أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 764

جلسة 24 من مارس سنة 1976

برئاسة السيد المستشار: محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد المهدي، وسعد الشاذلي؛ والدكتور عبد الرحمن عياد؛ ومحمد الباجوري.

(148)
الطعن رقم 733 لسنة 40 القضائية

(1، 2، 3) إيجار "إيجار الأماكن":
(1) الأماكن التي أجرت لأول مرة في تاريخ لاحق على 18/ 9/ 1952 وكان البدء في إنشائها سابقاً على هذا التاريخ. تجديد أجرتها باتخاذ أجرة المثل في سبتمبر 1952 أساساً مع تخفيضها بمعدل 15%. العبرة بتاريخ البدء في الإنشاء لا بتاريخ إتمام المبنى. ق 199 لسنة 1952.
(2) الأماكن التي بدء في إنشائها قبل 18/ 9/ 1952 ولم تتم إلا بعد هذا التاريخ. تخفيض أجرتها بنسبة 15% حتى آخر يونيو 1958. ق 199 لسنة 1952. صيرورة هذه النسبة 20% من أول يوليو 1958 ق 55 لسنة 1958. عدم جواز الجمع بين كلا التخفيضين.
(3) الحكم بتخفيض الأجرة طبقاً للقانون 55 لسنة 1958 دون مراعاة لانطباق المرسوم بقانون 199 لسنة 1952 في الفترة السابقة عليه. تحجبه عن تمحيص دفاع المؤجر بأن الأجرة في العقد مخفضة بمعدل 15% عن أجرة المثل في سبتمبر سنة 1952 تطبيقاً للقانون 199 لسنة 1952 خطأ وقصور.
1 - مفاد نص المادة مكرراً (1) من قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 المضافة بالمرسوم بقانون رقم 199 لسنة 1952 والمادة 5 مكرراً (2) والمادة 5 مكرراً (3) - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - أن الأماكن التي تسري عليها هذه النصوص هي تلك التي كان البدء في إنشائها سابقاً على 18/ 9/ 1952 تاريخ العمل بها، دون اعتداد بتمام إنشائها وإعدادها للانتفاع وسواء كان ذلك بعد هذا التاريخ أو قبله، بمعنى إن العبرة هنا بتاريخ البدء في الإنشاء لا بتاريخ تمامه. وإذ كان الواقع في الدعوى باتفاق الأطراف المتداعين أن الشقة المؤجرة موضوع النزاع قد بدئ في إنشائها قبل التاريخ المشار إليه، فإن تحديد أجرتها يخضع للقواعد المنصوص عليها في المرسوم بقانون آنف الذكر، باتخاذ أجرة المثل في شهر سبتمبر سنة 1952 أساساً مع تخفيضها بمعدل 15%، طالما كان الثابت أن هذه العين أوجرت ولأول مرة في تاريخ لاحق للعمل بالمرسوم بقانون السالف.
2 - مؤدى نص المادة مكرراً (4) من قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 المضافة بموجب القانون رقم 55 لسنة 1958 أن يشمل نطاق تطبيقها - اعتباراً من تاريخ العمل بهذا القانون في 12/ 6/ 1958 - تلك الفئة من المباني التي بدئ في إنشائها قبل 18/ 9/ 1952 ولم تتم إلا بعد هذا التاريخ، ومن ثم فإنها تدخل في مجال تطبيق أحكام المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1952 وكذلك القانون رقم 55 لسنة 1958. وإذ كانت المذكرة الإيضاحية للقانون الأخير واضحة الدلالة على أن المقصود به تنظيم أجور الأماكن التي لم يشملها المرسوم بقانون السابق عليه بسبب إنشائها بعد تاريخ العمل به، ولا تفيد إرادة المشرع الجمع بين كلا التخفيضين المقررين بالقانونين فإن هذه الأمكنة تخضع لأحكام المرسوم بقانون رقم 199 لسنة 1952 فتخفض أجرتها بنسبة 15% حتى آخر يونيو 1958 ثم تصير نسبة التخفيض بمعدل 20% ابتداء من أول يونيو 1958 إعمالاً للقانون رقم 55 لسنة 1958.
