أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 742

جلسة 23 من مارس سنة 1976

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس محكمة النقض وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم السعيد ذكرى وعثمان حسين عبد الله ومحمد صدقي العصار ومحمود عثمان درويش.

(146)
الطعن رقم 516 لسنة 42 القضائية

(1) استئناف "اعتبار الاستئناف كأن لم يكن". دفوع.
حضور المستأنف عليها بالجلسة الأولى المحددة لنظر الاستئناف قبل إعلانها بالصحيفة. تمسكها باعتبار الاستئناف كأن لم يكن قبل أن تناقش الموضوع، لعدم تكليفها بالحضور خلال ثلاثة أشهر من تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب. النعي بسقوط حقها في التمسك بهذا الدفع لتحدثها في الموضوع. لا محل له.
(2 و3) إعلان "تغيير الموطن". موطن.
(2) إلغاء الخصم موطنه الأصلي المختار دون إخطار خصمه. أثره. المادة 12/ 2 مرافعات.
(3) تمسك الطاعنة بأن المطعون عليها تعمدت عدم استلام إعلان صحيفة الاستئناف غشاً وتواطؤاً. عدم تقديم الدليل على ذلك إلى محكمة الموضوع. إغفال الحكم بحث هذا الدفاع. لا قصور.
(4) استئناف "اعتبار الاستئناف كأن لم يكن". بطلان. دفوع.
عدم تكليف المستأنف عليه بالحضور خلال ثلاثة أشهر من تقديم صحيفة الاستئناف إلى قلم الكتاب. جزاؤه. اعتبار الاستئناف كأن لم يكن. المادتان 70؛ 240 مرافعات. حضور المستأنف عليه. لا يسقط حقه في التمسك بهذا الجزاء ولا تتحقق به الغاية من الإجراء.
(5) تجزئة "أحوال التجزئة". استئناف. تعويض.
طلب الورثة تعويضهم عن وفاة مورثهم. موضوع قابل للتجزئة. صحة إعلان صحيفة الاستئناف لبعض الورثة في الميعاد. الحكم باعتبار الاستئناف كأن لم يكن بالنسبة لمن لم يعلن بالصحيفة في الميعاد القانوني. لا خطأ.
(6) مسئولية "مسئولية تقصيرية". تعويض.
مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة. قيامها على خطأ مفترض في جانب المتبوع لا يقبل إثبات العكس. تتحقق المسئولية كلما كان فعل التابع قد وقع منه أثناء تأدية الوظيفة. أو كلما استغل وظيفته أو ساعدته أو هيأت له بأية طريقة فرصة ارتكابه. لا عبرة للباعث على ارتكاب الفعل. أو علم المتبوع بوقوع الخطأ من عدمه.
1 - إذ كان الثابت أن صحيفة الاستئناف قدمت إلى قلم الكتاب في 29/ 4/ 1971 وطلبت الطاعنة إعلان المستأنف عليهم الثلاثة الأول - المطعون عليهم الثلاثة - في الموطن المبين بصحيفة دعواهم وتم إعلان المطعون عليهما الأولين في 6/ 5/ 1971، أما المطعون عليها الثالثة عن نفسها وبصفتها فلم تعلن لأنها لا تقيم بهذا الموطن فأعلنتها الطاعنة بالصحيفة في 8/ 12/ 1971 في مواجهة النيابة غير أنها حضرت بجلسة 18/ 10/ 1971 المحددة لنظر الاستئناف أي قبل إعلانها بالصحيفة ودفعت قبل أن تتعرض للموضوع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم تكليفها بالحضور في خلال ثلاثة أشهر من تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب، كما قدمت مذكرة بذات الجلسة تمسكت فيها بالدفع قبل أن تناقش الموضوع لما كان ذلك فإن النعي - بأن المطعون عليها الثالثة حضرت بالجلسة الأولى وتحدثت في الموضوع مما يسقط حقها في التمسك بالدفع - يكون غير صحيح.
