أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 1010

جلسة 24 من إبريل سنة 1976

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد صادق الرشيدي وعضوية السادة المستشارين: أديب قصبجي، محمد صلاح الدين عبد الحميد، وشرف الدين خيري، ومحمد عبد العظيم عيد.

(192)
الطعن رقم 694 لسنة 40 القضائية

(1 و2) عمل. تقادم "تقادم مسقط".
(1) حق العامل في حصيلة صندوق الادخار وحقه في المكافأة أو فيهما معاً حق ناشئ عن عقد العمل. تقادمه بانقضاء سنة من وقت انتهاء العقد. م 698 مدني.
(2) إقرار رب العمل يدين العامل قبل انتهاء عقد العمل. غير قاطع لتقادم دعاوى العامل الناشئة عن العقد. علة ذلك. التقادم لا ينقطع قبل بدء سريانه.
(3) دعوى. نقابات. عمل. حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي.
دعوى النقابة. دعوى مستقلة متميزة عن دعوى الأعضاء. اختلافهما في الموضوع والسبب والآثار والأشخاص. قرار هيئة التحكيم في الدعوى المقامة من النقابة. لا حجية له في الدعوى المقامة من العامل قبل رب العمل.
1 - حق العامل في حصيلة صندوق الادخار وحقه في المكافأة أو فيهما معاً - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - هو حق ناشئ عن عقد العمل وتحكمه قواعده في عقود العمل ومختلف قوانينه وما لا يتعارض معها من أحكام القانون المدني ومنها ما نصت عليه المادة 698 من أنه (تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بانقضاء سنة تبدأ من وقت انتهاء العقد) وهو ميعاد يتصل برفع الدعوى.
2 - إذ كان الخطاب الصادر من الشركة المطعون ضدها - أياً كان وجه الرأي فيه باعتباره إقراراً بالدين - قد صدر قبل انتهاء عقد عمل مورث الطاعنة أي قبل بداية مدة التقادم المنصوص عليها في المادة 698 من القانون المدني ومن ثم فلا يكون هنالك تقادم حتى يرد عليه الانقطاع، أما عن القول بأن الخطاب السالف الذكر يعتبر سنداً جديداً بالدين فلا يتقادم إلا بالمدة الطويلة فإنه مردود بأن الخطاب لا يخرج المبالغ الواردة به عن طبيعتها باعتبارها حقاً ناشئاً عن عقد العمل. وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وجرى في قضائه على سقوط دعوى الطاعنة لرفعها بعد انقضاء سنة من انتهاء عقد عمل مورثها فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
3 - دعوى النقابة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(2)] - هي دعوى مستقلة ومتميزة عن دعوى الأعضاء وتختلف عنها في موضوعها وفي سببها وفي آثارها وفي الأشخاص، إذ هي تتصل بحق الجماعة ويتأثر بها مركزها باعتبارها شخصية معنوية مستقلة عن شخصية أعضائها لا باعتبارها نائبة أو وكيلة عنهم، ومن ثم فإن القرار الصادر من هيئة التحكيم (لصالح النقابة العامة لعمال خدمات النقل) لا تكون له حجية الأمر المقضي بالنسبة للنزاع القائم (المقام من زوجة العامل بعد وفاته) وبالتالي فليس من شأنه أن يكون سنداً للحق المطالب به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 2280 سنة 1968 عمال كلي الإسكندرية بعريضة معلنة في 4/ 9/ 1968 وقالت بياناً لها إن زوجها المرحوم...... كان يعمل لدى شركة مخازن البوندد المصرية التي اندمجت في الشركة المطعون ضدها، وأنه كان مشتركاً في صندوق الاحتياط والمعاش الخاص بتلك الشركة والذي يتكون رأس ماله من الاشتراكات الشهرية لأعضائه ومما تساهم به الشركة وقد قامت الشركة في سنة 1959 برد ما دفعه العاملون في ذلك الصندوق إليهم، ولكنها لم ترد شيئاً لمورث الطاعنة، وبالنسبة لقيمة ما ساهمت به الشركة في الصندوق فقد احتفظت به لنفسها، ولم ترده للعاملين بمقولة إنه مقابل التزامها بمكافأة نهاية الخدمة الأمر الذي حدا بالنقابة العامة لعمال خدمات النقل إلى عرض النزاع الخاص بهذا الشق على هيئة التحكيم التي أصدرت قرارها في 17/ 10/ 1964 في النزاع 18 سنة 62 تحكيم الإسكندرية بإلزام الشركة بأن تدفع للمشتركين في صندوق الاحتياط والمعاش أو خلفائهم وفي نهاية الخدمة قيمة ما ساهمت به الشركة حتى 9/ 2/ 1956، وكانت شركة مخازن البوندد المصرية قد أرسلت في 29/ 2/ 1956 إلى مورث الطاعنة خطاباً تضمن بياناً بحسابه لدى صندوق الاحتياط والمعاش باعتبار أنه حصيلة اشتراكاته فيه فضلاً عما ساهمت به الشركة وأخطرته أن ذلك المبلغ سيودع لحسابه بصندوق الادخار، وخلصت الطاعنة من ذلك إلى طلب الحكم بأحقيتها إلى مبلغ 3500 جنيه قيمة اشتراكات مورثها في صندوق الاحتياط والمعاش، وقيمة ما ساهمت به الشركة في ذلك الصندوق. دفعت الشركة المطعون ضدها بسقوط الدعوى بالتقادم وفقاً للمادة 698 من القانون المدني باعتبار أن عقد العمل انتهى في 18/ 11/ 1956 وانقضى أكثر من سنة قبل رفع الدعوى.
