مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الثالث (عن المدة بين 7 نوفمبر سنة 1932 وبين 26 أكتوبر سنة 1936) - صـ 340

جلسة 28 مايو سنة 1934

برياسة سعادة عبد الرحمن إبراهيم سيد أحمد باشا وحضور حضرات مصطفى محمد بك وزكي برزي بك وأحمد أمين بك وعبد الفتاح السيد بك.

(257)
القضية رقم 1378 سنة 4 القضائية

سرقة. سرقة مصحوبة بظروف مشدّدة. إتيان الجاني شطراً من الأعمال المكوّنة للظروف المشدّدة. كفاية ذلك لاعتباره شارعاً في جريمة السرقة. استخلاص نية السرقة من تنفيذ هذه الأفعال. موضوعي.
(المادة 274 ع)
يكفي لاعتبار الجاني شارعاً في جريمة السرقة المصحوبة بظروف مشدّدة إتيانه شطراً من الأفعال المكوّنة للظروف المشدّدة. ولمحكمة الموضوع أن تستخلص نية السرقة من تنفيذ هذه الأفعال دون أن تكون خاضعة في ذلك لرقابة محكمة النطق.


الوقائع

اتهمت النيابة العمومية هذين الطاعنين بأنهما في يوم السبت 16 سبتمبر سنة 1933 الموافق 26 جمادى الأولى سنة 1352 بدائرة قسم باب الشعرية محافظة مصر مع آخر مجهول شرعوا في السرقة من منزل ميساك ديسيزيان بواسطة استعمال مفاتيح مصطنعة، ولم تتم الجريمة لسبب خارج عن إرادتهم وهو استغاثة المجني عليه. وذلك حالة كوّن الأوّل عائداً إذ سبق الحكم عليه بخمس عقوبات مقيدة للحرّية في سرقات، الأخيرة منها بحبسه سنة في 7 ذي الحجة سنة 1349 الموافق 25 إبريل سنة 1931، وطلبت من حضرة قاضي الإحالة إحالتهما إلى محكمة جنايات مصر لمحاكمة الأوّل بالمواد 274 فقرة أولى وثانية وخامسة و278 و45 و48 فقرة ثانية وثالثة و50 من قانون العقوبات والمادة الأولى من دكريتو الإجرام، والثاني بالمواد 274 فقرة أولى وثانية وخامسة و278 و48 فقرة ثالثة و49 من قانون العقوبات. فقرر حضرته في 25 ديسمبر سنة 1933 إحالتهما إليها لمحاكمتهما بالمواد 45 و46 و271 فقرة ثانية من قانون العقوبات لأنهما في الزمن والمكان السالفي الذكر وآخر مجهول شرعوا في السرقة من منزل ميساك ديسيزيان بطريق الإكراه الذي وقع على المجني عليه وترك به جروحاً، وذلك بأن دخلوا منزله على غرة منه وفاجأوه لما كان بفنائه يريد الخروج إلى الشارع وأمسكوه وألقوا به على الأرض وحاولوا كتم نفسه حتى لا يستغيث، وقد خاب أثر الجريمة لأمور لا دخل لإرادتهم فيها وهي استغاثة المجني عليه وهو يهم خشية القبض عليهم. ومحكمة جنايات مصر بعد أن سمعت هذه الدعوى قضت حضورياً في 14 إبريل سنة 1934 عملاً بالمواد السابقة بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض يوم صدوره وقدّم حضرة الأستاذ بنيامين روفائيل أفندي المحامي عن الأوّل تقريراً بأسباب طعنه في 19 إبريل سنة 1934 ولم يقدّم الثاني أسباباً لطعنه.


المحكمة

بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانوناً.
من حيث إن الطاعن الأوّل قرّر بالطعن ثم قدّم تقريراً بأسباب طعنه في الميعاد القانوني فطعنه إذاً صحيح شكلاً. أما الطاعن الثاني فقد قرّر بالطعن إلا أنه لم يردف تقريره هذا بتقديم الأسباب فطعنه إذاً غير مقبول شكلاً.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن المحكمة قد أخطأت في تطبيق القانون على الوقائع الثابتة في الحكم إذ هي بعد أن دللت في حيثيات حكمها على دخول الطاعن منزل المجني عليه واعتدائه على المجني عليه ذكرت أن قصده كان السرقة في حين أن القصد الجنائي في جريمة السرقة لا يؤخذ من باب الاستنتاج، بل يجب أن يقوم على فعل مادي. هذا فضلاً عن أنه لم يثبت من الأوراق أن الطاعن كان يقصد السرقة فكل ما يمكن تطبيقه هو أنه دخل منزلاً لارتكاب جريمة فيه مما هو معاقب عليه بالمادة 324 من قانون العقوبات.
وحيث إن هذا الوجه مردود إذ السرقة المصحوبة بظروف مشدّدة كما هو الحال في هذه الدعوى يكفي فيها إتيان الجاني شطراً من الأعمال المكوّنة للظروف المشدّدة لاعتباره شارعاً في ارتكاب جريمة السرقة التي أراد ارتكابها، ولمحكمة الموضوع أن تستخلص نية السرقة من تنفيذ هذه الأفعال دون أن تكون خاضعة في ذلك لرقابة محكمة النقض.
وحيث إن محكمة الموضوع قد استظهرت وقائع الشروع في السرقة المسندة إلى الطاعن من أفعال مادّية وظروف مختلفة لابست الجريمة التي اقترفها، وأفاضت في تبيان دخول الطاعن مع اثنين آخرين منزل الجني عليه بمفتاح مصطنع ثم هجوم الثلاثة على المجني عليه يريدون سلبه ما معه من مفاتيح يستطيعون بها سرقة ما تصل إليه أيديهم من نقود اشتهر هو باقتنائها ولكنهم فشلوا فيما حاولوا لما أن صرخ المجني عليه وجاء الناس على استغاثته. ومع هذا الذي ذكرته محكمة الموضوع من الوقائع المادّية واستخلصت منه بما لها من حق التقدير المطلق أن قصد الطاعن كان السرقة أصبح ما يقوله الطاعن من أن الفعل المسند إليه هو دخول منزل بقصد ارتكاب جريمة ما مما لا يمكن قبوله بحال.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني هو أنه مع الفرض الجدلي بأن الطاعن كان يقصد السرقة فإن الواقعة الثابتة بالحكم لا تعتبر شروعاً في سرقة بل هي عمل تحضيري لا يعاقب عليه القانون.
وحيث إن هذا الوجه مردود أيضاً بما سبق الرد به على الوجه الأول، وقد وضح منه أن ما أتاه الطاعن من الأفعال المادّية تجاوز دائرة التفكير والتحضير ومن حق محكمة الموضوع أن تستخلص منه أنه شروع في سرقة ومكوّن لبعض ما يستلزمه اقتراف الجريمة من الأعمال.