أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 633

جلسة 15 من مارس سنة 1976

برئاسة السيد المستشار أحمد فتحي مرسي وعضوية السادة المستشارين: محمد صالح أبو رواس وحافظ رفقي وعبد اللطيف المراغي وسعد العيسوي.

(126)
الطعن رقم 491 لسنة 40 القضائية

عمل. تعويض. دعوى "سبب الدعوى".
تعويض ملاحي السفن عن قطع أحد أعضائهم نتيجة الإصابة دون المرض. م 77 من قانون التجارة البحري. توجيه الدعوى إلى رب العمل دون هيئة التأمينات استناداً إلى هذا النص. لا محل لإعمال قوانين إصابة العمل وأمراض المهنة.
إذ تنص المادة 77/ 1 من قانون التجارة البحري على أن "كل من مرض من الملاحين أثناء السفر أو جرح أو قطع منه عضو سواء كان ذلك في خدمة السفينة أو في محاربة العدو أو اللصوص البحريين يأخذ أجرته ويعالج وتضمد جروحه، وفي حالة قطع عضو منه يعطى له تعويض" فإن مفاد هذا النص أن المشرع وإن كان لم يفرق بين المرض وقطع العضو فيما يتصل بالأجر والعلاج، إلا أنه فرق بينهما فيما يتصل بالتعويض حيث قصر التعويض على حالة قطع العضو دون حالة المرض، ويشمل قطع العضو في مدلول المادة 77 كل عاهة تنشأ عن الإصابة لا عن المرض، ويترتب عليها بتر العضو أو فقد منفعته فقداً كلياً أو جزئياً. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر في قضائه، وانتهى إلى رفض دعوى الطاعن - بالتعويض - استناد إلى أن العجز الذي تخلف لديه قد نتج عن المرض لا عن الإصابة، فإنه لا يكون قد خالف القانون، ولا وجه لما يثيره الطاعن بالنسبة لقوانين إصابة العمل وأمراض المهنة طالما أن دعواه موجهة إلى المطعون ضدها - التي التحق الطاعن بخدمتها ملاحاً بسفنها - استناداً إلى المادة 77 من قانون التجارة البحري لا إلى هيئة التأمينات الاجتماعية الملزمة بتعويض العاملين في مثل هذه الحالات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 887 لسنة 1969 تجاري كلي الإسكندرية طالباً القضاء بإلزام الشركة المطعون ضدها بأن تؤدي له مبلغ 308 جنيهات و333 مليماً، وأسس دعواه على أنه التحق بخدمة هذه الشركة ملاحاً بسفنها وآخرها السفينة "تالودى" التي ظل يعمل عليها حتى نزل منها مريضاً في 31/ 1/ 1968 وتبين من الكشف الطبي الشرعي أنه يعاني من ضيق بصمام القلب بسبب إصابته بحمى روماتيزمية في الصغر وهي من الأمراض التي تعرضه لهبوط القلب والمضاعفات الرئوية وتقتضي إسناد أعمال خفيفة إليه، ويقدر العجز المتخلف لديه من جراء هذه الحالة المرضية بنحو 50%، وإذ كان الطاعن قد أصيب بهذا المرض أثناء عمله على سفن الشركة المطعون ضدها فإنه يحق له مطالبتها بالتعويض استناداً للمادة 77/ 1 من قانون التجارة البحري. وفي 28/ 5/ 1969 قضت محكمة أول درجة بإلزام الشركة المطعون ضدها بأن تدفع للطاعن مبلغ 200 جنيه، استأنفت الشركة المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف 859 لسنة 25 ق، ومحكمة استئناف الإسكندرية قضت في 15/ 4/ 1970 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الطاعن، طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتفسيره وفي بيان ذلك يقول إن نص المادة 77 من قانون التجارة البحري يلزم المجهز بتعويض الملاح إذا نجم عن مرضه أو إصابته عاهة مستديمة ذلك لأن هذا الالتزام يقوم على فكرة مخاطر المهنة ومشاركة الملاح في غنم وغرم الرسالة البحرية، وقد أخذ المشرع بهذه الفكرة بالنسبة للعمال البريين في قانون العمل رقم 64 لسنة 1936 والذي حل محله القانون 89 لسنة 1950 بشأن إصابات العمل والقانون 107 لسنة 1950 بشأن التعويض عن أمراض المهنة، وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض دعوى الطاعن تأسيساً على أن المجهز لا يلتزم بتعويض الملاح إلا إذا كان العجز أو العاهة المستديمة التي أصيب بها ناشئاً عن إصابته بجرح أو قطع عضو دون العجز الناشئ عن إصابته بمرض يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتفسيره مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن المادة 77/ 1 من قانون التجارة البحري إذ تنص على أن "كل من مرض من الملاحين أثناء السفر أو جرح أو قطع منه عضو سواء كان ذلك في خدمة السفينة أو في محاربة العدو أو اللصوص البحريين يأخذ أجرته ويعالج وتضمد جروحه وفي حالة قطع عضو منه يعطى له تعويض" فإن مفاد هذا النص أن المشرع وإن كان لم يفرق بين المرض وقطع العضو فيما يتصل بالأجر والعلاج إلا أنه فرق بينهما فيما يتصل بالتعويض حيث قصر التعويض على حالة قطع العضو دون حالة المرض، ويشمل قطع العضو في مدلول المادة 77 كل عاهة تنشأ عن الإصابة لا عن المرض، ويترتب عليها بتر العضو أو فقد منفعته فقداً كلياً أو جزئياً، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر في قضائه، وانتهى إلى رفض دعوى الطاعن استناداً إلى أن العجز الذي تخلف لديه قد نتج عن المرض لا عن الإصابة، فإنه لا يكون قد خالف القانون، ولا وجه لما يثيره الطاعن بالنسبة لقوانين إصابة العمل وأمراض المهنة طالما أن دعواه موجهة إلى المطعون ضدها استناداً إلى المادة 77 من قانون التجارة البحري لا إلى هيئة التأمينات الاجتماعية الملزمة بتعويض العاملين في مثل هذه الحالات.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفساد الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بخلوه من الأمراض عند التحاقه بالعمل، واستدل على ذلك بتوقيع الكشف الطبي عليه مرتين، الأولى عند استخراجه الجواز البحري بمعرفة طبيب مصلحة المواني والمنائر، والثانية بمعرفة طبيب الشركة المطعون ضدها عند التحاقه بالعمل على سفنها، إلا أن الحكم المطعون فيه وعلى غير سند من الأوراق اعتبر سبب العجز راجعاً إلى إصابة الطاعن بحمى روماتيزمية منذ صغره ولم يكن راجعاً إلى عمله على السفن.
وحيث إن هذا النعي غير منتج ذلك أنه سواء نشأ العجز الذي أصيب به الطاعن أثناء الخدمة على السفينة أو كان سببه سابقاً على ذلك، فقد انتهى الحكم إلى أن العجز الذي أصاب الطاعن من الحالات المرضية الذي لا يستحق عنها الملاح التعويض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.