أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 752

جلسة 24 من مارس سنة 1976

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد المهدي، سعد الشاذلي، حسن مهران حسن، ومحمد الباجوري.

(147)
الطعنان رقما 588 و590 لسنة 40 القضائية

(1) إيجار "إيجار الأماكن". خبرة. حكم "تسبيبه".
ندب خبير للاطلاع على ملف عقار بمأمورية الإيرادات لبيان ما إذا كان المؤجر قد أقام طعناً في قرار لجنة التقدير. واقعة مادية لا تنطوي على فصل في مسألة قانونية. جواز الاستعانة فيها بخبير.
(2) إيجار "إيجار الأماكن".
تحديد الأجرة طبقاً للمادة 2 من القانون 7 لسنة 1965. تحديد حكمي. قيامه مقام تقدير لجان تقدير الإيجارات. سريانه بأثر رجعي من وقت التعاقد.
(3) اختصاص "اختصاص ولائي" إيجار "إيجار الأماكن".
التظلمات التي كانت معروضة على مجالس المراجعة وقت صدور القانون رقم 7 لسنة 1965. اختصاص المحاكم بالفصل في اعتبارها مقبولة من الناحية الشكلية. لا اختصاص لمجالس المراجعة. في ذلك رغم عدم إلغائها.
(4) إيجار "إيجار الأماكن". محكمة الموضوع. نقض.
اعتبار التعديلات في جزء من مبنى قديم تعديلات جوهرية. الجدل في اعتبار هذه التعديلات غير جوهرية. موضوعي. عدم جواز طرحه على محكمة النقض.
(5) إيجار "إيجار الأماكن".
الأجرة التي تتخذ أساساً للتخفيض بنسبة 35% ق 7 لسنة 1965. هي الأجرة الأصلية المتعاقد عليها قبل أي تخفيض يكون قد أجرى عليها.
(6، 7) إثبات. إيجار "إيجار الأماكن". نظام عام.
(6) تحديد أجرة المساكن من مسائل النظام العام. التحايل على زيادة هذه الأجرة. جواز إثباته بكافة سبل الإثبات.
(7) تقدير الأجرة طبقاً لأحكام ق 46 لسنة 1962. وجوب إضافة ما يخص العين المؤجرة من ضرائب عقارية أو إضافية إلى قيمتها الإيجارية. اعتبارها أحد عناصرها.
(8) دعوى "حكم. الطعن في الحكم". نقض. إيجار.
طلب المؤجر إضافة رسم الشاغلين ضمن الضرائب الإضافية التي يلتزم بها المستأجر إغفال الحكم الفصل فيه. وجوب الرجوع إلى نفس المحكمة لنظر الطلب والفصل فيه. عدم صلاحيته سبباً للطعن بالنقض.
1 - يجوز للقاضي أن يستعين بالخبراء في المسائل التي يستلزم الفصل فيها استيعاب النقاط الفنية التي لا تشملها معارفه والوقائع المادية التي قد يشق عليه الوصول إليها دون المسائل القانونية التي يفترض فيه العلم بها. وإذ كانت المهمة التي نيطت بالخبير المنتدب هي الانتقال إلى مأمورية الإيرادات للاطلاع على الملف الخاص بعقار النزاع - وبيان ما إذا كان قد أقيم طعن من المؤجر في قرار تقدير الإيجارات وهي واقعة مادية محضة لا تنطوي بأي حال على الفصل في المسألة القانونية التي استخلصتها المحكمة بنفسها مقررة أن الطعن مقام في الميعاد القانوني دون مدخل للخبير في ذلك، فإنه لا يعيب الحكم سلوك هذا السبيل.
2 - مفاد نص المادة الثانية من القانون رقم 7 لسنة 1965 في شأن تخفيض إيجار الأماكن أن حالات المباني الخاضعة لأحكام القانون رقم 46 لسنة 1962 والتي كانت لا تزال معروضة عند صدور القانون رقم 7 لسنة 1965 سواء أمام لجان التقدير أو مجالس المراجعة ولم يكن قد صدر في شأنها تقدير نهائي غير قابل للطعن وتكون فيها أجرة متعاقد عليها بإرادة الطرفين الحرة قبل صدور قرار اللجنة، فإنه يتم تحديد الأجرة القانونية لها على أساس الأجرة المتعاقد عليها مع تخفيضها بالنسبة المقررة فيه، على أن يقوم هذا التحديد الحكمي للأجرة مقام تقدير اللجان ويكون له أثر رجعي من وقت التعاقد.
