أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 804

جلسة 30 من مارس سنة 1976

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة أحمد حسن هيكل وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم السعيد ذكرى، وعثمان حسين عبد الله، ومحمود عثمان درويش، وزكي الصاوي صالح.

(155)
الطعن رقم 425 لسنة 41 القضائية

(1) حكم "حجية الحكم". نيابة عامة.
الأوامر والقرارات الصادرة من سلطات التحقيق - لا حجية لها أمام القاضي المدني - علة ذلك.
(2) إثبات "الإحالة للتحقيق". حكم.
محكمة الموضوع غير ملزمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق. حقها في تكوين عقيدتها من أقوال شهود سمعوا في تحقيق قضائي أو إداري.
(3) حكم "تسبيب الحكم". تأمين.
القضاء برفض دعوى المؤمن لها قبل شركة التأمين لعدم ثبوت صحة واقعة سرقة السيارة المؤمن عليها. عدم التزام الحكم بقرار النيابة بقيد الواقعة جنحة سرقة ضد مجهول واستناده في ذات الوقت إلى التحقيق الذي أجرته فيها لا يتناقض.
1 - الحجية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تثبت إلا للأحكام النهائية الفاصلة في موضوع الدعوى الجنائية دون غيرها من الأوامر والقرارات الصادرة من سلطات التحقيق، لأن هذه القرارات لا تفصل في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة والإدانة وإنما تفصل في توافر أو عدم توفر الظروف التي تجعل الدعوى صالحة لإحالتها إلى المحكمة للفصل في موضوعها، ومن ثم فلا تكتسب تلك القرارات أية حجية أمام القاضي المدني ويكون له أن يقضي بتوفير الدليل على وقوع الجريمة أو على نسبتها إلى المتهم على خلاف القرار الصادر من سلطة التحقيق.
2 - محكمة الموضوع ليست ملزمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق متى رأت فيما قدم إليها من أدلة ما يكفي لاقتناعها بوجه الحق في الدعوى بغير اتخاذ هذا الإجراء ولها أن تعتمد في تكوين عقيدتها على أقوال شهود سئلوا في أي تحقيق قضائي أو إداري وإن تستنبط القرائن التي تأخذ بها من وقائع الدعوى والأوراق المقدمة فيها.
3 - إذ يبين من الحكم المطعون فيه - الذي قضى برفض دعوى المؤمن لها لانتفاء شرط استحقاقها مبلغ التأمين ضد الشركة المؤمن لديها - أنه لم يلتزم قرار النيابة العامة بقيد الواقعة جنحة سرقة ضد مجهول وبألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم معرفة الفاعل واستند الحكم في ذلك إلى ما استخلصه من أقوال الشهود الذين سمعتهم النيابة بهذا الخصوص ومحضر تحريات مباحث الشرطة من أن واقعة سرقة السيارة المؤمن عليها غير صحيحة، ورأى في هذا ما يغني عن إحالة الدعوى إلى التحقيق؛ فإنه لا يكون هناك تناقض في الحكم؛ ذلك أنه لا تثريب على الحكم في مخالفة قرار النيابة في قضية السرقة، وأن يستند في نفس الوقت إلى التحقيق الذي أجرته فيها ويستخلص منه عدم صحة واقعة السرقة خلافاً للقرار الذي أصدرته النيابة بناء على هذه التحقيقات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 2303 سنة 1968 مدني القاهرة الابتدائية ضد شركة مصر للتأمين المطعون عليها الأولى طلبت فيها الحكم بإلزامها بأن تدفع لها مبلغ 3800 جنيه، وقالت شرحاً للدعوى إنها كانت تمتلك السيارة رقم 469 نقل دقهلية المؤمن عليها لدى الشركة المذكورة بموجب وثيقة تأمين بمبلغ 3800 جنيه ضد الحوادث والسرقات، وإذ سرقت هذه السيارة في 15/ 1/ 1968 وحررت عن الواقعة قضية الجنحة رقم 291 سنة 1968 قسم ثان المنصورة وقيدتها النيابة ضد مجهول وقررت حفظها لعدم معرفة الفاعل، وامتنعت شركة التأمين عن الوفاء بالتزامها فقد أقامت دعواها للحكم لها بالطلبات سالفة البيان. وأدخلت الشركة