أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 4 - صـ 1121

جلسة 4 من يونيه سنة 1953
(177)
القضية رقم 201 سنة 21 قضائية

برياسة حضرة الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة وحضور حضرات الأساتذة عبد العزيز محمد وكيل المحكمة ومصطفى فاضل وأحمد العروسي ومحمود عياد المستشارين.
( أ ) قاضي الأمور المستعجلة. اختصاص. حجز. ضرائب. دعوى بعدم الاعتداد بحجز أوقعته مصلحة الضرائب لعدم استيفائه أركانه الجوهرية التي نص عليه القانون. اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بالفصل فيها. ليس في ذلك مساس بأصل الحق.
(ب) ضرائب. قاضي الأمور المستعجلة. حجز. الحكم بعدم الاعتداد بالحجز التحفظي اللاحق الذي أوقعته مصلحة الضرائب بعد سقوط الحجز الأول بمضي شهرين على توقيعه دون ربط الضريبة. صحيح في القانون. المادة 90 من القانون رقم 14 لسنة 1939 المعدلة بالمادة 28 من القانون رقم 146 لسنة 1950.
1 - لقاضي الأمور المستعجلة إذا طلب إليه الحكم بعدم الاعتداد بحجز وقع على خلاف القانون أن يرجع إلى حكم القانون للتحقق مما إذا كان هذا الحجز قد وقع وفقاً له مستوفياً لأركانه الجوهرية أو وقع مخالفاً له فاقداً لهذه الأركان فيعتبر عقبة مادية تعترض حق صاحب المال المحجوز عليه وليس في ذلك مساس بأصل الحق. وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض الدفع بعدم اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بنظر دعوى عدم الاعتداد بحجز مدعي بأنه غير مستوف لأركانه الجوهرية التي نصت عليها المادة 90 من القانون رقم 14 لسنة 1939 المعدلة بالمادة 28 من القانون 146 لسنة 1950 فإنه لا يكون قد خالف القانون.
2 - لما كانت المادة 90 من القانون رقم 14 لسنة 1939 المعدلة بالمادة 28 من القانون 146 سنة 1950 تنص على أنه (استثناء من أحكام قانون المرافعات للمدير العام لمصلحة الضرائب إذا تبين له أن حقوق الخزانة معرضة للضياع أن يصدر أمراً بحجز الأموال التي يراد استيفاء الضرائب منها تحت أية يد كانت. وتعتبر هذه الأموال محجوزة بمقتضى هذا الأمر حجزاً تحفظياً ولا يجوز التصرف فيها إلا إذا رفع الحجز بحكم من المحكمة أو بقرار من المدير العام أو يكون قد مضى شهران من تاريخ توقيع الحجز ولم تربط الضريبة)، وكان يبين من هذا النص أن الشارع قد خول استثناء من القواعد العامة لمدير عام مصلحة الضرائب حق توقيع الحجز على أموال الممولين قبل أن يحدد مقدار الضريبة المستحقة عليهم حرصاً على مصلحة الخزانة كفل في الوقت ذاته حقوق الممولين بوضع ضمان كاف لعدم إساءة استعمال هذا الحق بحبس هذه الأموال لمدة غير محددة، وكان في توقيع حجز جديد كلما سقط الحجز الأول بمضي شهرين على توقيعه قبل ربط الضريبة تفويت للحكمة التي توخاها المشرع بالنص على وجوب رفع الحجز بحكم القانون كلما مضي على توقيعه شهران دون أن تربط الضريبة، وكان القول بغير ذلك من شأنه أن يجعل هذا القيد عبثاً لا جدوى منه، لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم الاعتداد بالحجز الثاني الذي أوقعته مصلحة الضرائب بعد سقوط الحجز الأول بمضي شهرين على توقيعه دون أن تربط الضريبة يكون قد طبق المادة المشار إليها تطبيقاً صحيحاً.


