أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 1131

جلسة 19 من مايو سنة 1976

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود، وعضوية السادة المستشارين محمد محمد المهدي، وحسن مهران حسن؛ والدكتور عبد الرحمن عياد، محمد الباجوري.

(216)
الطعن رقم 456 لسنة 42 ق

(1) إيجار "إيجار الأماكن".
إخلاء المستأجر لاستعماله العين استعمالاً ينافي شروط العقد بإحداث تغيير مادي بها أو تغيير معنوي. شرطه. أن يلحق بالمؤجر ضرر. القانون 121 لسنة 1947 والقانون 52 لسنة 1969 تمسك المؤجر بما ورد في العقد من حرمان المستأجر من أي تغيير. تعسف في استعمال حق الفسخ، مثال بشأن إقامة بناء في العين.
(2) إثبات. إيجار "إيجار الأماكن". محكمة الموضوع.
استقلال محكمة الموضوع بتقدير أقوال الشهود. شرطه. وجوب أن يكون استخلاصها سائغاً ولم تخرج بتلك الأقوال عما تحتمله. مثال في إيجار الأماكن.
1 - مفاد نص المادة الثانية من القانون رقم 121 لسنة 1947 بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقات بين المؤجرين والمستأجرين - المنطبقة على واقعة الدعوى والمقابلة للمادة 23 (ج) من القانون رقم 52 لسنة 1969 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن التشريع الاستثنائي بعد أن سلب المؤجر الحق الذي تخوله إياه القواعد العامة في مطالبة المستأجر بإخلاء العين المؤجرة عند انتهاء مدة العقد مقرراً مبدأ امتداد عقود الإيجار امتداداً تلقائياً، أجاز للمؤجر طلب الإخلاء إذا أخل المستأجر بالتزاماته المتعلقة باستعمال العين المؤجرة المشار إليها بالمواد 759، 580، 583 من القانون المدني، ولئن كان المستفاد من هذا النعي أن للمؤجر الحق في طلب إخلاء المستأجر بمجرد استعمال المكان استعمالاً ينافي شروط العقد، سواء كان تغييراً مادياً في العين المؤجرة أو تغييراً معنوياً بتعديل الاستعمال، إلا أن هذا النص جاء خلواً مما يقيد سلطة القاضي التقديرية في الفسخ ولم يفرض عليه الحكم بالإخلاء إذا توافر سبب من أسبابه التي حددت شروطها فيه. وإذ كان مفاد ما تنص عليه المادة 580/ 1 من القانون المدني من أنه "لا يجوز للمستأجر أن يحدث بالعين المؤجرة تغييراً بدون إذن المؤجر إلا إذا كان هذا التغيير لا ينشأ عنه أي ضرر للمؤجر" أن المحظور هو التغيير الذي ينشأ عنه ضرر للمؤجر، فإذا انتفى الضرر ارتفع الخطر، لا يغير من ذلك أن يتضمن العقد منعاً صريحاً لإجراء أي تغيير في العين المؤجر، لأن تمسك المؤجر بهذا النص المانع رغم ثبوت انتفاء الضرر يجعله متعسفاً في استعمال حقه في طلب الفسخ. لما كان ذلك، وكان البند الثاني من العقد قد حظر على المستأجر إحداث أي تغيير أو هدم أو بناء إلا بتصريح كتابي صريح من المالك، وكان الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى أن ما قام به الطاعن - المستأجر - من أعمال لا تسمح بها نصوص العقد، وأن القواعد العامة في القانون المدني لا تسري في نطاق التشريع الاستثنائي، ورتب على ذلك افتراض وقوع الضرر، فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
