أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 1176

جلسة 25 من مايو سنة 1976

برياسة السيد المستشار إبراهيم السعيد ذكرى، وعضوية السادة المستشارين: عثمان حسين عبد الله، ومحمود عثمان درويش، وزكي الصاوي صالح، ومحمد إبراهيم الدسوقي.

(224)
الطعن رقم 130 لسنة 42 القضائية

(1) حكم "تسبيب الحكم".
ورود عبارة "ترى المحكمة" "في مدونات الحكم. هو بيان للرأي القانوني الذي يعتنقه في النزاع. لا عيب.
(2، 3) ملكية "القيود على الملكية". ارتفاق. نقض "أسباب الطعن".
(2) قيود البناء الاتفاقية. حقوق الارتفاق متبادلة لفائدة جميع العقارات. عدم جواز اتفاق البائع ومشتري أحد العقارات على مخالفة هذه القيود دون موافقة باقي أصحاب الأراضي. مخالفة غالبية الملاك للقيود. أثره. عدم التزام صاحب العقار المرتفق به بهذه الحقوق.
(3) استخلاص الحكم المطعون فيه استخلاصاً سائغاً أن غالبية ملاك العقارات لم تتنازل عن قيود البناء الاتفاقية. لا معقب عليه من محكمة النقض. التزام من أخل بهذه القيود بالتنفيذ العيني أو التعويض.
(4) ملكية "القيود على الملكية". ارتفاق.
مخالفة أحد أصحاب العقارات لقيود البناء الاتفاقية. أثره. جواز الحكم بالتعويض بدلاً من الإصلاح العيني للمخالفات، إذا ما كان في ذلك إرهاق لصاحب العقار المخالف.
1 - إذ استعمل الحكم المطعون فيه في مدوناته عبارة "ترى المحكمة" فإنما يورد الرأي القانوني الذي يعتنقه في النزاع وما يعتقد أنه الرأي الحق الذي يؤسس عليه قضاءه في الدعوى.
2 - نص المادة 1018 من القانون المدني في فقرتها الأولى، يدل على أن قيود البناء الاتفاقية التي تدرج عادة في بيوع الأراضي المقسمة وتلزم المشترين لهذه الأراضي بالبناء على مساحة محددة وعلى نمط معين أو بعدم تجاوز ارتفاع محدد أو غير ذلك، تكون منشئة لحقوق ارتفاق متبادلة لفائدة جميع العقارات، ما لم يقم الدليل على أن الطرفين قصدا إلى غير ذلك، ويكون لأصحاب العقارات المقررة لها هذه الحقوق أن يطالبوا صاحب العقار المرتفق به بالالتزام بها، ولا يجوز باتفاق بين البائع وأحد المشترين دون موافقة الباقي الإعفاء منها كلها أو بعضها، إلا أنه إذا ما ألف أغلب ملاك الأراضي مخالفة تلك القيود ودرجوا على ذلك، أصبح صاحب العقار المرتفق به في حل من الالتزام بها لانتفاء سبب الالتزام [(1)].
3 - إذ كان الثابت من تقرير الخبير - الذي استند إليه الحكم المطعون فيه - إن قطع الأرض الخاضعة للتقسيم تبلغ تسعة وسبعين قطعة حالف أصحاب أربعة عشرة منها شروط التقسيم بعدم تركهم المسافات المقررة مع إقامة دكاكين، كما خالف أصحاب ست منها الارتفاع المسموح به، وأن نسبة المخالفين للقيود خمسة وعشرين في المائة وهو عدد قليل بالنسبة لمن لم يخالف قيود التقسيم، وإذ استخلص الحكم أن غالبية الملاك لم تتنازل عن القيود الاتفاقية المذكورة، وأن من حقها التمسك بها قبل من خالفها وأن من خالفها لا يعدو أن يكون عدداً ضئيلاً، وأن المطعون عليه - أحد الملاك - لم يتنازل عنها صراحة أو ضمناً، وهو استخلاص سائغ من وقائع تؤدي إليه ولا معقب عليه لتعلقه بأمر موضوعي، لما كان ذلك وكان الحكم قد انتهى إلى أن للمطعون عليه وهو ممن التزم بقيود التقسيم الحق في مطالبة الطاعن - وهو جار ملاصق أخل بشروط التقسيم - بالتنفيذ العيني أو التعويض، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
4 - مفاد نص الفقرة الثانية من المادة 1018 من القانون المدني أن القانون قد جعل الحكم بالتعويض بديلاً عن الحكم بالإصلاح العيني - عند مخالفة أحد الملاك لقيود البناء الاتفاقية - في الأحوال التي تجوز فيها المطالبة بإصلاح المخالفات عيناً، والتي ترى فيها المحكمة أن في ذلك إرهاقاً لصاحب العقار المرتفق به المالك المخالف - ففي هذه الأحوال يجوز للمحكمة الاكتفاء بالحكم بالتعويض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 6291 سنة 1964 مدني القاهرة الابتدائية ضد الطاعن طالباً الحكم بإزالة المباني التي أنشأها على أرضه لمسافة ثلاثة أمتار من حدها البحري بطول الحد القبلي لمنزل المطعون عليه مع إلزامه بأن يدفع له مبلغ 500 جنيه على سبيل التعويض المؤقت، وقال بياناً لدعواه إنه يمتلك قطعة الأرض المقام عليها المنزل رقم 33.... ويملك الطاعن قطعة الأرض الفضاء التي تحد منزله من الجهة القبلية وتقع على ناصيتي شارعي......