أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 1041

جلسة أول مايو سنة 1976

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد صادق الرشيدي، وعضوية السادة المستشارين أديب قصبجي، ومحمد فاضل المرجوشي، ومحمد صلاح الدين عبد الحميد، محمد عبد العظيم عيد.

(199)
الطعن رقم 79 لسنة 39 القضائية

(1) استئناف "سلطة محكمة الإحالة. نقض "أثر نقض الحكم" تعويض فوائد. عمل.
نقض الحكم الصادر بتعويض العامل عن فصله تعسفياً. لمحكمة الإحالة حقها المطلق في تقدير التعويض. استحقاق الفوائد القانونية ابتداء من تاريخ الحكم نهائياً في الدعوى من حقها الإحالة.
(2) نقض "أثر الحكم". التماس إعادة النظر. قوة الأمر المقضي.
الحكم بأكثر مما طلبه الخصوم قضاء محكمة النقض في الطعن السابق بأن النعي به أصبح غير منتج بعد أن صححته محكمة الاستئناف في الالتماس المرفوع إليها عن ذلك الحكم لا يعد تحصيناً للحكم الصادر في ذلك الالتماس.
1 - إذ كانت محكمة النقض قد قضت في النزاع بحكمها في الطعن - السابق - بنقض الحكم الاستئنافي الأول فيما قضى به من تعويض للطاعن عن فصله تعسفياً، فقد زال ذلك الحكم في هذا الشطر منه وعاد لمحكمة الإحالة حقها المطلق في تقدير التعويض والذي لا يكون معلوم المقدار في مفهوم المادة 226 من القانون المدني إلا بصدور الحكم الذاتي في الدعوى وهو ما لم يتحقق إلا بالحكم المطعون فيه (بالطعن الماثل)، على أنه لما كان هذا الحكم الأخير - وعلى ما يفصح عنه منطوقه وأسبابه المرتبطة بهذا الشق من قضائه - قد رفض كلية إجابة الطاعن إلى ما طلبه من فوائد عن مبلغ التعويض رغم استحقاقه لها - وتأسيساً على النظر المتقدم - من تاريخ الحكم المذكور فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
2 - إذ كان الثابت من الحكم الصادر من محكمة النقض (في الطعن الأول عن الحكم الصادر في ذات الدعوى) أن الطاعن فيه (سلف المؤسسة المطعون عليها في الطعن الماثل) جعل من تجاوز محكمة الاستئناف بحكمها المطعون فيه بذلك الطعن لطلبات المطعون ضده (الطاعن في الطعن الماثل) سبباً للطعن عليه بالنقض بعد أن جعله سبباً لالتماس إعادة النظر والذي قضت فيه محكمة استئناف القاهرة بتعديل الحكم الملتمس إعادة النظر فيه والنزول بالمبلغ المحكوم به إلى ما كان الملتمس ضده قد حدده في طلباته وكانت محكمة النقض قد قالت عن هذا الوجه من أوجه الطعن المقدمة إليها "إنه غير مقبول ولا جدوى فيه بعد أن حكم في الالتماس بتعديل الحكم إلى مبلغ...." وهو قول لا يعني أن محكمة النقض حصنت الحكم الصادر في ذلك الالتماس من الإلغاء أو التعديل وإنما اعتبرت الطعن في خصوص هذا الوجه غير مقنع لما تبنته من أن الطاعن ينعى به على الحكم المطعون فيه عيباً بات بريئاً منه، كما أنها نقضت ذلك الحكم في خصوص ما صح لديها من أسباب الطعن الأخرى وبما ينال من حساب بعض تلك المستحقات وزال تبعاً له حكم الالتماس فيما نقض فيه وأحيل إلى محكمة الاستئناف لنقض فيه من جديد بحكمها المطعون فيه بالطعن الماثل، إذ كان ذلك فإن النعي على الحكم بما ورد بهذا السبب (من أنه أخطأ إذ قضى للطاعن بمبلغ يقل عن المبلغ المقضى له به في الحكم الصادر في التماس إعادة النظر، يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد مطالعة الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام على مدير بنك التسليف الزراعي والتعاوني وعلى نقابة عمال ومستخدمي البنك الدعوى رقم 2149 لسنة 1953 عمال كلي القاهرة طالباً إلزام الأول بصفته بأن