2 - لئن كان تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها مما تستقل به محكمة الموضوع، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استخلاصها سائغاً وإلا تخرج بها عما تحتمله. وإذ كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اطمأن إلى أقوال شهود المطعون عليهم - المؤجرين - الذين قرروا أنهم سمعوا من زوج ابنة الطاعن ووالده أن الأول استأجر البناء المستحدث - بالعين المؤجرة - من الطاعن - المستأجر الأصلي - بأجرة شهرية قدرها.... جنيهاً، وكان هذا الذي قرره الشهود حتى على فرض صدوره من ذينك الشخصين لا يصلح كدليل قبل الطاعن على قيام علاقة تأجيرية بينه وبين زوج ابنته، وتكون محكمة الموضوع قد بنت حكمها - بالإخلاء - على فهم حصلته مخالف لما تنبئ به أوراق الدعوى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن مورث المطعون عليهم أقام الدعوى رقم 2942 سنة 1963 مدني أمام محكمة القاهرة الابتدائية على الطاعن وآخر يطلب الحكم بإخلائهما من الفيلا رقم 446 شارع الأهرام وملحقاتها، وقال بياناً لها إنه بموجب عقد مؤرخ 9/ 3/ 1960 استأجر من الطاعن العقار سالف الذكر، إلا أنه خالف شروط البندين الثاني والثامن من العقد بأن أقام المباني الموضحة بالصحيفة وأجرها من الباطن لزوج ابنته، وبتاريخ 30/ 3/ 1966 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى للتحقيق ليثبت مورث المطعون عليهم إقامة الطاعن لتلك المباني وتأجيره جزءاً منها من الباطن دون إذن كتابي، وبعد أن سمعت شهود المطعون عليهم حكمت في 26/ 4/ 1967 بندب خبير هندسي لمعاينة جهة النزاع وبيان ما إذا كان الطاعن أقام مباني جديدة عليها وقيمتها وما إذا كانت زادت فيهن قيمة الضرائب العقارية المربوطة على العين وما إذا كان أحد يشغلها بالسكنى، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت في 26/ 11/ 1969 بالإخلاء استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 2214 سنة 86 ق مدني القاهرة طالباً إلغاءه، وبتاريخ 6/ 5/ 1972 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على سببين، ينعى الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن الحكم اعتد بالبند الثاني من العقد الذي حظر على المستأجر إحداث أي تغيير أو هدم أو بناء في العين المؤجرة إلا بتصريح كتابي سابق من المالك، وأغفل الإضافة التي جاءت بالبند الثامن عشر منه والذي أجاز للمستأجر عمل الإصلاحات والتحسينات اللازمة لإعداد المبنى للسكنى دون الرجوع على المؤجر بالتكاليف مقرراً مفهومه أن المستأجر إذا قام بإجراء تحسينات من قبل البياض والترميمات في حدود المعقول والمسموح به عادة فليس له الرجوع بما أنفقه على المالك، في حين أن البند الأخير قد فسخ الخطر الوارد بأول البندين، كما اجتزأ الحكم من البند الأخير كلمة التحسينات ولم يرفقها بكلمة الإصلاحات الواردة به، مع أنه يندرج ضمنها أعمال البناء التي قام بها الطاعن، هذا إلى أن الحكم أغفل بحث ركن الضرر المبني على التغيير في وضع المكان المؤجر والمسوغ للإخلاء، واكتفى بالقول بأن ما أتاه الطاعن يضر بالمالك ضرراً بليغاً دون أن يعني بيان هذا الضرر وماهيته وصورته، ولو عمد الحكم إلى ذلك لوضح أن أعمال البناء ترتبت عليها إفادة المالك دون تكلفة عليه لا مضارته، ولتغير بذلك وجه الرأي في الدعوى، وهو ما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة الثانية من القانون رقم 121 لسنة 1947 بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقات بين المؤجرين والمستأجرين - المنطبقة على واقعة الدعوى والمقابلة للمادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 - على أنه "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان المؤجر ولو عند انتهاء المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية.... (جـ) إذا استعمل المستأجر المكان المؤجر أو سمح باستعماله بطريقة تنافي شروط الإيجار المعقولة أو تضر بمصلحة المالك....، يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن التشريع الاستثنائي بعد أن سلب المؤجر الحق الذي تخوله إياه القواعد العامة في مطالبة المستأجر بإخلاء العين المؤجرة عند انتهاء مدة العقد مقرراً مبدأ امتداد عقود الإيجار امتداداً تلقائياً، أجاز للمؤجر طلب الإخلاء إذا أخل المستأجر بالتزاماته المتعلقة باستعمال العين المؤجرة المشار إليها بالمواد 579، 580، 583 من القانون المدني، ولئن كان المستفاد من هذا النص أن للمؤجر الحق في طلب إخلاء المستأجر بمجرد استعمال المكان استعمالاً ينافي شروط العقد سواء كان تغييراً مادياً في العين المؤجرة أو تغييراً معنوياً بتعديل الاستعمال، إلا أن هذا النص جاء خلواً مما يقيد سلطة القاضي التقديرية في الفسخ ولم يفرض عليه الحكم بالإخلاء إذا توافر سبب من أسبابه التي حددت شروطها فيه. وإذ كان مفاد ما تنص عليه المادة 580/ 1 من القانون المدني من أنه لا يجوز للمستأجر أن يحدث بالعين المؤجرة تغييراً بدون إذن المؤجر إلا إذا كان هذا التغيير لا ينشأ عنه أي ضرر للمؤجر، أن المحظور هو التغيير الذي ينشأ عنه ضرر للمؤجر، فإذا انتفى الضرر ارتفع الحظر، لا يغير من ذلك أن يتضمن العقد منعاً صريحاً لإجراء أي تغيير في العين المؤجرة، لأن تمسك المؤجر بهذا النص المانع رغم ثبوت انتفاء الضرر يجعله متعسفاً في استعمال حقه في طلب الفسخ، لما كان ذلك وكان البند الثاني من العقد قد حظر على المستأجر إحداث أي تغيير أو هدم أو بناء إلا بتصريح كتابي سابق وصريح من المالك، وكان الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى أن ما قام به الطاعن من أعمال لا تسمح بها نصوص العقد، وأن القواعد العامة في القانون المدني لا تسري في نطاق التشريع الاستثنائي ورتب على ذلك افتراض وقوع الضرر، فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
حيث إن الطاعن ينعى، بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن الحكم اعتمد بأقوال شهود المطعون عليهم الذين نقلوا عن زوج ابنة الطاعن أن مستأجر البناء المستحدث بأجرة شهرية قدرها ثمانية جنيهات، وهو قول غير سائغ عقلاً لانتفاء المناسبة التي تبرر صدور هذا القول عنه مع علمه بخطورته عليه هذا إلى أن أحداً لم يقرر أنه علم أو رأى الطاعن بقبض أجرة ولم تقدم في الدعوى إيصال بذلك وهو ما يعيب الحكم بفساد الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي صحيح أيضاً، ذلك أنه وإن كان تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها بما تستقل به محكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استخلاصها سائغاً وألا تخرج بها عما تحفظه، ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اطمأن إلى أقوال شهود المطعون عليهم الذين قرروا أنهم سمعوا من زوج ابنة الطاعن ووالده أن الأول استأجر البناء المستحدث من الطاعن بأجرة شهرية قدرها ثمانية جنيهات، وكان هذا الذي قرره الشهود حتى على فرض صدوره من ذينك الشخصين لا يصح كدليل قبل الطاعن على قيام علاقة تأجيرية بينه وبين زوج ابنته، فتكون محكمة الموضوع قد بنت حكمها على فهم حصلته مخالف لما تنبئ به أوراق الدعوى، الأمر الذي يوجب نقضه في هذا الخصوص أيضاً.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، ولما كانت الأوراق خلواً ما يفيد ثبوت ضرر يوجب الإخلاء لحق المطعون عليهم من إقامة الطاعن البناء المستحدث بالعين المؤجرة، فإنه يتعين إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى.