أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 1093

جلسة 12 من مايو سنة 1976

برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود؛ وعضوية السادة المستشارين محمد محمد المهدي؛ سعد الشاذلي؛ والدكتور عبد الرحمن عياد؛ ومحمد الباجوري.

(208)
الطعن رقم 28 لسنة 44 ق "أحوال شخصية"

(1) دعوى. حكم.
حجز المحكمة الدعوى للحكم فيها دون التصريح بتقديم مذكرات. التفاتها عن مذكرة دفاع الطاعن المقدمة خلال فترة حجز الدعوى للحكم. لا قصور.
(2)، (3) أحوال شخصية "نسب". حكم "تسبيبه". إثبات.
(2) النسب يثبت بالفراش. استناد الحكم بثبوت النسب إلى إقرار الزوج بتحقيقات إدارية بقيام الزوجية وإلى عدم المانع من الدخول وثبوت تمام الوضع لأكثر من ستة أشهر من عقد الزواج. لا خطأ.
(3) النسب حق أصلي للأم والولد. تعلق حق الله تعالي به أيضاً. الأم لا تملك إسقاط حقوق ولدها أو المساس بحقوق الله تعالي. طرح الحكم للإقرار المنسوب للأم بأن الطاعن لم يعاشرها معاشرة الأزواج. لا خطأ.
1 - مفاد نص المادة 168 من قانون المرافعات أن الشارع رأى حماية لحق الدفاع منع المحاكم من الاستماع أثناء المداولة لأحد الخصوم أو وكيله في غيبة خصمه ومن قبول مستندات أو مذكرات من أحدهم دون اطلاع الخصم الآخر عليها ورتب على مخالفة ذلك البطلان. وإذ كان الثابت من الأوراق أن محكمة الاستئناف أجلت الدعوى عدة مرات لتبادل المذكرات وظلت الدعوى مردودة حتى حجزت لإصدار الحكم دون أن تصرح لأي من الطرفين بتقديم مذكرات. فإن المحكمة تكون في مطلق حقها المخول لها بالمادة سالفة الإشارة إذ التفتت عن المذكرة المقدمة من الطاعن في فترة حجز الدعوى للحكم، ولم ترد على ما تضمنته من أوجه دفاع.
2 - إذ كان النسب يثبت بالفراش وكان البين من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بثبوت نسب الصغيرة إلى الطاعن على سند من إقراره بالتحقيقات الإدارية المقدمة صورتها الرسمية بقبوله الزواج من المطعون عليها عرفياً ودفعه مهراً لها ثم دفعه لها مؤخر صداقها عن شهرين سابقين على تقديم الشكوى وهو إقرار صريح يفيد قيام الزوجية بينه وبين المطعون عليها بعقد صحيح شرعاً في التاريخ الذي حددته وإلى عدم ثبوت قيام المانع من الدخول وبثبوت تمام الوضع لأكثر من ستة أشهر من عقد الزواج، وكانت هذه الأسباب تكفي لحمل هذا القضاء فإن النعي على الحكم المطعون فيه بصدد ما ساقه من قرينة مساندة استخلصها من الإقرار - الصادر من المطعون عليها - يكون غير منتج.
3 - لئن كان ثبوت النسب حقاً أصلياً للأم لتدفع عن نفسها تهمة الزنا أو لأنها تعير بولد ليس له أب معروف، فهو في نفس الوقت حق أصلي للولد لأنه يرتب له حقوقاً بينها المشرع والقوانين الوضعية كحق النفقة والرضاع والحضانة والإرث ويتعلق به أيضاً حق الله تعالى لاتصاله بحقوق وحرمات أوجب الله رعايتها فلا تملك الأم إسقاط حقوق ولدها أو المساس حقوق الله تعالي ومن ثم فلا يعيب الحكم وقد ثبت لديه إقرار الطاعن بالفراش أن يطرح مدلول ما جاء بالإقرار المقدم من الطاعن والمنسوب صدوره إلى المطعون عليها من أنه لم يعاشرها معاشرة الأزواج طالما أن فيه إسقاطاً لحقوق الصغيرة لا تملكه. [(1)]