3 - لئن كان تقدير لجان تقدير الإيجارات يعتبر نهائياً حتى ولو رفع عنه طعن أمام مجلس المراجعة لم يفصل فيه إذا لم تتوافر الشروط التي يتطلبها القانون لقبوله من الناحية الشكلية، إلا أن البت في تقرير عدم قانونية التظلم إنما ينعقد للمحاكم صاحبة الولاية العامة في جميع المنازعات إلا ما استثنى بنص خاص. يؤيد ذلك أن المشرع إنما استهدف بإصدار القانون رقم 7 لسنة 1965 وعلى ما جاء بمذكرته الإيضاحية علاج بطء عمل اللجان وتراكم الحالات المنظورة، وفي تقرير اختصاص مجالس المراجعة بالفصل في المسألة الشكلية المشار إليها مجافاة لحكمة التشريع لا يغير من ذلك أن القانون رقم 7 لسنة 1965 لم يلغ لجان التقدير ومجالس المراجعة لأن بقاءها بالنسبة لبعض الأماكن لا ينفي إلغاء اختصاصها الموضوعي في التقدير أو المراجعة بالنسبة للمباني المنوه عنها فيه والتي استعاض فيها المشرع عن تقدير اللجان بالتقدير الحكمي. كما استغنى عن فصل مجالس المراجعة بالتالي في التظلمات التي كانت معروضة عليه وقت صدور القانون. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد تصدى للفصل فيما إذا كان الطعن في قرار اللجنة مقبولاً من الناحية الشكلية وكان ذلك يندرج في نطاق ولايته فإن النعي يكون على غير أساس.
4 - تكييف التعديلات الحاصلة في جزء من مبنى قديم وإسباغ وصف التعديلات الجوهرية عليها بحيث تغير من طبيعة وطريقة استعماله وتؤثر على القيمة الإيجارية تأثيراً محسوساً وإن كان يعد تكييفاً قانونياً، إلا أنه يستند إلى تقدير واقعي. وإذ كان الحكم المطعون فيه اعتمد تقرير الخبير فيما يختص بالإصلاحات التي تمت في العين واعتبرها جوهرية غيرت من صفتها وطريقة استعمالها، وكان البين من ذلك التقرير أن التعديلات انصبت على تحويل شقة سكنية إلى محال تجارية بما استلزم خفض منسوب الغرف إلى منسوب الشارع وتوسيع فتحات المنافذ وجعلها أبواباً وهدم حوائط فإن هذه التعديلات تعتبر في حكم الإنشاءات وما يثيره الطاعن في شأن اعتبارها غير جوهرية لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في كفاية الدليل الذي اقتنعت به محكمة الموضوع لا يجوز طرحه على محكمة النقض.
5 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأجرة المتعاقد عليها والتي تتخذ أساساً للتخفيض بنسبة 35% وفق المادة الثانية من القانون رقم 7 لسنة 1965 هي الأجرة الأصلية التي تم الاتفاق عليها في العقد منذ بدء الإجارة وقبل أي تخفيض يكون قد أجرى عليها سواء كان هذا التخفيض طبقاً لقوانين تخفيض الأجرة المتتابعة أو طبقاً للقانون رقم 169 لسنة 1961 الخاص بالإعفاءات الضريبية.
6 - لئن كان تحديد أجرة المسكن هي من مسائل النظام العام التي نص المشرع على تأثيم مخالفة القواعد الواردة بشأنها، وكان التحايل على زيادة الأجرة مما يجوز إثباته بكافة سبل الإثبات، إلا أن ما ساقه الحكم من قول مرسل من اعتبار الأجرة المتعاقد عليها هي مبلغ.... جنيهاً وأن المؤجر قصد التحايل على قوانين التخفيض دون أن يبين ظروف الحال المبررة أو يثبت ما يدعو إلى هذا التحايل أو يورد البيانات التي استخلص منها صورية الاتفاق يعيبه فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون بالقصور في التسبيب.
7 - مفاد المادة الأولى من القانون رقم 46 لسنة 1962 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن ما يخص العين المؤجرة من ضرائب عقارية أو إضافية هي أحد عناصر الأجرة تضاف إلى القيمة الإيجارية.