، والقطعتان كائنتان بتقسيم الشركة...... الذي يتخلله شوارع وميادين وقد اتخذت الشركة لهذا التقسيم مظهراً خاصاً روعي أثره في تقدير أثمان قطع التقسيم، واشترطت مواصفات خاصة بالمباني التي تقوم على أرض التقسيم المذكور، وجعلت لكل قطعة حقوق ارتفاق على القطع الأخرى وخاصة المجاورة لها. وقد أقام المطعون عليه منزلاً على قطعة الأرض التي اشتراها من الشركة ملتزماً شروطها تاركاً ثلاثة أمتار دون بناء حوله بينها أقام الطاعن بناءه على الصامت دون أن يترك مسافة الثلاثة أمتار من الجهة البحرية معتدياً على حق الارتفاق المقرر لمنزل المطعون عليه فأقام الدعوى رقم 6045 سنة 1963 مستعجل القاهرة وقضى فيها بإيقاف مباني الطاعن إلا أن الحكم ألغى استئنافياً وقضى بعدم اختصاص القضاء المستعجل، وإذا كان الطاعن لم يلتزم حقوق الارتفاق التي قررتها الشركة بالشروط المبينة بعقد البيع ولحقه ضرر من جراء ذلك فقد أقام الدعوى للحكم له بطلباته وبتاريخ 14/ 11/ 1966 حكمت المحكمة برفض الدعوى، استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 67 سنة 84 ق مدني القاهرة، وبتاريخ 18/ 5/ 1968 حكمت المحكمة بندب مكتب الخبراء الحكوميين بالقاهرة للانتقال إلى تقسيم الشركة.... لبيان ما إذا كانت قد حصلت مخالفات للشروط وحقوق الارتفاق التي وضعتها الشركة بشأن تقسيم تلك الأراضي وماهيتها ونسبتها إلى مجموع مباني قطع التقسيم المذكور والضرر الذي أصاب المطعون عليه من جراء ذلك، وبعد أن قدم الخبير تقريره عدل المطعون عليه طلباته إلى طلب الحكم بإزالة المباني المخالفة المبينة بتقرير الخبير مع إلزام الطاعن أن يدفع له مبلغ 4419 جنيهاً. وحكمت المحكمة بتاريخ 21/ 2/ 1972 بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الطاعن أن يدفع للمطعون عليه مبلغ 1238 جنيهاً على سبيل التعويض. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعن بالسبب الأول منها وبالشق الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون من وجهين:
(أولها) إن الحكم المطعون فيه جرى في مدوناته على استعمال عبارة "ترى المحكمة وهو ما يؤول إلى أن استدلاله يحتمل الخطأ والصواب ويجعل ما انتهت إليه المحكمة رأياً لا حكماً، في حين أنه يتعين أن يكون الحكم قرين الحق والصواب لا أن يقوم على احتمال يمكن أن يخطئ أو يصيب.
(ثانيهما) إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بإلزام الطاعن بمبلغ التعويض تأسيساً على أن الانتفاع بالقيود الاتفاقية يكون من حق كل مالك على حده وأنه يتعين الالتزام بقيود البناء تجاه من التزم بها من المشترين وخلفهم في التقسيم سواء كان جاراً ملاصقاً أو غير ملاصق وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون، ذلك أن قيود البناء الاتفاقية التي تناولها نص المادة 1018 من القانون المدني هي قيود جماعية متعلقة بجميع العقارات الكائنة في حي معين وهي حقوق متبادلة بحيث تصبح كل قطعة من الأرض مرتفقاً بها لمصلحة جميع القطع الأخرى ولا يقصد بها منفعة الفرد لأنها ترمي إلى إنشاء حي على نمط معين، وتسري هذه القيود ما لم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك بحيث إذا خالفها بعض الملاك مهما قل عددهم أو كثر أصبح الآخرون في حل منها لانتفاء سبب الالتزام بها، وإذا كان يبين من تقرير مكتب الخبراء أن خمسة وعشرين في المائة من ملاك المباني بالتقسيم خالفوا شروطه المتفق عليها بعقود البيع فأقاموا مباني جاوزت الارتفاع الذي اشترطته الشركة صاحبة التقسيم، كما أن بعضهم لم يترك المسافات الفاصلة المقررة في عقود شرائهم فإن ذلك يترتب عليه انتفاء الغرض من التقسيم ويجعل الطاعن في حل من الالتزام بتلك القيود.
