أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 833

جلسة 31 من مارس سنة 1976

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمود عباس العمراوي وعضوية السادة المستشارين: مصطفى كمال سليم ومصطفى الفقي وأحمد سيف الدين سابق والدكتور عبد الرحمن عمر محمد عياد.

(160)
الطعن رقم 384 لسنة 42 القضائية

هيئات عامة "حجز ما للمدين لدى الغير".
الحجز تحت إحدى المصالح الحكومية. وجوب إبداء الحاجز رغبته في استبقاء الحجز أو تجديده قبل مضي ثلاث سنوات من تاريخ إعلانه وإلا اعتبر كأن لم يكن المادتان 562، 574 مرافعات سابق. الهيئة العامة للسكك الحديدية. اعتبارها من المصالح الحكومية.
إذ كانت الهيئة العامة لشئون سكك حديد جمهورية مصر (الطاعنة) كانت في الأصل - وعند وضع قانون المرافعات السابق - مصلحة عامة حكومية ثم رأت الدولة إدارتها عن طريق هيئة عامة للخروج بالمرفق عن نظام (الروتين) الحكومي، فأصدرت القانون رقم 366 لسنة 1956 الذي اعتبرها هيئة عامة ومنحها الشخصية الاعتبارية وأنه وإن نص على أن تكون لها ميزانية مستقلة، إلا أنه ألحق هذه الميزانية بميزانية الدولة وبذلك تتحمل الدولة ما قد يصيبها من خسائر وتؤول إليها ما تحققه الهيئة من أرباح وأوكل الرقابة عليها وعلى قرارات مجلس إدارتها لوزير المواصلات وظلت تنهض برسالتها السابقة وهي أداء خدمة عامة وقد كشف المشرع في المذكرة الإيضاحية لهذا القانون عن غرضه من هذا الإجراء وهو منح الهيئة سلطة التحرر من النظم واللوائح الإدارية والمالية المتبعة في المصالح الحكومية ومن ثم فلا يتعدى قصده إلى غير ذلك، ويؤكد هذا أن المذكرة الإيضاحية لقانون الهيئات العامة رقم 61 لسنة 1963 تضمنت أن تلك الهيئات في الأغلب الأعم مصالح حكومية منحها المشرع الشخصية الاعتبارية، ومفاد ذلك جمعيه أن هيئة السكة الحديد - الطاعنة - ما زالت في حقيقة الأمر تدخل في مدلول المصالح العامة الحكومية الذي عنته المادتان 562، 574 من قانون المرافعات السابق - الذي وقع الحجز في ظله وقد كانت تنص أولاها على أنه إذا كان الحجز تحت يد إحدى المصالح الحكومية وجب عليها أن تعطي الحاجز بناء على طلبه شهادة تقوم مقام التقرير وتنص الثانية على أن الحجز الواقع تحت يد إحدى المصالح الحكومية لا يكون له أثر إلا لمدة ثلاث سنوات من تاريخ إعلانه ما لم يعلن الحاجز المحجوز لديه في هذه المدة باستبقاء الحجز فإن لم يحصل هذا الإعلان أو لم يحصل تجديده كل ثلاث سنوات اعتبر الحجز كأن لم يكن.... وقد حرص المشرع في قانون المرافعات الجديد على إيضاح هذا المفهوم فنص في المادتين 340، 350 المقابلتين للمادتين السابقتين - على سريان حكمها على الهيئات العامة، فجاء ذلك منه كاشفاً عن غرضه في تطبيق ذات حكم هاتين المادتين على ما اعتبر من المصالح الحكومية هيئات عامة، ولما كان الحجز موضوع النزاع قد توقع في 21/ 11/ 1963 تحت يد الهيئة الطاعنة وخلت أوراق الدعوى مما يدل على أن الحاجز أو ورثته - المطعون ضدهم - قد أعلنوا رغبتهم في استبقائه أو تجديده قبل مضي ثلاث سنوات من تاريخ إعلان الحجز للطاعنة، فإن الحجز يكون قد سقط واعتبر كأن لم يكن عملاً بالمادة 574 من قانون المرافعات السابق، وإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر رغم تمسك الطاعنة بسقوط الحجز فإنه يكون قد أخطأ في تطبق القانون وتأويله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مورث المطعون ضدهم رفع على الطاعنة - الهيئة العامة للسكة الحديد - الدعوى رقم 3067 سنة 1970 أمام قاضي التنفيذ بمحكمة عابدين الجزئية طالباً الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 2524 جنيهاً و140 مليماً والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً، وقال شرحاً للدعوى أنه أوقع حجزاً تنفيذياً بتاريخ 21/ 11/ 1963 تحت يد الطاعنة على مستحقات مدينه.... وإخوته وذلك وفاء لقيمة الحكم الصادر لصالحه ضدهم في الدعوى رقم 594 سنة 1962 مدني كلي سوهاج، وأنه طلب من الطاعنة بتاريخ 19/ 2/ 1964 إعطاءه شهادة تقوم مقام التقرير بما في ذمتها من أموال للمحجوز عليهم وأرفق بطلبه الصورة التنفيذية للحكم ومحضر الحجز، إلا أن الطاعنة امتنعت عن إعطائه الشهادة وعن صرف الدين المحجوز من أجله رغم أن لديها للمحجوز عليهم مبالغ تزيد عن قيمته فرفع الدعوى بطلباته السابقة. تمسكت الطاعنة بسقوط الحجز واعتباره كأن لم يكن لعدم تجديده في الميعاد القانوني وفقاً لنص المادة 350 من قانون المرافعات وبتاريخ 31/ 3/ 1971 قضت المحكمة بقبول الدفع وبسقوط الحجز واعتباره كأن لم يكن ورفض