أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 546

جلسة 3 من مارس 1976

برئاسة السيد المستشار: محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد المهدي وسعد أحمد الشاذلي والدكتور عبد الرحمن عياد ومحمد الباجوري.

(111)
الطعن رقم 224 لسنة 42 القضائية

(1 و2) إيجار "إيجار الأراضي الزراعية" اختصاص "اختصاص ولائي".
(1) الامتداد القانوني لعقد الإيجار في الأراضي الزراعية. انصرافه إلى الأراضي التي تزرع بالمحاصيل الحقلية العادية. عقود الأراضي التي تؤجر لزراعتها حدائق أو موزاً. عدم خضوعها لأحكام هذا الامتداد.
(2) اختصاص لجان الفصل في المنازعات الزراعية بنظر المنازعات الناشئة عن تطبيق م 35 من قانون الإصلاح الزراعي. شرطه. خضوع عقد الإيجار لأحكام الامتداد القانوني المنصوص عليه في هذه المادة.
(3) عقد "فسخ العقد".
الأصل ألا ينفرد بفسخ العقد أحد العاقدين دون رضاء المتعاقد الآخر. التقايل من العقد، جواز أن يكون الاتفاق عليه صراحة أو ضمناً.
(4، 5) إثبات "القرائن القانونية". "إيجار". اختصاص "اختصاص ولائي" حكم "حجية الحكم".
(4) المحكمة لها التحقق عند بحث حجية الحكم الصادر من جهة قضاء أخرى من أنه صدر في حدود الولاية القضائية لهذه الجهة.
(5) قرار لجنة الفصل في المنازعات الزراعية في منازعة بشأن عقد إيجار أرض زراعية لزراعتها حدائق أو موزاً. خارج عن حدود ولايتها. عدم جواز التحدي بحجيته أمام المحاكم ذات الولاية.
1 - مفاد نص المادة 35 من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي معدلة بالقانون رقم 52 لسنة 1966 أن امتداد عقود إيجار الأراضي الزراعية امتداداً قانونياً بعد انتهاء المدة المتفق عليها فيها إنما ينصرف إلى عقود إيجار الأراضي الزراعية التي تزرع بالمحاصيل الحقلية العادية، أما عقود الأراضي التي تؤجر لزراعتها حدائق أو موزاً فهي لا تخضع لحكم تلك المادة بالنظر إلى طبيعتها الخاصة دون تفرقة بين ما إذا أجرت الأرض بما عليها من غراس وأشجار أو أجرت خالية منها ورخص للمستأجر بزراعتها وإعدادها لتكون حدائق، إذ في هذه الحالة الأخيرة تتدخل إرادة العاقدين في شأن تحديد المدة وتقدير الأجرة بما يكون أوفى بمقصودهما وبالغاية من التعاقد وأدنى إلى الموازنة بين الالتزامات والحقوق المتبادلة، يؤيد ذلك ما نصت عليه المادة 33 مكرراً أ من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 المضافة بالقانون رقم 52 لسنة 1966 من أنه "لا يسري الحد الأقصى لأجرة الأراضي الزراعية المشار إليها في المادة السابقة على الأراضي التي تؤجر لزراعتها حدائق أو موزاً أو نباتات مستديمة أو بالنباتات التي تبقى مزروعة في الأرض لأكثر من سنة عدا القصب...." تقديراً من المشرع أنه ليس من العدل ألا يشارك المالك المستأجر فيما تنتجه الحديقة من ريع يفوق كثيراً ما تغله الأرض الزراعية العادية، وإذ انطلقت أجرة الحدائق من قيمة التحديد المنصوص عليه في المادة 33 من قانون الإصلاح الزراعي فإنها تخضع في تقديرها عند التعاقد لظروف العرض والطلب وهي ظروف تتغير من آن لآخر فتؤثر على قيمة الأجرة ارتفاعاً أو هبوطاً، ولذلك كان من المتعين أن تتدخل الإرادة بعد انتهاء مدة الإجارة لتحديد الأجرة الجديدة في ظل ظروف العرض والطلب، والقول بغير ذلك - أي بامتداد عقود الإيجار التي تؤجر لزراعتها حدائق أو موزاً امتداداً قانونياً - يؤدي إلى ثبات هذه العقود عند قيمة الأجرة الأولى المحددة فيها وهو أمر يتعارض مع طبيعة تلك العقود. ولا يغير من هذا النظر أن المشرع لم يستثن العقود المذكورة من أحكام الامتداد القانوني كما استثناها من تحديد