وحيث إن النعي في وجهه الأول غير صحيح، ذلك أن الحكم المطعون فيه إذ استعمل في مدوناته عبارة "ترى المحكمة" فإنما يورد الرأي القانوني الذي يعتنقه في النزاع وما يعتقد أنه الرأي الحق الذي يؤسس عليه قضاءه في الدعوى. والنعي في وجهه الثاني مردود، ذلك أنه لما كان النص في المادة 1018 من القانون المدني في فقرتها الأولى على أنه "إذا فرضت قيود معينة تحد من حق مالك العقار في البناء عليه كيف شاء كأن يمنع من تجاوز حد معين من الارتفاع أو في مساحة رقعته فإن هذه القيود تكون حقوق ارتفاق على هذا العقار لفائدة العقارات التي فرضت لمصلحتها هذه القيود. هذا ما لم يكن هناك اتفاق يقضي بغيره "يدل على أن قيود البناء الاتفاقية التي تدرج عادة في بيوع الأراضي المقسمة وتلزم المشترين لهذه الأراضي بالبناء على مساحة محددة وعلى نمط معين أو بعدم تجاوز ارتفاع محدد أو غير ذلك، تكون منشئة لحقوق ارتفاق متبادلة لفائدة جميع العقارات، ما لم يقم الدليل على أن الطرفين قصدا إلى غير ذلك ويكون لأصحاب العقارات المقررة لها هذه الحقوق أن يطالبوا صاحب العقار المرتفق به بالالتزام بها ولا يجوز باتفاق بين البائع وأحد المشترين دون موافقة الباقي الإعفاء منها كلها أو بعضها إلا أنه إذا ما ألف أغلب ملاك الأراضي مخالفة تلك القيود ودرجوا على ذلك، أصبح صاحب العقار المرتفق به في حل من الالتزام بها لانتفاء سبب الالتزام، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه بعد أن كيف القيود المقررة على العقار الذي اشتراه الطاعن بأنها حقوق ارتفاق مقررة لجميع العقارات الكائنة في الحي أورد في تقريراته "إن المقصود بهذه القيود إنشاء أحياء سكنية على قدر من التنسيق والنظام ومراعاة الشروط الصحية بحيث يكون السكن فيها مرغوباً وهو دون شك قصد محمود يحقق مصلحة البائع والمشتري والمصلحة العامة... وأن المحكمة لا ترى في وقائع الدعوى ما يستفاد منه تنازل المستأنف - المطعون عليه - صراحة أو ضمناً عن هذه القيود بل ترى عكس ذلك، ففي مراحل النزاع الحالي منذ بدأ أمام قاضي الأمور المستعجلة منذ سنة 1963 عندما شرع المستأنف ضده - الطاعن - في البناء ما يفيد استمساكه بهذه القيود.... وأن المحكمة لا ترى في مخالفة بعض الملاك لهذه القيود ما يسقط من حق من التزام هذه القيود واستمسك بها، فهذه القيود إن كانت حقاً لجماعة المشترين في هذا الحي فهي أيضاً حق لكل فرد منهم وخصوصاً وقد ثبت بتقرير الخبير أن المخالفين حوالي 25% من المشترين وهي نسبة قليلة... وأن المحكمة تخلص من ذلك كله إلى أنها ترى أن حكم القانون هو الالتزام بقيود البناء تجاه عن التزام بها من المشترين في التقسيم وخلفهم سواء أكان جاراً ملاصقاً أو غير ملاصق، وترتيباً على ذلك فإنه يحق له مطالبة المخالف بالتنفيذ العيني أو بالتعويض وللمحكمة أن تحكم بالتنفيذ العيني أو بالتعويض، لما كان ذلك وكان الثابت من تقرير الخبير الذي استند إليه الحكم المطعون فيه أن عدد القطع الخاضعة للتقسيم تبلغ تسعة وسبعين قطعة خالف أصحاب ربع عشرة منها شروط التقسيم بعدم تركهم المسافات المقررة مع إقامة دكاكين، كما خالف أصحاب ست منها الارتفاع المسموح به وأن نسبة المخالفين للقيود خمسة وعشرين في المائة وهو عدد قليل بالنسبة لمن يخالف قيود التقسيم، وكان يبين مما تقدم أن الحكم قد استخلص الحكم أن غالبية الملاك لم تتنازل عن القيود الاتفاقية المذكورة وأن من حقها التمسك بها قبل من خالفها وأن من خالفها لا يعدو أن يكون عدداً ضئيلاً وأن المطعون عليه لم يتنازل عنها صراحة أو ضمناً وهو استخلاص سائغ من وقائع تؤدي إليه ولا معقب عليه لتعلقه بأمر موضوعي، لما كان ذلك، وكان الحكم قد انتهى إلى أن للمطعون عليه وهو من التزم بقيود التقسيم الحق في مطالبة الطاعن - وهو جار ملاصق أخل بشروط التقسيم - بالتنفيذ العيني أو التعويض فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالشقين الأول والثالث من السبب الثاني الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع من وجهين:
