أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 808

جلسة 31 من مارس سنة 1976

برئاسة السيد المستشار: محمد محمد المهدي وعضوية السادة المستشارين: سعد الشاذلي، وحسن مهران حسن، والدكتور عبد الرحمن عياد، ومحمد الباجوري.

(156)
الطعن رقم 30 لسنة 39 القضائية

تأمينات اجتماعية. دعوى "الصفة في الدعوى". عمل.
دعاوى المطالبة بالحق في مكافأة نهاية الخدمة أو بمعاش اتفاقي بديل عنها وكذا بالحقوق التي ترتبها قوانين التأمينات الاجتماعية. وجوب توجيهها إلى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية دون صاحب العمل.
متى كان البين من الخطاب الصادر من ناظر الوقف والذي ركن إليه المطعون عليه أن المبلغ المشار إليه فيه قد رتبه ناظر الوقف كمعاش اتفاقي للمطعون عليه مدى حياته عن مدة خدمة حددها بالفترة من يوليو سنة 1932 إلى 30/ 12/ 1960، مما مفاده أن ذلك المعاش قد تقرر - بالاتفاق - بديلاً عن مكافأة نهاية خدمته التي انتهت في ظل القانون رقم 92 لسنة 1959، وكان مؤدى نص المادة 5 من القانون رقم 92 لسنة 1959 بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية والمواد 18/ 1 و56 و63 و79 من هذا القانون والمادة 34 من القانون رقم 419 لسنة 1955 بإنشاء صندوق للتأمين وآخر للادخار للعمال الخاضعين لأحكام المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 بشأن عقد العمل الفردي - مجتمعة ومتساندة - أن الشارع قد جعل من مؤسسة التأمينات الاجتماعية - التي حلت محل مؤسسة التأمينات والادخار - طرفاً أصلياً في كل القضايا التي يطالب رافعوها بحقوق مقررة لهم في قانون التأمينات الاجتماعية الصادر به القانون رقم 92 لسنة 1959 أو بحقهم في مكافأة نهاية مدة الخدمة أو بمعاش بديل عنها إذا وجد نظام خاص للمعاش وفقاً للمادة 83/ 3 من قانون العمل الصادر به للقانون رقم 91 لسنة 1959، بحيث يتعين اختصام تلك المؤسسة في كل دعوى تتعلق بحق من الحقوق السالفة الذكر وإلا كانت الدعوى غير مقبولة لرفعها على غير ذي صفة وإذ كانت الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية قد حلت في هذا الصدد محل مؤسسة التأمينات الاجتماعية بموجب قانون التأمينات الاجتماعية الصادر به القانون رقم 63 لسنة 1964 الذي عمل به اعتباراً من 1/ 4/ 1964 ومن قبله القانون رقم 164 لسنة 1963 يقطع بهذا الحلول، نصوص ذلك القانون في الجملة وعلى وجه الخصوص المادة الرابعة من مواد إصدار القانون رقم 63 لسنة 1964 والمواد: 5 و13 و84 و89 و113 و119 و128 و139 من هذا القانون، مما مفاده وجوب اختصام تلك الهيئة في دعاوى المطالبة بالحقوق التي ترتبها قوانين التأمينات الاجتماعية، وإلا كانت غير مقبولة لرفعها على غير ذي صفة. لما كان ما تقدم، وكان المطعون عليه قد رفع دعواه في ظل ذلك القانون الأخير مطالباً بالمعاش الاتفاقي المشار إليه بكتاب ناظر الوقف مختصماً فيها وزارة الأوقاف وحدها دون الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية فإن الدعوى تكون قد رفعت على غير ذي صفة، مما كان يتعين معه على محكمة الاستئناف القضاء بعدم قبولها لهذا السبب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 656 سنة 1966 عمال على الطاعن أمام محكمة القاهرة