أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 4 - صـ 1070

جلسة 21 من مايو سنة 1953
(167)
القضية رقم 116 سنة 21 قضائية

برياسة حضرة الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة وحضور حضرات الأساتذة محمد نجيب أحمد ومصطفى فاضل وأحمد العروسي ومحمود عياد المستشارين.
دائن للتركة. حجز. مبالغ مودعة بصندوق التوفير. حكمة عدم جواز الحجز عليها. وفاة المودع. حق الدائن للتركة في اقتضاء دينه المحكوم له به من المبالغ المودعة دون حاجة إلى توقيع حجز تحفظي أو تنفيذي عليها. المادة 24 من لائحة 7 إبريل سنة 1910 والمادة 4 من القانون رقم 77 لسنة 1943.
لما كانت حكمة عدم جواز الحجز على المبالغ المودعة في صندوق التوفير إنما هي تشجيع الأفراد على الادخار وذلك بجعل ما يدخرونه بعيداً عن متناول أيدي الدائنين فإذا ما توفى المودع انقضت عملية الادخار وزالت عن الأموال المدخرة الخصائص التي كانت لها فتفقد وصفها الذي استمدت منه مقومات عدم جواز الحجز عليها ووجب بحكم المادة 24 من اللائحة الصادرة في 7 إبريل سنة 1910 رد هذه الوديعة إلى ورثة المودع أو إلى المستحقين بعد إبرازهم المستندات القانونية المثبتة لصفتهم، وكان حق المطعون عليه في اقتضاء دينه من التركة يفضل حقوق الورثة فيها عملاً بالمادة الرابعة من القانون رقم 77 لسنة 1943، وكان حكم الدين المطالب به قد أصبح نهائياً بالنسبة للورثة، وكان المطعون عليه يعتبر والحالة هذه بوصفه دائناً للتركة مستحقاً للمبالغ السابق إيداعها من المورث في صندوق التوفير وفقاً للمادة 24 من لائحة 7 إبريل سنة 1910 بغير حاجة إلى توقيع حجز تحفظي أو تنفيذي على هذه الأموال، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزام مصلحة البريد بصرف المبلغ المودع باسم المورث إلى المطعون عليه خصماً من المبلغ المحكوم له به على ورثة المودع لم يخالف القانون.


المحكمة

من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 2227 سنة 1946 كلي مصر على ورثة جرجس عبد الملك المصري مختصماً الطاعنة ووهبه يوسف وطلب الحكم له على ورثة جرجس عبد الملك في مواجهة وهبه يوسف بأن يدفعوا إليه من تركة مورثهم المذكور مبلغ 164 جنيهاً و176 مليماً مع إلزام الطاعنة بأن تصرف له مبلغ 135 جنيهاً المودع من المورث بصندوق التوفير خصماً من مطلوبه مؤسساً دعواه على أنه صرف المبلغ المطالب به في تجهيز المورث وجنازته وقد سلم بعض الورثة بدعوى المطعون عليه وأحالت محكمة أول درجة الدعوى على التحقيق ليثبت المطعون عليه دعواه ونازعت مصلحة البريد (الطاعنة) في أحقية المطعون عليه في صرف المبلغ المودع. وفي 22 من نوفمبر سنة 1947 قضت محكمة أول درجة بإلزام الورثة بأن يدفعوا إلى المطعون عليه من تركة مورثهم مبلغ 164 جنيهاً و176 مليماً وبإلزام مصلحة البريد بأن تصرف إلى المطعون عليه مبلغ 135 جنيهاً المودع باسم المورث بصندوق التوفير. استأنفت مصلحة البريد الحكم فيما يختص بما قضى به من أحقية المطعون عليه في صرف المبلغ المذكور لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافها برقم 181 سنة 65 ق فأيدته محكمة الاستئناف لأسبابه ولما أضافته من أسباب فقررت الطاعنة الطعن فيه بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزام مصلحة البريد بصرف مبلغ مودع لديها إلى المطعون عليه بمقولة إن هذا الأخير دائن لتركة المودع قد أخطأ في القانون إذ دائن التركة لا يعتبر من المستحقين الذين يجوز صرف الودائع إليهم عملاً بالمادة 24 من اللائحة الصادرة في 7 من إبريل سنة 1910 إذ المستحقون في معنى هذه المادة هم أصحاب الحق الأصيل في الوديعة وأن المبالغ المودعة في صندوق التوفير لا يجوز الحجز عليها ولا التنازل عنها. هذا فضلاً عن أن الدائن لم يوقع حجزاً تحت يد مصلحة البريد وأنه حتى لو وقع هذا الحجز لكان من الواجب اعتباره باطلاً.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزام الطاعنة بصرف مبلغ 135 ج المودع باسم المورث بصندوق التوفير للمطعون عليه خصماً من المبلغ المحكوم له به على ورثة المودع أقام قضاءه على أنه وإن كانت المادة الأولى من القانون رقم 8 لسنة 1905 ولائحة تنفيذ الأوامر العالية المختصة بأشغال صندوق التوفير الصادرة في 7 من إبريل سنة 1910 تنصان على عدم جواز الحجز على المبالغ المودعة في صندوق التوفير بمصلحة البريد ولا تقبل المعارضة في دفع هذه المبالغ لأصحاب الدفاتر المثبتة لها. فإن المادة 24 من اللائحة المشار إليها قد نصت على أن المبالغ المستحقة لمن يتوفى من المودعين ترد إما لجهة الاختصاص بناء على طلبها كتابة وإما للورثة أو المستحقين بعد إبرازهم المستندات القانونية المثبتة لصفتهم وأن علة التحريم هي تشجيع الأفراد على الادخار حتى إذا انتفت هذه العلة بوفاة المودع تصبح الوديعة تركة يحق لدائن المورث - باعتبار أنه من أصحاب الحقوق - طلب صرفها إليه عملاً بنصوص اللائحة المشار إليها.. وهذا الذي قرره الحكم صحيح قانوناً - ذلك أن حكمة عدم جواز الحجز على المبالغ المودعة في صندوق التوفير إنما هي تشجيع الأفراد على الادخار وذلك بجعل ما يدخرونه بعيداً عن متناول أيدي الدائنين فإذا ما توفى المودع انقضت عملية الادخار وزالت عن الأموال المدخرة الخصائص التي كانت لها فتفقد وصفها الذي استمدت منه مقومات عدم جواز الحجز عليها ووجب بحكم المادة 24 من اللائحة الصادرة في 7 إبريل سنة 1910 رد هذه الوديعة لورثة المودع أو إلى المستحقين بعد إبرازهم المستندات القانونية المثبتة لصفتهم. ولما كان حق المطعون عليه في اقتضاء دينه من التركة يفضل حقوق الورثة فيها عملاً بالمادة الرابعة من القانون رقم 77 سنة 1943 وكان حكم الدين المطالب به قد أصبح نهائياً بالنسبة للورثة، لما كان ذلك؛ فإن المطعون عليه يعتبر والحالة هذه بوصفه دائناً للتركة مستحقاً للمبالغ السابق إيداعها من المورث وفقاً للمادة 24 من اللائحة 7 من إبريل سنة 1910 بغير حاجة إلى توقيع حجز تحفظي أو تنفيذي على هذه الأموال.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.