2 - تنص المادة 12/ 2 من قانون المرافعات على أنه إذا ألغى الخصم موطنه الأصلي أو المختار ولم يخبر خصمه بذلك صح إعلانه فيه وتسليم الصورة عند الاقتضاء إلى جهة الإدارة طبقاً للمادة السابقة، وإذ كان الثابت أن المطعون عليها الثالثة لم تعلن بصحيفة الاستئناف في موطنها الأصلي ولم تسلم صورة الإعلان إلى جهة الإدارة عملاً بنص الفقرة سالفة الذكر، بل قامت الطاعنة بإعلانها للنيابة في 8/ 12/ 1971 أي بعد أكثر من ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب، فإن النعي - بأن المطعون عليها الثالثة قد غيرت موطنها الأصلي ولم تخبر الطاعنة بهذا التغيير - يكون على غير أساس.
3 - متى كانت الأوراق قد خلت من أن الشركة الطاعنة قدمت لمحكمة الموضوع الدليل على أن المطعون عليها الثالثة تعمدت عدم استلام إعلان صحيفة الاستئناف غشاً وتواطؤاً مع المطعون عليهما الأولين وكانت المحكمة غير ملزمة بتكليف الخصم بتقديم الدليل على دفاعه، فإنه لا محل للنعي على الحكم بالقصور إذا أغفل التحدث عن هذا الدفاع.
4 - ميعاد ثلاثة الأشهر المنصوص عليه في المادة 70 من قانون المرافعات التي أحالت إليها المادة 240 الواردة في باب الاستئناف من هذا القانون، هو ميعاد حضور بصريح النص، ويترتب على عدم تكليف المستأنف عليه بالحضور خلال هذا الميعاد اعتبار الاستئناف كأن لم يكن، فإن المستأنف إذا لم يقم بتكليف المستأنف عليه بالحضور إلا بعد فوات الميعاد المذكور وحضر المستأنف عليه، فإن حضوره لا يسقط حقه في طلب توقيع الجزاء المنصوص عليه في هذه المادة، ولما كان البطلان الذي يزول بحضور المعلن إليه عملاً بالمادة 114 من قانون المرافعات القائم المقابلة للمادة 140 من قانون المرافعات السابق - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إنما هو بطلان أوراق التكليف بالحضور الناشئ عن عيب في الإعلان أو في بيان المحكمة أو تاريخ الجلسة أما البطلان الناشئ عن عدم مراعاة المواعيد المقررة لرفع وإعلان الطعن في الأحكام فلا تسري عليه هذه المادة وكان لا محل للتحدي بأن الغاية قد تحققت من الإجراء بحضور المطعون عليها الثالثة بالجلسة عملاً بالمادة 20 من قانون المرافعات ذلك أن اعتبار الاستئناف كأن لم يكن هو جزاء نص عليه المشرع لعدم إعلان صحيفة الاستئناف خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديمها إلى قلم الكتاب ومجرد فوات هذا الميعاد دون اتخاذ هذا الإجراء يقطع في عدم تحقق الغاية منه، وقد قرر المشرع ذلك الجزاء لمصلحة المستأنف عليه حتى يتفادى ما يترتب على تراخى المستأنف في إعلان الاستئناف من إطالة الأثر المترتب على تقديم صحيفته لقلم الكتاب ويتحتم على المحكمة أن توقع الجزاء المذكور في حالة طلبه من صاحب المصلحة ولا يكون لها خيار فيه ما لم يتنازل عن طلب توقيعه.
5 - متى كانت الدعوى قد رفعت من المطعون عليهم الثلاثة الأول للمطالبة بالتعويض عما لحقهم من أضرار مادية وأدبية نتيجة فقد مورثهم، فإن موضوع النزاع على هذه الصورة يكون قابلاً للتجزئة، ولا يقبل قول الطاعنة إنه يكفي أن إعلان الاستئناف قد تم صحيحاً في الميعاد للمطعون عليهما الأولين ليكون قد تم بالنسبة للمطعون عليهما الثالثة ولو كان بعد الميعاد حتى يمتنع الحكم باعتبار الاستئناف كأن لم يكن بالنسبة لها، إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وقضى باعتبار الاستئناف كأن لم يكن بالنسبة إلى المطعون عليها الثالثة فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله.
