أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 1188

جلسة 26 من مايو سنة 1976

برئاسة السيد المستشار مصطفى كمال سليم وعضوية السادة المستشارين: مصطفى الفقي؛ أحمد سيف الدين سابق، محمد عبد الخالق البغدادي، أحمد شيبه الحمد.

(226)
الطعن رقم 460 سنة 39 القضائية

(1) تقادم "التقادم المسقط". "قطع التقادم". دعوى.
المطالبة القضائية التي تقطع التقادم المسقط. شرطها. أن يتوافر فيها معنى الطلب الجازم بالحق الذي يراد اقتضاؤه. صحيفة الدعوى المرفوعة بحق ما. قاطعة للتقادم في خصوص هذا الحق وحده وما التحق به من توابعه.
(2 و3) حجز. تعويض. دعوى "دعوى الاسترداد". تقادم. ملكية.
(2) دعوى استرداد المحجوزات. طلب المالك التعويض عن بيع الأموال المحجوزة. لا يعد من توابع دعوى الاسترداد. علة ذلك. هذه الدعوى الأخيرة لا تقطع التقادم بالنسبة لطلب التعويض.
(3) توقيع الحجز على غير أموال المدين وبيعها. عمل غير مشروع. بدء سريان مدة تقادم دعوى التعويض عنه من تاريخ البيع.
1 - يشترط في المطالبة القضائية التي تقطع التقادم المسقط أن يتوافر فيها معنى الطلب الجازم بالحق الذي يراد اقتضاؤه ولهذا لا تعتبر صحيفة الدعوى المرفوعة بحق ما قاطعة له إلا في خصوص هذا الحق وما التحق به من توابعه مما يجب بوجوبه أو يسقط كذلك بسقوطه، فإن تغاير الحقان أو تعاير مصدرهما فالطلب الحاصل بأحدهما لا يكون قاطعاً لمدة التقادم بالنسبة للحق الآخر [(1)].
2 - إذ كانت صحيفة الدعوى التي رفعها المطعون ضدهما الأولان بصفتهما للحكم بأحقيتهما للأشياء المحجوز عليها واستردادها لا تحتمل معنى الطلب الجازم بالتعويض الذي يطالبان به في دعواهما الحالية، وكان هذا التعويض لا يعتبر من توابع طلب الملكية والاسترداد الذي كان مطلوباً في الدعوى السابقة بالمعنى السالف تحديده إذ أنه يجب بوجوبه ولا يسقط بسقوطه، بل إن التعويض لا يجب إلا بسقوط طلب الاسترداد، فإن تلك الدعوى لا يكون من شأنها قطع سريان التقادم بالنسبة إلى طلب التعويض.
3 - لما كان إصرار الطاعنة - مصلحة الضرائب - على بيع منقولات وعناصر المحل التجاري موضوع النزاع بالمزاد العلني يعتبر عملاً غير مشروع ترتب عليه إلحاق الضرر بالمطعون ضدهما الأولين بصفتهما ومن ثم تبدأ مدة تقادم حقهما في المطالبة بتعويض هذا الضرر من تاريخ رسو المزاد على المطعون ضده الثالث بتاريخ 16/ 3/ 1960 وكان المطعون ضدهما الأولان لم يرفعا الدعوى الحالية بالمطالبة إلا في 18/ 11/ 1965 فإن الدفع المبدى من الطاعنة بسقوط حقهما فيه بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني يكون في محله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهما الأولين بصفتهما رفعا الدعوى رقم 405 لسنة 1965 مدني كلي بور سعيد على مصلحة الضرائب الطاعنة والمطعون ضدهما الثالث والرابع بطلب الحكم أولاً ببطلان البيع الحاصل بتاريخ 16/ 3/ 1960 من المصلحة الطاعنة إلى المطعون ضده الثالث وتسليمها المحل التجاري المبين بالصحيفة خالياً مع الحقوق المبيعة للمطعون ضده المذكور والمنقولات الموضحة بالكشف المرفق بها وثانياً إلزامهم