المحكمة

من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع كما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن تتحصل في أنه في 23 من أكتوبر سنة 1950 أوقعت مصلحة الضرائب (الطاعنة) استناداً إلى المادة 28 من القانون رقم 146 سنة 1950 حجزاً تحفظياً على مالاندريا لايوكيس المطعون عليه الأول - من الأموال المودعة لدى البنك الأهلي اليوناني والأوراق المالية المودعة لدى شركة سلفاجو
(المطعون عليهما الثاني والثالثة). وفي 2 من يناير سنة 1951 أعلن المطعون عليه الأول الطاعنة والبنك الأهلي اليوناني بإنذار ذكر فيه أن الحجز الموقع تحت يد هذا الأخير أصبح مرفوعاً لمضي شهرين من تاريخ توقيعه دون ربط الضريبة خلال تلك المدة. وفي 4 من يناير سنة 1951 عادت الطاعنة فأوقعت حجزاً آخر تحت يد المطعون عليهما الثاني والثالثة على مما للمطعون عليه الأول تحت يدهما من أموال وأوراق مالية. وكانت في 4 من نوفمبر سنة 1950 أوقعت حجزاً على ماكينات وآلات وأدوات أخرى بمقر منشأة المطعون عليه الأول ثم عادت في 6 من يناير سنة 1951 وأوقعت حجزاً جديداً على تلك الماكينات وآخر على سيارة له وأعلنت المطعون عليه الأول في 2 من يناير سنة 1951 بنماذج رقم 4 ضرائب تطالبه فيها بأداء الضريبة المستحقة عليه عن السنوات من سنة 1940 إلى سنة 1949 فأقام الدعوى رقم 406 سنة 1951 مستعجل مصر وطلب الحكم بعدم الاعتداد - بالحجوز الأربعة المتقدم ذكرها استناداً إلى أسباب منها أنه وقد انقضى على توقيع الحجز الحاصل في 23 من أكتوبر سنة 1950 شهران دون ربط الضريبة فقد أصبح الحجز مرفوعاً وفقاً للمادة 28 من القانون 146 سنة 1950 وما كان يحق لمصلحة الضرائب توقيع حجوز أخرى عليه. وفي 13 من فبراير سنة 1951 حكمت محكمة الأمور المستعجلة بالقاهرة برفض الدعوى. فاستأنف المطعون عليه الأول وقيد استئنافها برقم 267 سنة 1951 مصر ودفعت الطاعنة لدى محكمة ثاني درجة بعدم اختصاص القضاء المستعجل بنظر الدعوى. وفي 31 من مارس سنة 1951 حكمت محكمة مصر الابتدائية بهيئة استئنافية برفض هذا الدفع وباختصاص القضاء المستعجل بنظر الدعوى وفي موضوع الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للحجز الموقع في 4 من نوفمبر سنة 1950 وبإلغائه بالنسبة لباقي الحجوز الموقعة في 23 من أكتوبر سنة 1950 و4 و6 من يناير سنة 1951 لعدم الاعتداد بها. فقررت الطاعنة بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على سبب واحد يتحصل في أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون من وجهين الأول إذ قضى برفض الدفع بعدم الاختصاص تأسيساً على أن النزاع يتعلق بركن جوهري من أركان الحجز. مع أن النزاع يمس أصل الحق وكان يتعين على المحكمة أن تترك أمر الفصل فيه لقاضي الموضوع وفقاً للمادة 49 من قانون المرافعات. والوجه الثاني إذ قرر الحكم أن مصلحة الضرائب لا تملك أن تجدد حجزاً سقط لعدم ربط الضريبة في مدة الشهرين التاليين لتوقيعه، مع أنه وفقاً للمادة 28 من القانون 146 سنة 1950 لمصلحة الضرائب الحق المطلق في توقيع الحجوز التحفظية ولا يمنعها مضي شهرين على توقيع الحجز دون ربط الضريبة من توقيع حجوز مجددة إذا سقط الحجز الأول.
ومن حيث إن هذا السبب مردود في وجهه الأول بما جاء بالحكم المطعون فيه من "أن المحكمة لا ترى في ذلك الدفع سداداً إذ المطلوب في هذا التقاضي هو عدم الاعتداد بحجوز مدعى ببطلانها وطالما آن مناط بحث ذلك مقصوراً على تقدير ما إذا كانت هذه الحجوز قد استوفت أركانها الجوهرية أم لا ومن أهم هذه الأركان أن تكون الحجوز مستندة إلى عماد من القانون فقد انعقد لهذا القضاء اختصاصه بأمر الفصل في الطلب المطروح". وهذا الذي أسس عليه الحكم قضاءه برفض الدفع بعدم الاختصاص صحيح في القانون ذلك بأن لقاضي الأمور المستعجلة وقد طلب إليه الحكم بعدم الاعتداء بحجز وقع على خلاف القانون أن يرجع إلى حكم القانون للتحقق مما إذا كان الحجز وقع وفقاً له - مستوفياً لأركانه الجوهرية أو وقع مخالفاً له فاقداً لهذه الأركان فيعتبر عقبة مادية تعترض حق صاحب المال المحجوز عليه وليس في ذلك مساس بأصل الحق وقد رجع الحكم المطعون فيه إلى المادة 90 من القانون 14 سنة 1939 المعدلة بالمادة 28 من القانون 146 سنة 1950 وبين