6 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة [(1)] أن القانون المدني إذ نص في المادة 174/ 1 منه على أن يكون المتبوع مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعاً منه في حال تأدية وظيفته أو بسببها قد أقام هذه المسئولية على خطأ مفترض في جانب المتبوع فرضاً لا يقبل إثبات العكس مرجعه سوء اختياره لتابعه أو تقصيره في رقابته وإن القانون إذ حدد نطاق هذه المسئولية بأن يكون العمل الضار غير المشروع واقعاً من التابع حال تأدية الوظيفة أو بسببها لم يقصد أن تكون المسئولية مقصورة على خطأ التابع وهو يؤدي عملاً من أعمال وظيفته أو أن تكون الوظيفة هي السبب المباشر لهذا الخطأ أو أن تكون ضرورية لإمكان وقوعه بل تتحقق المسئولية أيضاً كلما كان فعل التابع قد وقع منه أثناء تأدية الوظيفة، أو كلما استغل وظيفته أو ساعدته هذه الوظيفة على إتيان فعله غير المشروع أو هيأت له بأية طريقة كانت فرصة ارتكابه، سواء ارتكبه التابع لمصلحة المتبوع أو عن باعث شخصي، سواء كان الباعث الذي دفعه إليه متصلاً بالوظيفة أولاً علاقة له بها وسواء وقع الخطأ بعلم المتبوع أو بغير علمه. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أطرح دفاع الشركة الطاعنة الخاص بأن تابعها اختلس الجرار في غفلة منها وارتكب به الحادث، وأن مورث المطعون عليهم الثلاثة الأولين ساهم بخطئه في وقوعه، واعتبر الحكم الشركة مسئولة عن تعويض الضرر الذي تسبب فيه تابعها لأنه لم يكن ليستطيع أن يقود الجرار ويصدم به مورث المطعون عليهم لو لم يكن يعمل لدى هذه الشركة في المنطقة التي يوجد بها الجرار، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليهم الثلاثة الأول أقاموا الدعوى رقم 10192 سنة 1970 مدني القاهرة الابتدائية ضد شركة مصر لأعمال الأسمنت المسلح - الطاعنة - وشركة النصر لصناعة السيارات - المطعون عليها الأخيرة - طلبوا فيها الحكم بإلزامها بأن يؤديا لهم بالتضامن فيما بينهما مبلغ 12000 جنيه وقالوا بياناً لدعواهم إنه بتاريخ 21/ 9/ 1969 كان السائق.... يقود جراراً داخل مصنع الشركة المطعون عليها الأخيرة وصدم مورثهم المرحوم.... وهو ابن المطعون عليهما الأول والثانية وزوج المطعون عليها الثالثة ووالد القصر المشمولين بوصايتها فأحدث به إصابات أودت بحياته وحرر عن الواقعة المحضر رقم 3965 سنة 1969 جنح حلوان وقدم السائق إلى المحاكمة الجنائية وقضى عليه بالعقوبة وأصبح الحكم نهائياً، وقد أصابتهم بفقد مورثهم وهو عائلهم الوحيد أضراراً مادية وأدبية يقدرونها بمبلغ 12000 جنيه، وإذ تسأل الشركة الطاعنة والشركة المطعون عليها الأخيرة، عن هذه الأضرار عملاً بنص المادة 174 من القانون المدني لأن السائق المذكور تابع لهما وقد ارتكب الحادث أثناء تأدية وظيفته وبسببها، فقد أقاموا الدعوى للحكم لهم بطلباتهم. وفي 30/ 3/ 1971 حكمت المحكمة بإخراج الشركة المطعون عليها الأخيرة من الدعوى وبإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدي إلى المطعون عليها الأول والثانية مبلغ 1000 جنيه مناصفة بينهما وللثالثة عن نفسها مبلغ 500 جنيه وبصفتها وصية على أولادها القصر مبلغ 2000 جنيه بالسوية بينهم. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 2085 سنة 88 ق مدني القاهرة ودفعت المطعون عليها الثالثة عن نفسها وبصفتها باعتبار الاستئناف كأن لم يكن، وبتاريخ 22/ 5/ 1972 حكمت المحكمة بقبول هذا الدفع بالنسبة للمطعون عليها المذكورة وبرفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للمطعون عليهما الأولين. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول والشق الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وتقول بياناً لذلك إن الحكم قضى باعتبار الاستئناف كأن لم يكن بالنسبة للمطعون عليها الثالثة عن نفسها وبصفتها تأسيساً على أن صحيفة الاستئناف لم تعلن إليها خلال ثلاثة أشهر من تقديمها إلى قلم الكتاب في حين أن الطاعنة وجهت الإعلان إلى المطعون عليها الثالثة خلال هذا الميعاد في الموطن الذي حددته هي وباقي المطعون عليهم في صحيفة دعواهم إلا أنها غيرت موطنها المذكور ولم تخبر الطاعنة بهذا التغيير، ثم أعلنتها الطاعنة في مواجهة النيابة العامة، وقد تعمدت المطعون عليها المذكورة عدم استلام الإعلان غشاً منها وتواطؤاً مع باقي المطعون عليهم لتفويت الميعاد ولا يصح أن تستفيد من هذا الغش، ومع ذلك فقد حضرت بالجلسة الأولى المحددة لنظر الاستئناف وتحدثت في الموضوع فتحقق الغرض من الإعلان بصحيفة الاستئناف مما يسقط حقها في التمسك بالدفع المذكور طبقاً للمادتين 20، 114 من قانون المرافعات، هذا إلى أن أساس الدعوى واحد لا يقبل التجزئة وأعلن المطعون عليهما الأول والثاني في الميعاد فلا يجوز الحكم باعتبار الاستئناف كأن لم يكن بالنسبة للمطعون عليها الثالثة، وقد أبدت الطاعنة هذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف غير أنها أغفلت الرد عليه وقضت بقبول الدفع بالنسبة للمطعون عليها الثالثة، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أنه لما كان الثابت أن صحيفة الاستئناف قدمت إلى قلم الكتاب في 29/ 4/ 1971 وطلبت الطاعنة إعلان المستأنف عليهم الثلاثة الأول - المطعون عليهم الثلاثة الأول - في الموطن المبين بصحيفة دعواهم وتم إعلان المطعون عليهما الأولين في 6/ 5/ 71 أما المطعون عليها الثالثة عن نفسها وبصفتها فلم تعلن لأنها لا تقيم بهذا الموطن فأعلنتها الطاعنة بالصحيفة في 8/ 12/ 1971 في مواجهة النيابة غير أنها حضرت بجلسة 18/ 10/ 1971 المحددة لنظر الاستئناف أي قبل إعلانها بالصحيفة، ودفعت قبل أن تتعرض للموضوع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم تكليفها بالحضور في خلال ثلاثة أشهر من تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب كما قدمت مذكرة بذات الجلسة تمسكت فيها بالدفع قبل أن تناقش الموضوع، وكان لا وجه لاستناد الطاعنة إلى أن المطعون عليها الثالثة غيرت موطنها الأصلي ولم تخبرها بهذا التغيير طبقاً لنص المادة 12/ 2 من قانون المرافعات ذلك أن هذه الفقرة تنص على أنه إذا ألغى الخصم موطنه الأصلي أو المختار ولم يخبر خصمه بذلك صح إعلانه فيه وتسلم الصورة عن الاقتضاء إلى جهة الإدارة طبقاً للمادة السابقة والثابت أن المطعون عليها الثالثة لم تعلن بصحيفة الاستئناف في موطنها الأصلي ولم تسلم صورة الإعلان إلى جهة الإدارة عملاً بنص الفقرة سالفة الذكر بل قامت الطاعنة بإعلانها للنيابة في 8/ 12/ 1971 أي