يؤدي له مبلغ 5433 ج و850 م، وقال بياناً لها إنه التحق بخدمة البنك في 11/ 10/ 1934 واستمر إلى أن فصل في 18/ 6/ 1950 وإذ كان الفصل تعسفياً ويستحق في ذمة البنك مبلغ 5433 ج و850 م منه 3866 ج تعويضاً عن الفصل وباقيه مقابل استحقاقاته الأخرى فقد أقام دعواه بطلباته سالفة الذكر، وفي 20/ 2/ 1956 قضت المحكمة الابتدائية برفض الدعوى بالنسبة لطلب التعويض وندبت خبير لتحقيق عناصر باقي الطلبات وبعد أن قدم تقريره عدل الطاعن عن طلباته إلى إلزام البنك بأن يؤدي له مبلغ 1231 ج و65 م هو مجموع ما يستحقه من مرتبات وبدل إنذار ومقابل إجازة ومكافأة مدة الخدمة والعلاوة الدورية مع الفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية، وفي 25/ 4/ 1960 قضت المحكمة بإلزام البنك بأن يؤدي له مبلغ 348 ج و807 م ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات فاستأنف الطاعن هذين الحكمين أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 1365 سنة 78 ق كما أقام البنك استئنافاً مقابلاً عن الحكم الأخير قيد برقم 1777 لسنة 78 ق وفي 29/ 3/ 1962 قضت المحكمة في موضوع الاستئناف المرفوع من الطاعن بإلغاء الحكم المستأنف الصادر في 20/ 2/ 1956 فيما قضى به من رفض طلب التعويض وبإلزام البنك بأن يؤدي له مبلغ 1000 ج وبتعديل الحكم المستأنف الصادر في 25/ 4/ 1960 إلى إلزام البنك بأن يؤدي له مبلغ 1253ج و659 م (تعدل إلى مبلغ 1231 ج و65 م بمقتضى الحكم الصادر في التماس إعادة النظر رقم 1592 لسنة 79 ق الذي أقامه البنك) وذلك بالنسبة لباقي الطلبات والفوائد القانونية بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في فبراير 1951 عن مجموع المبلغين سالفى الذكر وفي موضوع الاستئناف المقابل برفضه، طعن البنك في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنه برقم 227 سنة 32 ق، وبجلسة 7/ 12/ 1966 قضت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه جزئياً في خصوص ما صح من أسباب الطعن والإحالة، قام الطاعن بتعجيل استئنافه لتقضي فيه المحكمة من جديد فيما نقض وأحيل إليها وفي 9/ 1/ 1969 قضت أولاً: بإلغاء الحكم المستأنف الصادر في 20/ 2/ 1956 برفض طلب التعويض وبإلزام المؤسسة العامة للائتمان الزراعي التعاوني (المطعون ضدها والتي حلت محل البنك) بأن تدفع للطاعن مبلغ 500 ج وثانياً: بتعديل الحكم المستأنف الصادر في 25/ 4/ 1960 وإلزام المؤسسة المذكورة بأن تؤدي له مبلغ 1029 ج و565 م والفوائد بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية، طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض بالطعن الماثل وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت الرأي فيها برفض الطعن وعرض الطعن على غرفة المشورة فاستبعدت الأسباب الثلاثة الأولى وقصرت نظره على السببين الرابع والخامس وحددت لذلك جلسة 20/ 3/ 1976 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ويقول في بيان ذلك إنه لم يقض له بالفوائد القانونية عن مبلغ التعويض المحكوم به من تاريخ الحكم الاستئنافي الأول الصادر في 29/ 3/ 1962 والذي لم ينقص إلا لعدم إدخال عنصر الأجر ضمن عناصر تقدير التعويض ومن ثم فإن محكمة الإحالة لم تكن تملك رفض الحكم به لأن حقه فيه أصبح باتاً بمقتضى حكم النقض السابق وإنما يقتصر دورها على مجرد تقديمه بعد إضافة ذلك العنصر مما يعتبر معه أنه تقرر سلفاً بالحكم الاستئنافي الأول وما يتبع ذلك من وجوب الحكم بالفوائد اعتباراً من ذلك التاريخ.