حكمها الصحيح - ومردود في وجهه الثاني بما جاء في الحكم المطعون فيه من أن "الحجز الموقع في 23 من أكتوبر سنة 1950 على المبالغ والأسهم قد رفع بقوة القانون بمجرد انقضاء الشهرين المتتاليين لتوقيعه أي في 23 من ديسمبر سنة 1950 إذ لم - تربط الضريبة إلا في أول يناير سنة 1951 ومن ثم كان حقاً للمستأنف (المطعون عليه الأول) أن يطالب بعدم الاعتداد به - وفيما يتعلق بالحجوز الثلاثة التالية التي أوقع أولها في 4 من يناير سنة 1951 وأوقع ثانيها وثالثها في اليوم السادس منه فهي جميعاً قد أوقعت بعد أن رفع الحجز الأول وانقضت بذلك فترة الشهرين اللذين حددهما المشرع لربط الضريبة حتى يمكن الإبقاء على الكيان القانوني للحجز.. وأن الحكمة التي حدت بالمشرع إلى أن يمنح المدير العام لمصلحة الضرائب إصدار أمره بحجز أموال الممول تحفيظياً - وهو حق مخول بالاستثناء من قواعد قانون المرافعات حسبما أفصح المشرع عن ذلك بالمادة 28، تلك الحكمة هي بذاتها التي جعلته يحيط ذلك الحق بقيد هام هو اعتبار الحجز التحفظي مرفوعاً من تلقاء نفسه وبقوة القانون إذا انقضى شهران على تاريخ توقيعه دون أن تربط الضريبة على الممول لأنه إذا كان الشارع قد قصد بمنح ذلك الحق للمدير العام إلى المحافظة على حقوق الخزانة بإجراء سريع كلما لاح له أي خطر يوشك أن يطيح بها كاعتزام الممول الهرب أو التهريب فقد حرص الشارع على أن يكفل للتجار والصناع دافعي الضريبة حرية التعامل وعدم حبس أموالهم مدة تزيد عن شهرين ضماناً لمبلغ لم يحدد فهو لهذا جعل حق المدير العام محصوراً في نطاق ضيق بأن حدد لبقاء الحجز أجل الشهرين وفرض على مصلحة الضرائب إن هي أرادت أن تبقيه مدة أطول أن تسارع إلى ربط الضريبة قبل انقضاء ذلك الأجل وإلا حرمت تلك الميزة برفع الحجز بقوة القانون وأصبح رب الأموال المحجوزة في حل من التصرف فيها كما لو كان الرفع بأمر من القضاء أو كلمة من المدير العام فهذا ما أمرت به المادة 28 وأنه على هدي ما تقدم يبين أن رفع الحجز بانقضاء الشهرين دون ربط الضريبة خلالهما إنما أريد منه فرض جزاء على مصلحة الضرائب إن هي تراخت في إجراء الربط في الشهرين ولهذا لم يكن مستساغاً أن تعود المصلحة في شخص مديرها العام فتوقع بعد أن يرتفع الحجز حجزاً آخر أو أكثر استناداً منها إلى المادة 28 وإلا لكان في ذلك توسع في استعمال هذا الحق الاستثنائي لا يجيزه القانون ولكانت هذه المادة معطلة بفعل ذات المصلحة ولو أبيح للمدير العام إقرار توقيع الحجز كلما انقضى شهران لكان ذلك منه إهداراً للنص القائل برفع الحجز إن لم تربط الضريبة خلال الشهرين. وأنه مما تقدم يكون المدير العام لمصلحة الضرائب قد استنفذ كل حقه المخول له بالمادة 28 من القانون 146 سنة 1950 بمجرد انقضاء الشهرين التاليين لتوقيع الحجز الأول وتكون الحجوز الثلاثة الموقعة في 4 و6 من يناير سنة 1951 غير جدية بأن يعتد بها." وهذا الذي قرره الحكم صحيح في القانون ذلك بأن المادة 90 من القانون 14 سنة 1939 المعدلة بالمادة 28 من القانون 146 سنة 1950 تنص على أنه "استثناء من أحكام قانون المرافعات للمدير العام لمصلحة الضرائب إذا تبين له أن حقوق الخزانة معرضة للضياع أن يصدر أمراً بحجز الأموال التي يراد استيفاء الضرائب منها تحت أية يد كانت وتعتبر هذه الأموال محجوزة بمقتضى هذا الأمر حجزاً تحفظياً ولا يجوز التصرف فيها إلا إذا رفع الحجز بحكم من المحكمة أو بقرار من المدير العام أو يكون قد مضى شهران من تاريخ توقيع الحجز ولم تربط الضريبة" وما أورده الحكم تفسيراً لهذا النص هو التفسير الصحيح إذ الشارع وقد خول استثناء من القواعد العامة لمدير عام مصلحة الضرائب حق توقيع الحجز على أموال الممولين قبل أن يحدّد مقدار الضريبة المستحقة عليهم حرصاً على مصلحة الخزانة كفل في الوقت ذاته حقوق الممولين يوضع ضمان كاف لعدم إساءة استعمال هذا الحق بحبس هذه الأموال لمدة غير محددة. ولا جدال في أن توقيع حجز جديد كلما سقط الحجز الأول بمضي شهرين على توقيعه فيه تفويت للحكمة التي توخاها المشروع بالنص على وجوب رفع الحجز بحكم القانون كلما مضى على توقيعه شهران والقول بغير ذلك من شأنه أن يجعل هذا القيد عبثاً لا جدوى منه.
ومن حيث إنه يبين مما سبق أن الطعن على غير أساس ومن ثم يتعين رفضه.