بعد أكثر من ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم صحيفة الاستئناف إلى قلم الكتاب، وكانت الأوراق قد خلت من أن الشركة الطاعنة قدمت لمحكمة الموضوع الدليل على أن المطعون عليها الثالثة تعمدت عدم استلام الإعلان غشاً وتواطؤاً مع المطعون عليهما الأولين، وكانت المحكمة غير ملزمة بتكليف الخصم بتقديم الدليل على دفاعه مما لا محل معه للنعي على الحكم بالقصور إذا أغفل التحدث عن هذا الدفاع، وكان ميعاد ثلاثة الأشهر المنصوص عليه في المادة 70 من قانون المرافعات التي أحالت إليها المادة 240 الواردة في باب الاستئناف من هذا القانون، هو ميعاد حضور بصريح النص، ويترتب على عدم تكليف المستأنف عليه بالحضور خلال هذا الميعاد اعتبار الاستئناف كأن لم يكن، فإن المستأنف إذا لم يقم بتكليف المستأنف عليه بالحضور إلا بعد فوات الميعاد المذكور وحضر المستأنف عليه فإن حضوره لا يسقط حقه في طلب توقيع الجزاء المنصوص عليه في هذه المادة، وكان البطلان الذي يزول بحضور المعلن إليه عملاً بالمادة 114 من قانون المرافعات القائم المقابلة للمادة 140 من قانون المرافعات السابق - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إنما هو بطلان أوراق التكليف بالحضور الناشئ عن عيب في الإعلان أو في بيان المحكمة أو تاريخ الجلسة أما البطلان الناشئ عن عدم مراعاة المواعيد المقررة لرفع وإعلان الطعن في الأحكام فلا تسري عليه هذه المادة، وكان لا محل للتحدي بأن الغاية قد تحققت من الإجراء بحضور المطعون عليها الثالثة بالجلسة عملاً بالمادة 20 من قانون المرافعات ذلك أن اعتبار الاستئناف كأن لم يكن هو جزاء نص عليه المشرع لعدم إعلان صحيفة الاستئناف خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديمها إلى قلم الكتاب، ومجرد فوات هذا الميعاد دون اتخاذ هذا الإجراء يقطع في عدم تحقق الغاية منه، وقد قرر المشرع ذلك الجزاء لمصلحة المستأنف عليه حتى يتفادى ما يترتب على تراخي المستأنف في إعلان الاستئناف من إطالة الأثر المترتب على تقديم صحيفته لقلم الكتاب ويتحتم على المحكمة أن توقع الجزاء المذكور في حالة طلبه من صاحب المصلحة، ولا يكون لها خيار فيه ما لم يتنازل عن طلب توقيعه، ولما كانت الدعوى قد رفعت من المطعون عليهم الثلاثة الأول للمطالبة بالتعويض عما لحقهم من أضرار مادية وأدبية نتيجة فقد مورثهم فإن موضوع النزاع على هذه الصورة يكون قابلاً للتجزئة ولا يقبل قول الطاعنة إنه يكفي أن يكون إعلان الاستئناف قد تم صحيحاً في الميعاد للمطعون عليهما الأولين ليكون قد تم بالنسبة للمطعون عليها الثالثة ولو كان بعد الميعاد حتى يمتنع الحكم باعتبار الاستئناف كأن لم يكن بالنسبة لها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وقضى باعتبار الاستئناف كأن لم يكن بالنسبة إلى المطعون عليها الثالثة، فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني والشق الثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، ذلك أن الحكم ألزمها بالتعويض تأسيساً على أن العامل الذي كان يقود الجرار وهو تابعها ما كان يستطيع ارتكاب الخطأ لولا وظيفته بالشركة، يستوي في ذلك أن يكون قد جاوز حدود هذه الوظيفة أو استغلها أو أساء استعمال سلطته فيها، في