أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 671

جلسة 16 من مارس سنة 1976

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم السعيد ذكرى ومحمد صدقي العصار ومحمود عثمان درويش وزكي الصاوي صالح.

(134)
الطعن رقم 593 لسنة 42 القضائية

(1، 2) تزوير "الحكم في دعوى التزوير". حكم "تسبيب الحكم".
(1) استناد الحكم في قضائه برفض الادعاء بالتزوير إلى قرائن سائغة تكفي لحمله. إغفاله الرد على مستندات الطاعن التي تمسك بها لتأييد ادعائه. لا عيب. علة ذلك.
(2) عدم جواز الحكم بصحة الورقة المدعي بتزويرها وفي موضوع الدعوى معاً. علة ذلك. م 44 من قانون الإثبات. لا محل أمام صراحة النص وإطلاقه للقول بأن مدعي التزوير قد أبدى دفاعه في موضوع الدعوى.
1 - متى كانت القرائن التي استند إليها الحكم سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وتكفي لحمل قضائه برفض الادعاء بتزوير محضر الجلسة فلا يعيب هذا الحكم سكوته عن الرد على المستندات التي تمسك بها الطاعنان لتأييد الادعاء بالتزوير لأن في قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها التعليل الضمني المسقط لدلالة هذه المستندات، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بالقصور يكون في غير محله.
2 - مفاد نص المادة 44 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 أنه لا يجوز الحكم بصحة الورقة وفي الموضوع معاً، بل يجب أن يكون القضاء بصحة الورقة سابقاً على الحكم في موضوع الدعوى حتى لا يحرم الخصم الذي أخفق في إثبات تزوير الورقة من أن يقدم ما عسى أن يكون لديه من أوجه دفاع أخرى في الموضوع، ولا محل أمام صراحة النص وإطلاقه لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن الطاعنين قد أبديا دفاعهما في موضوع الدعوى، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى في الادعاء بالتزوير وفي موضوع الدعوى معاً يكون باطلاً بما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام أصلاً الدعوى رقم 886 سنة 1968 مدني زفتى ضد الطاعنين بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 17/ 10/ 1964 والمتضمن بيعهما له أطياناً زراعية مساحتها فدان و13 قراريط و6 أسهم منها فدان و3 قراريط و5 أسهم مباعة من الطاعن الأول، 10 قراريط وسهم مباعة من الطاعن الثاني لقاء ثمن مقبوض قدره 853 جنيهاً و637 مليماً. دفع الطاعنان الدعوى بأن عقد البيع المذكور صوري لم يقصد به نقل الملكية ولم يدفع فيه ثمن وإنما أبرم ضماناً لدين تجاري عليهما للمطعون عليه قدره 1650 جنيهاً وبقصد استمرار المعاملة التجارية بينهم وقد قارب هذا الدين على الانقضاء. وبتاريخ 19/ 12/ 1968 حكمت محكمة زفتى بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة طنطا الابتدائية حيث قيدت بجدولها برقم 578 سنة 1969 مدني. وبتاريخ 16/ 11/ 1969 حكمت المحكمة بطلبات المطعون عليه مستندة في ذلك إلى أن الطاعنين أقرا بمحضر جلسة 2/ 11/ 1969 بطلباته. استأنف الطاعنان هذا الحكم وقيد استئنافهما برقم 300 سنة 19 ق مدني طنطا وادعياً بتزوير محضر جلسة محكمة طنطا الابتدائية المؤرخ 2/ 11/ 1969 بالنسبة لما أثبت به من أنهما حضرا ولا يعارضان المطعون عليه في طلباته على أن يتحملا بالمصروفات وأن محاميهما الأستاذ.... حضر معهما بتلك الجلسة وبتاريخ 25/ 1/ 1971 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنان أن ما أثبت بمحضر جلسة 2/ 11/ 1969 غير صحيح ومزور. وبعد أن سمعت المحكمة أقوال شاهدي الطاعنين، حكمت بتاريخ 30/ 5/ 1972 برفض الادعاء بالتزوير مع تغريم الطاعنين 50 جنيهاً وبرفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم للسبب الأول. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني أن الحكم المطعون فيه شابه قصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إن الحكم استند في رفض الادعاء بالتزوير إلى أن أقوال شاهديهما لا تكفي لنفي ما أثبت بمحضر جلسة 2/ 11/ 1969 من أنهما حضرا وأقرا بطلبات المطعون عليه، غير أن الحكم أغفل الرد على المستندات التي قدماها للتدليل على عدم صحة ما أثبت أيضاً بمحضر الجلسة المذكور من أن محاميهما حضر بشخصه أمام محكمة طنطا الابتدائية في ذلك اليوم، وهي صور رسمية من محاضر جلسات في قضايا نظرت أمام محكمة زفتى الجزئية فثبت حضور محاميهما المذكور بشخصه في تلك القضايا مما يعيب الحكم بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أورد مضمون شهادة شاهدي الطاعنين، قرر أن الشاهد الثاني منهما لا يعرف شيئاً عن الواقعة ثم عرض لأقوال الشاهد الأول وأضاف قوله "إن أقوال هذا الشاهد لا تصلح دليلاً على نفي ما ثبت بمحضر جلسة 2/ 11/ 1969 من أن المستأنفين - الطاعنين - حضرا بها خصوصاً بعد أن قرر أنه لا يتذكر اليوم الذي حدثت فيه هذه الوقائع وأحال في إثبات ذلك إلى الشهادة الطبية الصادرة منه وهي بالإضافة إلى الشهادة السابقة عليها لا يعول عليها في الإثبات فعلى الرغم من أن المستأنفين قد ضمنا صحيفة استئنافهما إنكارهما للحضور بجلسة 2/ 11/ 1969 أمام محكمة أول درجة فلم يشيرا إلى أن ذلك يرجع إلى السبب الثابت بهاتين الشهادتين ولم يتقدما بهما ألا بعد حجز الدعوى للحكم لجلسة 25/ 5/ 1970 مرفقتين بطلب فتح باب المرافعة في 17/ 4/ 1970 للطعن بالتزوير وهو ما تستخلص منه المحكمة أن هاتين الشهادتين قد اصطنعنا لخدمة هذا الطعن ولم تصدرا من محررهما قبل رفع هذا الاستئناف وفي التاريخ الثابت بهما كما يزعم المستأنفان وجاراهما فيه الشاهدان. ومن ناحية أخرى فإن سير الخصومة في الدعوى أمام محكمة أول درجة وطلبات المستأنفين في الجلسات السابقة على جلسة 2/ 11/ 1969 ترشح لحصول الإقرار للمستأنف ضده - المطعون عليه - بالطلبات والثابت من محاضر الجلسات التي نظرت فيها الدعوى ودلالتها أن المدعى عليه الأول - الطاعن الأول - طلب أجلاً للصلح فأجابته المحكمة إلى ذلك وأجلت الدعوى لجلسة 5/ 10/ 1969 كطلب المدعى عليه الأول للصلح وبهذه الجلسة طلب الطرفان أجلاً لإتمام الصلح وهذا يقطع بأن المستأنفين لم يتمسكا بصورة عقد البيع أمام محكمة طنطا الكلية ثم أجلت الدعوى إلى جلسة 2/ 11/ 1969 وفيها أقر المدعى عليهما بطلبات المدعي ثم حجزت الدعوى للحكم لجلسة 16/ 11/ 1969 فلم يتقدم المدعى عليهما خلال فترة حجز الدعوى للحكم بأي مطعن على الإقرار الذي نسب إليهما في محضر الجلسة الأخير وهو ما تخلص منه المحكمة إلى أن الطعن بالتزوير لا سند له ويتعين لذلك القضاء برفضه"، وكانت القرائن سالفة الذكر التي استند إليها الحكم سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وتكفي لحمل قضائه برفض الادعاء بتزوير محضر الجلسة فلا يعيب هذا الحكم سكوته عن الرد على المستندات التي تمسك بها الطاعنان لتأييد الادعاء بالتزوير لأن في قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها، التعليل الضمني المسقط لدلالة هذه المستندات، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بالقصور يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على قضاء الحكم المطعون فيه برفض الادعاء بتزوير محضر جلسة 2/ 11/ 1969 على غير أساس متعين الرفض.
وحيث إن مبنى النعي بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ذلك أن الحكم قضى برفض الادعاء بتزوير محضر جلسة 2/ 11/ 1969 وبصحة عقد البيع ونفاذه في وقت واحد، دون أن يتيح لها فرصة لاستكمال دفاعها في موضوع الدعوى، مخالفاً بذلك نص المادة 44 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 التي تقضي بأن يكون الحكم برفض الادعاء بتزوير الورقة سابقاً على الحكم في موضوع الدعوى.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن المادة 44 من قانون الإثبات رقم 25 سنة 1968 تنص على أنه "إذا قضت المحكمة بصحة المحرر أو برده أو قضت بسقوط الحق في إثبات صحته أخذت في نظر موضوع الدعوى في الحال أو حددت لنظره أقرب جلسة" ومفاد ذلك أنه لا يجوز الحكم بصحة الورقة وفي الموضوع معاً، بل يجب أن يكون القضاء بصحة الورقة سابقاً على الحكم في موضوع الدعوى حتى لا يحرم الخصم الذي أخفق في إثبات تزوير الورقة من أن يقدم ما عسى أن يكون لديه من أوجه دفاع أخرى في الموضوع، ولا محل أمام صراحة النص وإطلاقه لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن الطاعنين قد أبديا دفاعهما في موضوع الدعوى، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى في الادعاء بالتزوير وفي موضوع الدعوى معاً يكون باطلاً بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.