حد أقصى للأجرة بسبعة أمثال الضريبة، إذ أنه - وعلى ما هو ظاهر من المذكرات الإيضاحية لقانون الإصلاح الزراعي والقوانين المتعاقبة التي نصت على امتداد عقود إيجار الأراضي الزراعية - إنما يهدف إلى حماية صغار الزراع الذين يعتمدون بصفة رئيسية في معاشهم على ما تدره الأطيان المؤجرة إليهم من ريع، فلو لم يتدخل بالنص على امتداد عقود لإيجار لحرمت الكثرة الغالبة من هؤلاء الزراع الذين يستأجرون من الأراضي الزراعية ما مساحته ثلاثة ملايين فدان تقريباً من مصدر رزقهم الوحيد وهو ما يترتب عليه خفض مستوى معيشتهم وانتشار البطالة بينهم، وهذا الذي جاء في المذكرات الإيضاحية يدل على أن قوانين الامتداد ما صدرت إلا لتطبق على عقود إيجار الأراضي التي تزرع محاصيل حقلية عادية دون الحدائق التي يعتبر استئجارها أقرب إلى الاستغلال التجاري منه إلى الاستغلال الزراعي خاصة وأن مستأجري هذه الحدائق غالباً ما يكونون من تجار الفاكهة أو على الأقل ليسو من صغار الزراع الذين قصد المشرع حمايتهم، يؤكد ذلك إنه بعد أن أضيفت المادة 39 مكرراً إلى قانون الإصلاح الزراعي بالقانون رقم 197 لسنة 1952 خاصة بامتداد عقود الإيجار التي تنتهي مدتها بنهاية السنة الزراعية 1951/ 1952 لمدة سنة زراعية واحدة أخرى، صدر التفسير التشريعي رقم واحد لسنة 1952 وجاء في المادة الثالثة منه أن "المستأجر الذي يمتد عقد إيجاره وفقاً لحكم المادة 39 مكرراً هو الذي يستأجر الأرض لسنة زراعية كاملة، فلا ينتفع بحكم المادة المذكورة من كان يستأجر الأرض لمحصول شتوي أو نيلي أو كان يستأجرها لزراعة الخضر أو المقات جزءاً من السنة"، فهذا الاستثناء يحدد طبيعة الأراضي التي تخضع عقود استئجارها لأحكام الامتداد القانوني بأنها التي تزرع محاصيل حقلية عادية لأن هذه الأراضي - دون الحدائق - هي التي يمكن تأجيرها على النحو المشار إليه في الشق الأخير من ذلك التفسير التشريعي. [(1)]
2 - إذ كان مؤدى ما تقضي به المادة الثالثة من القانون رقم 54 لسنة 1966 بشأن لجان الفصل في المنازعات الزراعية من اختصاص هذه اللجان بنظر المنازعات الناشئة عن تطبيق المادة 35 من قانون الإصلاح الزراعي، وجوب أن يكون عقد الإيجار خاضعاً لأحكام الامتداد القانوني المنصوص عليه في تلك المادة الأمر المنتفي في الدعوى الماثلة، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وانتهى إلي عدم خضوع عقد الإيجار موضوع الدعوى لأحكام الامتداد القانوني طبقاً لقانون الإصلاح الزراعي وبالتالي عدم اختصاص لجان الفصل في المنازعات الزراعية بنظر الخلاف الناشئ عنه، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
3 - لئن كان الأصل في العقود أن تكون لازمة بمعنى عدم إمكان انفراد أحد العاقدين بفسخ العقد دون رضاء المتعاقد الآخر، إلا أنه ليس ثمة ما يمنع من الاتفاق بينهما على رفع العقد والتقايل منه، وأياً كان الرأي في طبيعة هذا الاتفاق وهل يعد تفاسخاً أو إبراماً لعقد جديد، فإنه كما يكون بإيجاب وقبول صريحين يصح بإيجاب وقبول ضمنيين بعدم تنفيذ العقد، وبحسب محكمة الموضوع إذ هي قالت بالتقايل الضمني أن تورد من الوقائع والظروف ما اعتبرته كاشفاً عن إرادتي طرف العقد وأن تبين كيف تلاقت هاتان الإرادتان على حل العقد.
4 - لجهة القضاء العادي بما لها من ولاية عامة أن تتحقق من أن الحكم المطروح أمر حجيته عليها والذي أصدرته جهة قضاء أخرى قد صدر في حدود الولاية القضائية لهذه الجهة إذ يعد الحكم الصادر من جهة قضاء خارج حدود ولايتها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(2)] معدوم الحجية أمام الجهة صاحبة الولاية في النزاع.