الابتدائية طالباً إلزامه بأن يدفع له ولمدى حياته ولورثته من بعده معاشاً شهرياً قدره عشرة جنيهات ابتداء من ديسمبر سنة 1965، وقال بياناً لها إنه منذ يوليو سنة 1932 كان يعمل كاتب حسابات وتحريرات بأملاك السيد/..... الذي أوقف سنة 1950 أطياناً كائنة بناحية..... مساحتها مائتان وتسعون فداناً تقريباً وقفاً خيرياً، وأن المطعون عليه ظل يعمل بإدارة الأطيان الموقوفة بالقاهرة، وإذ صفيت هذه الإدارة في سنة 1960 قرر صاحب الوقف ربط معاش شهري له قدره عشرة جنيهات كبديل مكافأة نهاية مدة خدمته عملاً بقانون العمل الصادر به القانون رقم 91 لسنة 1959 يصرف له من الوقف الخيري، واستمر يصرف هذا المعاش من إدارة الوقف مدة حياة الواقف وبعد وفاته في إبريل سنة 1961 إلى أن استولت وزارة الأوقاف على أعيان الوقف في 1/ 8/ 1961، وحتى نوفمبر سنة 1965، وإذ فوجئ منذ ديسمبر سنة 1965 بوقف صرف المعاش فقد أقام دعواه. وبتاريخ 17/ 6/ 1967 حكمت المحكمة بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون عليه ولمدى حياته مبلغ عشرة جنيهات شهرياً اعتباراً من 1/ 1/ 1966. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1425 س 84 ق مدني القاهرة طالباً إلغاء الحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة واحتياطياً برفضها، وبتاريخ 27/ 3/ 1969 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ويقول في بيان ذلك إنه وفقاً للمادة 79 من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 92 لسنة 1959 تقوم العلاقة مباشرة بين العامل ومؤسسة التأمينات الاجتماعية حتى في حالة عدم الاشتراك في التأمين عن العامل ومن ثم يكون خطأ من الحكم تعليله برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم اختصام الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية التي حلت محل المؤسسة - بأن الوزارة لم تشترك في الهيئة لإحالة المطعون عليه للمعاش قبل تنفيذ قوانين التأمينات الاجتماعية، مع أن الثابت أن القانون رقم 92 لسنة 1959 الذي يحكم واقعة النزاع قد نفذ في أغسطس سنة 1959 ولم يتلق المطعون عليه خطاب الإحالة للمعاش إلا في 30/ 12/ 1960؛ مما كان يتعين معه على الواقف أن يشترك عن المطعون عليه بعد أن صار الاشتراك إلزامياً عملاً بالمادة 18 من القانون سالف الذكر، وفي القضاء باستمرار صرف المعاش مخالفة لقانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 الذي جعل الاشتراك إلزامياً وجعل الهيئة هي الملتزمة بصرف المعاش ولو لم يشترك أصحاب الأعمال عن العمال.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه لما كان الثابت أن المطعون عليه أقام دعواه طالباً الحكم بإلزام وزارة الأوقاف بأن تدفع له مبلغ عشر جنيهات كمعاش شهري اعتباراً من 1/ 2/ 1965 راكناً إلى خطاب مؤرخ 30/ 12/ 1960 صادر له من ناظر وقف...... نص على أنه "بالنظر لتصفية الدائرة قررنا أن نعوضكم عن مكافأة مدة خدمتكم التي استمرت من يوليو سنة 1932 لغاية تاريخه بأن فرضنا لكم معاشاً قدره 10 جنيهات (فقط عشرة جنيهات لا غير) تصرف لكم من الوقف الخيري بناحية....... مدة حياتكم، لذلك قررنا لكم هذا شاكرين لكم ما قمتم به من الجهود في أعمال الوقف قبل ومنذ إنشائه ولتصرفوا هذا المبلغ شهرياً اعتباراً من أول يناير سنة 1961 من إدارة الوقف.