المطعون عليها الأولى الشريكة المطعون عليها الثانية ليكون الحكم في مواجهتها ولتقدم ما لديها من دفاع ومستندات لأنها البائعة للسيارة ونص في وثيقة التأمين على أنه في حالة وقوع حادث يترتب عليه فقدها أو تلفها كلها فإن التعويض المستحق يخصص لسداد الرصيد المتبقي من ثمنها للشركة البائعة، وطلبت هذه الأخيرة بالجلسة الحكم بإلزام الشركة المطعون عليها الأولى بأن تدفع لها مبلغ 1529 جنيه قيمة الأقساط الباقية من ثمن السيارة وبتاريخ 14/ 1/ 1970 حكمت المحكمة بإلزام المطعون عليها الأولى بأن تؤدي للطاعنة مبلغ 2271 جنيه وأن تؤدي للمطعون عليها الثانية مبلغ 1529 جنيه. استأنف المطعون عليها الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم 699 سنة 87 ق مدني القاهرة. وبتاريخ 31/ 3/ 1971 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعنة والدعوى الفرعية المقامة من المطعون عليها الثانية. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى بهما الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والتناقض والقصور، ذلك أن الحكم خالف قرار النيابة العامة الذي أصدرته بقيد الواقعة جنحة سرقة وحفظها مؤقتاً لعدم معرفة الفاعل استناداً إلى أن الحجية تقتصر على الأحكام ثم عاد الحكم واستخلص من التحقيق الذي أجرته النيابة في هذه القضية أن السرقة لم تقع خلافاً لما انتهت إليه هذه التحقيقات وقضى برفض الدعوى لانتفاء شرط استحقاق المؤمن له مبلغ التأمين، وكان يتعين على المحكمة ألا تستند إلى هذا التحقيق وتحقق الواقعة بنفسها حتى تلتزم التطبيق الصحيح للقانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت الحجية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تثبت إلا للأحكام النهائية الفاصلة في موضوع الدعوى الجنائية دون غيرها من الأوامر والقرارات الصادرة من سلطات التحقيق، لأن هذه القرارات لا تفصل في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة أو الإدانة، وإنما تفصل في توافر أو عدم توفر الظروف التي تجعل الدعوى صالحة لإحالتها إلى المحكمة للفصل في موضوعها، ومن ثم فلا تكتسب تلك القرارات أية حجية أمام القاضي المدني ويكون له أن يقضي بتوفر الدليل على وقوع الجريمة أو على نسبتها إلى المتهم على خلاف القرار الصادر من سلطة التحقيق، وكانت محكمة الموضوع ليست ملزمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق متى رأت فيما قدم إليها من أدلة ما يكفي لإقناعها بوجه الحق في الدعوى بغير اتخاذ هذا الإجراء، ولها أن تعتمد في تكوين عقيدتها على أقوال شهود سئلوا في أي تحقيق قضائي أو إداري وأن تستنبط القرائن التي تأخذ بها من وقائع الدعوى والأوراق المقدمة فيها، ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه لم يلتزم قرار النيابة العامة بقيد الواقعة جنحة سرقة ضد مجهول وبألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم معرفة الفاعل واستند الحكم في ذلك إلى ما استخلصه من أقوال الشهود الذين سمعتهم النيابة بهذا الخصوص ومحضر تحريات مباحث الشرطة من أن واقعة سرقة السيارة المؤمن عليها غير صحيحة، ورأى في هذا ما يغني عن إحالة الدعوى إلى التحقيق، فإنه لا يكون هناك تناقض في الحكم ذلك أنه لا تثريب على الحكم في مخالفة قرار النيابة في قضية السرقة وأن يستند في نفس الوقت إلى التحقيق الذي أجرته فيها ويستخلص منه عدم صحة واقعة السرقة خلافاً للقرار الذي أصدرته النيابة بناء على هذه التحقيقات، وإذ رتب الحكم على ما خلص إليه القضاء برفض الدعوى فإن النعي عليه بهذين السببين يكون في غير محله وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.