أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 556

جلسة 3 من مارس سنة 1976

برئاسة السيد المستشار: محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين: سعد الشاذلي، وحسن مهران حسن، والدكتور عبد الرحمن عياد، ومحمد الباجوري.

(112)
الطعن رقم 487 لسنة 42 القضائية

(1) إيجار "إيجار الأماكن". إثبات "طرق الإثبات".
المهجرون من منطقة القنال وسيناء. عدم جواز إخلائهم في حالة استئجارهم لأماكن من الباطن أو التنازل لهم عن عقود إيجارها دون ترخيص من المؤجر. صفة المهجر. وجوب ثبوتها ببطانة التهجير دون سواها.
(2) إيجار "التنازل عن الإيجار". حوالة "حوالة الحق". دعوى "دعوى مباشرة".
التنازل عن الإيجار. أثره. للمتنازل إليه دعوى مباشرة في الرجوع على المؤجر بكل ما كان للمستأجر الأصلي من حقوق في الإجارة.
(3، 4) إيجار "إيجار الأماكن". دعوى "الصفة". نقض. محكمة الموضوع.
(3) التحقق من صفة رافع الدعوى. استقلال محكمة الموضوع به متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة. مثال بشأن دعوى تخفيض أجرة.
(4) بطاقة التهجير. عدم إثارة أي مطعن عليها أمام محكمة الموضوع. أثره. عدم قبول تعييبها والمجادلة في دلالتها أمام محكمة النقض لأول مرة.
1 - مفاد نص المادة الأولى من القانون رقم 76 لسنة 1969 المعدل بالقانون رقم 48 لسنة 1970 في شأن إيقاف إجراءات التنفيذ والإجراءات المترتبة على التنازل عن عقود الإيجار والتأجير من الباطن للمهجرين من منطقة القنال وسيناء المعمول به اعتباراً من أول يوليو سنة 1969، أنه بعد العدوان الإسرائيلي واضطرار كثير من سكان محافظات سيناء وبور سعيد والسويس والإسماعيلية إلى هجر مساكنهم والنزوح إلى سائر مدن الجمهورية ولجوئهم إلى استئجار مساكن لهم من باطن مستأجرين أصليين دون الحصول على ترخيص من مالكي هذه الأماكن، ارتأى المشرع أن يستثنى التأجير من الباطن والنزول عن الإيجار وترك العين للمهجرين المذكورين من حكم المادة 23/ ب من القانون رقم 52 لسنة 1969، فسلب المؤجر رخصة طلب الإخلاء في هذه الحالة، وشرط ذلك أن يكون حق المستأجر الأصلي قائماً، وأن يكون المتنازل إليه أو المستأجر من الباطن من المهجرين من إحدى المحافظات المشار إليها، على أن تثبت له هذه الصفة ببطاقة التهجير المتضمنة الجهة التي هجر إليها مباشرة دون سواها.
2 - إذ كان التنازل عن الإيجار يتضمن حوالة في الحقوق وحوالة في الديون، فإن حقوق المستأجر والتزاماته تؤول إلى المتنازل إليه ومن ثم يثبت لهذا الأخير الحق في الرجوع بدعوى مباشرة على المؤجر بكل ما كان للمستأجر من حقوق في الإجارة التي حصل له التنازل عنها.
3 - إذ كان التحقق من صفة رافع الدعوى هو تحصيل تستقل به محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة، فإنه لا تثريب على الحكم أن هو استخلص من عقد الإيجار وبطاقة التهجير أن المطعون عليه هو أحد المهجرين من محافظة بور سعيد، وتم التنازل له عن شقة النزاع، ورتب على ذلك توافر صفته في إقامة الدعوى بطلب تخفيض الأجرة، ولا على الحكم بعد ذلك إن هو أطرح ما قدمه الطاعن من أوراق لا تنافي هذه الصفة لأن قيام الحقيقة التي اقتنع بها فيه الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفها.