متضامنين بأن يدفعوا لهما تعويضاً قدره 5271 جنيهاً، تأسيساً على أن مورثهما.... وورثته من بعده كانوا يمارسون تجارة المجوهرات في المحل المشار إليه حتى سنة 1953 حيث قاموا بتأجيره بمنقولاته ومقوماته وعناصره إلى شالوم منصور وفي عام 1956 فرضت الحراسة على أموال البريطانيين ووضعت الحراسة يدها على المحل وبتاريخ 29 مايو و30 أكتوبر سنة 1957 أوقعت مصلحة الضرائب حجزاً إدارياً على منقولات المحل وشهرته وحق تأجيره وفاء لدين مستحق في ذمة مدينها المستأجر، فأرسل وكيل الورثة كتاباً وبرقية إلى مصلحة الضرائب يحذرها من المضي في إجراءات التنفيذ على المحل لأنه ليس مملوكاً لمدينها كما قام الحارس على أموال الرعايا البريطانيين بإخطار مصلحة الضرائب بأن المحجوزات مملوكة لورثة يوسف منصور، وعقب رفع الحراسة عن شركة مورثهما في 9/ 2/ 1960 طالباً بتسليمها المحل موضوع التداعي ولكن مصلحة الضرائب امتنعت عن ذلك واستمرت في إجراءات التنفيذ وباعت المحل بالمزاد العلني فرسا مزاده على المطعون ضده الثالث بتاريخ 16/ 3/ 1960، فأقاما الدعوى رقم 131 لسنة 1960 مدني كلي بور سعيد على كل من مصلحة الضرائب والحارس على أموال الرعايا البريطانيين والمطعون ضده الثالث بطلب الحكم بأحقيتهما بصفتهما لمنقولات المحل وحق شهرته وتأجيره المحجوز عليها إدارياً، فقضت محكمة أول درجة بتاريخ 22/ 1/ 1961 برفضها، فاستأنفا الحكم بالاستئناف رقم 95/ 3 ق المنصورة (مأمورية بور سعيد) وبتاريخ 12/ 5/ 1964 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإجابتها إلى طلبهما، ثم أقاما الدعوى الحالية بالطلبات السالفة الذكر، فتمسكت مصلحة الضرائب بسقوط الحق في المطالبة بالتعويض بالتقادم الثلاثي وفقاً لنص المادة 172 من القانون المدني، وبتاريخ 29/ 1/ 1967 قضت المحكمة برفض الدفع وبإلزام مصلحة الضرائب بأن تدفع لهما بصفتهما تعويضاً قدره 1500 ج، فاستأنفت الحكم بالاستئناف رقم 54 لسنة 8 ق المنصورة (مأمورية بور سعيد) وبتاريخ 8/ 5/ 1969 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، فطعنت المصلحة على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه مصلحة الضرائب على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وتقول بياناً لذلك إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بسقوط الحق في مطالبتها بالتعويض بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني لأنه بفرض وقوع خطأ من موظفيها بتوقيع الحجز الإداري على محتويات وعناصر المحل التجاري موضوع النزاع بتاريخ 29/ 5/ 1957، 30/ 10/ 1957 وبيع المحجوزات في 16/ 3/ 1960، فإن المطعون ضدهما الأولين لم يرفعا الدعوى الحالية مطالبين بالتعويض إلا في 18/ 11/ 1965، غير أن المحكمة رفضت هذا الدفع استناداً إلى أن مدة تقادم التعويض قد انقطعت برفع المطعون ضدهما الأولين بصفتهما للدعوى رقم 131 سنة 1960 مدني كلي بور سعيد بطلب الحكم بأحقيتهما للأشياء المحجوز عليها، وهذا الذي انتهى إليه الحكم المطعون فيه مخالف للقانون وخطأ في تطبيقه ذلك أن موضوع تلك الدعوى وهو إثبات