8 - لئن كان حكم محكمة أول درجة قد أشار إلى طلب المؤجر إضافة الرسم الإيجاري على الشاغلين إلا أنه لم يحتسبه ضمن الضرائب الإضافية وكان الطاعن - المؤجر - قد أدرجه ضمن طلباته في الاستئناف إلا أن الحكم المطعون فيه قد أغفله ولم يفصل فيه. لما كان ذلك وكان إغفال المحكمة الحكم في طلب مقدم إليها ولم تعرض له في أسبابها يترتب عليه بقاؤه معلقاً أمامها وعلاج هذا الإغفال وفقاً لنص المادة 193 من قانون المرافعات يكون الرجوع إلى نفس المحكمة لتستدرك ما فاتها الفصل فيه إن كان له وجه ومن ثم فلا يصلح سبباً للطعن بطريق النقض ويكون النعي في غير محله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعنين تتحصل في أن...... المؤجر - أقام على..... - المستأجر - الدعوى رقم 2261 سنة 1965 أمام محكمة القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 512 جنيهاً، 358 مليماً وقال شرحاً لها إنه أجر لذلك الأخير دكانين بمنزله.... بعقد مؤرخ 14/ 12/ 1961 بأجرة شهرية قدرها 31 جنيهاً، وإذ حددت لجنة تقدير الإيجارات بتاريخ 30/ 6/ 1963 أجرة تلك العين بمبلغ 8 جنيهات، 880 مليماً شهرياً، ولم يفصل في تظلمه أمام مجلس المراجعة حتى صدر القانون رقم 7 لسنة 1965 قاضياً بتخفيض الأجرة المتعاقد عليها بنسبة 35%، وامتنع المستأجر عن دفع فرق الإيجار من تاريخ سريان الإيجار في 1/ 1/ 1962 حتى 31/ 3/ 1965 بواقع 20 جنيهاً 150 مليماً مضافاً إليها الضرائب الأصلية والإضافية واستهلاك المياه، فقد أقام الدعوى بطلبه سالف البيان، دفع المستأجر بصيرورة قرار لجنة تقدير الإيجارات نهائياً قبل صدور القانون رقم 7 لسنة 1965، وبتاريخ 28/ 3/ 1966 حكمت المحكمة بإلزام المستأجر بأن يؤدي للمؤجر مبلغ 433 جنيهاً، 773 مليماً. استأنف المستأجر هذا الحكم بالاستئناف رقم 853 سنة 83 ق القاهرة طالباً إلغاءه، كما استأنف المؤجر بالاستئناف رقم 852 سنة 84 ق القاهرة طالباً تعديله إلى المبلغ المطالب به، وبعد ضم الاستئنافين قضت محكمة الاستئناف بتاريخ 16/ 11/ 1969 بندب أحد الخبراء لبيان تاريخ إنشاء العين المؤجرة، وما إذا كان قد أجريت بها تعديلات جوهرية تغير من طبيعتها وتاريخ الانتهاء منها وإيضاح الضرائب المستحقة، مع التحقق مما إذا كان قد أقيم طعن في قرار لجنة تقدير الإيجارات أم لا، وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت وبتاريخ 10/ 5/ 1970 فحكمت في موضوع الاستئناف رقم 853 سنة 83 ق بإلزام المستأجر بأن يدفع للمؤجر مبلغ 287 جنيهاً 522 مليماً، وفي الاستئناف رقم 852 سنة 84 برفضه. طعن المؤجر في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنه برقم 588 لسنة 40 ق، كما طعن فيه المستأجر وقيد طعنه رقم 590 لسنة 40 ق، وقدمت النيابة مذكرة في كل طعن أبدت فيها الرأي بنقض الحكم في طعن المؤجر وبرفضه في طعن المستأجر، وعرض الطعنان على المحكمة في غرفة مشورة ورأتهما جديرين بالنظر، وبالجلسة المحدد لنظرهما قررت المحكمة ضم طعن المستأجر إلى طعن المؤجر، والتزمت النيابة رأيها.
