أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 909

جلسة 8 إبريل سنة 1976

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة أمين فتح الله وعضوية السادة المستشارين جلال عبد الرحيم عثمان، محمد كمال عباس، عبد السلام الجندي، د. إبراهيم علي صالح.

(172)
الطعن رقم 454 لسنة 42 ق

ضرائب. "ضريبة التركات". هبة. وصية. وقف.
الوصايا والهبات والأوقاف الخيرية ابتداء الصادرة إلى المعاهد أو الجمعيات الخيرية أو المؤسسات الاجتماعية. عدم خضوعها لرسم الأيلولة على التركات إذا أوقعت قبل السنة السابقة على وفاة المتصرف.
مؤدى نص المادة العاشرة من القانون رقم 42 لسنة 1944 بفرض رسم أيلولة على التركات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - أن الأموال التي تؤول بطريق الوصية أو ما في حكمها إلى الهيئات المشار إليها في تلك المادة - المعاهد أو الجمعيات الخيرية أو المؤسسات الاجتماعية يستحق عليها رسم أيلولة بالنسب المقررة للطبقة الأولى من الورثة إذا حددت الوصية في خلال السنة السابقة على الوفاة، إذ رأى المشرع مراعاة للأغراض الخيرية التي تقوم تلك الهيئات على خدمتها أن يخضع هذه التصرفات لرسم مخفض إذا صدرت خلال الفترة التي يشعر فيها الموصي بدنو أجله، وهي فترة السنة السابقة على الوفاة، أما إذا وقعت التصرفات المذكورة قبل السنة فإن مفهوم النص يؤدي إلى إعفائها من رسم الأيلولة لاستبعاد مظنة التهرب من الخضوع للرسم في هذه الحالة، وهذا ما يؤدي إلى التسوية في الحكم بين الوصايا وبين الهبات والأوقاف الخيرية ابتداء التي تصدر للهيئات سالفة الذكر، ولا تخضع هذه التصرفات الأخيرة للرسم في حالة وقوعها قبل السنة السابقة على الوفاة ويؤكد هذا النظر ما أشارت إليه مذكرة اللجنة المالية لمجلس الشيوخ في تقديرها من أنه "رؤى في المادة العاشرة من القانون أن يحصل الرسم على ما يؤول للمعاهد أو الجمعيات الخيرية أو المؤسسات الاجتماعية في خلال السنة السابقة على الوفاة بدلاً من سنتين كما ورد في المشروع، وذلك مساعدة لهذه المؤسسات التي يهم البلاد أن تكثر وأن تكون في حالة مالية. يضاف إلى ما تقدم أن الفقرة الأخيرة من المادة العاشرة تجيز لوزير المالية أن يعفي الأموال التي تؤول إلى هذه الهيئات من الرسم كله أو بعضه إذا كان التصرف فيها قد حدث خلال السنة السابقة على الوفاة وفي ذلك ما يوضح اتجاه المشرع إلى أن يتجنب قدر الإمكان تحصيل الرسم على الأموال التي تؤول إلى هذه الجهات الخيرية. هذا إلى أن القول بتطبيق المادة الثالثة من القانون على الوصايا التي تصدر لتلك الهيئات قبل السنة السابقة على الوفاة، يؤدي إلى إخضاعها للرسم المقرر للطبقة الأخيرة من الورثة، وهو يزيد بكثير على الرسم المفروض على الوصايا التي تصدر للهيئات المذكورة خلال السنة السابقة على الوفاة، مع أنه ليس ثمة سبب يبرر هذه التفرقة في سعر الرسم بين التصرفات التي تتم للجهات الخيرية بحسب زمان وقوعها، فضلاً عن أنه يتعارض مع الغاية التي قصدها المشرع بتخفيف عبء الرسم على الأموال المرصودة لأغراض الخير [(2)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المرحومة السيدة..... التي توفيت بتاريخ 20/ 7/ 1963 كانت قد أوصت بتاريخ 26/ 6/ 1957 بمبلغ.... جنيه لملجأ جمعية العروة الوثقى الإسلامية بالإسكندرية، 100 جنيه لإدارة مقابر الأرض المقدسة