أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 931

جلسة 14 من إبريل سنة 1976

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمود عباس العمراوي وعضوية السادة المستشارين مصطفى كمال سليم، مصطفى الفقي، أحمد سيف الدين سابق، محمد عبد الخالق البغدادي.

(177)
الطعنان رقما 253 و594 لسنة 41 القضائية

(1) اختصاص "اختصاص ولائي" دفوع. نظام عام. نقض.
الدفع بعدم الاختصاص الولائي. اعتباره مطروحاً على محكمة الموضوع ولو لم يبد أمامها لتعلقه بالنظام العام. وعدم سقوط الحق في إبدائه ولو تنازل عنه الخصوم. جواز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض.
(2 و3 و4) موظفون. اختصاص "اختصاص ولائي".
(2) المنازعة المتعلقة بمرتب أو معاش أو مكافأة مستحقة لأحد الموظفين العموميين أو ورثته. الاختصاص بنظرها ينعقد لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري.
(3) الموظف العمومي. تعريفه.
(4) القائمون بإرادة المجالس المحلية المنتخبون والمعينون. اعتبارهم في خدمة أحد الأشخاص الإدارية العامة ولو كان شغلهم العمل بها بصفة مؤقتة. المنازعة حول استحقاق وكيل مجلس المدينة المنتخب للمكافأة وبدل الانتقال المقررين لرئيس مجلس المدينة المعين أثناء فترة قيامه بعمله إبان غيابه. الاختصاص بنظرها لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري.
1 - الدفع بعدم الاختصاص الولائي يعتبر دائماً مطروحاً على محكمة الموضوع لتعلقه بالنظام العام ولو لم يدفع به أمامها فلا يسقط الحق في إبدائه والتمسك به حتى ولو تنازل عنه الخصوم ويجوز الدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض إذا لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع.
2 - مؤدى نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 55 لسنة 1959 بشأن مجلس الدولة أنه يشترط لاختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر النزاع أن يتعلق بمرتب أو معاش أو مكافأة مستحقة لأحد الموظفين أو ورثته بحيث إذا ما تحققت الصفة الوظيفية مع من تثور معه المنازعة بشأن هذه المبالغ انعقد الاختصاص لمجلس الدولة.
3 - الموظف العمومي هو كل من تناط به إحدى وظائف الدولة العامة في نطاق وظيفة إحدى السلطات الثلاث سواء كان مستخدماً حكومياً أو غير مستخدم براتب أو بغير راتب وإنما يشترط أصلاً أن تكون في نطاق شئون الدولة ويكون اختصاصه آيلاً إليه بطريق الإنابة أو بطريق التعيين على مقتضى أحد النصوص الدستورية أو التشريعية أو من المعينين في وظائف حكومية تابعة لإحدى الوزارات أو الهيئات أو المؤسسات العامة وإن كان من ذوي المرتبات أن يكون مقيداً على إحدى درجات الكادر العام أو من يقوم مقامه في نطاق ميزانية الدولة.
4 - القائمون بإدارة المجالس المحلية يعتبرون - سواء كانوا منتخبين أو معينين - في خدمة أحد الأشخاص الإدارية العامة ما دام هذا العمل دائماً ولازماً في مباشرة هذه المجالس لنشاطها ولو كان شغلهم له بصفة مؤقتة، ولما كان ذلك وكان النزاع يدور بين طرفيه حول استحقاق أو عدم استحقاق وكيل مجلس المدينة المنتخب المكافأة وبدل الانتقال المقررين لرئيس مجلس المدينة المعين أثناء فترة قيامه بعمله إبان غيابه في المدة من 1/ 4/ 1964 إلى 31/ 8/ 1965 وكان مؤدى نص المادة 31 من القانون رقم 124 لسنة 1960 بشأن نظام الإدارة المحلية المعدل بالقانون رقم 54 لسنة 1963 أن اختصاص وكيل المجلس المنتخب قد آل إليه بطريق الإنابة على مقتضى هذا النص التشريعي بما يعتبر معه موظفاً عمومياً في هذا الصدد دون أن ينال من ذلك أنه كان من قبل أن يسند إليه الشارع رئاسة المجلس وكيلاً منتخباً له، فإن النزاع حول استحقاقه المكافأة وبدل الانتقال من عدمه يكون من اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون غيره وهو اختصاص ولائي متعلق بالنظام العام.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكمين المطعون فيهما وسائر الأوراق - تتحصل في أن مجلس مدينة أخميم رفع الدعوى 115 سنة 1968 مدني كلي سوهاج على.... بطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 878.065 ج والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة استناداً إلى أنه كان قد انتخب عضواً بمجلس مدينة أخميم ثم وكيلاً له وأنه نظراً لغياب رئيس مجلس المدينة في المدة من 1/ 4/ 1964 إلى 31/ 8/ 1965 فقد كان يتولى رئاسة جلسات المجلس نيابة عنه ومباشرة اختصاصاته وقد صرف له المبلغ المطالب به باعتباره قيمة المكافأة وبدل الانتقال الثابت المقررين لرئيس مجلس المدينة رغم عدم أحقيته قانوناً في اقتضائها لأن مناط استحقاقها أن يكون رئيس المجلس موظفاً شاغلاً لهذه الوظيفة عن طريق التعيين ومتفرغاً لعملها وهو ما لا ينطبق عليه، وبتاريخ 22/ 3/ 1970 قضت المحكمة برفض الدعوى، فاستأنف رئيس مجلس المدينة هذا الحكم بالاستئناف رقم 171 سنة 45 قضائية سوهاج طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته وبتاريخ 9/ 1/ 