5 - لجان الفصل في المنازعات الزراعية لا اختصاص لها بالمنازعات التي تثور حول عقد إيجار أرض زراعية لزراعتها حدائق أو موزاً فإنه لا يجوز التذرع بحجية ما تصدره اللجنة خارج حدود ولايتها بشأنه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 4522 لسنة 1969 أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد الطاعن والمطعون عليهم من الثانية إلى الأخيرة بطلب إخلائهم من أرض الحدائق موضوع عقد الإيجار المؤرخ 1/ 10/ 1961 وبتسليمها إليه، وقال بياناً للدعوى إنه بموجب هذا العقد استأجر منه الطاعن ومورث باقي المطعون عليهم أرضاً زراعية مساحتها 19 ف و2 ط و5 س لزراعتها موزاً استمراراً لزراعتها به لمدة سبع سنوات تنتهي في أول نوفمبر سنة 1968، وإذ أنذرهم في مايو سنة 1968 بعدم رغبته في تجديد العقد ونبه عليهم بالإخلاء في نهاية المدة ولم يمتثلوا، فقد أقام الدعوى بطلبه سالف البيان. دفع الطاعن بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بالحكم الصادر في القضية رقم 40 لسنة 1968 استئناف لجنة فض المنازعات الزراعية بالقناطر الخيرية وفي 2/ 6/ 1971 حكمت المحكمة برفض الدفع وبإخلاء الطاعن والمطعون عليهم من الثانية إلى الأخيرة من الأطيان الزراعية محل عقد الإيجار المؤرخ 1/ 10/ 1961 وبتسليمها للمطعون عليه الأول. استأنف الطاعن والمطعون عليهم من الثانية إلى الأخيرة هذا الحكم بالاستئناف رقم 3359 لسنة 88 ق مدني القاهرة بطلب إلغائه والقضاء أصلياً بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية بنظر الدعوى وبعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها واحتياطياً برفضها. وفي 23/ 3/ 1972 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون. وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أسس قضاءه بالإخلاء على أن الأرض المؤجرة لزراعتها موزاً لا تخضع لقواعد الامتداد المنصوص عليها في قانون الإصلاح الزراعي ولا تختص لجنة الفصل في المنازعات الزراعية بطلب إخلائها لانتهاء عقد الإيجار استناداً إلى التفسير التشريعي رقم 1 لسنة 1953 المعدل بالقرار رقم 1 لسنة 1964، في حين أنه جاء استثناء من المادة 33 من قانون الإصلاح الزراعي التي تبين الحد الأقصى لأجرة الأراضي الزراعية التي تزرع حدائق وزهوراً دون قواعد الامتداد المشار إليها بالمادة 33 مكرراً من قانون الإصلاح الزراعي، وإذ عدلت المادة 33 سالفة الذكر بموجب القانون رقم 52 لسنة 1966 وأصبح التفسير التشريعي وارداً على غير محل، فإنه لا يجوز زيادة الأجرة عن حدها الأقصى سواء زرعت الأرض زراعة عادية أو غرست حدائق وزهوراً ولا يحق للمؤجر الإخلاء تبعاً لامتداد العقد وفق أحكام قانون الإصلاح الزراعي، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي غير سديد وذلك أن النص في المادة 35 من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي معدلة بالقانون رقم 52 لسنة 1966 على أنه لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء الأطيان المؤجرة ولو عند انتهاء المدة المتفق عليها في العقد إلا إذا أخل المستأجر بأي التزام جوهري يقضي به القانون أو العقد وفي هذه الحالة يجوز للمؤجر أن يطلب إلى لجنة الفصل في المنازعات الزراعية بعد إنذار المستأجر فسخ عقد الإيجار وإخلاء المستأجر من العين المؤجرة...... يدل على أن امتداد عقود إيجار الأراضي الزراعية امتداداً قانونياً بعد انتهاء المدة المتفق عليها فيها إنما ينصرف إلى عقود الأراضي الزراعية التي تزرع بالمحاصيل العادية أما عقود الأراضي التي تؤجر لزراعتها حدائق أو موزاً فهي لا تخضع لحكم تلك المادة بالنظر إلى طبيعتها الخاصة دون تفرقة بين ما إذا أجرت الأرض بما عليها من غراس وأشجار أو أجرت خالية منها ورخص للمستأجر بزراعتها وإعدادها لتكون حدائق، إذ في هذه الحالة الأخيرة تتدخل إرادة العاقدين في شأن تحديد المدة وتقدير الأجرة بما يكون أوفى بمقصودهما بالغاية من التعاقد، وأوفى إلى الموازنة بين الالتزامات والحقوق المتبادلة، يؤيد