أولهما: إن الثابت من تقرير الخبير أن خمسة وعشرين في المائة من الملاك خالفوا القيود الاتفاقية فإن كان منهم من جاور عقار المطعون عليه فإنه يكون قد تنازل صراحة أو ضمناً عن التمسك بحقوق الارتفاق وتكون دعواه غير مقبولة لأن التنازل لا يقبل التجزئة، ولذلك فقد طلب الطاعن بمذكرته المقدمة لمحكمة الاستئناف بتاريخ 30/ 1/ 1972 إعادة المأمورية إلى الخبير أو ندب خبير آخر لبيان مدى قرب العقارات التي أقيمت بالمخالفة لشروط الشركة من عقار الطاعن غير أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه مما يعتبر إخلالاً بحقه في الدفاع.
وثانيهما: إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن مناط القضاء بالتعويض هو أن يكون الحكم بالتنفيذ العيني جائز، وإذ كان التنفيذ العيني على ما ورد بالحكم المطعون فيه غير جائز لأن الحكم بالإزالة لن يعيد الحي إلى النظام الذي اشترطته الشركة.... فإن الحكم إذ قضى بالتعويض يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي في وجهه الأول مردود بأن محكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - غير ملزمة بإجابة الخصوم إلى ندب خبير آخر متى كانت قد وجدت في تقرير الخبير المنتدب في الدعوى ما يكفي لاقتناعها بالرأي الذي انتهى إليه، ولما كان الحكم المطعون فيه وعلى ما سلف البيان قد أقام قضاءه على أنه لم يثبت حصول تنازل من الطاعن عن حقوق الارتفاق الاتفاقية إذ أنه تمسك بها طوال مراحل النزاع منذ أن لجأ إلى قاضي الأمور المستعجلة في سنة 1963 للحكم له بوقف بناء الطاعن، كما لم يتنازل عن هذه الحقوق أغلب الملاك، فإن النعي على الحكم بهذا الوجه يكون في غير محله. والنعي في وجهه الثاني مردود بأن الفقرة الثانية من المادة 1018 من القانون المدني تنص على أن "كل مخالفة لهذه القيود يجوز المطالبة بإصلاحها عيناً، ومع ذلك يجوز الاقتصار على الحكم بالتعويض إذا رأت المحكمة ما يبرر ذلك" مما مفاده أن القانون قد جعل الحكم بالتعويض بديلاً عن الحكم بالإصلاح العيني في الأحوال التي تجوز فيها المطالبة بإصلاح المخالفات عيناً، والتي ترى فيها المحكمة أن في ذلك إرهاقاً لصاحب العقار المرتفق به ففي هذه الأحوال يجوز للمحكمة الاكتفاء بالحكم بالتعويض، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في هذا الخصوص على قوله "إن المحكمة عملاً بالمادتين 203، 1018 من القانون المدني توازن مصالح الطرفين في النزاع المعروض فتجد أن التنفيذ العيني معناه هدم الجزء الذي بني مخالفاً للاشتراطات من العمارة التي أقامها المستأنف ضده الطاعن. والمبين في تقرير الخبير على ما تقدم وهي تتكون من ثلاثة عشر دوراً فترى في ذلك إرهاقاً للمستأنف ضده وأن العدول عن التنفيذ العيني وإبقاء البناء مع الحكم للمستأنف المطعون عليه بالتعويض لا يلحق بالمستأنف ضرراً جسيماً بالنسبة لما يعيب المستأنف ضده - الطاعن - في حالة التنفيذ العيني مما يبرر الاقتصار على التعويض دون التنفيذ العيني فيتعين الحكم بالتعويض دون - التنفيذ العيني". وكان مفاد ذلك أن الحكم اقتصر على القضاء بالتعويض دون هدم البناء المخالف لما خلص إليه من أن في التنفيذ العيني إرهاقاً للطاعن لم تر المحكمة ما يبرره فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] نقض 29/ 2/ 1968 مجموعة المكتب الفني السنة 19 ص 1428.
ونقض 14/ 11/ 1967 مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 1668.