أولاً: عن الطعن رقم 590 سنة 40 ق:
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعن - المستأجر - بالوجه الأول من السبب الأول والوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقر ما ذهب إليه الخبير من وجود طعن من المؤجر في قرار لجنة تقدير الإيجارات بما يجعل قرارها غير نهائي استناداً إلى الأسباب الواردة بتقرير الخبير، في حين أنه ما كان ينبغي للمحكمة أن تكل إلى الخبير مسألة قانونية هي التحقق من وجود طعن أقيم في الميعاد متخلية بذلك عن مسألة أساسية يتعين عليها هي أن تتولى مهمة الفصل فيها، إذ يترتب عليها نهائية قرار اللجنة وامتناع تطبق أحكام القانون رقم 7 لسنة 1965 على واقعة الدعوى، هذا إلى أن الخبير لم يبين فحوى التظلم المقدم من المؤجر طعناً في قرار اللجنة ولا التأشيرات المثبتة عليه، وقد أغفل الحكم الرد على ما أثاره المستأجر أمام الخبير من أن التظلم المشار إليه محرر بالآلة الكاتبة ولا يحمل توقيعاً، ولذلك يكون فاقد الحجية كورقة عرفية لا تستمد قيمتها إلا من التوقيع، ولا يغني عنه ما قيل بوجود تأشيرة من مجلس المراجعة في 26/ 8/ 1963، بالإضافة إلى أن المستأجر قدم شهادة رسمية صادرة من مأمورية الإيرادات تتضمن أن المؤجر لم يقدم سوى برقية يتظلم فيها من عدم صدور قرار اللجنة، الأمر الذي يقطع بأن تظلم المؤجر سالف الذكر قد دس على الملف في تاريخ لاحق لصدور القانون رقم 133 لسنة 1963 الذي شرط لقبوله أن يصحب بتأمين نقدي، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان يحق للقاضي أن يستعين بالخبراء في المسائل التي يستلزم الفصل فيها استيعاب النقاط الفنية التي لا تشملها معارفه والوقائع المادية التي قد يشق عليه الوصول إليها دون المسائل القانونية التي يفترض فيه العلم بها وكانت المهمة التي نيطت بالخبير المنتدب هي الانتقال إلى مأمورية الإيرادات للاطلاع على الملف الخاص بعقار النزاع وبيان ما إذا كان قد أقيم طعن من المؤجر في قرار لجنة تقدير الإيجارات، وهي واقعة مادية محضة لا تنطوي بأي حال على الفصل في المسألة القانونية التي استخلصتها المحكمة بنفسها مقررة أن الطعن مقام في الميعاد القانوني دون ما دخل للخبير في ذلك، فإنه لا يعيب الحكم سلوك هذا السبيل، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الخبير أثبت في تقريره أنه اطلع على سجل قيد تظلمات الملاك والمستأجرين من قرارات لجان تقدير الإيجارات بمحافظة القاهرة، ووجد تظلماً من المالك مؤرخاً 26/ 8/ 1963 مؤشراً عليه من سكرتارية مجلس المراجعة في ذات التاريخ أثبت نصه وأبرز أنه موقع عليه بإمضاء المؤجر وأنه لم يفصل فيه حتى صدور القانون رقم 7 لسنة 1965، كما قدم المؤجر إيصالاً يفيد تقديمه هذا التظلم وكان قول ممثل المستأجر أمام الخبير بأن التظلم محرر بالآلة الكاتبة لا يعني أنه خال من التوقيع، وكان المقرر أن اعتماد الحكم لتقرير الخبير يفيد أنه أخذ بما ورد به من أسباب وجعلها أسباباً له، فإنه لا محل لما ينعاه المستأجر في هذا الخصوص لما كان ما تقدم وكان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير الأدلة دون رقابة عليها من محكمة النقض، ودون أن تلزم بالرد استقلالاً على كل حجة للخصم وحسبها إقامة قضائها على ما يكفي لحمله، وكانت الشهادة التي يتذرع بها المستأجر بمقوله خلو سجل المطعون إلا من برقية يتظلم فيها المؤجر من تراخي لجنة تقدير الإيجارات في إصدار قرارها، فضلاً عن أنها تقيد أن إرسال البرقية كان سابقاً على صدور قرار اللجنة ومن ثم فلا صلة لها بالطعن منه فإنها لا تنهض