4 - متى كان الطاعن لم يثر أمام محكمة الموضوع أي مطعن على بطاقة التهجير المقدمة من المطعون عليه، فإنه لا يقل منه تعييبها والمجادلة في الدليل المستمد منها لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 2643 سنة 1970 مدني أمام محكمة طنطا الابتدائية ضد الطاعن طالباً الحكم بتحديد أجرة الشقة الموضحة بصحيفة الدعوى بمبلغ 350 قرشاً شهرياً، وقال شرحاً لها إنه من مهجري بور سعيد وقد تنازل له المستأجر الأصلي عن إيجار الشقة المشار إليها والتي استأجرها من الطاعن بموجب عقد مؤرخ 1/ 2/ 1970 لقاء أجرة شهرية قدرها 7 جنيهات و500 مليم، وإذ تكشف له بعد التنازل أن الأجرة الواردة في عقد الإيجار تجاوز الأجرة القانونية فقد أقام الدعوى، دفع الطاعن بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، وبتاريخ 17/ 6/ 1971 حكمت المحكمة برفض الدفع وندب خبير لبيان تاريخ إنشاء العين المؤجرة وأجرتها الفعلية أو أجرة المثل في ذلك التاريخ وأثر قوانين التخفيض وقوانين الضرائب عليها توصلاً إلى تحديد أجرتها القانونية منذ بدء تنازل المستأجر الأصلي عن إيجارها إلى المطعون عليه، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت بتاريخ 2/ 12/ 1971 بتحديد أجرة الشقة بمبلغ 516 قرشاً شهرياً اعتباراً من تاريخ التنازل الحاصل في 1/ 9/ 1970. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 497 سنة 21 ق طنطا طالباً رفض الدعوى وبتاريخ 11/ 5/ 1972 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب، ينعى الطاعن بالأسباب الأول والثاني والخامس منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، ويقول في بيان ذلك إن الحكم أقام قضاءه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة استناداً إلى أن المطعون عليه من مهجري منطقة القناة وتنازل إليه المستأجر الأصلي عن العين المؤجرة، وأن القانون رقم 76 لسنة 1969 سلب المؤجر رخصة طلب إخلائه بسبب تنازل المستأجر عن الإيجار بغير إذن المالك، في حين أن الثابت من المستندات المقدمة منه عدم حصول تنازل من المستأجر الأصلي الذي لا زال عقده قائماً فيكون وحده صاحب الصفة في المقاضاة هذا إلى أن البطاقة التي اعتمد عليها الحكم في اعتبار المطعون عليه مهجراً هي بطاقة إعانة تصرف لجميع سكان منطقة القناة سواء مهجرين أو مهاجرين، وإذ هاجر الطاعن من بور سعيد من تلقاء نفسه وتحت مسئوليته فإنه يكون بمنأى عن الحماية التي أسبغها القانون رقم 76 لسنة 1969 على المهجرين الذين فرضت عليهم الهجرة وتكفلت الدولة بإسكانهم وحصنتهم ضد إجراءات الإخلاء حال التأجير إليهم من الباطن أو التنازل لهم عن عقد الإيجار وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة الأولى من القانون رقم 76 لسنة 1969 المعدل بالقانون رقم 48 لسنة 1970 في شأن إيقاف إجراءات التنفيذ والإجراءات المترتبة على التنازل عن عقود الإيجار والتأجير من الباطن للمهجرين من منطقة القنال وسيناء والمعمول به اعتباراً من أول يوليو سنة 1969 على أنه "استثناء من أحكام القوانين المنظمة للعلاقة بين المؤجرين والمستأجرين في شأن الأماكن المبنية، لا يجوز الحكم بالإخلاء أو الطرد من الأماكن المؤجرة للمهجرين من محافظات بور سعيد والإسماعيلية والسويس وسيناء إذا كان شغلهم لها بطريق التنازل عن العقد أو التأجير من الباطن دون تصريح من المؤجر، ويوقف تنفيذ الأحكام الصادرة بذلك ما لم يكن قد تم تنفيذها، وذلك حتى إزالة آثار العدوان" يدل على أنه بعد العدوان الإسرائيلي واضطرار كثير من سكان محافظات سيناء وبور سعيد والسويس والإسماعيلية إلى هجر مساكنهم والنزوح