قضت المحكمة الابتدائية في 26/ 3/ 1969 برفض الدفع بالتقادم وبإلزام الشركة المطعون ضدها بمبلغ 2472 جنيه و219 مليماً. استأنفت الشركة هذا الحكم بالاستئناف رقم 364 سنة 25 ق عمال إسكندرية، كما استأنفته الطاعنة بالاستئناف رقم 465 سنة 25 ق عمال إسكندرية، وبتاريخ 10/ 6/ 1970 قضت محكمة الاستئناف بعد أن ضمت الاستئنافين (أولاً) وفي الاستئناف المرفوع من الشركة المطعون ضدها بإلغاء الحكم المستأنف وسقوط دعوى الطاعنة بالتقادم. (ثانياً) وفي الاستئناف المرفوع من الطاعنة برفضه. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبعرض الطعن على غرفة المشورة حددت لنظره جلسة 6/ 3/ 1976 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب. حاصل السببين الأول والثاني منها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، بقضائه بسقوط الدعوى بالتقادم وفقاً للمادة 698 من القانون المدني، وعدم اعتداده بإقرار الشركة المطعون ضدها بحق مورث الطاعنة بخطابها المؤرخ 29/ 2/ 1956، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن قيام صندوق الاحتياط والمعاش كان وليد عقد أبرم بين شركة البوندد المصرية وبين العاملين بها، ومؤدى ذلك أن ما يدفعه المشتركون للصندوق لا يعدو أن يكون وديعة ناقصة وهو بذلك يأخذ حكم القرض وبالتالي فإن دعاوى العمال بحقوقهم في هذا الصندوق تكون ناشئة عن عقد الوديعة وليس عن عقد العمل، ومن ثم فلا يرد عليها التقادم المنصوص عليه في المادة 698 من القانون المدني، وحتى على فرض أن الدعوى الراهنة نشأت عن عقد عمل فإن ما تضمنه خطاب الشركة المؤرخ 29/ 2/ 56 من إقرارها بمديونيتها يعتبر سنداً جديداً للطاعنة فلا يتقادم حقها إلا بمضي خمسة عشرة سنة عملاً بنص المادة 385/ 2 من القانون المدني، حتى ولو كان إقرار الشركة قد صدر منها قبل أن تبدأ مدة التقادم بانتهاء عقد العمل كما هو الحال في الدعوى الراهنة.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك لأن حق العامل في حصيلة صندوق الادخار وحقه في المكافأة أو فيهما معاً - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو حق ناشئ عن عقد العمل وتحكمه قواعده في عقود العمل ومختلف قوانينه وما لا يتعارض معها من أحكام القانون المدني ومنها ما نصت عليه المادة 698 من أنه "تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بانقضاء سنة تبدأ من وقت انتهاء العقد" وهو ميعاد يتصل برفع الدعوى، لما كان ذلك وكان الخطاب الصادر من الشركة المطعون ضدها بتاريخ 29/ 2/ 1956 - أياً كان وجه الرأي فيه وباعتباره إقراراً بالدين - قد صدر قبل انتهاء عمل مورث الطاعنة في 18/ 11/ 1956 أي قبل بداية مدة التقادم المنصوص عليها في المادة 698 من القانون المدني السالف الذكر يعتبر سنداً جديداً بالدين فلا يتقادم إلا بالمدة الطويلة، فمردود بما تقدم قوله من إن التقادم لم يكن قد بدأ وقت صدور ذلك الخطاب. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وجرى في قضائه على سقوط دعوى الطاعنة لرفعها بعد انقضاء سنة من انتهاء عقد عمل مورثها فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن ما تنعاه الطاعنة بالسبب الثالث هو خطأ الحكم المطعون فيه بإغفاله قرار هيئة التحكيم، وتقول في بيان ذلك إن النقابة العامة لعمال خدمات النقل كانت قد حصلت على قرار بتاريخ 27/ 10/ 1964 من هيئة التحكيم بمحكمة استئناف الإسكندرية ضد شركة مخازن البوندد المصرية في النزاع رقم 18 لسنة 1962 تحكيم الإسكندرية، قضى بإلزام تلك الشركة بأن تؤدي لكل من المشتركين في صندوق الاحتياط والمعاش أو خلفائهم في نهاية الخدمة قيمة ما ساهمت به الشركة بالنسبة لكل منهم وذلك علاوة على ما يستحقه وفقاً للقانون، ولما كان من حق النقابة أن تباشر الدعاوى الخاصة بالحقوق الجماعية لأعضائها، فإن قرار هيئة التحكيم السالفة الذكر يحوز حجية الأمر المقضي ويكون حجة على الخصوم مما لا يجوز معه معاودة النظر فيه فضلاً عن أنه ينشئ سنداً رسمياً للحق المطالب به فيكون سند ذلك هو قرار هيئة التحكيم وليس عقد العمل مما لا يصح معه انطباق نص المادة 698 من القانون المدني.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك لأن دعوى النقابة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هي دعوى مستقلة ومتميزة عن دعوى الأعضاء وتختلف عنها في موضوعها وفي سببها وفي آثارها وفي الأشخاص، إذ هي تتصل بحق الجماعة ويتأثر بها مركزها باعتبارها شخصية معنوية مستقلة عن شخصية أعضائها لا باعتبارها نائبة أو وكيلة عنهم، ومن ثم فإن القرار الصادر من هيئة التحكيم السالف الذكر لا تكون له حجية الأمر المقضي بالنسبة للنزاع القائم وبالتالي فليس من شأنه أن يكون سنداً للحق المطالب به.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه.


[(1)] نقض 1/ 2/ 1967 مجموعة المكتب الفني س 18 ص 291.
[(2)] نقض 16/ 2/ 1972 مجموعة المكتب الفني س 23 ص 1391.