أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 4 - صـ 1173

جلسة 18 من يونيه سنة 1953
(187)
القضية رقم 404 سنة 21 القضائية

برياسة حضرة الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة وحضور حضرات الأساتذة سليمان ثابت ومحمد نجيب أحمد وعبد العزيز سليمان وأحمد العروسي المستشارين.
ضرائب. رسوم بلدية. قرار بلدية الإسكندرية بفرض رسوم إضافية على ضرائب الأموال المنقولة والأرباح التجارية والصناعية. جعله استحقاق هذه الرسوم على الضرائب التي تحصل بعد نشر القرار بالجريدة الرسمية مهما كانت السنة التي تعود إليها هذه الضرائب. إعفاؤه من الرسوم الممولين الذين أوفوا الضرائب العادية والاستثنائية قبل نشر القرار. هذا القرار يجعل للرسوم التي فرضها أثراً رجعياً. مخالفة هذا القرار للدستور وإخلاله بمبدأ المساواة بين دافعي الضرائب. المادة 31 من الأمر العالي الصادر في 5 من يناير سنة 1890 والمادة 27 من دستور سنة 1923.
إن الحكم المطعون فيه إذ قضى بأن فرض بلدية الإسكندرية رسوماً إضافية بموجب القرار الصادر في 14 يناير سنة 1943 بنسبة 2.5% من مقدار الضريبة على رؤوس الأموال المنقولة والضريبة على الأرباح التجارية والصناعية وبنسبة 5% من مقدار الضريبة الخاصة بالأرباح الاستثنائية والمقررة بالقانون رقم 60 الصادر في 2 أكتوبر سنة 1941 وجعلها استحقاق الرسوم المذكورة عن الضرائب التي تجبى بعد نشر القرار بالجريدة الرسمية مهما كانت السنة التي تعود إليها هذه الضرائب - إذ قضى الحكم بأن هذا لا يعتبر إعمالاً للأثر الرجعي للقرار المذكور فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. ذلك أن هذا القرار إذ جعل استحقاق الرسوم المذكورة بمقتضاه منوطاً بواقعة جباية الضرائب المشار إليها فيه بعد تاريخ نشره ولو كانت مستحقة عن سنين سابقة على صدوره فإنه يكون في الواقع وحقيقة الأمر قد سحب حكمه على ضرائب استحقت قبل تاريخ نشره وليس يخفي هذه الحقيقة ما ذكره الحكم من أن الرسوم قد فرضت على ما يحصل من ضرائب الأرباح العادية أو الاستثنائية بعد نشره متى كانت الضرائب المحصلة بعد تاريخ نشره هي عن أرباح حققت قبل ذلك واستحقت عن مدد سابقة على صدور القرار، إذ لا عبرة في هذا الخصوص بميعاد تحصيلها. ولما كانت المادة 31 من دكريتو 5 يناير سنة 1890 التي رخصت لقومسيون بلدية الإسكندرية في أن يقرر عوائد على الرسوم المقررة لم تخوله الحق في أن يرتب لقراره أثراً رجعياً، فإن بلدية الإسكندرية تكون بالقرار المشار إليه قد جاوزت نطاق تفويضها، فخالفت بذلك المادة 27 من الدستور. وفضلاً عن ذلك فإن القرار المشار إليه قد شابه عيب آخر ذلك أن من شأنه الإخلال بالمساواة الواجبة بين المكلفين بالضرائب إذ يفرق بلا مبرر بين طائفة من وفوا بما استحق عليهم من ضرائب عادية أو استثنائية قبل صدور القرار المشار إليه فيعفيهم من الرسوم المفروضة بمقتضى هذا القرار وبين من وفوا بها بعد تاريخ نشره فيلزمهم بها مع اتحاد الواقعة المنشئة للضريبة المستحق عليها الرسم الجديد بالنسبة إليهم جميعاً في حين أنه لا عبرة بتاريخ الوفاء في هذه الحالة وما كان يجوز أن يعتد به في استحقاق الفرائض المقررة على الممولين بموجب القوانين، ومن ثم يكون الحكم إذ أقيم على خلاف ذلك قد خالف القانون مخالفة تستوجب نقضه في هذا الخصوص.


