أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 1118

جلسة 17 من مايو سنة 1976

برياسة السيد المستشار/ أحمد فتحي مرسي، وعضوية السادة المستشارين: محمد صالح أبو راس، وحافظ رفقي، وعبد اللطيف المراغي؛ ومحمود حسن حسين.

(214)
الطعن رقم 346 لسنة 42 القضائية

(1) أوراق تجارية. بنوك "الحساب الجاري". حكم. خبرة.
تكليف الخبير ببحث مستندات ودفاتر الطرفين فيما يتصل بالأوراق التجارية المقيدة بالحساب الجاري. النعي عليه بمجاوزته لمهمته ولقيامه ببحث دفتر أوراق القبض المكمل بدفتر الحساب الجاري فيما يتعلق بتلك الأوراق. لا محل له.
(2) إثبات "الدفاتر التجارية". بنوك "الحساب الجاري".
دفاتر التاجر المنتظمة، عدم جواز تجزئة ما ورد فيها لاستخلاص الدليل. مثال بشأن الحساب الجاري.
(3) أوراق تجارية. بنوك.
الدين الثابت بورقة تجارية. قيد قيمته في الجانب الدائن من الحساب الجاري للعميل. يعد قيد مؤقتاً بشرط الوفاء به. دخول القيمة في الحساب الجاري واندماجها فيه. حصوله من تاريخ الوفاء لا من تاريخ القيد. جواز مطالبة العميل بقيمة الورقة في ميعاد استحقاقها.
1 - متى كان الثابت من الحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى بندب الخبير أنه عهد إليه ببحث مستندات ودفاتر الطرفين فيما يتصل بالمستندات موضوع الدعوى، فإنه لا تثريب على عمل الخبير إن هو تناول بالبحث ما قدمه الطرفان من مستندات ودفاتر ومن بينها دفتر أوراق القبض الذي تبين له أنه مكمل لدفتر الحساب الجاري فيما يتعلق بالأوراق التجارية المقيدة بهذا الحساب وإذا اعتمد الحكم المطعون فيه تقرير الخبير في هذا الشأن فإن في ذلك الرد الضمني على ما أثاره الطاعن من مجاوزة الخبير لمهمته، ويكون ما ينعاه بهذا الصدد على غير أساس.
2 - مفاد نص المادة 17/ 2 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 أنه متى كانت دفاتر التاجر منتظمة فإنه لا يجوز لمن يريد أن يستخلص منها دليلاً لنفسه أن يجزئ ما ورد فيها وأن يستبعد ما كان منه مناقضاً لدعواه. وإذا كان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد احتكم إلى الدفاتر التجارية للجمعية المطعون ضدها بشأن إثبات دخول المستندات موضوع الدعوى بالحساب الجاري وتسوية قيمتها فيه، فإنه لا يجوز له - طالما لم يوجه أي مطعن لانتظام هذه الدفاتر أن يجزئ ما ورد بها فيأخذ منها ثبوت قيد هذه المستندات بدفتر الحساب ويطرح ما ثبت بأوراق القبض من أنه لم يسدد قيمتها وأن ذمته ما زالت مشغولة بها.
3 - متى كان المدفوع في الحساب الجاري ديناً ثابتاً بورقة تجارية حررها العميل لصالح الجهة المفتوح لديها الحساب، فإن مجرد قيد قيمتها في الجانب الدائن من الحساب لا يمنع من مطالبته العميل بقيمتها في ميعاد الاستحقاق، وليس له أن يحتج بدخول الورقة في الحساب الجاري واندماجها فيه بحيث لا يجوز فصلها عنه والمطالبة بها على استقلال طالما أنه لم يوف بقيمتها بالفعل إذ من تاريخ هذا الوفاء وحده يعتبر المدفوع قد دخل الحساب الجاري واندمج فيه بغض النظر عن تاريخ قيده، إذ يعتبر القيد في هذه الحالة قيداً مؤقتاً بشرط الوفاء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الجمعية المطعون ضدها استصدرت أمر الأداء رقم 149 سنة 1967 تجاري كلي القاهرة بإلزام الطاعن بأن يدفع لها مبلغ 6400 جنيهاً والفوائد وذلك استناداً إلى أنها تداين الطاعن في هذا المبلغ بمقتضى أربعين سنداً حلت آجال استحقاقها جميعاً ولم يقم الطاعن بالوفاء بها، تظلم الطاعن من هذا الأمر بالدعوى رقم 606 سنة 1967 تجاري كلي القاهرة طالباً الحكم بإلغائه ومؤسساً تظلمه على أنه تربطه بالجمعية المطعون ضدها معاملات يضمها حساب جاري وقد دخلت هذه السندات بالحساب الجاري وتمت تسوية قيمتها فيه مما لا يجوز معه للجمعية أن تطالبه بقيمتها وبتاريخ 31/ 1/ 1968 قضت محكمة القاهرة الابتدائية بندب خبير لبيان ما إذا كانت السندات الصادر بها أمر الأداء قد دخلت في الحساب الجاري للطاعن في دفاتر المطعون ضدها. وبعد أن أودع الخبير تقريره قضت في 30/ 3/ 1970 بإلغاء أمر الأداء المتظلم منه. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 213 سنة 87 ق. ومحكمة استئناف القاهرة قضت في 13/ 4/ 1972 بإلغاء الحكم المستأنف وتأييد أمر الأداء.
طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بأولها على الحكم المطعون فيه القصور والإخلال بالدفاع. وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن الخبير المنتدب في الدعوى قد تجاوز مهمته التي كانت مقصورة على بيان ما إذا كانت السندات الإذنية موضوع الدعوى قد دخلت الحساب الجاري الخاص بالطاعن لدى الجمعية المطعون ضدها ولكنه تجاوز هذه المهمة وبحث القيود الثابتة بدفتر أوراق القبض وانتهى إلى أن ذمة الطاعن ما زالت مشغولة بقيمة هذه السندات مما كان يتعين معه استبعاد هذا الشق من التقرير ولكن الحكم المطعون فيه اعتمد على تقرير الخبير ولم يرد على دفاع الطاعن في هذا الشأن مما يجعله مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان الثابت من الحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى في 31/ 1/ 1968 بندب الخبير أنه عهد إليه ببحث مستندات ودفاتر الطرفين فيما يتصل بالسندات موضوع الدعوى، فإنه لا تثريب على عمل الخبير إن هو تناول بالبحث، ما قدمه الطرفان من مستندات ودفاتر ومن بينها دفتر أوراق القبض الذي تبين له أنه مكمل لدفتر الحساب الجاري فيما يتعلق بالأوراق التجارية المقيدة بهذا الحساب وإذ اعتمد الحكم المطعون فيه تقرير الخبير في هذا الشأن فإن ذلك الرد الضمني على ما أثاره الطاعن من مجاوزة الخبير لمهمته ويكون ما ينعاه بهذا الصدد على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور والخطأ في تطبيق القانون. وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن القيود الواردة بدفتر أوراق القبض ليس لها حجية مطلقة ولا تعدو أن تكون قرنية بسيطة يجوز للطاعن إثبات عكسها ولكن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع واستند في قضائه إلى القيود الثابتة بهذا الدفتر وبذلك يكون قد خلع على هذا الدفتر حجية مطلقة ليست له مما يعيبه بالقصور والخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن مفاد نص المادة 17/ 2 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 أنه متى كانت دفاتر التاجر منتظمة فإنه لا يجوز لمن يريد أن يستخلص منها دليلاً لنفسه أن يجزئ ما ورد فيها وأن يستبعد ما كان منه مناقضاً لدعواه وإذ كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد احتكم إلى الدفاتر التجارية للجمعية المطعون ضدها بشأن دخول السندات موضوع الدعوى بالحساب الجاري وتسوية قيمتها فيه، فإنه لا يجوز طالما لم يوجه أي مطعن لانتظام هذه الدفاتر أن يجزئ ما ورد بها فيأخذها منها ثبوت قيد هذه السندات بدفتر الحساب الجاري، ويطرح ما ثبت بدفتر أوراق القبض من أنه لم يسدد قيمتها وأن ذمته ما زالت مشغولة بها. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، وأقام قضاءه على دلالة ما استخلصه الخبير من هذه الدفاتر مجتمعة دون تجزئة لما ورد بها، لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه ويكون ما ينعاه الطاعن بهذا الصدد على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الفساد الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن إدراج قيمة السندات الإذنية موضوع الدعوى بالجانب الدائن لحسابه الجاري لدى الجمعية المطعون ضدها من شأنه أن يفقد هذه السندات ذاتيتها بحيث تصبح مفردة من مفردات الحساب لا يجوز المطالبة بها على استقلال وإنما تكون المطالبة بما يسفر عنه الرصيد ولكن الحكم المطعون فيه طرح هذا الدفاع استناداً إلى القول أنه طالما أن الثابت من دفتر أوراق القبض أن ذمة الطاعن ما زالت مشغولة بقيمة هذه السندات فإن إدراجها في الحساب الجاري لا يفقدها ذاتيتها بل يبقى لها استقلالها ويكون للجمعية المطعون ضدها حق المطالبة بقيمتها متى حل ميعاد استحقاقها وهو من الحكم خطأ وفساد في الاستدلال ذلك أن إدراج هذه السندات في الحساب الجاري للطاعن سنة 1961 من شأنه أن يفقدها استقلالها ويجعلها مفردة من مفردات الحساب الجاري تذوب فيه ويمحو ما ثبت بشأنها بدفتر أوراق القبض ولا يكون للجمعية المطعون ضدها إلا المطالبة برصيد الحساب إذ هو وحده الذي يمثل حقيقة العلاقة بين الطرفين.
وحيث إن هذا النعي في غير محله. ذلك أنه متى كان المدفوع في الحساب الجاري ديناً ثابتاً بورقة تجارية حررها العميل لصالح الجهة المفتوح لديها الحساب فإن مجرد قيد قيمتها في الجانب الدائن من الحساب لا يمنع من مطالبة العميل بقيمتها في ميعاد الاستحقاق وليس له أن يحتج بدخول الورقة في الحساب الجاري واندماجها فيه بحيث لا يجوز فصلها عنه والمطالبة بها على استقلال طالما أنه لم يوف بقيمتها بالفعل إذ من تاريخ هذا الوفاء وحده يعتبر المدفوع قد دخل الحساب الجاري واندمج فيه بغض النظر عن تاريخ قيده، إذ يعتبر القيد في هذه الحالة قيداً مؤقتاً بشرط الوفاء. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى استناداً إلى تقرير الخبير إلى أن الطاعن لم يسدد شيئاً من قيمة السندات الإذنية التي قيدتها الجمعية المطعون ضدها في الجانب الدائن من حسابه الجاري طبقاً للثابت من دفتر أوراق القبض الذي يسجل حركة التعامل بالأوراق التجارية المسحوبة بين الطرفين وأن ذمته ما زالت مشغولة بقيمة هذه السندات مما يحق معه للجمعية المطعون ضدها أن تطالبه بقيمتها وأن قيدها بالحساب الجاري لا يحول دون هذه المطالبة ولا يفقدها ذاتيتها طالما أن الطاعن لم يوف بقيمتها بالفعل فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون ما ينعاه الطاعن بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.