3 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد أخضع أجرة العين المؤجرة للقانون رقم 55 لسنة 1958 دون مراعاة لانطباق المرسوم بقانون رقم 199 لسنة 1952 في الفترة السابقة عليه، وقد ترتب على هذا الخطأ أن حجب الحكم نفسه عن مناقشة ما ساقه الطاعنان من دفاع قوامه أنهما راعيا عند التعاقد أحكام المرسوم بقانون رقم 199 لسنة 1952 وأن الأجرة المثبتة في العقد مخفضة فعلاً بمعدل 15% عن أجرة المثل في شهر سبتمبر 1952، وهو دفاع جوهري قد يكون من شأن تمحيصه تغيير وجه الرأي في الدعوى، وكان لا يشفع لتبرير قضاء الحكم قوله إنه ثبت لديه أن هذا المرسوم بقانون الأخير لم يطبق فعلاً لأن هذه العبارة المرسلة لا يبين منها كيفية وصوله إلى هذه النتيجة ولا توضح أسانيد الترجيح لأدلة نفي حصول التخفيض واقعاً فعلاً، قاصر البيان، علاوة على الخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليه أقام على الطاعنين الدعوى رقم 7312 سنة 1969 مدني أمام محكمة القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بتخفيض الإيجار الوارد بالعقد وهو مبلغ 19 جنيه و550 مليم بنسبة 20% ليصبح 15 جنيه و640 مليم ابتداء من 1/ 2/ 1953 حتى أول يونيو سنة 1958 تاريخ صدور القانون 55 سنة 1958 ثم التخفيض بنسبة 20% ابتداء من شهر يونيو سنة 1958 حتى تاريخ الحكم في الدعوى ليصبح 12 جنيه و512 مليم؛ وقال شرحاً لها إنه بموجب عقد مؤرخ 1/ 12/ 1952 استأجر من الطاعن الأول الشقة رقم 3/ 2 أ بالعمارة رقم 33 شارع قصر النيل لاستعمالها عيادة وذلك بإيجار شهري منصوص عليه في العقد قدره 23 جنيهاً، وإذ كانت العين المؤجرة تخضع.... للقانون رقم 199 لسنة 1952، والقانون رقم 55 لسنة 1958 وامتنع الطاعن الأول عن تخفيضها، فقد أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان. وبتاريخ 11/ 5/ 1970 حكمت المحكمة بتخفيض الأجرة المنصوص عليها في عقد الإيجار المؤرخ 1/ 12/ 1952 إلى مبلغ 15 جنيه و640 مليم اعتباراً من أول يوليو سنة 1958 وإلى مبلغ 12 جنيه و512 مليم اعتباراً من 1/ 3/ 1965 حتى أول يوليو سنة 1968 ومن هذا التاريخ حتى الفصل في الدعوى إلى مبلغ 12 جنيه و366 مليم. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 2591 سنة 87 ق القاهرة طالبين إلغاءه، وبتاريخ 25/ 10/ 1970 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم أخرج العين المؤجرة محل النزاع من نطاق تطبيق المرسوم بقانون رقم 199 لسنة 1952 رغم ما خلص إليه من أن البدء في إنشائها كان قبل 18/ 9/ 1952 استناداً إلى أن أحكامه لا تسري إلا على المباني التي تم إنشاؤها فعلاً قبل ذلك التاريخ، في حين أن العبرة في تطبيق المرسوم بقانون المذكور هو تاريخ البدء في الإنشاء لا بتاريخ تمامه وفق ما يؤدي إليه مفهوم المخالفة لنص المادة 5 مكرراً (3) منه، وقد ترتب على ذلك أن أخضع الحكم الأجرة الواردة بعقد الإيجار للتخفيض المقرر بالقانون رقم 55 لسنة 1958 دون التفات إلى ما أثاره من دفع مبناه أنه روعي في تحديد الأجرة عند بدء التعاقد تخفيضها وفقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 199 لسنة 1952 مخفضة بنسبة 15% وهو دفاع جوهري يتغير به وجه الرأي في الدعوى، ويكون الحكم فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون قد شابه القصور.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن النص في المادة 5 مكرراً (1) من قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 المضاف بالمرسوم بقانون رقم 199 لسنة 1952 على أنه تخفض بنسبة 15% الأجور الحالية للأماكن التي أنشئت منذ أول يناير سنة 1944 وذلك ابتداء من الأجرة المستحقة عن شهر أكتوبر سنة 1952، في المادة 5 مكرراً (2) على أن تكون الأجرة بالنسبة للأماكن المذكورة في المادة السابقة - إذا لم يكن قد سبق تأجيرها - على أساس أجرة المثل عند العمل بهذا القانون مخفضة بنسبة 15%، وفي المادة 5 مكرراً (3) على أنه لا يسري الخفض المشار إليه في المادتين السابقتين على ما يأتي: أولاً - المباني التي يبدأ في إنشائها بعد العمل بهذا القانون.....، يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن الأماكن التي تسري عليها هذه النصوص هي تلك التي كان البدء في إنشائها سابقاً على 18/ 9/ 1952 تاريخ العمل بها، دون اعتداد بتمام إنشائها وإعدادها للانتفاع وسواء كان ذلك بعد هذا التاريخ أو قبله، بمعنى أن العبرة هنا بتاريخ البدء في الإنشاء لا بتاريخ تمامه. ولما كان الواقع في الدعوى باتفاق الأطراف المتداعين أن الشقة المؤجرة موضوع النزاع قد بدئ في إنشائها قبل التاريخ المشار إليه، فإن تحديد أجرتها يخضع للقواعد المنصوص عليها في المرسوم بقانون آنف الذكر، باتخاذ أجرة المثل في شهر سبتمبر سنة 1952 أساساً مع تخفيضها بمعدل 15%، طالما كان الثابت أن هذه العين أوجرت ولأول مرة في تاريخ لاحق للعمل بأحكام المرسوم بقانون السالف. لما كان ذلك وكان مؤدى ما تنص عليه المادة 5 مكرراً (4) من قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 المضافة بموجب القانون رقم 55 لسنة 1958 من أنه تخفض بنسبة 10% من الأجور الحالية للأماكن التي أنشئت منذ 18/ 9/ 1952 وذلك ابتداء من الأجرة المستحقة عن شهر يوليو 1958 والمقصود بالأجرة الحالية في أحكام هذه المادة الأجرة التي كان يدفعها المستأجر خلال سنة سابقة على تاريخ العمل بهذا القانون، أو الأجرة الواردة في عقد الإيجار أيهما أقل. وإذا كان المكان المؤجر لم يكن قد سبق تأجيره يكون التخفيض بالنسبة المتقدمة على أساس أجرة المثل عند العمل بأحكام هذا القانون وتعتبر الأماكن المنشأة في التاريخ المشار إليه في هذه المادة إذا كان قد انتهى البناء فيها وأعدت للسكنى فعلاً في تاريخ 18/ 9/ 1952 أو بعده.. أن يشمل نطاق تطبيقها - اعتباراً من تاريخ العمل بهذا القانون في 12/ 6/ 1958 - تلك الفئة من المباني التي بدئ في إنشائها قبل 18/ 9/ 1952 ولم تتم إلا بعد هذا التاريخ ومن ثم فإنها تدخل في مجال تطبيق أحكام المرسوم بقانون رقم 199 لسنة 1952 - على ما سلف بيانه - وكذلك القانون رقم 55 لسنة 1958. وإذ كانت المذكرة الإيضاحية للقانون الأخير واضحة الدلالة على أن المقصود به تنظيم أجور الأماكن التي لم يشملها المرسوم بقانون السابق عليه بسبب إنشائها بعد تاريخ العمل به، ولا تفيد إرادة المشروع الجمع بين كلا التخفيضين المقررين بالقانونين فإن هذه الأمكنة تخضع لأحكام المرسوم بقانون رقم 199 لسنة 1952 فتخفض أجرتها بنسبة 15% حتى آخر يونيو 1958 ثم تصير نسبة التخفيض بمعدل 20% ابتداء من أول يوليو 1958 إعمالاً للقانون رقم 55 لسنة 1958، لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد أخضع أجرة العين المؤجرة للقانون رقم 55 لسنة 1958 دون مراعاة لانطباق المرسوم بقانون رقم 199 لسنة 1952 في الفترة السابقة عليه، وقد ترتب على هذا الخطأ أن حجب الحكم نفسه عن مناقشة ما ساقه الطاعنان من دفاع قوامه أنهما راعيا عند التعاقد أحكام المرسوم بقانون رقم 199 لسنة 1952 وأن الأجرة المثبتة في العقد مخفضة فعلاً بمعدل 15% عن أجرة المثل في شهر سبتمبر 1952، وهو دفاع جوهري قد يكون من شأن تمحيصه تغيير وجه الرأي في الدعوى، لما كان ما سلف وكان لا يشفع لتبرير قضاء الحكم قوله إنه ثبت لديه أن هذا المرسوم بقانون الأخير لم يطبق فعلاً، لأن هذه العبارة المرسلة لا يبين منها كيفية وصوله إلى هذه النتيجة، ولا توضح أسانيد الترجيح لأدلة نفي حصول التخفيض بالفعل فإنه يكون قاصر البيان، علاوة على الخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.


[(1)] نقض 24/ 12/ 1975 مجموعة المكتب الفني السنة 26 ص 1686.