حين أن هذا العامل يشتغل براداً ولا يدخل في عمله قيادة الجرار وإنما اختلسه في غفلة منها وارتكب به الحادث كما أن مورث المطعون عليهم شارك بخطئه في وقوعه، لأنه كان يعلم بخروج العامل المذكور عن حدود وظيفته، ومع ذلك اتصل به وعرض نفسه لنتائج خطئه فلا تسأل الشركة عن ذلك، وقد تمسكت بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع غير أن الحكم المطعون فيه قضى عليها بالتعويض دون أن يعني بالرد على دفاعها مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القانون المدني إذ نص في المادة 174/ 1 منه على أن "يكون المتبوع مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعاً منه في حالة تأدية وظيفته أو بسببها"، قد أقام هذه المسئولية على خطأ مفترض في جانب المتبوع فرضاً لا يقبل إثبات العكس مرجعه سوء اختياره لتابعه أو تقصيره في رقابته وأن القانون إذ حدد نطاق هذه المسئولية بأن يكون العمل الضار غير المشروع واقعاً من التابع "حالة تأدية الوظيفة أو بسببها" لم يقصد أن تكون المسئولية مقصورة على خطأ التابع وهو يؤدي عملاً من أعمال وظيفته أو أن تكون الوظيفة هي السبب المباشر لهذا الخطأ أو أن تكون ضرورية لإمكان وقوعه بل تتحقق المسئولية أيضاً كلما كان فعل التابع قد وقع منه أثناء تأدية الوظيفة أو كلما استغل وظيفته أو ساعدته هذه الوظيفة على إتيان فعله غير المشروع أو هيأت له بأية طريقة كانت فرصة ارتكابه سواء ارتكبه التابع لمصلحة المتبوع أو عن باعث شخصي وسواء كان الباعث الذي دفعه إليه متصلاً بالوظيفة أو لا علاقة له بها، وسواء وقع الخطأ بعلم المتبوع أو بغير علمه، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعنة الذي أثارته بسبب النعي في قوله "إن القاعدة هي أن يقع الخطأ من التابع وهو يقوم بعمل من أعمال وظيفته أو بسبب هذه الوظيفة فالفعل الذي اقترفه المتهم ما كان يستطيع ارتكابه أو ما كان يفكر في ارتكابه لولا وظيفته بالشركة ويستوي أن يتحقق ذلك عن طريق إساءة استعمال الوظيفة أو استغلالها ويستوي كذلك أن يكون خطأ التابع قد أمر به المتبوع أو لم يأمر به علم به أو لم يعلم عارض فيه أو لم يعارض، قصد التابع به خدمة متبوعه أو اندفع للخطأ بحافز شخصي، وعلى ذلك يكون طلب الشركة الطاعنة إحالة الدعوى إلى التحقيق في غير محله وخليقاً بالرفض، وبالنسبة لقول الشركة أن المجني عليه قد أسهم في وقوع الحادث فهو - أيضاً - قول مرسل لم يثبت بدليل من الأوراق ولم تكشف عنه تحقيقات الجنحة التي انتهت بإدانة المتهم السائق بحكم جنائي نهائي أثبت في حقه الخطأ الذي تسبب عنه الضرر الموجب للتعويض الأمر الذي يتعذر معه معاودة بحث الخطأ من جديد أمام القضاء المدني" مما مفاده أن الحكم أطرح دفاع الشركة الطاعنة الخاص بأن تابعها اختلس الجرار في غفلة منها وارتكب به الحادث وأن مورث المطعون عليهم الثلاثة الأولين ساهم بخطئه في وقوعه، واعتبر الحكم الشركة مسئولة عن تعويض الضرر الذي تسبب فيه تابعها لأنه لم يكن ليستطيع أن يقود الجرار ويصدم به مورث المطعون عليهم لو لم يكن يعمل لدى هذه الشركة في المنطقة التي يوجد بها الجرار، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] نقض 1/ 6/ 1971 مجموعة المكتب الفني السنة 22 ص 719.