أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 964

جلسة 15 من إبريل سنة 1976

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة أمين فتح الله وعضوية السادة المستشارين جلال عبد الرحيم عثمان ومحمد كمال عباس وعبد السلام الجندي وجمال الدين عبد اللطيف.

(183)
الطعن رقم 458 لسنة 41 القضائية

عقد. عمل. ضرائب "ضريبة المرتبات والأجور".
المناط في تكييف عقد العمل وتمييزه عن غيره من العقود هو توافر عنصر التبعية. ظهور التبعية في صورتها التنظيمية أو الإدارية. كفاية ذلك لتحققها. مثال بشأن تكييف العقد المبرم بين طبيب وهيئة التأمين الصحي.
مناط تكييف عقد العمل وتمييزه عن عقد المقاولة وغيره من العقود - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو توافر عنصر التبعية التي تتمثل في خضوع العامل لرب العمل وإشرافه ورقابته وهو ما نصت عليه المادة 674 من التقنين المدني وكذا المادة 24 من القانون 91 لسنة 1959، وأنه يكفي لتحقيق هذه التبعية ظهورها ولو في صورتها التنظيمية أو الإدارية، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه إذ استدل في تكييفه للعلاقة بين الطرفين - هيئة التأمين الصحي والطبيب المتعاقد معها - على أنها علاقة عمل بما استخلصه من بنود العقد على قيام هذه التبعية وكان استخلاصه لذلك سائغاً ومؤدياً إلى ما انتهى إليه، فإن النعي عليه بمخالفة القانون والفساد في الاستدلال، يكون على غير أساس [(1)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مأمورية ضرائب اللبان قدرت صافي أرباح المطعون ضده في سنة 1965 بمبلغ 1008 جنيهات وذلك على أساس أن إيراده الشهري من عيادته مبلغ 40 جنيهاً ومن الهيئة العامة للتأمين الصحي مبلغ 65 جنيهاً. لم يرتض المطعون ضده هذا التقدير وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن التي قررت بتاريخ 26/ 10/ 1968 تخفيض صافي أرباحه من عيادته إلى مبلغ 336 جنيهاً في سنة النزاع وخضوع المبالغ التي تقاضاها من الهيئة العامة للتأمين الصحي لضريبة كسب العمل. أقامت مصلحة الضرائب الدعوى رقم 1904 سنة 1964 كلي الإسكندرية طعناً في هذا القرار وبجلسة 26/ 11/ 1969 حكمت المحكمة بتأييد القرار المطعون فيه فاستأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم بالاستئناف رقم 203 سنة 26 ق الإسكندرية وبجلسة 26/ 11/ 1969 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وشابه فساد في الاستدلال بتكييفه العقد المؤرخ 2 يناير سنة 1965 الذي يربط المطعون ضده بالهيئة العامة للتأمين الصحي بأنه عقد عمل ورتب على ذلك إخضاع ما تقاضاه منها لضريبة كسب العمل حالة أن بنود هذا العقد تدل على أنه في حقيقته عقد مقاولة حرر معه باعتباره من أصحاب المهن الحرة لرعاية عدد محدد من العاملين المؤمن عليهم في حدود خدمات الممارس العام.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه باعتبار العقد المؤرخ 2 يناير سنة 1965 عقد عمل على قوله "وبما أنه يبين من مطالعة العقد المبرم بين الهيئة العامة للتأمين الصحي والمستأنف عليه (المطعون ضده) أن البند الأول ينص على... وينص البند الثاني منه على أن يلتزم الطرف الأول (الهيئة العامة للتأمين الصحي) بأن تؤدي إلى الطرف الثاني مبلغ 65 جنيهاً شاملة مصروفات الانتقال تدفع في نهاية كل شهر وينص البند الثالث على أن للطرف الأول سلطة الإشراف والرقابة والتوجيه في تنفيذ هذا العقد لضمان حسن قيام الطرف الثاني بالتزاماته وينص البند الرابع على أن يخضع الطرف الثاني في تنفيذ هذا العقد للأوامر التي يصدرها الطرف الأول ويكون مسئولاً شخصياً عن تنفيذه فلا يجوز له التنازل عنه أو أن ينيب عنه غيره في تنفيذه إلا بعد موافقة الطرف الأول وينص البند السابع على أنه في حالة إخلال الطرف الثاني بأي شرط من شروط هذا العقد أو الأوامر التي يصدرها إليه الطرف الأول أن يوقع عليه الجزاء الذي يقدره دون حاجة إلى الالتجاء إلى القضاء فضلاً عن حقه في فسخ العقد دون حاجة إلى إنذاره... لما كان ذلك فإن علاقة المستأنف عليه بالهيئة العامة للتأمين الصحي تكون علاقة عمل.... وهذا الذي قرره الحكم لا مخالفة فيه للقانون ولا فساد فيه للاستدلال ذلك أن مناط تكييف عقد العمل وتمييزه من عقد المقاولة وغيره من العقود - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو توافر عنصر التبعية التي تتمثل في خضوع العامل لرب العمل وإشرافه ورقابته وهو ما نصت عليه المادة 674 من التقنين المدني بقولها "عقد العمل هو الذي يتعهد فيه أحد المتعاقدين بأن يعمل في خدمة المتعاقد الآخر وتحت إدارته أو إشرافه مقابل أجر يتعهد به المتعاقد الآخر" كما عرفت كذلك المادة 42 من القانون 91 لسنة 1959 عقد العمل بأنه هو الذي "يتعهد بمقتضاه عامل بأن يشتغل تحت إدارة صاحب عمل أو إشرافه في مقابل أجر" وأنه يكفي لتحقيق هذه التبعية ظهورها ولو في صورتها التنظيمية أو الإدارية، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه إذ استند في تكييفه للعلاقة بين الطرفين على أنها علاقة عمل بما استخلصه من بنود العقد على قيام هذه التبعية وكان استخلاصه لذلك سائغاً ومؤدياً إلى ما انتهى إليه فإن النعي يكون على غير أساس ويتعين رفضه.


[(1)] نقض 13/ 2/ 1963 مجموعة المكتب الفني س 14. ص 239.