إلى سائر مدن الجمهورية ولجوئهم إلى استئجار مساكن لهم من باطن مستأجرين أصليين دون الحصول على ترخيص من مالكي هذه الأماكن، ارتأى المشرع أن يستثنى التأجير من الباطن والنزول عن الإيجار وترك العين للمهجرين المذكورين من حكم المادة 23/ 2 من القانون رقم 52 لسنة 1969 فسلب المؤجر رخصة طلب الإخلاء في هذه الحالة، وشرط لذلك أن يكون حق المستأجر الأصلي قائماً، وأن يكون المتنازل إليه أو المستأجر من الباطن من المهجرين من إحدى المحافظات المشار إليها، على أن تثبت له هذه الصفة ببطاقة التهجير المتضمنة الجهة التي تهجر إليها مباشرة دون سواها ولما كان التنازل عن الإيجار يتضمن حوالة في الحقوق وحوالة في الديون فإن حقوق المستأجر والتزاماته تؤول إلى المتنازل إليه ومن ثم يثبت لهذا الأخير الحق في الرجوع بدعوى مباشرة على المؤجر بكل ما كان للمستأجر من حقوق في الإجارة التي حصل له التنازل عنها، لما كان ذلك وكان يبين من الرجوع إلى الأوراق أنه مدون يظهر عقد إيجار شقة النزاع إقرار من المستأجر الأصلي بأنه تنازل عن هذا العقد إلى صهره - المطعون عليه - المقيم معي في الشقة المؤجرة لي والمبينة بهذا العقد حيث تركت الشقة منذ أول سبتمبر سنة 1970 وأصبح هو المسئول عن إيجارها ابتداء من أول سبتمبر 1970، وكان الثابت بمحضر جلسة 15/ 4/ 1971 أمام المحكمة الابتدائية أن المطعون عليه قدم بطاقة تهجير رقم 380، اسم الوحدة قسم أول طنطا والجهة المهجر منها بور سعيد باسم.... بتاريخ 4/ 5/ 1970 وكان التحقق من صفة رافع الدعوى هو تحصيل تستقل به محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة، فإنه لا تثريب على الحكم إن هو استخلص من هذين المستندين أن المطعون عليه هو أحد المهجرين من محافظة بور سعيد وتم التنازل له عن شقة النزاع ورتب على ذلك توافر صفته في إقامة الدعوى بطلب تخفيض الأجرة ولا على الحكم بعد ذلك إن هو أطرح ما قدمه الطاعن من أوراق لا تنافي توافر هذه الصفة لأن قيام الحقيقة التي اقتنع بها فيه الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفها، لما كان ما تقدم وكان الطاعن لم يثر أمام محكمة الموضوع أي مطعن على بطاقة التهجير المقدمة من المطعون عليه فإنه لا يقبل منه تعييبها والمجادلة في الدليل المستمد منها لأول مرة أمام محكمة النقض، ويكون النعي بهذه الأسباب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم استند في تحديد أجرة شقة النزاع إلى أنه أقر أمام الخبير بأن أجرة الشقة عند تمام إنشائها في سنة 1959 عشرة جنيهات في حين أنه لم يقصد ذلك وإنما قصد أن أجرتها بعد التخفيض كانت 750 قرشاً شهرياً وأن الأجرة السابقة كانت عشرة جنيهات.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن الحكم المطعون فيه أورد في هذا الصدد "أن المستأنف ينعى أيضاً على الخبير أن نسب إليه إقراراً بأن أجرة العين عند إنشائها في سنة 1959 كانت عشرة جنيهات في حين أنه لم يقصد إلى هذا المعنى وأنه قرر أن أجرتها بعد التخفيض في سنة 1967 كانت 750 قرشاً وأن الإيجار السابق عشرة جنيهات وهو نعي أيضاً مردود بالثابت على لسانه في محاضر الأعمال والذي لا يفهم منه إلا أن الأجرة كانت عشرة جنيهات شهرية عند إنشاء العين في سنة 1959، ولا ينصرف المعنى إلى ما يقول به المستأنف من أن الأجرة كانت عشرة جنيهات خفضت إلى 750 قرشاً إذ مؤدى ذلك أنها خفضت بنسبة 25% الأمر الذي لم يرد في أي قانون من قوانين التخفيض" وهذا الذي أورده الحكم استخلاص سائغ له مأخذه من ذات أقوال الطاعن أمام الخبير ويكون النعي على غير سند.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس.