن أن الضرر الذي أصابه كان نتيجة خطأ مصلحة الري، ويتمثل هذا الخطأ في عدم قيامها بإجراء التطهير اللازم للمسقاة في الميعاد المناسب وكذلك في إنشاء ترعة تراند فيلو المجاورة لخليج سويلم والتي تأخذ من الترعة الموراليه بمنسوب منخفض عن قاعها بنحو متر مما أدى إلى ابتلاعها مياه الترعة الموراليه بحيث لا تصل إلى مسقاة الطاعن إلا في حالة الفيضانات، وإذ يستحق تعويضاً عن الضرر الذي أصابه نتيجة عدم وصول المياه إلى أرضه عن مدة خمس سنوات على أساس 360 ج في السنة الواحدة قيمة المحصولين الشتوي والصيفي، فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته سالفة البيان. وبتاريخ 21/ 5/ 1969 حكمت المحكمة بإلزام المطعون عليه بصفته بأن يدفع للطاعن مبلغ 180 ج استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 97 سنة 12 ق مدني مأمورية الزقازيق طالباً تعديله والحكم له بطلباته وأضاف في بيان الخطأ الذي ينسبه إلى المطعون عليه أن هندسة الري لم تجبه إلى طلبه بإنشاء طريق آخر للري طبقاً للمادة 16 من القانون رقم 68 - لسنة 1953. كما استأنف المطعون عليه هذا الحكم أمام ذات المحكمة بالاستئناف رقم 101 سنة 12 ق مدني طالباً إلغاءه والحكم برفض الدعوى. قررت المحكمة ضم الاستئناف الثاني إلى الأول ليصدر فيهما حكم واحد، ثم حكمت بتاريخ 25/ 2/ 1970 بندب خبير زراعي بمكتب خبراء وزارة العدل بالزقازيق للانتقال إلى أطيان النزاع وبيان ما بها من بوار أو تلف في الزراعة وسببه ومدى توفر المياه في خليج سويلم الموصل لها وما إذا كانت جهة الري قد تقاعست عن تطهيره أو أخطأت في تصميمها لترعة تراند فلو على مقربة منه بمنسوب منخفض عن مستواه مما أدى إلى عدم وصول المياه إلى أطيان الطاعن وما إذا كان قد طلب إنشاء طريق ري آخر وفقاً لأوضاع قانون الري وما تم في شأنه وتقصي الضرر الذي أصاب زراعته بسبب ذلك وتقدير قيمة التعويض عنه خلال مدة المطالبة. وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 28/ 6/ 1971 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم استند في قضائه إلى أن جهة الري لم تخطئ لأنها غير ملزمة بالقيام بأعمال التطهير طبقاً للمادة 12 من قانون الري والصرف، في حين أن هذه المادة تقضي بأنه إذا طلبت جهة الري من المنتفعين تطهير المسقاة الخصوصية فرفضوا فإنها تصبح مكلفة بالقيام بالتطهير طبقاً للأصول الفنية بحيث إذا ترتب على عملها ضرر كانت ملزمة بالتعويض عنه، وقد ثبت من تقرير مكتب الخبراء أن التطهير الذي قامت به جهة الري لم يتم بطريقة فنية ولم يلتفت الحكم إلى ذلك، وهو ما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور التسبيب.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كانت المادة 11 من القانون رقم 68 لسنة 1953 في شأن الري والصرف المعدل بالقانون 29 لسنة 1956 تنص على أن "أصحاب الأراضي المنتفعة بالمساقي والمصاريف الخاصة يكلفون على نفقتهم بتطهيرها وصيانتها وحفظ جسورها في حالة جيدة" وتنص المادة 12 منه على أنه "إذا لم يقم أصحاب الأراضي بإجراء ما هو مبين في المادة السابقة، جاز لمفتش الري بناء على تقرير الباشمهندس أو على شكوى من ذي شأن أن يكلفهم بتطهير المسقاة أو المصرف أو بإزالة ما قد يعترض سير المياه في عوائق أو أشجار أو خلافه أو بصيانتها أو بترميم جسورها أو بإعادة إنشاء الجسور في موعد معين وإلا قام تفتيش الري بإجراء ذلك وتحصيل النفقات بالطرق الإدارية من أصحاب الأراضي كل بنسبة مساحة أرضه التي تنتفع بالمسقاة أو المصرف ويحسب ضمن هذه النفقات قيمة التعويض عن كل أرض تكون قد شغلت بنتائج التطهير"، مما مفاده أن المشرع جعل مهمة تطهير المساقي الخاصة في الأصل على عاتق أصحاب الأراضي المنتفعين بها، وإذا كان أمر هذه المساقي لا يعني المنتفعين بها فحسب بل يعني أيضاً المصلحة العامة للثروة الزراعية فقد نص المشرع على أنه إذا لم يقم أصحاب الأراضي بواجبهم في التطهير فإن لمفتش الري سواء بناء على تقرير الباشمهندس أو شكوى ذي شأن أن يكلفهم بذلك في ميعاد يحدده لهم بحيث إذا امتنعوا تعين على التفتيش أن يقوم بنفسه بهذه الأعمال ويرجع بالنفقات على المنتفعين، وهو ما صرحت به المادة الثانية عشرة بقولها "وإلا قام تفتيش الري بإجراء ذلك" ولما كان على تفتيش الري في حالة قيامه بتطهير المساقي الخاصة أن يراعي الأصول الفنية فيما يقوم به من أعمال وكان الطاعن قد طالب بالتعويض على الأضرار التي لحقت بأرضه وزراعته نتيجة لما يدعيه من أن تفتيش الري لم يقم بتطهير المسقاة الخاصة التي يروي منها أرضه التطهير اللازم في الوقت المناسب، وكان يبين من تقرير الخبير الهندسي المرفق بتقرير الخبير الزراعي أن جهة الري لم تقم بتطهير خليج سويلم - المسقاة الخاصة التي تروى منها أرض الطاعن - كما يجب أن يطهر فنياً وأنها تقاعست في تطهيره حسب الأورنيك الهندسي المقرر، ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه برفض الدعوى إلى أن تفتيش الري قام بالتطهير وهو "في الأصل غير مكلف به" وهو على إطلاقه قول خاطئ يخالف نص المادة الثانية عشرة من قانون الري والصرف على ما تقدم ذكره، هذا إلى أن الحكم وإن حصل أن التطهير تم في الموعد المناسب إلا أنه أغفل الرد على ما أثاره الطاعن في دفاعه من أن التطهير لم يتم على الوجه اللازم، وهو دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور يبطله مما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.