دليلاً على أن المالك لم يتقدم بتظلمه في التاريخ المشار إليه على ما سلف البيان، لما كان ما سلف وكانت المحكمة غير ملزمة بالرد على كل دفاع يثيره الخصم، فإنه لا على الحكم إذا لم ترد على ما أثاره الطاعن من أن التظلم قد دس على ملف العقار أو لم يعرض للمستندات المشار إليها بسبب النعي، طالما أخذ بتقرير الخبير محمولاً على أسبابه، إذ أن في قيام الحقيقة التي اقتنع بها من وجود التظلم - التعليل الضمني - لإخراج القرينة التي ساقها المستأجر ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعن أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن قرار لجنة تقدير الإيجارات قد أصبح نهائياً بعدم الطعن عليه في الميعاد القانوني، وأنه يتعين الأخذ بالأجرة التي حددها ذلك القرار بحيث يمتنع تطبيق التقدير الحكمي الذي أحاله القانون رقم 7 لسنة 1965 محل التقدير الفعلي للجان، وقد ارتأى الحكم أن التظلم من المؤجر مقدم في الميعاد القانوني، مع إن الدفع المبدى من المستأجر نهائية القرار يثير - مسألة أولية لازمة للفصل في الدعوى تخرج عن ولاية المحكمة وتختص بها مجالس المراجعة التي ظلت قائمة رغم صدور القانون رقم 7 لسنة 1965، بحيث كان يتعين على المحكمة أن توقف الدعوى وتحدد للخصم الموجه إليه الدفع ميعاداً يستصدر فيه حكماً من مجلس المراجعة في الدفع، يؤيد ذلك أن المحاكم لم يكن لها قبل صدور القانون رقم 52 لسنة 1969 أي اختصاص بنظر الطعون في قرارات لجان التقدير، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة الثانية من القانون رقم 7 لسنة 1965 في شأن تخفيض إيجار الأماكن على أنه "تخفض بنسبة 35% الأجور المتعاقد عليها للأماكن الخاضعة لأحكام القانون رقم 46 لسنة 1962، والتي لم يكن قد تم تقدير قيمتها الإيجارية طبقاً لأحكام هذا القانون تقديراً نهائياً غير قابل للطعن فيه، وتعتبر الأجرة المخفضة طبقاً للفقرة السابقة تحديداً نهائياً غير قابل للطعن فيه للقيمة الإيجارية ويسري بأثر رجعي من بدء تنفيذ عقد الإيجار..."، يدل على أن حالات المباني الخاضعة لأحكام القانون رقم 46 لسنة 1962 والتي كانت لا تزال معروضة عند صدور القانون رقم 7 لسنة 1965 سواء أمام لجان التقدير أو مجالس المراجعة ولم يكن قد صدر في شأنها تقدير نهائي غير قابل للطعن وتكون فيها أجرة متعاقد عليها بإرادة الطرفين الحرة قبل صدور قرار اللجنة، فإنه يتم تحديد الأجرة القانونية لها على أساس الأجرة المتعاقد عليها مع تخفيضها بالنسبة المقررة فيه، على أن يقوم هذا التحديد الحكمي للأجرة مقام تقدير اللجان ويكون له أثر رجعي من وقت التعاقد ولئن كان تقدير اللجان يعتبر نهائياً حتى ولو رفع عنه طعن أمام مجلس المراجعة لم يفصل فيه إذا لم تتوافر الشروط التي يتطلبها القانون لقبوله من الناحية الشكلية إلا أن البت في تقرير عدم قانونية التظلم إنما ينعقد للمحاكم صاحبة الولاية العامة في جميع المنازعات، إلا ما استثنى بنص خاص، يؤيد ذلك أن - المشرع إنما استهدف بإصدار القانون رقم 7 لسنة 1965 - وعلى ما جاء بمذكرته الإيضاحية - علاج بطء عمل اللجان وتراكم الحالات المنظورة، وفي تقرير اختصاص مجالس المراجعة بالفصل في المسألة الشكلية المشار إليها مجافاة لمحكمة التشريع، لا يغير من ذلك أن القانون رقم 7 لسنة 1965 لم يلغ لجان التقدير ومجالس المراجعة لأن بقاءها بالنسبة لبعض الأماكن لا ينفي إلغاء اختصاصها الموضوعي في التقدير أو المراجعة بالنسبة للمباني المنوه عنها فيه، والتي استعاض فيها المشرع عن تقرير اللجان بالتقدير الحكمي، كما استغنى عن فصل مجالس المراجعة بالتالي في التظلمات التي كانت معروضة عليه وقت صدور القانون، لما كان ما تقدم وكان المطعون فيه قد تصدى للفصل فيما إذا كان الطعن في قرار اللجنة مقبولاً من الناحية الشكلية، وكان ذلك مما يتدرج في نطاق ولايته فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في دفاعه بأن ما أحدثه المطعون عليه في العين لا يعد إنشاء لأماكن جديدة بل مجرد تحسينات اعتبرها الحكم أخذاً بتقرير الخبير تعديلات جوهرية، ورتب على ذلك قضاءه بخضوع العين للقانون رقم 46 لسنة 1962، في حين أن التعديلات الجوهرية هي التي تقلب كيان المبنى نفسه حتى يعتبر إنشاء يشكل عنصراً جوهرياً في التقدير، والبحث في ذلك ينصب على التكليف القانوني الخاضع لرقابة محكمة النقض.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن تكييف التعديلات الحاصلة في جزء من مبنى قديم وإسباغ وصف التعديلات الجوهرية عليها بحيث تغير من طبيعته وطريقة استعماله وتؤثر على القيمة الإيجارية تأثيراً محسوساً وإن كان يعد تكييفاً قانونياً إلا أنه يستند إلى تقدير واقعي. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه اعتمد تقرير الخبير فيما يختص بالإصلاحات التي تمت في العين واعتبرها جوهرية غيرت من صفتها وطريقة استعمالها وكان البين من ذلك التقرير أن التعديلات انصبت على تحويل شقة سكنية إلى محال تجارية بما استلزم خفض منسوب الغرفة إلى منسوب الشارع وتوسيع فتحات النوافذ وجعلها أبواباً وهدم حوائط، فإن هذه التعديلات تعتبر في حكم الإنشاءات، وما يثيره الطاعن في شأن اعتبارها غير جوهرية لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في كفاية الدليل الذي اقتنعت به محكمة الموضوع ولا يجوز طرحه على محكمة النقض ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض هذا الطعن برمته.
ثانياً: عن الطعن رقم 588 سنة 40 ق:
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعن - المؤجر - بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن الحكم اعتبر أن الأجرة المتعاقد عليها هي تلك التي اتفق عليها الطرفان بعد إتمام التغييرات الجوهرية وهي مبلغ 524.800 جنيهاً ويسري عليها التخفيض بمعدل 35% دون النفقات إلى ما زعمه المستأجر من أنها كانت بعد إجراء تخفيض عليها بواقع 20% إعمالاً لحكم القانون رقم 168 لسنة 1961 في حين أن المقصود بالأجرة المتعاقد عليها في خصوص تطبيق المادة الثانية من القانون رقم 7 لسنة 1965 هي الأجرة التي تم التعاقد عليها بإرادة الطرفين الحرة دون إجراء أي تخفيض عليها بمقتضى قوانين التخفيض السابقة، إذ هي وحدها التي يتصور فيها جنوح المؤجر إلى المغالاة في تحديدها دون مراعاة للأجرة المتفق عليها بعد إتمام التعديلات، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون. هذا ولا يشفع للحكم تقريره أن تخفيض الأجرة من 31 جنيه إلى 24.800 جنيه يخفي تحايلاً على القانون لأنه لم يرد دليلاً على الصورية مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأجرة المتعاقد عليها والتي تتخذ أساساً للتخفيض بنسبة 35% وفق المادة الثانية من القانون رقم 7 لسنة 1965 هي الأجرة الأصلية التي تم الاتفاق عليها في العقد منذ بدء الإجارة وقبل أي تخفيض يكون قد أجرى عليها سواء كان هذا التخفيض طبقاً لقوانين تخفيض الأجرة المتتابعة أو طبقاً للقانون رقم 169 لسنة 1961 الخاص بالإعفاءات الضريبية، ولما كان البين من مدونات الحكم أن الأجرة المتفق عليها بمحض إرادة الطرفين هي 31 جنيهاً وهي الواردة في كل من عقدي 1/ 9/ 