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 130 لسنة 1972 أحوال شخصية "نفس" أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد الطاعن بطلب الحكم بثبوت نسب ابنتها "ماجدة" إليه، وقالت شرحاً لها إنه بتاريخ 27/ 11/ 1966 تزوجها الطاعن بعقد غير موثق صحيح شرعاً ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج ولما حملت منه استولى على صورة عقد الزواج الخاصة بها فأبلغت الشرطة وتحرر عن هذه الواقعة المحضر رقم 6609 لسنة 1968 إداري المطرية وبتاريخ 21/ 8/ 1968 انفصل الحمل عن البنت المشار إليها التي أنكر الطاعن أبوته لها بدون حق فأقامت الدعوى، وبتاريخ 24/ 10/ 1971 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها رزقها بالصغيرة "ماجدة" على فراش الزوجية الصحيحة بالطاعن، وبعد سماع شهود الطرفين قضت بتاريخ 28/ 1/ 1973 بثبوت نسب الصغيرة "ماجدة" بنت المطعون عليها إلى والدها الطاعن، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 24 لسنة 90 ق، وبتاريخ 17/ 6/ 1974 حكمت محكمة استئناف القاهرة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض؛ وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب ينعى الطاعن بالخمسة الأولى منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إنه تقدم بمذكرة مؤرخة 4/ 5/ 1974 ضمنها دفاعاً جوهرياً حاصله تزوير شهادة الميلاد المتخذة كدليل على ثبوت النسب وأن الصغيرة المطلوب نسبتها إليه ولدت قبل مضي ستة أشهر من المخالطة المدعى بها وأنه بلغ من الشيخوخة حداً أعجزه عن المعاشرة التي تؤدي إلى الإنجاب وطلب لذلك توقيع الكشف الطبي عليه ومقارنة فصيلة دمه بدم الصغيرة، ورغم جوهرية هذا الدفاع الذي يحق له إبداءه أمام محكمة ثاني درجة فقد استبعدت المحكمة هذه المذكرة لتقديمها بعد الميعاد معرضة بذلك عما هو مقرر من أن الاستئناف ينقل الدعوى برمتها إلى محكمة الدرجة الثانية على أساس ما قدم فيها من أدلة ودفوع وما يطرح منها عليها ويكون قد فات على الطرفين إبداؤه أمام محكمة أول درجة وهو ما يعيب حكمها بالقصور والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 168 من قانون المرافعات على أنه: "لا يجوز للمحكمة أثناء المداولة أن تسمع أحد الخصوم أو وكيله إلا بحضور خصمه أو أن تقبل أورقاً أو مذكرات من أحد الخصوم دون اطلاع الخصم الآخر عليها وإلا كان العمل باطلاً" يدل على أن الشارع رأى حماية لحق الدفاع منع المحاكم من الاستماع أثناء المداولة لأحد الخصوم أو وكيله في غيبة خصمه ومن قبول مستندات أو مذكرات من أحدهم دون اطلاع الخصم الآخر عليها ورتب على مخالفة ذلك البطلان. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن محكمة الاستئناف أجلت الدعوى عدة مرات لتبادل المذكرات وظلت الدعوى مرددة حتى جلسة 22/ 4/ 1974 حين حجزت لإصدار الحكم بها دون أن تصرح لأي من الطرفين بتقديم مذكرات فإن المحكمة تكون في مطلق حقها المخول لها بالمادة سالفة الإشارة إذا التفتت عن المذكرة المؤرخة 4/ 5/ 1974 التي قدمت في فترة حجز الدعوى للحكم، ولم ترد على ما تضمن أوجه دفاع، ويكون النعي على الحكم بالقصور والإخلال بحق الدفاع على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الأخير أن الحكم المطعون فيه شابه القصور في التسبيب إذ اتخذ من الإقرار الصادر من المطعون عليها قرينة على قيام الزوجية متغافلاً عن مدلول ما تضمنه من عدم حصول المعاشرة وخلوه من أية إشارة إلى وجود الحمل واحتفاظها بما يترتب عليه من حقوق، في حين أنها تحتاج بهذا الإقرار لأنها وإن أنكرت توقيعها عليه إلا أنها لم تتخذ إجراءات الطعن عليه بالتزوير.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان النسب يثبت بالفراش وكان البين من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بثبوت نسب الصغيرة إلى الطاعن على سند من إقراره بالتحقيقات الإدارية المقدمة صورتها الرسمية بقبول الزواج من المطعون عليها عرفياً ودفعه مهراً لها قدره مائة جنيه ثم دفعه لها مؤخر صداقها وقدره خمسون جنيهاً عن شهرين سابقين على تقديم الشكوى وهو إقرار يفيد قيام الزوجية بينه وبين المطعون عليها بعقد صحيح شرعاً في التاريخ الذي حددته وهو 27/ 11/ 1966 وإلى عدم ثبوت قيام المانع من الدخول وثبوت تمام الوضع لأكثر من ستة أشهر من عقد الزواج، وكانت هذه الأسباب تكفي لحمل هذا القضاء فإن النعي على الحكم المطعون فيه بصدد ما ساقه من قرينة مساندة استخلصها من الإقرار المشار إليه بسبب النعي يكون غير منتج. لما كان ذلك وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وإن كان ثبوت النسب حقاً أصلياً للأم لتدفع عن نفسها تهمة الزنا أو لأنها تعير بولد ليس له أب معروف فهو في نفس الوقت حق أصلي للولد لأنه يرتب له حقوقاً بينها الشرع والقوانين الوضعية كحق النفقة والرضاع والحضانة والإرث ويتعلق به أيضاً حق لله تعالي لاتصاله بحقوق وحرمات أوجب الله رعايتها فلا تملك الأم إسقاط حقوق ولدها أو المساس بحقوق الله تعالي، فإنه لا يعيب الحكم وقد ثبت لديه إقرار الطاعن بالفراش أن يطرح مدلول ما جاء بالإقرار المقدم من الطاعن والمنسوب صدوره إلى المطعون عليها من أنه لم يعاشرها معاشرة الأزواج طالما أن فيه إسقاطاً لحقوق الصغيرة لا تملكه ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] نقض 23/ 5/ 1973 مجموعة المكتب الفني س 24 ص 816.