، وكان البين من هذا الخطاب أن المبلغ المشار إليه فيه قد رتبه ناظر الوقف كمعاش اتفاقي للمطعون عليه مدى حياته عن مدة خدمة حددها بالفترة من يوليو سنة 1932 إلى 30/ 12/ 1960، مما مفاده أن ذلك المعاش قد تقرر بالاتفاق بديلاً عن مكافأة نهاية خدمته التي انتهت في ظل القانون رقم 92 لسنة 1959، وكانت المادة 18/ 1 من ذلك القانون تنص على أن يكون التأمين في المؤسسة إلزامياً بالنسبة لأصحاب الأعمال والعمال، كما نصت المادة 79 من ذات القانون على إنه "لا يجوز لمن تسري عليه أحكام هذا القانون ولم يقم صاحب العمل بالاشتراك عنه في التأمين أن يطالب المؤسسة بالوفاء بالتزاماتها المقررة إلا على أساس الحد الأدنى للأجور ومع عدم الإخلال بأحكام الفقرة السابقة والمادة 76 يكون للمؤسسة حق الرجوع على صاحب العمل بجميع الاشتراكات المقررة وكذا فوائد تأخيرها وكذا بجميع ما تكلفته من نفقات وتعويض قبل من يقم بالاشتراك عنه، ونصت المادة 63 من القانون ذاته على أن يحل الناتج من الاشتراكات التي يؤديها صاحب العمل في هذا التأمين (تأمين الشيخوخة) وفي صندوق الادخار المشار إليه (في المادة 56) محل المكافأة التي تستحق للمؤمن عليه في نهاية الخدمة والتي تحتسب على الوجه المبين بالمادة 73 من القانون رقم 91 لسنة 1959 وعلى الوجه المبين في عقود العمل الفردية أو المشتركة أو اللوائح والنظم المعمول بها في المنشآت أو قرارات هيئات التحكيم أيهما أكبر. فإذا قل الناتج المذكور عما يستحق للمؤمن عليه من مكافأة وجب على صاحب العمل تسديد ذلك الفرق إلى المؤسسة خلال أسبوع من تاريخ المطالبة به وإلا استحقت عليه فوائد تأخير بسعر 6% سنوياً تسري اعتباراً من تاريخ انتهاء خدمة المؤمن عليه. وفي جميع الأحوال يجب على المؤسسة إضافة ذلك الفرق إلى حساب المؤمن عليه في حدود المكافأة المنصوص عليها في المادة 73 من القانون رقم 11 لسنة 1959 أو ما تحصله فعلاً من صاحب العمل تطبيقاً لأحكام عقود العمل الفردية أو المشتركة أو اللوائح والنظم المعمول بها في المنشآت أو إقرارات التحكيم أيهما أكبر وتحل المؤسسة قانوناً بما تستحق من فرق محل المؤمن عليه أو المستحقين عنه حسب الأحوال في مطالبة صاحب العمل، ونصت المادة 56 من القانون ذاته على أن تكون أموال هذا التأمين (تأمين الشيخوخة) كما يأتي.... جـ المبلغ المدخر لحساب المؤمن عليه في صندوق الادخار المنصوص عليه في القانون رقم 419 لسنة 1955 وقت العمل بهذا القانون إن وجد، ونصت المادة 5 من القانون رقم 92 لسنة 1959 بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية على أن "تنتقل حقوق والتزامات كل من صندوقي التأمين والادخار المنشأين بمقتضى أحكام القانون رقم 419 لسنة 1955 وصندوق إصابات العمل المنشأ بالقانون رقم 202 لسنة 1958 إلى مؤسسة التأمينات الاجتماعية بموجب أحكام القانون المرافق، ونصت المادة 34 من القانون رقم 419 لسنة 1955 بإنشاء صندوق للتأمين وآخر للادخار للعمال الخاضعين لأحكام المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 بشأن عقد العمل الفردي على أنه تحل المبالغ التي يدفعها صاحب العمل في صندوق الادخار وفوائدها محل المكافأة