ذلك ما نصت عليه المادة 33 مكرراً أ من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 المضافة بقانون رقم 52 لسنة 1966 من أنه "لا يسري الحد الأقصى لأجرة الأراضي الزراعية المشار إليه في المادة السابعة على الأراضي التي تؤجر لزراعتها حدائق أو موزاً أو نباتات مستديمة أو بالنباتات التي تبقى مزروعة في الأرض لأكثر من سنة عدا القصب..." تقديراً من المشرع أنه ليس من العدل ألا يشارك المالك المستأجر فيما تنتجه الحديقة من ريع يفوق كثيراً ما تغله الأرض الزراعية العادية وإذ انطلقت أجرة الحدائق من قيمة التحديد المنصوص عليه في المادة 33 من قانون الإصلاح الزراعي فإنها تخضع في تقديرها عند التعاقد لظروف العرض والطلب وهي ظروف تتغير من آن لآخر فتوثر على قيمة الأجرة ارتفاعاً أو هبوطاً ولذلك كان من المتعين أن تتدخل الإرادة بمد انتهاء مدة الإجارة لتحديد الأجرة الجديدة في ظل ظروف العرض والطلب، والقول بغير ذلك - أي بامتداد عقود الأراضي التي تؤجر لزراعتها حدائق أو موزاً امتداداً قانونياً - يؤدي إلى ثبات هذه العقود عند قيمة الأجرة الأولى المحددة فيها وهو أمر يتعارض مع طبيعة تلك العقود ولا يغير من هذا النظر أن المشرع لم يستثن العقود المذكورة من أحكام الامتداد القانوني كما استثناها من تحديد حد أقصى للأجرة بسبعة أمثال الضريبة، إذ أنه - وعلى ما هو ظاهر من المذكرات الإيضاحية لقانون الإصلاح الزراعي والقوانين المتعاقبة التي نصت على امتداد عقود إيجار الأراضي الزراعية - إنما يهدف إلى حماية صغار الزراع الذين يعتمدون بصفة رئيسية في معاشهم على ما تدره الأطيان المؤجرة إليهم من ريع، فلو لم يتدخل بالنص على امتداد عقود الإيجار لحرمت الكثرة الغالبة من هؤلاء الزراع الذين يستأجرون من الأراضي الزراعية ما مساحته ثلاثة ملايين فدان تقريباً من مصدر رزقهم الوحيد وهو ما يترتب عليه خفض مستوى معيشتهم وانتشار البطالة بينهم، وهذا الذي جاء في المذكرات الإيضاحية يدل على أن قوانين الامتداد ما صدرت إلا لتطبق على عقود إيجار الأراضي التي تزرع بمحاصيل حقلية عادية دون الحدائق التي يعتبر استئجارها أقرب إلى الاستغلال التجاري منه إلى الاستغلال الزراعي خاصة وأن مستأجري هذه الحدائق غالباً ما يكونون من تجار الفاكهة أو على الأقل ليسوا من صغار الزراع الذين قصد المشرع حمايتهم، يؤيد ذلك أنه بعد أن أضيفت المادة 39 مكرراً إلى قانون الإصلاح الزراعي بالقانون رقم 197 لسنة 1952 قاضية بامتداد عقود الإيجار التي تنتهي مدتها بنهاية السنة الزراعية 1951/ 1952 لمدة سنة زراعية واحدة أخرى صدر التفسير التشريعي رقم واحد لسنة 1952 وجاء في المادة الثالثة منه أن "المستأجر الذي يمتد عقد إيجاره وفقاً لحكم المادة 39 مكرراً هو الذي يستأجر الأرض لسنة زراعية كاملة، فلا يخضع لحكم المادة المذكورة من كان يستأجر الأرض لمحصول شتوي أو نيلي أو كان يستأجرها لزراعة الخضر أو المقات جزءاً من السنة، فهذا الاستثناء يحدد طبيعة الأراضي التي تخضع عقود استئجارها لأحكام الامتداد القانوني بأنها التي تزرع بمحاصيل حقلية عادية لأن هذه الأراضي - دون الحدائق - هي التي يمكن تأجيرها على النحو المشار إليها في الشق الأخير من ذلك التفسير التشريعي، لما كان ذلك وكان مؤدى ما تقضي به المادة الثالثة من القانون رقم 54 لسنة 1966 بشأن لجان الفصل في المنازعات الزراعية من اختصاص هذه اللجان بنظر المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام المادة 35 من قانون الإصلاح الزراعي وجوب أن يكون عقد الإيجار خاضعاً لأحكام الامتداد القانوني المنصوص عليه في تلك المادة الأمر المنتفي في الدعوى الماثلة. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وانتهى إلى عدم خضوع عقد الإيجار موضوع الدعوى لأحكام الامتداد القانوني طبقاً لقانون الإصلاح الزراعي وبالتالي عدم اختصاص لجان الفصل في المنازعات الزراعية بنظر الخلاف الناشئ عنه فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن عقد الإيجار موضوع الدعوى صار امتداده لمدة أخرى بعدم إخطار المطعون عليه الأول بعدم رغبته في تجديد العقد ولم يرد الحكم على هذا الدفاع رغم أنه جوهري.