المحكمة

من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن قومسيون بلدية الإسكندرية بمقتضى الأمر العالي الصادر في 5 من يناير سنة 1890 قرر في 14 من يناير سنة 1943 فرض رسوم بلدية مقدارها 2.5% من ضريبة الأرباح التجارية و5% من ضريبة الأرباح الاستثنائية على أن تستحق هذه الرسوم بنوعيها على الضرائب التي تجبى بعد نشر هذا القرار في أول فبراير سنة 1943 أياً كانت السنة التي تعود إليها هذه الضرائب. وفي 13/ 6/ 1946 أقامت شركة فورد على مصلحة الضرائب الدعوى رقم 219 لسنة 70 ق تجاري محكمة الإسكندرية الابتدائية المختلطة وطلبت فيها إلزام المدعى عليها برد مبلغ 55934 جنيه و323 مليم وفوائده وهو ما حصلته من الشركة في السنوات من سنة 1939 إلى سنة 1943 بغير حق زائداً على الضرائب المستحقة عليها بما فيها رسوم البلدية. وفي 15 من يونيه سنة 1949 قضت المحكمة بإلزام مصلحة الضرائب بأن ترد لشركة فورد مبلغ 20902 جنيه و157 مليم وفوائده بواقع 5% ابتداء من 13/ 6/ 1946 حتى الوفاء مع شمول الحكم بالنفاذ بالنسبة لمبلغ 11232 جنيه و1 مليم المعترف به من مصلحة الضرائب مؤسسة حكمها في خصوص رسوم البلدية التي قضت بردها على عدم أحقية مصلحة الضرائب في تحصيلها لعدم مشروعية قرار 14 من يناير سنة 1943 القاضي بفرضها فاستأنف الطرفان هذا الحكم في خصوص ما قضي به على كل منهما وقيد استئنافهما برقمي 117 لسنة 5 ق و66 لسنة 6 ق تجاري محكمة استئناف الإسكندرية التي قضت في 13/ 4/ 1950 بضم الاستئنافين أحدهما للآخر. وفي 5 من إبريل سنة 1951 قضت المحكمة فيما يختص برسوم البلدية بتعديل الحكم المستأنف وبأحقية مصلحة الضرائب في استيفاء هذه الرسوم عن الأرباح التي حققتها الشركة قبل أول نوفمبر سنة 1943 استناداً إلى مشروعية قرار 14 يناير سنة 1943 فقررت شركة فورد الطعن بطريق النقض فيما قضى به الحكم في هذا الخصوص.
ومن حيث إن ما تنعاه الطاعنة في السببين الأول والثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفته للمادتين 3 و27 من الدستور وكذلك أحكام الأمر العالي الصادر في 5 من يناير سنة 1890 إذ قضت المحكمة بصحة قرار 14 يناير سنة 1943 الذي أوجب فرض رسم على ضرائب الأرباح المحصلة بعد نشره ولو كانت مستحقة عن أرباح محققة قبل صدوره أياً كانت السنة التي تعود إليها هذه الضرائب مع أن المادة 27 من الدستور لا ترتب أثراً رجعياً لأحكام القوانين إلا إذا نص فيها على ذلك ومع أن المادة 31 من الأمر الصادر في 5/ 1/ 1890 التي يستمد منها قرار 14 يناير سنة 1943 تفويضه في التشريع لا يجيز هذا الأثر الرجعي وكان من مقتضى قرار 14 يناير سنة 1943 أن يعفى من هذه الرسوم الممولين الذين دفعوا الضرائب العادية والاستثنائية المستحقة عليهم قبل نشر القرار المشار إليه بينما يلزم بدفعها من لم يتم له فرصة الوفاء بالضرائب المذكورة إلا بعد نشر هذا القرار وفي ذلك إخلال بالمادة الثالثة من الدستور التي نصت على المساواة بين المصريين في الواجبات والتكاليف العامة.
ومن حيث إنه جاء بالحكم المطعون فيه في خصوص سببي الطعن السالف ذكرهما: "وحيث إن المادة 2 من قرار القومسيون تنص على أن الرسوم تستحق السداد على الضرائب التي تجبى بعد تاريخ نشره في الجريدة الرسمية وقد تم النشر في أول فبراير سنة 1143 فالضرائب التي تجبى بعد هذا التاريخ هي التي تحصل عليها رسوم البلدية أما ما يكون قد تحصل منها قبل أول فبراير فلا تستحق عليها الرسوم ولذلك فلا يجوز القول بأن هناك رجعية للضريبة البلدية ما دامت الرسوم البلدية لا تستحق إلا على الضرائب التي تجبى بعد نشر القانون... وحيث إنه عن السبب الخاص ببطلان قرار القومسيون البلدي لمخالفته للمادة 3 من الدستور فلا شبهة في أن المقصود بلفظ المساواة الوارد بالمادة المذكورة هي المساواة فيما يتعلق بين المصريين الموجودين في ظروف مماثلة وبما أن القرار المطعون فيه لم يفرق بين سكان مدينة الإسكندرية الذين يخضعون لهذه الرسوم فليس ثمة محل للقول بعدم المساواة طالما أن المساواة تعتبر مكفولة متى كان الأمر يتعلق بعوائد يسري تطبيقها محلياً على جميع السكان الذين في نفس الدائرة ونفس الحالة".
ومن حيث إن هذا الذي قرره الحكم غير سديد ذلك أن المحكمة إذ قضت بأن فرض بلدية الإسكندرية رسوماً إضافية بموجب قرار 14 يناير سنة 1943 بنسبة 2.5% من مقدار الضريبة على رءوس الأموال المنقولة والضريبة على الأرباح التجارية والصناعية وبنسبة 5% من مقدار الضريبة الخاص بالأرباح الاستثنائية والمقررة بالقانون رقم 60 الصادر في 2 أكتوبر سنة 1941 وجعلها استحقاق الرسوم المذكورة عن الضرائب التي تجبى بعد نشره بالجريدة الرسمية مهما كانت السنة التي تعود إليها هذه الضرائب - إذ قضت بأن هذا لا يعتبر إعمالاً للأثر الرجعي للقرار المذكور قد أخطأت في تطبيق القانون لأن هذا القرار إذ جعل استحقاق الرسوم المقررة بمقتضاه منوطاً بواقعة جباية الضرائب المشار إليها فيه بعد تاريخ نشره ولو كانت مستحقة عن سنين سابقة على صدوره فإنه يكون في الواقع وحقيقة الأمر قد سحب حكمه على ضرائب استحقت قبل تاريخ نشره وليس يخفي هذه الحقيقة ما ذكره الحكم المطعون فيه من أن الرسوم قد فرضت على ما يحصل من ضرائب الأرباح العادية أو الاستثنائية بعد نشره متى كانت الضرائب المحصلة بعد تاريخ نشره هي عن أرباح حققت قبل ذلك واستحقت عن مدد سابقة على صدور القرار إذ لا عبرة في هذا الخصوص بميعاد تحصيلها ولما كانت المادة 31 من دكريتو 5 يناير سنة 1890 التي رخصت لقومسيون بلدية الإسكندرية في أن يقرر عوائد على الرسوم المقررة لم تخوله الحق في أن يرتب لقراره أثراً رجعياً فإن بلدية الإسكندرية تكون بالقرار المشار إليه قد جاوزت نطاق تفويضها فخالفت بذلك المادة 27 من الدستور وفضلاً عن ذلك فإن القرار المشار إليه قد شابه عيب آخر ذلك أن من شأنه الإخلال بالمساواة الواجبة بين المكلفين بالضرائب إذ يفرق بلا مبرر بين طائفة من وفوا بما استحق عليهم من ضرائب عادية أو استثنائية قبل صدور القرار المشار إليه فيعفيهم من الرسوم المفروضة بمقتضى هذا القرار وبين من وفوا بها بعد تاريخ نشره فيلزمهم بها مع اتحاد الواقعة المنشئة للضريبة المستحق عليهم الرسم الجديد بالنسبة إليهم جميعاً في حين أنه لا عبرة بتاريخ الوفاء في هذه الحالة وما كان يجوز أن يعتد به في استحقاق الفرائض المقررة على الممولين بموجب القوانين ومن ثم يكون الحكم إذ أقيم على خلاف ذلك قد خالف القانون مخالفة تستوجب نقضه في هذا الخصوص دون حاجة إلى بحث بقية أسباب الطعن.
ومن حيث إن الدعوى صالحة للحكم فيها في هذا الخصوص وبناء على ما سبق بيانه من الأسباب يتعين تأييد الحكم الابتدائي الصادر من محكمة الإسكندرية الابتدائية المختلطة في 15/ 6/ 1949 فيما قضى به من عدم أحقية مصلحة الضرائب فيما حصلته من رسوم بلدية من الطاعنة تنفيذاً لقرار 14 يناير سنة 1943 المشار إليه عن الضرائب المستحقة عن أرباح حققتها قبل نشره.