أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 637

جلسة 15 من مارس سنة 1976

برئاسة السيد المستشار أحمد فتحي مرسي؛ وعضوية السادة المستشارين: محمد صالح أبو وراس وحافظ رفقي وعبد اللطيف المراغي وسعد العيسوي.

(127)
الطعن رقم 690 لسنة 40 القضائية

(1) بنوك "حساب جاري". كفالة.
كفالة الالتزامات الناشئة عن الحساب الجاري. كفالة لدين مستقبل. شرط صحتها. وجوب تحديد قدر الدين الذي يضمنه الكفيل مقدماً في عقد الكفالة.
(2) كفالة. التزام "التضامن".
التزام الكفالة متضامناً كان أو غير متضامن. التزام تابع لالتزام المدين الأصلي.
1 - كفالة الالتزامات الناشئة عن الحساب الجاري هي كفالة لدين مستقبل لا يتعين مقداره إلا عند قفل الحساب وتصفيته واستخراج الرصيد، ومن ثم فلا تصح هذه الكفالة - وفقاً لنص المادة 778 من القانون المدني - إلا إذا حدد الطرفان مقدماً في عقد الكفالة قدر الدين الذي يضمنه الكفيل. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر في قضائه وانتهى إلى أن العقد المبرم بين الطرفين قد تضمن كفالة المدين في التوريد في حدود المبلغ الذي تسلمه وقد ورد المدين أقطاناً تزيد قيمتها على هذا المبلغ، ولم يتضمن العقد تحديداً لأي مبلغ يكفله المطعون ضده عن رصيد الحساب الجاري للعمليات الأخرى مما يجعله غير مسئول عن كفالة هذا الرصيد، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
2 - التزام الكفيل - متضامناً كان أو غير متضامن - هو التزام تابع لالتزام المدين الأصلي، وذلك على خلاف المدين المتضامن مع مدينين آخرين، فإنه يلتزم التزاماً أصلياً مع سائر المدينين، وإذ كان يبين من الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده كان كفيلاً للمدين الأصلي في تنفيذ التزام هذا الأخير قبل الشركة الطاعنة، ولم يكن مديناً أصلياً معه في هذا الالتزام، فإن الحكم المطعون فيه - إذ أجرى أحكام الكفالة على التزام المطعون ضده - لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى رقم 20 لسنة 1961 تجاري كلي المنيا، على المطعون ضده و...... طالبة الحكم بإلزام الأخير بصفته مديناً والمطعون ضده بصفته ضامناً متضامناً بأن يدفعا لها مبلغ 759 جنيهاً وفوائده بواقع 7%، وأسستها على أنه بتاريخ 30/ 8/ 1960 تعاقد المدين "وليم إبراهيم.... بضمان وتضامن المطعون ضده على توريد 125 قنطاراً من القطن الزهر لمحلج الطاعنة بمغاغة، ويسلم مبلغ 250 جنيهاً، ونص في العقد على أن الضمان يشمل تنفيذه سواء في التوريد أو في نتيجة الحساب الجاري المفتوح، وأن المبلغ المطالب به هو نتيجة الحساب الناتج من المعاملة بمقتضى العقد. وبتاريخ 28/ 1/ 1963 قضت محكمة المنيا الابتدائية بندب مكتب خبراء وزارة العدل لبيان كمية الأقطان التي قام المدين بتوريدها لحساب الشركة الطاعنة وتصفية الحساب بين الطرفين، وبعد أن قدم الخبير تقريره، قضت بإلزام المدعى عليه الأول..... بأن يدفع للشركة الطاعنة مبلغ 663 جنيهاً و104 مليمات والفوائد بواقع 7% وبرفض الدعوى بالنسبة للمطعون ضده. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 1 لسنة 6 ق، وطلبت إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به لها قبل المطعون ضده، وإلزام هذا الأخير بأن يؤدي لها مع المدين المبلغ المحكوم به. وبتاريخ 16/ 6/ 1970 قضت محكمة استئناف بني سويف بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة بنظره، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، تنعى الشركة الطاعنة بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تفسير العقد وفي فهم الواقع في الدعوى، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن مسئولية المطعون ضده كضامن مقصورة على توريد المدين 125 قنطاراً من القطن دون رصيد الحساب الجاري، في حين أن ضمان المطعون ضده الوارد بالعقد يشمل تنفيذ جميع بنوده سواء في ذلك توريد الأقطان المتفق عليها أو نتيجة الحساب الجاري المفتوح.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه، أنه لم يستند في استبعاد كفالة المطعون ضده لرصيد الحساب الجاري إلى أن العقد لم يشمل هذه الكفالة وإنما استند إلى بطلان هذه الكفالة باعتبارها كفالة لدين مستقبل لم يحدد مقداره عند انعقاد العقد، ومن ثم يكون ما تنعاه الشركة الطاعنة بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون من وجهين، حاصل أولهما أن الحكم المطعون فيه أخطأ إذ اعتبر كفالة المطعون ضده لرصيد الحساب الجاري كفالة لدين مستقبل لم يحدد مقداره مقدماً ذلك أن الالتزام المكفول ليس التزاماً مستقبلاً وإنما نشأ بمقتضى العقد المؤرخ 30/ 8/ 1960 كما تحدد المبلغ المكفول بنتيجة الحساب الجاري وهي الفرق بين السلفيات التي يتسلمها المدين وقيمة الأقطان التي يوردها، ومؤدى الوجه الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ إذ طبق أحكام الكفالة الواردة في المادة 772 من القانون المدني على ضمان المطعون ضده ولم يطبق أحكام التضامن بين المدينين في المادة 279 وما بعدها من القانون المدني وليس فيها ما يحتم تحديد المبلغ المضمون سواء كان التعهد المضمون التزاماً حالياً أو مستقبلاً.
وحيث إن هذا النعي مردود في وجهه الأول بأن كفالة الالتزامات الناشئة من الحساب الجاري هي كفالة لدين مستقبل لا يتعين مقداره إلا عند قفل الحساب وتصفيته واستخراج الرصيد ومن ثم فلا تصح هذه الكفالة وفقاً لنص المادة 778 من القانون المدني إلا إذ حدد الطرفان مقدماً في عقد الكفالة قدر الدين الذي يضمنه الكفيل، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر في قضائه وانتهى إلى أن العقد المبرم بين الطرفين قد تضمن كفالة المدين في توريد 125 قنطاراً من القطن في حدود المبلغ الذي تسلمه وهو 250 جنيهاً وقد ورد المدين أقطاناً تزيد قيمتها على هذا المبلغ، ولم يتضمن العقد تحديداً لأي مبلغ يكفله المطعون ضده عن رصيد الحساب الجاري للعمليات الأخرى مما يجعله غير مسئول عن كفالة هذا الرصيد، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه. كما أن النعي مردود في وجهه الثاني بأن التزام الكفيل متضامناً كان أو غير متضامن، هو التزام المدين الأصلي، وذلك على خلاف المدين المتضامن مع مدينين آخرين، فإنه يلتزم التزاماً أصلياً مع سائر المدينين وإذ كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده كان كفيلاً للمدين الأصلي.... في تنفيذ التزام هذا الأخير قبل الشركة الطاعنة، ولم يكن مديناً أصلياً معه في هذا الالتزام، فإن الحكم المطعون فيه - إذ أجرى أحكام الكفالة على التزام المطعون ضده - لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.