بالإسكندرية، 200 جنيه لإرسالية الأخوات الفرنسيكان، "دل كيوري إيما كولا تودى ماريا"، وأن يوزع نصف ما تبقى من أموالها للجمعية الخيرية الإيطالية بالإسكندرية وريعه للمستشفى الإيطالي بالإسكندرية وريعه لمعهد دون بوسكو بالإسكندرية وقد أخضعت مأمورية الضرائب المختصة الأنصبة التي آلت إلى الموصى لهم لرسم الأيلولة؛ وإذ اعترضوا وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن التي قررت بتاريخ 23/ 10/ 1969 تأييد قرار المأمورية، فقد أقاموا الدعوى 129 لسنة 70 ضرائب كلي الإسكندرية، وبتاريخ 5/ 10/ 1970 قضت المحكمة بتأييد القرار المطعون فيه، فاستأنفوا ذلك الحكم بالدعوى رقم 447 سنة 26 ق استئناف الإسكندرية، وبتاريخ 25/ 4/ 1972 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن كل من الجمعية الخيرية الإيطالية والمستشفى الإيطالي ومعهد دون بوسكو وإدارة مقابر الأراضي المقدسة بالإسكندرية على هذا الحكم بطريق النقض واختتمت صحيفة الطعن بطلب نقض الحكم بالنسبة للموصى لهم جميعاً. قدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن شكلاً وبطلانه بالنسبة لإرسالية الأخوات الفرنسيسكان وملجأ جمعية العروة الوثقى الإسلامية بالإسكندرية استناداً إلى أن الطعن بالنقض لم يوجه منهما وأن محامي الطاعنين الأربعة لم يقدم ما يفيد وكالته عنهما وطلبت في الموضوع نقض الحكم بالنسبة للطاعنين، عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه لما كان البين من صحيفة الطعن أنه مقام من الجمعية الخيرية والمستشفى الإيطالي ومعهد دون بوسكو وإدارة مقابر الأراضي المقدسة بالإسكندرية ومن ثم فإن الطعن يكون قائماً بالنسبة لرافعيه فحسب دون إرسالية الأخوات الفرنسيسكان وملجأ جمعية العروة الوثقى.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الأول مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ قضى بخضوع الوصية الصادرة لهم من الموصية المرحومة... لرسم الأيلولة تأسيساً على أن المشرع لم يفرق بين الأموال التي تؤول إلى الشخص سواء عن طريق الإرث أو الوصية في حين أن مفاد نص المادة العاشرة من القانون رقم 142 لسنة 1944 أن الأموال التي تؤول بطريق الوصية لا يستحق عليها رسم الأيلولة بالنسب المقررة للطبقة الأولى من الورثة إلا إذا كانت الوصية صادرة في خلال السنة السابقة على وفاة الموصي أما إذا كانت الوصية صادرة قبل السنة السابقة على الوفاة فإن مفهوم النص يؤدي إلى إعفائها كلية من رسم الأيلولة وذلك لاستبعاد مظنة التهرب ولأن المشرع تخفف بالنسبة للوصايا الصادرة خلال السنة السابقة على وفاة الموصي فأخضعها للرسم المقرر للطبقة الأولى من الورثة وخول وزير المالية والاقتصاد إعفاءها من كل الرسوم أو بعضها بغية تشجيع الإيصاء للجهات الخيرية ولأن تطبيق المادة الثالثة من القانون 142 لسنة 1944 على الوصايا الصادرة في سنة سابقة على الوفاة يستتبع تحميلها بعبء مالي يزيد كثيراً عن الرسم المقرر على الوصايا الصادرة في خلال السنة السابقة على الوفاة وهو ما لا يتفق وقصد المشرع.