التي تستحق للعامل في نهاية الخدمة عن مدة خدمته التي تحتسب على الوجه المبين بالمادة 37 بقانون رقم 317 لسنة 1952 أو على الوجه المبين في عقود العمل الفردية أو المشتركة أو اللوائح والنظم المعمول بها في المنشآت أو إقرارات هيئات التحكيم أيهما أكبر، وكان مؤدى هذه النصوص - مجتمعة ومتساندة أن الشارع قد جعل من مؤسسة التأمينات الاجتماعية - التي حلت محل مؤسسة التأمين والادخار - طرفاً أصلياً في كل القضايا التي يطالب رافعوها بحقوق مقرره لهم في قانون التأمينات الاجتماعية الصادر به القانون رقم 92 لسنة 1959 أو بحقهم في مكافأة نهاية الخدمة أو بمعاش بديل عنها إذا وجد نظام خاص للمعاش وفقاً للمادة 83/ 3 من قانون العمل الصادر به القانون رقم 91 لسنة 1959، بحيث يتعين اختصام تلك المؤسسة في كل دعوى تتعلق بحق من الحقوق السالفة الذكر وإلا كانت الدعوى غير مقبولة لرفعها على غير ذي صفة، لما كان ذلك وكانت الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية قد حلت في هذا الصدد محل مؤسسة التأمينات الاجتماعية بموجب قانون التأمينات الاجتماعية الصادر به القانون رقم 63 لسنة 1964 الذي عمل به اعتباراً من 1/ 4/ 1964 ومن قبله القانون رقم 64 لسنة 1963، يقطع بهذا الحلول نصوص هذين القانونين في الجملة وعلى وجه الخصوص المادة الرابعة من مواد إصدار القانون رقم 63 سنة 1964 والمواد 5، 13، 84، 89، 113، 119، 128، 139 من هذا القانون مما مفاده وجوب اختصام تلك الهيئة في دعاوى المطالبة بالحقوق التي ترتبها قوانين التأمينات الاجتماعية، وإلا كانت غير مقبولة لرفعها على غير ذي صفة، لما كان ما تقدم، وكان المطعون عليه قد رفع دعواه بتاريخ 27/ 7/ 1966 في ظل ذلك القانون الأخير مطالباً بالمعاش الاتفاقي المشار إليه بكتاب ناظر الوقف مختصماً فيها وزارة الأوقاف وحدها دون الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية فإن الدعوى تكون قد رفعت على غير ذي صفة، مما كان يتعين معه على محكمة الاستئناف القضاء بعدم قبولها لهذا السبب وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع بانياً قضاءه في هذا الصدد على قوله إنه في خصوص الدفع الذي أثارته المستأنفة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة استناداً إلى أن هيئة التأمينات الاجتماعية قد أصبحت وهي الملتزمة - دونها - بالوفاء بحقوق المستأنف ضده فهو مردود بأن المستأنفة لم تشترك في هيئة التأمينات الاجتماعية بسبب إحالة المستأنف ضده إلى التقاعد قبل تنفيذ قوانين التأمينات، مع أن قانون التأمينات الاجتماعية رقم 92 لسنة 1959 قد سرى على واقعة الدعوى منذ العمل به بتاريخ 1/ 8/ 1959، ومع أن انتهاء خدمة المطعون عليه في ظل هذا القانون لم يكن يمنع قانوناً من اشتراك صاحب العمل - جهة الوقف - في مؤسسة التأمينات الاجتماعية عن المطعون عليه تسوية لحقوقه عن مدة الخدمة السابقة، إذ جرى قضاء الحكم على هذا النحو فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه، دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم - يكون متعيناً القضاء - في موضوع الاستئناف - بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول دعوى المستأنف عليه لرفعها على غير ذي صفة.