1971 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع أولاً: - برفض الدفع بسقوط حق المستأنف في الاسترداد ثانياً: - بإلغاء الحكم المستأنف في خصوص المطالبة برد مبالغ المكافأة وبإلزام...... بأن يرد للمجلس بمبلغ 638.065 ج والمصاريف المستحقة عن هذا المبلغ عن الدرجتين وحدد جلسة لاستجواب الطرفين في الشق الخاص بالمطالبة برد بدل الانتقال الثابت. فطعن المستأنف عليه في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنه برقم 253 سنة 41 ق. ثم قضت محكمة الاستئناف بتاريخ 6/ 5/ 1971 في موضوع الشق الخاص ببدل الانتقال الثابت وقدره 240 جنيهاً بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض دعوى مجلس المدينة فطعن هذا الأخير على هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنه برقم 594 سنة 41 ق وقدمت النيابة العامة مذكرة في الطعن الأول انتهت فيها إلى نقض الحكم المطعون فيه والحكم بعدم اختصاص المحاكم المدنية ولائياً بنظر الدعوى، ومذكرة في الطعن الثاني طلبت فيها ضم الطعنين للارتباط والحكم أصلياً بنقض الحكم المطعون فيه واحتياطياً برفض الطعن وعرض الطعنان على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظرهما وفيها التزمت النيابة العامة رأيها.
وحيث إن المحكمة أمرت بضم الطعنين للارتباط القائم بينهما.
وحيث إن كلاً من الطعنين قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل السبب الأول في الطعن المرفوع من السيد.... هو عدم اختصاص القضاء العادي ولائياً بنظر النزاع الماثل لانعقاده للقضاء الإداري ذلك بأن هذا النزاع قائم بينه وبين مجلس المدينة عن أموال عامة قبضها باعتباره رئيساً للمجلس وأن علاقته به على هذا الأساس علاقة تنظيمية تحكمها قواعد القانون العام.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك بأن الدفع بعدم الاختصاص الولائي يعتبر دائماً مطروحاً على محكمة الموضوع لتعلقه بالنظام العام ولو لم يدفع به أمامها فلا يسقط الحق في إبدائه والتمسك به حتى ولو تنازل عنه الخصوم ويجوز الدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض إذا لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع، لما كان ذلك وكان النص في الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون 55 لسنة 1959 بشأن مجلس الدولة على أن "يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون غيره بالفصل في المسائل الآتية: ثانياً: - المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة للموظفين العموميين أو لورثتهم" يدل على أنه يشترط لاختصاص مجلس الدولة بنظر النزاع أن يتعلق بمرتب أو معاش أو مكافأة مستحقة لأحد الموظفين العموميين أو ورثته بحيث إذا ما تحققت الصفة الوظيفية مع من تثور معه المنازعة بشأن هذه المبالغ انعقد الاختصاص لمجلس الدولة، وإذ كان ذلك وكان الموظف العمومي في هذا الخصوص هو كل من تناط به إحدى وظائف الدولة العامة في نطاق وظيفة إحدى السلطات الثلاث سواء كان مستخدماً حكومياً أو غير مستخدم براتب أو بغير راتب وإنما يشترط أصلاً أن تكون وظيفته في نطاق شئون الدولة ويكون اختصاصه آيلاً إليه بطريق الإنابة أو بطريق التعيين على مقتضى أحد النصوص الدستورية أو التشريعية أو من المعينين في وظائف حكومية تابعة لإحدى الوزارات أو الهيئات أو المؤسسات العامة وإن كان من ذوي المرتبات أن يكون مقيداً على إحدى درجات الكادر العام أو من يقوم مقامه في نطاق ميزانية الدولة، فإن القائمين بإدارة المجالس المحلية يعتبرون - سواء كانوا منتخبين أو معينين - في خدمة أحد الأشخاص الإدارية العامة ما دام هذا العمل دائماً ولازماً في مباشرة هذه المجالس لنشاطها ولو كان شغلهم له بصفة مؤقتة، ولما كان ذلك وكان النزاع يدور بين طرفيه حول استحقاق وكيل مجلس المدينة المنتخب المكافأة وبدل الانتقال المقررين لرئيس مجلس المدينة المعين أثناء فترة قيامه بعمله المدة من 1/ 4/ 1964 إلى 31/ 8/ 1965 إبان غيابه وكان نص المادة 31 من القانون رقم 124 لسنة 1960 بشأن نظام الإدارة المحلية المعدل بالقانون 54 لسنة 1963 على أن "وكيل المجلس يباشر اختصاصات رئيس المجلس عند خلو المنصب أو إذا امتنع على رئيس المجلس مباشرة الاختصاصات." يدل على أن اختصاص وكيل المجلس المنتخب قد آل إليه بطريق الإنابة على مقتضى هذا النص التشريعي بما يعتبر معه موظفاً عمومياً في هذا الصدد دون أن ينال من ذلك أنه كان من قبل أن يسند إليه الشارع رئاسة المجلس وكيلاً منتخباً له، فإن النزاع حول استحقاقه المكافأة وبدل الانتقال من عدمه يكون من اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون غيره وهو اختصاص ولائي متعلق بالنظام العام. وإذ خالف الحكمان المطعون فيهما هذا النظر وفصلاً في موضوع النزاع فإنهما يكونان قد خالفا القانون ويتعين نقضهما والحكم بعدم اختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى بغير حاجة لبحث باقي أسباب الطعن في كل من الطعنين.