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك لأن النص في المادة العاشرة من القانون رقم 142 لسنة 1944 بفرض رسم أيلولة على التركات على أنه "يستحق الرسم على ما يؤول إلى المعاهد أو الجمعيات الخيرية أو المؤسسات الاجتماعية بطريق الهيئة أو الوقف الخيري ابتداء بالنسب المقررة للطبقة الأولى من الورثة إذا كانت صادرة في خلال السنة السابقة على الوفاة، كذلك يستحق الرسم بالنسب ذاتها وبالشروط المقررة في الفقرة السابقة على ما يؤول إلى تلك الهيئات بطريق الوصية وما في حكمها، ويجوز لوزير المالية والاقتصاد إعفاؤها من الرسم كله أو بعضه" يدل وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة على أن الأموال التي تؤول بطريق الوصية أو ما في حكمها إلى الهيئات المشار إليها في تلك المادة، يستحق عليها رسم أيلولة بالنسب المقررة للطبقة الأولى من الورثة إذا صدرت الوصية في خلال السنة السابقة على الوفاة، رأى المشرع مراعاة للأغراض الخيرية التي تقوم تلك الهيئات على خدمتها أن يخضع هذه التصرفات لرسم منخفض إذا صدرت خلال الفترة التي يشعر فيها الموصي بدنو أجله، وهي فترة السنة السابقة على الوفاة، أما إذا وقعت التصرفات المذكورة قبل السنة السابقة على الوفاة، فإن مفهوم النص يؤدي إلى إعفائها من رسم الأيلولة لاستبعاد مظنة التهرب من الخضوع للرسم في هذه الحالة، وهذا ما يؤدي إلى التسوية في الحكم بين الوصايا وبين الهبات والأوقاف الخيرية ابتداء التي تصدر للهيئات سالفة الذكر، إذا لا تخضع هذه التصرفات الأخيرة للرسم في حالة وقوعها قبل السنة السابقة على الوفاة، ويؤكد هذا النظر ما أشارت إليه مذكرة اللجنة المالية لمجلس الشيوخ في تقريرها من أنه "رؤى في المادة العاشرة من القانون أن يحصل الرسم على ما يؤول للمعاهد أو الجمعيات الخيرية أو المؤسسات الاجتماعية في خلال السنة السابقة على الوفاة بدلاً من سنتين كما ورد في المشروع، وذلك مساعدة لهذه المؤسسات التي يهم البلاد أن تكثر وأن تكون في حالة مالية طيبة" يضاف إلى ما تقدم أن الفقرة الأخيرة من المادة العاشرة تجيز لوزير المالية أن يعفي الأموال التي تؤول إلى هذه الهيئات من الرسم كله أو بعضه إذا كان التصرف فيها قد حدث خلال السنة السابقة على الوفاة؛ وفي ذلك ما يوضح اتجاه المشرع إلى أن يتجنب قدر الإمكان تحصيل الرسم على الأموال التي تؤول إلى هذه الجهات الخيرية.
هذا إلى أن القول بتطبيق المادة الثالثة من القانون على الوصايا التي تصدر لتلك الهيئات قبل السنة السابقة على الوفاة؛ يؤدي إلى إخضاعها للرسم المقرر للطبقة الأخيرة من الورثة، وهو يزيد بكثير على الرسم المفروض على الوصايا التي تصدر للهيئات المذكورة خلال السنة السابقة على الوفاة، مع أنه ليس ثمة سبب يبرر هذه التفرقة في سعر الرسم بين التصرفات التي تتم للجهات الخيرية بحسب زمان وقوعها؛ فضلاً عن أنه يتعارض مع الغاية التي قصدها المشرع بتخفيف عبء الرسم على الأموال المرصودة لأغراض الخير وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإخضاع الوصية الصادرة للطاعنين لرسم الأيلولة مع أنها صدرت في 26/ 6/ 1957 أي قبل السنة السابقة على وفاة الموصية في 20/ 7/ 1962 فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث السبب الثاني.
وحيث إن موضوع الطعن صالح للفصل فيه؛ ولما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف وإلغاء قرار لجنة الطعن وبعدم خضوع الوصية الصادرة للطاعنين الأربعة لرسم الأيلولة.


[(1)] نقض جلسة 2/ 2/ 1972 مجموعة المكتب الفني سنة 23 ص 107.
[(2)] ذات المبدأ تقرر بالحكم الصادر بنفس الجلسة في الطعن رقم 734 لسنة 42 ق.