1961، 14/ 12/ 1961 فإن الأصل وجوب اتخاذ هذه الأجرة أساساً لإجراء التخفيض دون ما اعتداد بما إذا كان قد اتفق عليها قبل أو بعد إتمام التعديلات الجوهرية ولئن كان تحديد أجرة المساكن هي من مسائل النظام العام التي نص المشرع على تأثير مخالفة القوانين الواردة بشأنها وكان التحايل على زيادة الأجرة مما يجوز إثباته بكافة سبل الإثبات، إلا أن ما ساقه الحكم من قول مرسل من اعتبار الأجرة المتعاقد عليها هي مبلغ 24.800 جنيهاً وأن المؤجر قصد التحايل على قوانين التخفيض دون أن يبين ظروف الحال أو يثبت ما يدعو إلى هذا التحايل أو يورد البيانات التي استخلص منها صورية الاتفاق يعيبه فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون بالقصور في التسبيب مما يتعين معه نقضه لهذا السبب على أن يكون مع النقض الإحالة.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني مخالفة القانون والقصور في التسبيب من وجهين (الأول) أن الحكم المطعون فيه رفض احتساب الضريبة الأصلية (العوايد) على عاتق المستأجر استناداً إلى أن تحديد الأجرة بمبلغ 16 جنيهاً و400 مليم مخفضة بنسبة 35% جعلها معفاة لأنها تقل عن خمسة جنيهات للوحدة الواحدة، في حين أن الأجرة الواجبة بعد التخفيض هي 20 جنيهاً و150 مليماً فلا يرد عليها الإعفاء المقرر بالقانون رقم 169 لسنة 1961، وإذ تقضي المادة الأولى من القرار رقم 1 لسنة 1961 في شأن تفسير بعض أحكام القانون رقم 56 لسنة 1954 بالضريبة على العقارات المبينة بأن المقصود بالقيمة الإيجارية المنصوص عليها في القانونين 129، 169 لسنة 1961 الإيجار المدون بدفاتر الحصر والتقدير والذي اتخذ أساساً لفرض الضريبة على العقارات المبينة، وكان الثابت أن الأجرة المدونة بدفاتر العقار هي المشار إليها فيما سلف وأنه مربوط عليها عوايد بمقدار جنيه و612 مليماً شهرياً يقوم المؤجر بسدادها، فإن الحكم يكون قد خالف القانون (الثاني) أن الطاعن طلب في الاستئناف المرفوع منه إضافة قيمة رسم الشاغلين غير أن الحكم المطعون فيه أغفل الفصل في هذا الطلب مما يجعله قاصر البيان.
وحيث إن النعي في محله أيضاً بالنسبة للوجه الأول. ذلك أنه لما كان مفاد المادة الأولى من القانون رقم 46 لسنة 1962 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن ما يخص العين المؤجرة من ضرائب عقارية أو إضافية هي أحقية عناصر الأجرة يضاف إلى القيمة الإيجارية، وكان الحكم المطعون فيه لم يحتسب الضريبة الأصلية على سند من أن أجرة وحدات المبنى تقل عن خمسة جنيهات فيشملها الإعفاء المشار إليه بالمادة الأولى من القرار بقانون رقم 169 لسنة 1961 وكان قضاء ذلك الحكم - وعلى ما جاء بالرد على السبب الأول من هذا الطعن - ينطوي على خطأ في تطبيق القانون فإنه يتعين نقض الحكم في خصوص هذا الوجه لما قد يترتب عليه من تغيير لوجهة النظر أمام محكمة الإحالة. والنعي مردود في وجهه الثاني، ذلك أنه وإن كان حكم محكمة أول درجة قد أشار إلى طلب المؤجر إضافة الرسم الإيجاري على الشاغلين إلا أنه لم يحتسبه ضمن الضرائب الإضافية، وكان الطاعن - المؤجر - قد أدرجه ضمن طلبات في الاستئناف إلا أن الحكم المطعون فيه قد أغفله ولم يفصل فيه، لما كان ذلك وكان إغفال المحكمة الحكم في طلب مقدم إليها ولم تعرض له في أسبابها يترتب عليه بقاؤه معلقاً أمامها، وعلاج هذا الإغفال وفقاً لنص المادة 193 من قانون المرافعات يكون الرجوع إلى نفس المحكمة لتستدرك ما فاتها الفصل فيه إن كان له وجه، ومن ثم فلا يصلح سبباً للطعن بطريق النقض، فإن النعي في هذا الوجه يكون في غير محله.