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه أورد أنه "...... نص في عقد الإيجار محل الدعوى على أنه ينتهي بإنهاء مدته في أول نوفمبر سنة 1968 وقام المدعي - المطعون عليه الأول - التنبيه رسمياً على المدعى عليهم بعدم رغبته في تجديد العقد الأمر الذي يمتنع معه القول بحصول تجديد ضمني للإيجار من إنهاء مدته....." ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إنه والمطعون عليهم من الثانية إلى الأخير قدموا لمحكمة الاستئناف عقد إيجار صادر من المطعون عليه الأول عن ذات أرض النزاع عن مدة تنتهي في أكتوبر سنة 1973 لم ينكره المؤجر ويبيح للمستأجرين البقاء في العين المؤجرة حتى هذا التاريخ إلا أن الحكم أطرح دلالته بمقولة إنه لم ينفذ منذ إبرامه في حين أن العقود المبرمة بين الطرفين كتابة لا يعدل عنها شفاهة، ولا يجوز القول بتعطيل تنفيذ العقود في غير أحوال التزوير أو البطلان وهو ما لم يكشف عنه الحكم مما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه وإن كان الأصل في العقود أن تكون لازمة بمعنى عدم إمكان انفراد أحد العاقدين بفسخ العقد دون رضاء المتعاقد الآخر إلا أنه ليس ثمت ما يمنع من الاتفاق بينهما على رفع العقد والتقايل منه، وأياً كان الرأي في طبيعة هذا الاتفاق وهل يعده تفاسخاً أو إبراماً لعقد جديد، فإنه كما يكون بإيجاب وقبول صريحين يصح بإيجاب وقبول ضمنيين بعدم تنفيذ العقد وبحسب محكمة الموضوع إذ هي قالت بالتقايل الضمني أن تورد من الوقائع والظروف ما اعتبرته كاشفاً عن إرادتي طرفي العقد وأن تبين كيف تلاقت هاتان الإرادتان على حل العقد وبالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه قد أسس قضاءه في هذا الخصوص على أن الطاعن لم يقدم عقد الإيجار المشار إليه بسبب النعي إلا في نهاية سنة 1971 بعد انقضاء أربع سنوات على نشوب النزاع وأن أحكام هذا العقد لم تنفذ من جانب المتعاقدين خاصة بالنسبة للقيمة الإيجارية الواردة. وهي تختلف عن تلك الواردة بعقد الإيجار محل الدعوى، وهو من الحكم استخلاص سائغ ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، فيكون النعي عليه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الخامس أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وخالف الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم قضى برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في الدعوى رقم 40 لسنة 1968 إصلاح زراعي القناطر الخيرية والذي انتهى إلى رفض طلب الإخلاء المقام قبله وبقية المستأجرين من المطعون عليه الأول استناداً إلى اختلاف السبب في الدعويين وأنه أسس في الدعوى الأولى على التأجير من الباطن في حين أنه أقيم في الثانية على انتهاء المدة مع أن الطلبات منصبة في الدعويين على انتهاء الإيجار، وهو ما يعيبه.
وحيث إن النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان لجهة القضاء العادي بما لها من دلالة عامة أن تتحقق من أن الحكم المطروح أمر حجيته عليها والذي أصدرته جهة قضاء أخرى قد صدر في حدود الولاية القضائية لهذه الجهة، إذ يعد الحكم الصادر من جهة قضاء خارج حدود ولايتها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - معدوم الحجية أمام الجهة صاحبة الولاية في النزاع، لما كان ذلك وكانت لجان الفصل في المنازعات الزراعية وعلى ما جاء بالرد على السبب الأول ولا اختصاص لها بالمنازعات التي تثور حول العقد موضوع النزاع، فإنه لا يجوز التذرع بحجية ما تصدره اللجنة خارج حدود ولايتها بشأنه، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة أيا كان وجه الرأي في الأسباب التي اعتمد عليها فإن النعي يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] نقض 7/ 4/ 1974 مجموعة المكتب الفني السنة 25 ص 642.
[(2)] نقض 2/ 5/ 1967 مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 931.