الدعوى. استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 1778 سنة 88 ق. استئناف القاهرة وبتاريخ 13/ 4/ 1972 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضدهم مبلغ 600 جنيه وفوائده بواقع 4% سنوياً من تاريخ الحكم حتى السداد. فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله إذ أقام قضائه على أن الطاعنة - الهيئة العامة للسكة الحديد - لا تعتبر من المصالح الحكومية ومن ثم كان يتعين عليها أن تقرر بما في ذمتها وأن الحجز المتوقع تحت يدها يظل قائماً ومنتجاً لآثاره دون حاجة لإعلانها باستبقائه كل ثلاث سنوات عملاً بالمادتين 562، 574 من قانون المرافعات السابق الذي توقع الحجز في ظل العمل بأحكامه، في حين أن القانون رقم 366 سنة 1956 وإن اعتبر الطاعنة - مرفق السكة الحديد - هيئة عامة إلا أنها ما زالت تدخل في مدلول المصالح العامة الحكومية، ذلك أن هذا القانون لم يقطع صلتها بوزارة المواصلات بل اعتبرها ملحقة بها وأسند الإشراف على إدارتها لوزير المواصلات وأشارت مذكرته الإيضاحية إلى أن الهدف من إنشاء الهيئة الطاعنة هو منحها سلطة التحرر من النظم واللوائح الإدارية والمالية المنطبقة في المصالح الحكومية المذكورة ويؤكد ذلك المذكرة الإيضاحية لقانون الهيئات العامة رقم 61 لسنة 1963 فقد أوضحت أن الهيئات العامة في الأغلب الأعم مصالح حكومية، ومن ثم فهي ما زالت تدخل في مدلول المصالح المنصوص عليه في المادة 574 من قانون المرافعات السابق، وإذ كان الحجز قد توقع تحت يد الطاعنة بتاريخ 21/ 11/ 1963 ولم يقم المطعون ضدهم بإعلان رغبتهم في استبقائه أو تجديده قبل انقضاء ثلاث سنوات على توقيعه، فإنه يكون قد سقط واعتبر كأن لم يكن وزالت جميع الآثار المترتبة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن الهيئة العامة لشئون سكك حديد جمهورية مصر (الطاعنة) كانت في الأصل - وعند وضع قانون المرافعات السابق - مصلحة عامة حكومية ثم رأت الدولة إدارتها عن طريق هيئة عامة للخروج بالمرفق عن القطاع (الروتين) الحكومي، فأصدرت القانون رقم 366 لسنة 1956 الذي اعتبرها هيئة عامة ومنحها الشخصية الاعتبارية، وأنه وإن نص على أن تكون لها ميزانية مستقلة، إلا أنه ألحق هذه الميزانية بميزانية الدولة وبذلك تتحمل الدولة ما قد يصيبها من خسائر وتؤول إليها ما تحققه الهيئة من أرباح وأوكل الرقابة عليها وعلى قرارات مجلس إدارتها لوزير المواصلات وظلت تنهض برسالتها السابقة وهي أداء خدمة عامة، وقد كشف المشرع في المذكرة الإيضاحية لهذا القانون عن غرضه من هذا الإجراء وهو منح الهيئة سلطة التحرر من النظم واللوائح الإدارية والمالية المتبعة في المصالح الحكومية ومن ثم فلا يتعدى قصده إلى غير ذلك، ويؤكد هذا أن المذكرة الإيضاحية لقانون الهيئات العامة رقم 61 لسنة 1963 تضمنت أن تلك الهيئات في الأغلب الأعم مصالح حكومية منحها المشرع الشخصية الاعتبارية، ومفاد ذلك جمعيه أن هيئة السكة الحديد - الطاعنة - ما زالت في حقيقة الأمر تدخل في مدلول المصالح العامة الحكومية الذي عنته المادتان 562، 574 من قانون المرافعات السابق - الذي وقع الحجز في ظله - وقد كانت تنص أولاهما على أنه "إذا كان الحجز تحت يد أحد المصالح الحكومية وجب عليها أن تعطي الحاجز بناء على طلبه شهادة تقوم مقام التقرير" وتنص الثانية على أن "الحجز الواقع تحت يد إحدى المصالح الحكومية لا يكون له أثر إلا لمدة ثلاث سنوات من تاريخ إعلانه ما لم يعلن الحاجز المحجوز لديه في هذه المدة باستبقاء الحجز فإن لم يحصل هذا الإعلان أو لم يحصل تجديده كل ثلاث سنوات اعتبر الحجز كأن لم يكن....، وقد حرص المشرع في قانون المرافعات الجديد على إيضاح هذا المفهوم فنص في المادتين 340، 350 المقابلتين للمادتين السابقتين على سريان حكمهما على الهيئات العامة، فجاء ذلك منه كاشفاً عن غرضه في تطبيق ذات حكم هاتين المادتين على ما اعتبر من المصالح الحكومية هيئات عامة، ولما كان الحجز موضوع النزاع قد توقع في 31/ 11/ 1963 تحت يد الهيئة الطاعنة وخلت أوراق الدعوى مما يدل على أن الحاجز أو ورثته المطعون ضدهم قد أعلنوا رغبتهم في استبقائه أو تجديده قبل مضي ثلاث سنوات من تاريخ إعلان الحجز للطاعنة، فإن الحجز يكون قد سقط واعتبر كأن لم يكن عملاً بالمادة 574 من قانون المرافعات السابق، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر رغم تمسك الطاعنة بسقوط الحجز فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم فإنه وقد انتهى الحكم المستأنف صحيحاً إلى قبول الدفع باعتبار الحجز كأن لم يكن وبسقوطه ورفض الدعوى فإنه يتعين تأييده.