وحيث إنه عما يثيره الطاعن بهذا النعي من القول بوجوب الحكم بالفوائد اعتباراً من تاريخ الحكم الاستئنافي الأول فإنه مردود بأنه وقد قضى من محكمة النقض في ذات النزاع بحكمها في الطعن رقم 227 سنة 32 ق سالف الإشارة إليه بنقض ذلك الحكم فيما قضى به من تعويض للطاعن عن فصله تعسفياً فقد زال ذات الحكم في هذا الشطر منه وعاد لمحكمة الإحالة حقها المطلق في تقدير التعويض والذي لا يكون معلوم المقدار في مفهوم المادة 226 من القانون المدني إلا بصدور الحكم النهائي في الدعوى وهو ما لم يتحقق إلا بالحكم المطعون فيه، على أنه لما كان هذا الحكم الأخير وعلى ما يفصح عنه منطوقه وأسبابه المرتبطة بهذا الشق من قضائه - قد رفض - كلية إجابة الطاعن إلى ما طلبه من فوائد عن مبلغ التعويض رغم استحقاقه لها - وتأسيساً على النظر المتقدم - من تاريخ الحكم المذكور فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون متعيناً نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن حاصل السبب الخامس أن الحكم المطعون فيه قضى بإلزام المؤسسة المطعون ضدها بأن تؤدي له مبلغ 1029 ج و595 م جملة المستحق من طلباته الأخرى وهو منه خطأ ذلك أنه تمسك بصحيفة التعجيل بطلب إلزامها بأن تؤدي لها مبلغ 1231 ج و65 م طبقاً لما قضى به الحكم الصادر بالتماس رقم 1593 سنة 97 ق، وإذ كانت جملة المحكوم به من تلك الطلبات بالحكم الاستئنافي الأول محلاً للنعي عليها من البنك ضمن طعنه بالنقض على الحكم وبالسبب الرابع منه وقالت عنه محكمة النقض إنه عديم الجدوى بعد أن قضى في الالتماس بتعديله إلى مبلغ 1231 ج و65 م فقد كان على محكمة الإحالة إلا تنزل عنه بعد أن أصبح ذلك الرقم باتاً بقضاء النقض سالف الذكر.
وحيث إن هذا النعي مردود وذلك أنه لما كان الثابت من الحكم الصادر من محكمة النقض في الطعن رقم 227 سنة 32 ق المشار إليه أن الطاعن فيه (سلف المؤسسة المطعون عليها، الطعن الماثل) جعل من تجاوز محكمة الاستئناف بحكمها المطعون فيه بذلك الطعن لطلبات المطعون ضده (الطاعن في الطعن الماثل) سبباً للطعن عليه بالنقض بعد أن جعله سبباً لالتماس إعادة النظر والذي قضت فيه محكمة استئناف القاهرة بتعديل الحكم الملتمس إعادة النظر فيه والنزول بالمبلغ المحكوم به إلى ما كان الملتمس ضده قد حدده في طلباته وهو مبلغ 1231ج و65 م، وكانت محكمة النقض قد قالت عن هذا الوجه من أوجه الطعن المقدمة إليها "إنه غير مقبول ولا جدوى فيه بعد أن حكم في الالتماس رقم 1593 سنة 97 ق استئناف القاهرة بتعديل الحكم إلى مبلغ 1231 ج و65 م" وهو قول لا يعني أن محكمة النقض حصنت الحكم الصادر في ذلك الالتماس من الإلغاء أو التعديل وإنما اعتبرت الطعن في خصوص هذا الوجه غير منتج لما تبينته من أن الطاعن ينعى به على الحكم المطعون فيه عيباً بات بريئاً منه، كما أنها نقضت ذلك الحكم في خصوص ما أصبح لديها من أسباب الطعن الأخرى وبما ينال من حساب بعض تلك المستحقات وزال تبعاً له حكم الالتماس فيما نقض منه وأحيل إلى محكمة الاستئناف لتقضي فيه من جديد بحكمها المطعون فيه بالطعن الماثل، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بما ورد بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الموضوع فيما نقضته المحكمة من قضاء الحكم المطعون فيه صالح للفصل فيه كما أن الطعن للمرة الثانية ولما تقدم في شأن السبب الرابع من أسباب الطعن يتعين إجابة الطاعن إلى طلب الفوائد بواقع 5% سنوياً من تاريخ الحكم المطعون فيه.