ملكية المحجوزات واستردادها يغاير موضوع الدعوى الحالية وهو المطالبة بالتعويض فضلاً عن اختلاف سبب كل منهما ومن ثم لا تقطع الدعوى الأولى مدة تقادم التعويض بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن البين من أسباب الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف فيما انتهى إليه من رفض الدفع بسقوط الحق في المطالبة بالتعويض بالتقادم على قوله بأن "دعوى الاسترداد التي أقامها المستأنف عليهما (المطعون ضدهما الأولان) والمقيدة تحت رقم 131 لسنة 1960 مدني كلي بور سعيد تقطع التقادم الذي يلوح به المستأنفون (مصلحة الضرائب) الطاعنة - وذلك لأن المستأنف عليهما طلبا في هذه الدعوى الحكم لهما بأحقيتهما بما أوقع عليه المستأنفون الحجز، والحكم بملكية الأشياء المحجوز عليها للمسترد نوع من التعويض أو في القليل هو جزء من التعويض المطالب به في الدعوى الحالية، وذلك لأن التعويض هو مقابل ما لحق بالمستأنف عليهما من خسارة أو فاتهما من كسب، والخسارة تتمثل في ضياع المال المحجوز عليه لدين لا شأن لهما به ولو أمكن تنفيذ حكم الأحقية لا غنى عن بحث شق من الدعوى الحالية" وما أورده الحكم من ذلك خطأ في تطبيق القانون، إذ يشترط في المطالبة القضائية التي تقطع التقادم المسقط أن يتوافر فيها معنى الطلب الجازم بالحق الذي يراد اقتضاؤه ولهذا لا تعتبر صحيفة الدعوى المرفوعة بحق ما قاطعه له إلا في خصوص هذا الحق وما التحق به من توابعه مما يجب بوجوبه أو يسقط كذلك بسقوطه، فإن تغاير الحقان أو تعاير مصدرهما فالطلب الحاصل بأحدهما لا يكون قاطعاً لمدة التقادم بالنسبة للحق الآخر، ولما كانت صحيفة الدعوى رقم 131 سنة 1960 مدني كلي بور سعيد التي رفعها المطعون ضدهما الأولان بصفتهما للحكم بأحقيتهما للأشياء المحجوز عليها واستردادها لا تحمل معنى الطلب الجازم بالتعويض الذي يطالبان به في دعواهما الحالية، وكان هذا التعويض لا يعتبر من توابع طلب الملكية والاسترداد الذي كان مطلوباً في الدعوى السابقة بالمعنى السالف تحديده إذ أنه يجب بوجوبه ولا يسقط بسقوطه، بل إن التعويض لا يجب إلا بسقوط طلب الاسترداد، فإن تلك الدعوى لا يكون من شأنها قطع سريان التقادم بالنسبة إلى طلب التعويض، ولما كان إصرار الطاعنة على بيع منقولات وعناصر المحل التجاري موضوع النزاع بالمزاد العلني يعتبر عملاً غير مشروع ترتب عليه إلحاق الضرر بالمطعون ضدهما الأولين بصفتهما ومن ثم تبدأ مدة تقادم حقها في المطالبة بتعويض هذا الضرر من تاريخ رسو المزاد على المطعون ضده الثالث بتاريخ 16/ 3/ 1960، وكان المطعون ضدهما الأولان لم يرفعا الدعوى الحالية بالمطالبة إلا في 18/ 11/ 1965، فإن الدفع المبدى من الطاعنة بسقوط حقهما فيه بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني يكون في محله، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً ويتعين نقضه.
وحيث إن موضوع الدعوى صالح للفصل فيه ويتعين للأسباب المتقدمة إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى.


[(1)] نقض جلسة 26/ 4/ 1962 مجموعة المكتب الفني س 13. ص 506.